المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

التاريخ
عدد المواضيع في هذا القسم 6763 موضوعاً
التاريخ والحضارة
اقوام وادي الرافدين
العصور الحجرية
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
العهود الاجنبية القديمة في العراق
احوال العرب قبل الاسلام
التاريخ الاسلامي
التاريخ الحديث والمعاصر
تاريخ الحضارة الأوربية

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Crosslinking
29-12-2015
علي (عليه السلام) وخيبر: القدرة على ردع العدو
23-2-2019
ظواهر التنظيم Regulatory Phenomena
17-11-2019
حق الحائز في الرجوع .
22-5-2016
تعلق القضاء بالشرور
24-09-2014
Gene Expression Analysis : Protein analysis
5-1-2022


سياسة أبو بكر  
  
2125   08:46 مساءً   التاريخ: 27-11-2019
المؤلف : علي الخليلي
الكتاب أو المصدر : أبو بكر بن أبي قحافة
الجزء والصفحة : ص 58- 71
القسم : التاريخ / التاريخ الاسلامي / الخلفاء الاربعة / ابو بكر بن ابي قحافة /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 30-11-2019 2105
التاريخ: 17-5-2021 2334
التاريخ: 28-11-2019 2155
التاريخ: 21-5-2021 1997

سياسته الكبرى المحققة لآماله

قام رسول الله قبل مرض موته بتجهيز حملة بامارة أسامة بن زيد بن حارثة وكان أسامة هذا شابا دون العشرين وجهز الجيش وفيه أهم الصحابة من المهاجرين والأنصار بينهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وطلحة والزبير وغيرهم فعز عليهم ان يؤمروا بقيادة شاب في هذا السن فكانت ولولة ولم يجسر أحد على التحدث في هذا مع رسول الله على أن الجميع قل من كان منهم قائدا لفرقة أو أميرا لجيش وفي هذا الحين كان علي بن أبي طالب معه في المدينة ولم يكن في الجيش إذ لم يتفق ولا مرة ان كان علي مأمورا تحت سلطة غير رسول الله نفسه ، بل كان في أي حملة ليس فيها رسول الله ، هو فيها ، هو قائدها ، نعم وفي هذه المرة أدلى أبو بكر برأي الصحابة واعتراضهم كباقي المرات دون أن يبدي رأيه

فأغاظ ذلك رسول الله ورقى المنبر بعد أن دعاهم وجمعهم وخطب عليهم وقال : " لقد اعترضتم علي في مواقع أخرى ظهر فيها غلطكم وسوء اعتراضكم وما كان لكم حق الاعتراض على الله ورسوله وفي هذه المرة أيضا فالحق ما أمرت به وهو اصلح للأمة الاسلامية ولا يجوز تغيير ذلك " ، وظهرت نتيجة قوله وصحة نظرته حينما قاد أسامة الحملة وعاد ظافرا مؤيدا ، نعم رغم ما أدلى به رسول الله فقد تخلف بضعة افراد من الصحابة والذين هم على نفس الرأي منهم : أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح وخصوصا حينما وجدوا رسول الله مريضا وعسى ان يكون هذا مرض موته الذي أخبر عنه بأنه دعي ويجيب ، وكيف يتركون المدينة على هذا الحال عندئذ خيبة الآمال في منصب الخلافة . وربما اعتقدوا أن رسول الله انما أراد اخراجهم ليخلي الجو لوصيه وخليفته وابن عمه الذي آخاه كي لا يكون له منازع ورادع ، ولذا في كل يوم ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يسأل عن جيش أسامة وقد حرضه من قبل بالاسراع قبل وصول الخبر للأعداء واتخاذ الحيطة ولكن هيهات وقد اتخذوا من مرض رسول الله ذريعة لبطئهم وحرضوا نفس قائدهم أسامة بهذه الذريعة حتى جاء وتكلم مع رسول الله فأمره بالخروج والاسراع ولعن من تخلف عن جيش أسامة . ولكن هيهات فالشباك منصوبة وبيت رسول الله تحت رقابة شديدة من عائشة وحفصة من أمهات المؤمنين ومن والاهن وهما تجدان ان مرض رسول الله يشتد ساعة بعد ساعة فتوعزان إلى أبويهما بالإبطاء والتأخر وعدم السير حتى تحقق لرسول الله عدم سفرهم ولعن المتخلفين وهم مجموعون عنده دعا بقلم وقرطاس بعد أن تأكد من نواياهم طلب ذلك وهو في هذه المرة يهم ان يضرب ضربته القاصمة على آمالهم بيد أنه سرعان ما نطق عمر بأعظم كلمة يمكن ان يصم بها رسول الله وهو حي وأعظم كلمة أعلنت نيتهم بما يخفون ويكنون ألا وهي " إن الرجل ليهجر " ( 1 ) وعندنا كتاب الله .

