مناظرة الإمامين زين العابدين والباقر (عليهما السلام) مع بعضهم حول مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) وعدم إنصاف بعض الناس له |
602
07:54 صباحاً
التاريخ: 19-10-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 20-10-2019
771
التاريخ: 18-10-2019
688
التاريخ: 17-10-2019
432
التاريخ: 20-10-2019
1227
|
روي عن أبي محمد الحسن العسكري (عليهما السلام) أنه قال: كان علي بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) جالسا في مجلسه، فقال يوما في مجلسه: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما أمر بالمسير إلى تبوك، أمر بأن يخلف عليا بالمدينة، فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله! ما كنت أحب أن أتخلف عنك في شيء من أمورك، وأن أغيب عن مشاهدتك والنظر إلى هديك وسمتك.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا علي! أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي (1)، تقيم يا علي وإن لك في مقامك من الأجر مثل الذي يكون لك لو خرجت مع رسول الله، ولك مثل أجور كل من خرج مع رسول الله موقنا طائعا، وإن لك على الله يا علي لمحبتك أن تشاهد من محمد سمته في سائر أحواله، بأن يأمر جبرئيل في جميع مسيرنا هذا أن يرفع الأض التي نسير عليها، والأرض التي تكون أنت عليها، ويقوي بصرك حتى تشاهد محمدا وأصحابه في سائر أحوالك وأحوالهم، فلا يفوتك الأنس من رؤيته ورؤية أصحابه، ويغنيك ذلك عن المكاتبة والمراسلة.
فقام رجل من مجلس زين العابدين (عليه السلام) لما ذكر هذا، وقال له: يا بن رسول الله! كيف يكون هذا لعلي؟ إنما يكون هذا للأنبياء لا لغيرهم.
فقال زين العابدين (عليه السلام): هذا هو معجزة لمحمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا لغيره، لأن الله تعالى إنما رفعه بدعاء محمد، وزاد في نور بصره أيضا بدعاء محمد، حتى شاهد ما شاهد وأدرك ما أدرك. ثم قال له الباقر (عليه السلام): يا عبد الله! ما أكثر ظلم كثير من هذه الأمة لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)، وأقل إنصافهم له؟! يمنعون عليا ما يعطونه ساير الصحابة، وعلي أفضلهم، فكيف يمنع منزلة يعطونها غيره؟! قيل: وكيف ذاك يا بن رسول الله؟ قال: لأنكم تتولون محبي أبي بكر بن أبي قحافة، وتبرؤون من أعدائه كائنا من كان، وكذلك تتولون عمر بن الخطاب، وتتبرؤون من أعدائه كائنا من كان، وتتولون عثمان بن عفان، وتتبرؤون من أعادئه كائنا من كان، حتى إذا صار إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام)، قالوا: نتولى محبيه، ولا نتبرأ من أعدائه بل نحبهم!! فكيف يجوز هذا لهم، ورسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول في علي (عليه السلام): اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله (2) أفترونه لا يعادي من عاداه؟! ولا يخذل من يخذله؟! ليس هذا بإنصاف (3)!!
ثم أخرى: أنهم إذا ذكر لهم ما اختص الله به عليا (عليه السلام) بدعاء رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وكرامته على ربه تعالى جحدوه، وهم يقبلون ما يذكر لهم في غيره من الصحابة، فما الذي منع عليا (عليه السلام) ما جعله لسائر أصحاب رسول الله؟ هذا عمر بن الخطاب، إذا قيل لهم: إنه كان على المنبر بالمدينة يخطب إذ نادى في خلال خطبته: يا سارية (4) الجبل! عجبت الصحابة وقالوا: ما هذا الكلام الذي في هذه الخطبة؟ فلما قضى الخطبة والصلاة قالوا: ما قولك في خطبتك يا سارية الجبل؟ فقال: اعلموا أني وأنا أخطب إذ رميت ببصري نحو الناحية التي خرج فيها إخوانكم إلى غزو الكافرين بنهاوند، وعليهم سعد بن أبي وقاص، ففتح الله لي الأستار والحجب، وقوي بصري حتى رأيتهم وقد اصطفوا بين يدي جبل هناك، وقد جاء بعض الكفار ليدور خلف سارية، وسائر من معه من المسلمين، فيحيطوا بهم فيقتلوهم، فقلت: يا سارية الجبل، ليلتجئ إليه، فيمنعهم ذلك من أن يحيطوا به، ثم يقاتلوا، ومنح الله إخوانكم المؤمنين أكناف الكافرين، وفتح الله عليهم بلادهم، فاحفظوا هذا الوقت، فسيرد عليكم الخبر بذلك، وكان بين المدينة ونهاوند مسيرة أكثر من خمسين يوما. قال الباقر (عليه السلام): فإذا كان مثل هذا لعمر، فكيف لا يكون مثل هذا لعلي بن أبي طالب (عليه السلام)؟! ولكنهم قوم لا ينصفون بل يكابرون (5).
