المؤهلات الاقتصادية والفكرية لقيام الكلاسيـك 

ـ الرأسمالية التجارية وتطورها الى الرأسمالية الصناعية :ـ 

لاحظنا كيف تطور الاقتصاد الاوربي من اقتصاد اقطاعي الى الرأسمالية التجارية ولكن الرأسمالية لم تقف عند هذه الحالة بل تطورت حتى وصلت في القرن الثامن عشر الى الرأسمالية الصناعية ، واهم حدث ارتبط به هذا التطور هو (الثورة الصناعية) وهي تبث الحركة الضخمة من الاختراعات التي ظهرت في منتصف القرن الثامن عشر والتي أدت الى تغير الفن الانتاجي حيث اعتقد التجاريين مصدر الثروة من التجارة واعتقد الطبيعيون بأن مصدر الثروة من الزراعة ولكن الاعتقاد لدى الكلاسيك يشير الى ان مصدر الثروة هو من الانتاج الزراعي والتجاري والصناعي في الاقتصاد الداخلي الذي كان مستخدم في المرحلة⁽¹⁾ بإحلال الآلات محل الادوات التي كانت مستعملة من قبل الانتاج وقد ترتب على هذه الاختراعات ان زادت القوة الانتاجية للمصانع زيادة كبيرة بحيث اصبحت تنتج كميات ضخمة من السلع وقد اخذت هذه المخترعات تغزو فروع الانتاج المختلفة .

وترتب على انتشار الآلات والمخترعات بشكل كبير الوصول الى عدة نتائج هامة يمكن ان يعزو الفقرات الاولى منها الى ان هذه المصانع اصبحت مركزاً صغيراً للاستثمارات وبدا يتوسع مع الطلب على البضائع في السوق الدولي ومن خلال التجارة الدولية فجذبت الكثير من الاموال اليها ومن هنا سميت هذه المرحلة بالمرحلة الرأسمالية الصناعية نظراً لضخامة رؤوس الاموال التي اصبحت توظف في الصناعة وهذه النتيجة الاولى .

النتيجة الثانية هي ان الجهاز الانتاجي اصبح في هذا النظام ذات طاقة انتاجية ضخمة .

والنتيجة الثالثة توضح حقيقة مفادها ان طبيعة النظام نفسها قد تغيرت لانه في ظل الرأسمالية التجارية كانت التجارة هي مركز النشاط الاساسي في النظام وكانت الصناعة قائمة للحث على التجارة اما في الرأسمالية الصناعية فقد اصبحت الصناعة تحتل المركز الرئيسي واصبحت الرأسمالية الصناعية هي التي تحكم النشاط الاقتصادي .

نظراً للكميات الضخمة التي كانت تتاجر بالسلع كان لا بد من البحث عن أسواق لتصريفها في الداخل والخارج وهذا ما تقوم به التجارة وهكذا اصبح التأكد من الانفصال التام بين طبقة اصحاب رؤوس الاموال الرأسماليين وهم الطبقة الصغيرة في المجتمع ولكنها هي المالكة لوسائل الانتاج ومن هنا تأتي اهميتها ، وطبقة العمال الذين يعيشون على بيع مجهودهم كسـلعة وبدأت التجارة تعمل في خدمة الصناعة ، ان اهم النتائج التي ارتبطت بظهور الرأسمالية الصناعية كان منصباً على طبقة العمال وهو ظهور مشكلة البطالة اذ ان لا شك ان الآلات اتي اخترعت مكنت من زيادة الانتاج مع تقليل عدد العمال هذا من ناحية ومن الناحية الاخرى ان الرأسمالية الصناعية اصبحت ذات قوة انتاجية ضخمة ويحدث في كثير من الاحيان وسبب قلة اسواق التصريف من البداية⁽²⁾ ان تبقى كميات من المنتجات دون تصريف هذا كان يدفع المنتجين الى تقليص الانتاج او تعطيله بين الحين والآخر ويترتب على ذلك طرد العمال وهكذا اصبح العمال مهددين دائماً بخطر البطالة .

نظراً لقوة الرأسمالية الصناعية في فكرة نشأتها في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر ونظراً لما كان يحققه الفن الانتاجي الجديد من انخفاض في تكاليف الانتاج لذلك ساد الشعور بأن النظام الجديد لديه القوة والحيوية من ان ينمو بنفسه بمزاياه الذاتية دون تدخل الدولة لحمايته ووصفها للقيود على النشاط الاقتصادي بانه يعرقل من تصريف منتجاتهم في الداخل والخارج ومن ثم يضعف فرص الربح امامهم فكانت مصلحة المنتجين أنفسهم في تحقيق شيئين :

• إلغاء كافة القيود التي كانت تفرضها الدولة على النشاط الاقتصادي في المبادلات الداخلية والخارجية .

• عدم ايجاد اي تكتلات اقتصادية بين المنتجين ولا بين العمال وترك الانتاج والمبادلات كلها لنظام المنافسة الكاملة او الحرة بحيث يستفيد كل منتج مما قد يحققه من تخفيض نفقات الانتاج .

ــ الحريـة الاقتصاديـة :ـ

ان الغاء القيود وابعاد تدخل الدولة استطاعت ان تحقق الرأسمالية الصناعية واصبح لكل فرد الحق في اختيار ما يريده وان يعقد من العقود التي يبيع بها بما يمكن ان يقبلها هو كفرد ، كذلك ألغيت الضرائب على السلع المستوردة الداخلة في العمليات الصناعية لتشجيع الانتاج المحلي وأخذت الفعاليات الشخصية بحرية ومن خلال تفضيل المصلحة الخاصة وبشكلها العفوي تؤدي الى تكوين المصلحة العامة او مصلحة البلد وعلى الدولة عدم التدخل كما ورد وترك المنتجات تأخذ مجالها بالانسيابية بحرية فنكسب تقسيم العمل ويتحقق التخصص ويزداد الانتاج⁽³⁾ . 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1ـ باسل البستاني ، الفكر الاقتصادي من التناقض الى النضوج ، مصدر سابق ، ص19 .

2ـ نفس المصدر السابق ، ص19 .

3ـ جوزيف لاجوجي ، المذاهب الاقتصادية ، مصدر سابق ، ص24 .