الله أكبر وهل يهجر رسول الله ونسوا جميع الآيات القرآنية النازلة فيه أنه لا ينطق عن الهوى ان هو إلا وحي يوحى . ونسوا الآيات الأخرى التي تأمرهم بأخذ ما آتاهم الرسول والانتهاء عما نهاهم عنه . ونسوا انه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لا يتكلم ولا يأمر إلا بما أراد الله وهم يعلمون أنه انما يريد أن يدلي بعهده كتابة إلى علي ( كما ابان ذلك عمر صراحة لابن عباس زمن خلافته وقال : لم تشأ قريش أن تكون فيكم النبوة والامارة ) .

فمن هي قريش ؟ وهل أرادت قريش التوحيد والنبوة والإسلام ؟ وهل هديت اليه إلا قسرا ، لقد كان عمله عمل السامري في قوم موسى ، وقد أراد ما أرادت قريش في جاهليتها وعمل بذلك وأعادها لخصوم الاسلام بل والد خصومهم آل أمية .

وهل كان عمر إلا لسان حال جماعة من الصحابة الذين على رأسهم أبو بكر من الرجال وعائشة من النساء وكل قصدهم سلب الامارة مهما كلف الامر حتى لو وقعت الفتنة وحتى لو أعادوها جاهلية . ولم يخف على رسول الله ذلك خصوصا عندما تكلمت النساء من وراء الحجاب وقلن ألم تسمعوا رسول الله يطلب قلما وقرطاسا ؟ فأجابهن عمر لسان حال الجماعة : انكن صويحبات يوسف تؤذين رسول الله في حياته وتذرفن الدموع عند مماته فأجاب رسول الله انهن خير منكم ( 2 ) .

انظر إلى معنى هذه الكلمة في موسوعتنا وما تحويه من معان وماذا عنى بها وماذا دلت وهل دلت إلا على عقل سليم ورأي صائب طعن بمن خالفه . الظاهر عمر وأصحابه والباطن أبو بكر وزمرته التي يقودها فقال كلمته الأخيرة : " اتركوني " ، وطردهم من مجلسه . فخرجوا وقد حالوا دون كتابة العهد وقد كان بامكانه كتابته بعد ذهابهم ولكن الذي يجسر امام رسول الله أحرى به ان يكذب العهد أو يطعن برسول الله وأقواله ، حتى تقوم فتنة جاهلية تهدم ما بناه الاسلام .

ولم يكن أبو بكر ساكتا . وسعيد من اكتفى بغيره فعمر وأبو عبيدة وغيرهما من الرجال ، وعائشة وحفصة من النساء يدبرون الامر وليلة الوفاة تلقي عائشة الخصام بين الأوس والخزرج بقولها للخزرج : ان الأوس يجهزون لانتخاب خليفة منهم . وللأوس نفس الشئ فتتركهم ضد بعضهم وتترك العيون عليهم وفي الصباح الباكر يتوعد عمر كل من يقول : رسول الله قد مات فإنه ذهب إلى ربه كذهاب موسى وسوف يعود .

كل ذلك حتى تتهيأ الفرصة السانحة للأنصار واجتماعهم ومن وراء ذلك المغيرة بن شعبة من المناصرين والهادين والمراقبين ، ولما علموا باجتماع الأنصار في سقيفة بني ساعدة وقد ألقيت بين الأوس والخزرج العصبية القبلية ، داهمهم عمر وأبو بكر وأبو عبيدة بن الجراح وهم يريدون انتخاب سعد وما أعطاهم فرصة الحوار والجدل إلا ومد يده بعد هنيهة لأبي بكر وبايعه بالخلافة وبعده أبو عبيدة بن الجراح ومن الداخل يؤيدهم أكثر الأوس الذين تابعوا عمر وأبا عبيدة وقسم من الخزرج ومن الخارج كانت عائشة ترسل بمن بقي من أنصار أبيها لتأييدهم وكاد سعد وهو مريض ان يسحق تحت الأرجل حينما أراد جماعة التقرب بالبيعة لأبي بكر حينما وجدوا انقضاء الامر ، يتنفس أبو بكر الصعداء ويصعد منبر رسول الله ويخطب ويقول : من كان يعبد محمدا فأن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت ، وبعدها يمجد بالمهاجرين بأنهم اقدم من الأنصار وأهل وأقارب رسول الله فهم الأمراء والأنصار الذين تابعوهم ، الوزراء ، وقد نسي - إذا صح ذلك ، كما قال علي بن أبي طالب حينما بلغه أمر الخطبة – انه ذكر الشجرة ونسي الثمرة ، أي إذا كان تقربه من رسول الله هو الذي يستحق به الامارة فما قوله بأهل بيت رسول الله ووصيه وأخيه وابن عمه وبني هاشم .