_______________
(1) مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام) لابن المغازلي: ص 27 - 37 ح 40 - 56، بحار الأنوار: ج 2 ص 226 ح 3، وج 5 ص 21 ح 30.
(2) راجع: مسند أحمد بن حنبل: ج 1 ص 219، وج 4 ص 281 وج 5 ص 370، مجمع الزوائد: ج 9 ص 107، كنز العمال: ج 13 ص 104 ح 36342 وص 138 ح 36437 وص 170 ح 36515، البداية والنهاية: ج 5 ص 211 وص 212 وج 7 ص 335، وغيرها الكثير.
(3) إذ أن مقتضى المحبة ومن لوازمها أيضا هو محبة محب المحبوب - كما قيل: ألف عين لأجل عين تكرم - ومعاداة عدو المحبوب، فإن محبة المحبوب وموالاة أعدائه لا تجتمعان، قال الشاعر:
تود عدوي ثم تزعم أنني * صديقك، إن الرأي عنك لعازب .
وقال شاعر آخر:
صديق صديقي داخل في صداقتي * صديق عدوي ليس لي بصديق .
فإذا كان هذا هو مقتضى الصداقة والأخوة، فكيف بمن هم ولاة الدين وحماته، ومن كان أخا لرسول الله (عليه السلام) ونفسه بنص الآية الشريفة : {وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ} [آل عمران: 61] ذلك هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، أضف إلى ذلك نص الأدلة الآمرة بولايته ومعاداة أعدائه، والبراءة منهم، وأن المحب له (عليه السلام) محبا لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، وأن مبغضه مبغضا له (صلى الله عليه وآله) وأن بغض أمير المؤمنين (عليه السلام) ومحبة رسول الله (صلى الله عليه وآله) لا يجتمعان، وإليك بعض الأحاديث في ذلك على سبيل المثال: 1 - قوله (صلى الله عليه وآله): محبك محبي ومبغضك مبغضي. (كنز العمال: ج 11 ص 622 ح 33023). 2 - قوله (صلى الله عليه وآله): يا علي كذب من زعم أنه يحبني ويبغضك. (ميزان الاعتدال: ج 3 ص 596 ترجمة رقم: 7707، لسان الميزان: ج 5 ص 206 ترجمة رقم: 722، كتاب المجروحين لابن حيان: ج 2 ص 310). 3 - قوله (صلى الله عليه وآله): من أحب عليا فقد أحبني، ومن أبغض عليا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله. (سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني: ج 3 ص 288، كنز العمال: ج 11 ص 601 ح 32902 وص 622 ح 33024، مجمع الزوائد: ج 9 ص 132). 4 - قوله (صلى الله عليه وآله): هذا وليي وأنا وليه، عاديت من عاداه وسالمت من سالمه. 5 - قوله (صلى الله عليه وآله): عدوك عدوي، وعدوي عدو الله عز وجل. 6 - قول أمير المؤمنين (عليه السلام): يهلك في ثلاثة: اللاعن والمستمع المقر، وحامل الوزر، وهو الملك المترف، الذي يتقرب إليه بلعنتي، ويبرأ عنده من ديني، وينتقص عنده حسبي، وإنما حسبي حسب رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وديني دينه، وينجو في ثلاثة: من أحبني، ومن أحب محبي، ومن عادى عدوي، فمن أشرب قلبه بغضي أو ألب على بغضي، أو انتقصني، فليعلم أن الله عدوه وخصمه (وجبرئيل) والله عدو للكافرين (شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج 4 ص 105 - 107).
(4) هو سارية بن زنيم الدئلي، والقصة مذكورة في الكامل لابن الأثير: ج 3 ص 42 عند ذكره (فتح فسا ودار ابجرد)، تاريخ الأمم والملوك للطبري: ج 4 ص 178، تاريخ الخلفاء للسيوطي: ص 125 (فصل في كراماته)، دلائل النبوة لأبي نعيم: ج 2 ص 578 - 581 ح 525 - 528، تاريخ عمر بن الخطاب لابن الجوزي: ص 155 - 156، الرياض النضرة لمحب الدين: ج 2 ص 326 - 327.
(5) تفسير الإمام العسكري (عليه السلام): ص 561 - 563 ح 331، الإحتجاج للطبرسي: ج 2 ص 330 - 331، بحار الأنوار: ج 21 ص 238 - 240 ح 24.
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|