ولم يحضروا السقيفة وكان بامكان علي ان ينهض ببني هاشم ومن يناصرهم ولكن هل يعمل ذلك والدين لما يكتمل والإسلام لما يتقوم والشرك والمنافقون بالمرصاد لمحو آخر آثار الاسلام ، ولكنه أرادها باللين واستمالة الطامحين واتباعهم فجاءت الزهراء بنت رسول الله وبضعته التي قال فيها " رضاء فاطمة رضاي من آذاها فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله " ، فاطمة المعصومة التي طهرها القرآن وزوجها وأباها وابنيها الحسن والحسين في آية التطهير ، ومن شك فليراجع التفاسير ، فاطمة التي عناها القرآن المثال الأوحد لنساء رسول الله في آية المباهلة ، فاطمة هذه تعترض ، فاطمة هذه تهاجم دارها مهبط الوحي ! ، ولماذا ؟ لاجبار زوجها الوصي وأخي رسول الله وأمير المؤمنين الذي نصبه الله ورسوله مولى للمسلمين يوم غدير خم وهنأه بها عمر وأبو بكر نفساهما يجبرانه على البيعة وأن يصلي وراء أبي بكر ويهددونه بإحراق داره وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب فيقال له ان في الدار فاطمة فيقول : " وأن " .

وفاطمة هذه عندما يبلغ بها الأسى والألم أقصاه ترفع رأسها للسماء وتتوجه إلى قبر أبيها باكية متضرعة ويتبعها علي وهو الآخر يقول : " يا بن أم - يخاطب رسول الله - إن القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني " وهي كلمة قالها هارون لموسى حينما أغواهم السامري ، ولم يكن خافيا على القوم قوة بطش علي وبني هاشم وأنصارهم ربما كانوا أقوى سهم بيد أنهم يعلمون ان قيامهم خطر على الاسلام ، وأن قيام علي ضدهم يولد خطرا داهما ربما أدى إلى محو الاسلام ، يعلمون كل ذلك ويدرون أن عليا أحرص الناس بعد رسول الله على بقاء كلمة الاسلام ، وانهم سوف لا يناهضهم بالقوة لهذا وهم يعلمون من وراء ذلك وصية رسول الله له بالتحفظ وعدم إثارة معارضة وخصام يؤدي إلى انشقاق المسلمين مهما أدى ذلك لظلمه وظلم ابنته وأولاده وبني هاشم ، مهما كان ذلك ومهما جاروا عليه فكلمة الاسلام لا تمحى بتاتا ، فكانت هذه الوصية وذلك العلم منه قد أديا لصبره ومن جهة ثانية علم أبي بكر بذلك وعمر أعطاهما كل السعة لاجراء مقاصدهما حتى استعادا ملك فدك الذي وهبه رسول الله لابنته فاطمة في زمن حياته . استعاده أبو بكر وقال وهو المدعي وهو الحاكم والشاهد : إني سمعت رسول الله يقول : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث " ، ولم يقبل شهودها وأدلتها القاطعة ، ولم يؤثر على القوم خطبتها البليغة المصقعة التي أظهرت فيها بلاغة أبيها وقوة حجتها عليهم ، وبعد ظهيرة يوم من الأيام حينما أعياها الامر توجه إلى زوجها معاتبة له وهي تقول : " اشتملت شملة الجنين ، وقعدت حجرة الظنين . . ، هذا ابن أبي قحافة يبتزني نحلة أبي " ، والى آخر ما قالت حتى قام ولبس لباس حربه وإذا بالمؤذن يؤذن ، فقال لها : " ان كنت تحرصين على بقاء هذا الأذان بما فيه من الشهادات بالتوحيد والنبوة فما عليك وعلي سوى الصبر وإلا فغير ضعيف ولا خائف ، وانا علي الذي برهنت على قدرتي ولياقتي في جميع الحروب " ، فسكتت وقالت : " لا ، لا أرضى " وعادت ونهنهت عن زوجها ، ومن هي ؟ وهي تعلم من زوجها الذي لم يخلص للاسلام مثله ، وإذا أراد الخلافة فإنما أرادها لا تظاهرا بقدرتها وأمارتها كلا والف كلا ، وإنما خدمة للاسلام ، فصبر كما قال في خطبته الشقشقية : " فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى " وهو يرى ما يرى ويتحمل ما يتحمل .

هكذا ترى أبا بكر من الناحية السياسية علمه بخبايا البيت النبوي ، وعلمه بحرص علي على أن لا تقوم مخاصمة أو منازعة بين الفرق الاسلامية ، وأنه سوف يصبر كما أمره رسول الله مهما غصب حقه واعتدوا على تراثه ، وبعد ذلك فماذا يمنعه وما كان منه وبعد ان اخذ البيعة الأولى الا ويرسل الرسل في الداخل والخارج لكل من يجدونه لأخذ البيعة وتوطيد الامر لتقوية نفسه من جهة ولتضعيف بني هاشم وعلي من جهة أخرى ، وما كان بني عبد مناف ومنهم بنو

أمية ( 3 ) يهون عليهم خروج الامارة من قبيلتهم إلى عتيق ، ومن عتيق ؟ وكان أبو سفيان قد أرسل لجمع ما يصيب المسلمين من المال من مكة وأطرافها وقد عاد فوجد الامر على هذه الشاكلة فوجد الفرصة السانحة لإعادتها جاهلية والانتقام ! وهل هناك الا بالقاء الفتنة بين بني هاشم وأبي بكر وجماعته ، فجاء عليا وهو يتوعد ويتهدد من نازعه واغتصب حقه ، ويحرضه على النهوض وأخذ حقه بالقوة ، وانه سيعمل ما يعمل ، فلقيه علي بإيمانه وبما يعتقد ما يضمره رجل الشر هذا وقال له صراحة : انه لا يخفى عليه عدم حرصه على الاسلام ، وانما يريد الوقيعة به ، ومن جهة ثانية ، فان عيون أبي بكر تابعته وأرسلوا عليه وأعطوه ما يريد منها ما جلبه معه وانهم ( سيتقاسمونها ) بينهم وسوف يكون له ولأولاده السهم الأوفى . وهكذا انحاز هو الآخر معهم ولم يكن في ذلك لتأثير عثمان وهو شريكهم

إلا الأثر الأكبر . وهكذا ترى سياسة أبي بكر في هذا الأمر أيضا نجحت وبقي عنده القضاء على الجماعات التي كانت تناوؤه وهي تعلم أن الخلافة لعلي ، وعليه أن يحاربهم باسم الردة وقد قسا عليهم ونكل بهم في البدء نكاية وقساوة كانت عبرة للباقين . وهكذا نجده يرسل خالدا وجماعته لابن نويرة الذي عطل دفع الزكاة للمسلمين وهو يدري الخلاف وهو واحد من رؤساء القبائل ، حضر حجة الوداع ويوم غدير خم ، وحضر خطبة رسول الله واعلام الوصاية والولاية لعلي وهو يعلم لمن يعطي المال ألم يجب عليه اعطاؤه لوصي رسول الله الذي عين خلافته من بعده والذي قال كرارا : " انه مني بمنزلة هارون من موسى " ، بيد ان سياسة أبي بكر تقضي الضرب على يد كل معترض مهما كان اسلامه ولا يمكن لرجل سياسي أن يقبل مثل هذا الذي يعلن مخالفته لرسول الله ويعلن تسنمه منبر الخلافة إلا قهرا وغصبا ، وما هي الحربة التي يحارب بها إلا بحربته هو وهو باسم الدين وانه ارتد وانه يجب قتله . فهل هذا يعني ارتداد بقية رجاله ونسائه وجميع عشيرته ؟ وهلا يجب استدعاؤه وإلقاء الحجة عليه واستطلاع امره ؟ لا ، أبدا لا يجوز لرجل السياسة ذلك إذ أن ذلك فضيحة له ويخلق له ألف مشكلة ، وليس له إلا الطاعة المحصنة بدون ان ينبس ببنت شفة ، ولقد ذهب ذلك الزمان الذي كان على عهد رسول الله زمن المنطق والوحي والرأفة والمحبة ولهذا يرسل له خالدا ويخوله ما يعمل بلا قيد وشرط . وماذا يعمل خالد ! ؟ فيتخذ خالد المكر معه وينزل عنده كضيف يريد استعلامه عن الامر وقد أعطى الايعاز إلى جماعته بالوثبة عند الإشارة ، وقد أحرز خالد أن زوجة ابن نويرة من الجمال الذي لا يمكن لمثله الإغضاء عنها ، فيثب بعد الإشارة وهو شاهر سلاحه ويوثق ابن نويرة وأصحابه ، ويعترض عليه الرجل بأنه لم يرتد وان المال حاضر وطلب منه حمله وأصحابه إلى أبي بكر فأبى ، فقال الرجل : أني اقتل ظلما وعدوانا وان لهذه ، وأشار لزوجته علة في قتلي ، أي ان جمالها أغرى خالدا ولم يستطع الوصول إليها سوى عن طريق القتل ، وهكذا ينفذ حكم القتل به وبجماعته ويسلب أمواله ويدخل بنفس الليلة بزوجته ، فانظر إلى هذه الجريمة النكراء ، والفاحشة التي لا يمكن توجيهها . أقبل بخيله ورجاله إلى المدينة ودخل على أبي بكر ويطلع أبو بكر وعمر على واقع الامر فيثب عمر متأثرا لتلك العملية التي لا تلائم أسس الاسلام فحسب بل لا يقبلها كل خائن وكل فاسد وكل فاسق ومنافق ومشرك ، وإذا أبيح لك قتله فكيف تدخل على زوجته وهي في العدة وهي فضيحة للآمر والمأمور ، نعم يثب عمر ويطلب من أبي بكر إقامة الحد على خالد بيد ان أبا بكر أبعد نظرا ، وكيف يعمل ذلك ويهتك أعوانه وأنصاره وهو أحوج ما يكون إليهم مهما ارتكبت أيديهم ومهما اعتدوا على ابن نويرة وزوجته ، ومهما عمل خالد ، أليس ذلك مما يؤيد ملكه ، ويشد إصره ؟ !

وكأن خالدا لم يعمل ما يستوجب حتى توبيخه أو تأنيبه ليستفيد منه ومن أغراضه كما طلب منه بعد ذلك قتل علي بعد تشهد الصلاة ، فأطاع وتحضر ، غير أن أبا بكر وهو يصلي فكر ان ذلك لا يصح وربما سبب امرا يعود عليه بالضرر وقبل أن ينهي صلاته وقبل التشهد صاح بأعلى صوته : لا يفعلن خالد ما أمرته به ، ثم أجرى التشهد فكانت تلك بدعة جارية لبعض علماء التابعين انه طالما تكلم خليفة الرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قبل التشهد فذلك جائز لهم ، وقد بقي عمر متأثرا من خالد الذي بدا غير مكترث بوعيد عمر طالما جلب رضا أبي بكر بيد أنه لا يستطيع العمل والامر بيد أبي بكر ، حتى إذا حانت خلافته طرد خالدا شر طردة ونحاه عن حكمه .

ومن سياسة أبي بكر انه جرد بني هاشم من كل صفاتهم ولم يترك بيدهم ولا امارة ، وعزلهم عن أي سلطة وحكم في الدولة ، وهكذا عمل مع كل من أوحت له نفسه يوما معاونتهم أو القول بوصاية علي ، ومن جهة أخرى قوى ألد أعدائهم وخصومهم مثل خالد وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة ومروان بن الحكم وبني أمية وأمثالهم خصوم رسول الله والذين كانوا تحت رقابته التامة . والقى الرقابة التامة على علي وأولاده وبني هاشم وأنصارهم وأتباعهم من الأنصار والمهاجرين ومن استطاع جره إلى حضيرته والباقين القى عليهم النسيان والاهمال وقرب أولئك الذين أقعدوه على منصة الحكم وفي مقدمتهم عمر وأبو عبيدة بن الجراح وعثمان بن عفان فكان عمر وزيره الأول ومستشاره ، وأبو عبيدة قائده الأعظم ومثله خالد بن الوليد وعثمان ، كاتبه وامين سره ، وابنته عائشة ذات السلطة والسيادة والمشورة في ملكه وهي ألد خصوم علي وفاطمة والحسن والحسين وبني هاشم . وهي التي أقامت حرب الجمل ضد علي رغم ما سمعت من رسول الله حين قال لها وهو يخاطب نساءه من التي تقاتل إمام زمانها وتنبحها كلاب الحوأب ثم توجه إليها وقال أرجو أن لا تكوني أنت يا حميراء . ولكن هكذا كان فقد نبحتها كلاب الحوأب وعرفتها عائشة ومع ذلك سارت وحاربت وسببت

تلك المجزرة التي ذهب ضحيتها طلحة والزبير وخيرة الصحابة وما يقارب أربعين الف قتيل . وهي التي قالت حينما سمعت بقتل عثمان وهي التي البت على قتله بقولها : اقتلوا نعثلا قتله الله ، نعم عندما سمعت بقتل عثمان وتولية علي الخلافة من بعده وهي أعلم الناس بفضله ووصايته وعلمه وتقواه وحب رسول الله له . ما أن سمعت ذلك إلا وقالت بدون أن تدرك أثر ذلك عليها : " ليت السماء انطبقت على الأرض " ثم أردفت ان عثمان قتل مظلوما . ولم يكن علي رجل مداهنة وخداع وحرص على الامارة ، فالدنيا لا تساوي عنده - كما قال - نعله البالية ، وكل ما يريده هو السهر على الاسلام وإقامة الشعائر الاسلامية وارشاد من ضل سواء أكان أبا بكر أو عمر أو أي واحد من المسلمين ، فلم يظهر بعدها منافسة على تسلم الامارة بل حرص على إبداء ارشاداته لأبي بكر وعمر وعثمان كلما أعياهم الامر وضلوا ، ولطالما خالفوه عندما خالف ذلك سياستهم الدنيوية . تلك بعض صفات أبي بكر في سياسته وآخر سياساته هي أدلاء العهد بعده

لأخلص أصدقائه الذي آخاه في مكة قبل الهجرة والذي كان من مؤيديه ، بل الذي أقعده على كرسي الخلافة وداراه قبل وبعد الهجرة فنصره في حياته مهما بلغ من الغلظة وهو عمر بن الخطاب ذلك الذي لم يأل جهدا في زمن رسول الله وبعد وفاته لتوطيد الخلافة لأبي بكر ، وهو الحافظ لأسراره من بعده ، وهو الذي سيتم ما بدأ به فيشيد اسمه ويقوي أعوانه ويشد أزرهم ، والذي سيسير على سيرته في إبعاد خصومه من بني هاشم مهما أوصى بهم رسول الله . وهنا رغم علم أبي بكر بوصية رسول الله بعلي وعترته فقد خالف في ذلك لأن ذلك كان في حياة أبي بكر أكبر حجر عثرة لتسلمه الحكم والخلافة وهي بعد مماته تظهر معايبه وتظهر الحقائق ، وهل يجوز لرجل السياسة ان يفضح نفسه بنفسه وقد دل ذلك على أنه رجل سياسة محنك وليس رجل دين ولا من جهة واحدة حتى ما ظهر منه من السير في كثير من الأحيان على القرآن والسنة ما دامت لا تخالف سياسته حتى تؤيده من الناحية الدينية .

فقد كسب الدنيا فماذا يضره أن يؤيد نفسه بهذه الظاهرة الاسلامية التي هي أعظم نفوذا في النفوس من الأولى ، لذا لم يأل جهدا في أن يتظاهر بأعظم مظهر ديني كخليفة لرسول الله إلا فيما يخالف سياسته ، ومن سياسته المظهر الديني لو أقام بأكبر ما يمكن ان يحول بينه وبين ذلك فمنع تدوين السنة والروايات في زمنه باعتبار ان ذلك يشغل المسلمين المشغولين والمنهمكين في الحروب لنشر الدين الاسلامي هذا هو ظاهر الامر واما الحقيقة فان الفترة القصيرة بين وفاة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وتسنمه الخلافة قصيرة جدا والأحاديث والروايات تغير النظر بالنسبة لأحقيته بالخلافة بعد أن أكد رسول الله في كل مجلس حان له وفي كل واقعة ، ما لعلي من الفضل لإمامة الأمة في هذه الفترة القصيرة ووجود الصحابة من أنصار ومهاجرين لا يمكن أبدا تحريف وتبديل ينتهي بتحويل الامر له واخذه من علي وعترة آل محمد ، فما هي السياسة ؟

سرعان ما يمر زمن فيه يبتعد من ابتعد من الصحابة ومن حضر رسول الله ، ويهاجر من هاجر لمصر والعراق والشام واليمن وغيرها ومن قتل منهم حتى إذا مر زمان طويل والامر بيده أو بيد أنصاره أمكن ما يمكن وضعه وجمعه بحيث لا

ينافي مقتضيات سياسته كما عمل بعده عمر نفس العمل وأوقف جمع الأحاديث ، وضايق صحابة رسول الله من الخروج والتحدث ومن كان يجرؤ أن يتحدث شيئا يخالف سياسة عمر وهو المعروف بالصرامة والغلظة ولا يهمه ان يفتك لتثبيت

سياسته بأي كان . ألم يقتل ابنه عبد الرحمن بتجديده الحد ( 4 ) عليه وهو مريض يتوسل اليه " أبتي ! لقد أقيم علي الحد ! " ولكن هيهات فهذه من أقوى ما يسدد به سياسته ويزيد هيبته ويخوف أصدقاءه وخصومه ولكن من جهة أخرى يبسط

بساط الرحمة لآل أمية ويدنيهم ويهيئ لهم ولذويهم بساط الخلافة والسلطة .

فعثمان في المدينة ، ومعاوية في الشام وغيرهما في الأكناف والأطراف أحرار يذهبون ويؤوبون بينما ترى بني هاشم وآل الرسول تحفهم المراقبة الشديدة . وهل صح تنبؤ أبي بكر وقوله : إن الأمة مشغولة مع الأعداء فلا داعي لجمع الحديث ؟ هل يقبل ذلك العقلاء ؟ ألم يكن جمع القراءة وأحاديث رسول الله وسننه هي شريعة الاسلام ؟ فلماذا أوقفها ؟ لو جمعت الأحاديث والروايات والسنن بوقتها صحيحة حقيقية هل كان لأبي هريرة وغيره الذي لم يصاحب رسول الله إلا بضعة أيام أن يضعوا مئات الآلاف من الأحاديث تحت سمع وبصر معاوية . وهل بقي اختلاف في الروايات يفعل بها ذوو الأهواء والآراء كيفما يشاءون حسب رغباتهم من أهل المطامع من آل بني سفيان وآل مروان وغيرهم الذين لا يهمهم الاسلام بقدر ما تهمهم مناصبهم وصروحهم ومن جاء بعدهم ؟ وهل فرقت الأحاديث الصحيحة والروايات التي تقوم عليها سنن الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ وهل لأعداء رسول الله وأعداء آله ان يسندوا لهم أي فضيلة وحسنة إلا ما يؤيد ملكهم ويحسن سمعتهم ؟ ومن سياسته القوية انه رغم أنه كان من المعارضين لحملة أسامة بقيادة أسامة ولكنه لما خلا له الجو بالخلافة خالف البقية معلنا أن رسول الله أراد ذلك فلا بد من ابرام ما أراد رسول الله على نفس الشاكلة وبنفس القيادة ولا شك في أن هذه السياسة دلت على حكمته وحنكته السياسية إذ لم تكن فيها من الناحية السياسة أي اثر سيئ على امارته وخلافته رغم مخالفة البعض بل أحكمت خلافته من الناحية الدينية على أنه انما أراد ذلك اتباعا لأوامر رسول الله باعتباره خليفته وكان من المخالفين عمر ولكن أقنعه على ذلك وكان أبو بكر دائما متفقا مع عمر من الناحية السياسية إذ لهما نفس الغاية والسياسة . وعمر هو الذي كان يحمل سيفه صباح توفي رسول الله وهو يمشي في المدينة ويهدد كل من قال إن رسول الله قد مات بل قال انما ذهب لربه كما ذهب موسى وسيعود ، وما ان حضر أبو بكر ورقى المنبر وقال : من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فالله حي لا يموت . هنا سكت عمر إذ بلغ المراد الذي من اجله أسكت الناس حتى لا يعود بعد اعتقادهم بموت نبيهم التحري عن خليفته ، ولما يتهيأ الامر لأبي بكر وأنصاره لإعلان الخلافة وأخذ البيعة . ولا شك أن التمهيدات لاخذ البيعة كما مر كانت مدبرة من وراء الستار فقسم كان على عاتق أبي بكر وأنصاره وقسم كان على عاتق عائشة وأنصارها . وهي التي أهابت ببني هاشم يوم وفاته : بأنكم آل الله وآل رسوله وأحرى بتجهيزه وتغسيله وتكفينه ودفنه وعلى رأسهم علي بن أبي طالب وصي رسول الله ، وهي التي كانت تجافيه وتظهر خصومته من قبل ، فأبانت له ذلك اليوم منتهى الكرم والأدب ، وأظهرت أنه رئي بني هاشم وأقرب الناس لرسول الله وهو أحرى به دون جميع الصحابة للقيام بهذا ، وهي تقصد إشغالهم برسول الله وترك أبيها وأنصاره يحوكون ما أرادوا ولم تكن وحدها التي عملت ذلك فقد كانت لها اللياقة السياسية ودهاء النساء الذكيات ، وأبوها هو معلمها الأول وهي عضده الأيسر لربما كانت هي الأيمن وعمر الأيسر وقد نجحت سياستهم نجاحا باهرا وتغلبوا على ما أرادوا وسلبوا حقا واضحا وصريحا وخلافة نص عليها رسول الله نصا صريحا لعلي ، وفي كل فرصة حصلت ، وأكد قول رسول الله الآيات الكثيرة التي تربو على ثلاثمائة آية كلها نزلت في مدح علي وتمجيده مع أهل البيت .

فانظر إلى السياسة العظيمة التي سلكها أبو بكر فتغلب بها على علي وعلى بني هاشم وآل عبد مناف بما فيهم ، وهو من قبيلة عتيق لا ذكر لها قبل الاسلام وكانت سياسته بعد تسنم الامر لا تقل عن تدبيره قبلها ، إذ لو أهمل الامر ونجحت هاشم فلا بد ان تكشف الحقائق ، لذا أسندها لعمر ولآل بني أمية وعلى رأسهم عثمان كاتب سره ، وعميدهم أبو سفيان الذي مات وهو كافر مشرك لا يعتقد إلا وأنها ملكية ، وهو الذي أوصى أولاده بتلاقف الخلافة وأنه لا جنة ولا نار .

____________________

( 1 ) أسانيد اعتراف عمر بمنعه القلم والقرطاس تجدها في موسوعتنا الجزء الثالث والرابع

والخامس وأخص السادس كتاب عمر .

( 2 ) تجدها بأسانيدها في الموسوعة .

( 3 ) كذا في الأصل .

( 4 ) تجد تفصيله بأسانيده في الكتاب الثالث ( كتاب عمر ) من هذه الموسوعة .

 

 

 




العرب امة من الناس سامية الاصل(نسبة الى ولد سام بن نوح), منشؤوها جزيرة العرب وكلمة عرب لغويا تعني فصح واعرب الكلام بينه ومنها عرب الاسم العجمي نطق به على منهاج العرب وتعرب اي تشبه بالعرب , والعاربة هم صرحاء خلص.يطلق لفظة العرب على قوم جمعوا عدة اوصاف لعل اهمها ان لسانهم كان اللغة العربية, وانهم كانوا من اولاد العرب وان مساكنهم كانت ارض العرب وهي جزيرة العرب.يختلف العرب عن الاعراب فالعرب هم الامصار والقرى , والاعراب هم سكان البادية.



مر العراق بسسلسلة من الهجمات الاستعمارية وذلك لعدة اسباب منها موقعه الجغرافي المهم الذي يربط دول العالم القديمة اضافة الى المساحة المترامية الاطراف التي وصلت اليها الامبراطوريات التي حكمت وادي الرافدين, وكان اول احتلال اجنبي لبلاد وادي الرافدين هو الاحتلال الفارسي الاخميني والذي بدأ من سنة 539ق.م وينتهي بفتح الاسكندر سنة 331ق.م، ليستمر الحكم المقدوني لفترة ليست بالطويلة ليحل محله الاحتلال السلوقي في سنة 311ق.م ليستمر حكمهم لاكثر من قرنين أي بحدود 139ق.م،حيث انتزع الفرس الفرثيون العراق من السلوقين،وذلك في منتصف القرن الثاني ق.م, ودام حكمهم الى سنة 227ق.م، أي حوالي استمر الحكم الفرثي لثلاثة قرون في العراق,وجاء بعده الحكم الفارسي الساساني (227ق.م- 637م) الذي استمر لحين ظهور الاسلام .



يطلق اسم العصر البابلي القديم على الفترة الزمنية الواقعة ما بين نهاية سلالة أور الثالثة (في حدود 2004 ق.م) وبين نهاية سلالة بابل الأولى (في حدود 1595) وتأسيس الدولة الكشية أو سلالة بابل الثالثة. و أبرز ما يميز هذه الفترة الطويلة من تأريخ العراق القديم (وقد دامت زهاء أربعة قرون) من الناحية السياسية والسكانية تدفق هجرات الآموريين من بوادي الشام والجهات العليا من الفرات وتحطيم الكيان السياسي في وادي الرافدين وقيام عدة دويلات متعاصرة ومتحاربة ظلت حتى قيام الملك البابلي الشهير "حمورابي" (سادس سلالة بابل الأولى) وفرضه الوحدة السياسية (في حدود 1763ق.م. وهو العام الذي قضى فيه على سلالة لارسة).