أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-8-2019
3963
التاريخ: 6-8-2019
4325
التاريخ: 11-8-2019
2479
التاريخ: 8-8-2019
7468
|
قال تعالى : {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُقِيمٌ (21) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } [التوبة : 19 - 22] .
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :
{أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله} هذا استفهام معناه الانكار أي : لا تجعلوا ، وفيه حذف يدل الكلام عليه ، وتقديره أجعلتم أهل سقاية الحاج ، وأهل عمارة المسجد الحرام ، كمن آمن بالله ، حتى يكون مقابلة الشخص ، أو يكون تقديره : أجعلتم السقاية والعمارة كإيمان من آمن بالله . حتى تكون مقابلة الفعل بالفعل . وسقاية الحاج : سقيهم الشراب . قال الحسن : وكان نبيذ زبيب يسقون الحاج في الموسم ، بين الله سبحانه أنه لا يقابل هذه الأشياء بالإيمان بالله {واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله} وبالجهاد في سبيله ، فإنه لا مساواة بين الأمرين {لا يستوون عند الله} في الفضل والثواب . {والله لا يهدي} إلى طريق ثوابه {القوم الظالمين} كما يهدي إليه من كان عارفا به ، فاعلا لطاعته ، مجتنبا لمعصيته .
ثم ابتدأ سبحانه فقال {الذين آمنوا} أي : صدقوا ، واعترفوا بوحدانية الله ، {وهاجروا} أوطانهم التي هي دار الكفر إلى دار الاسلام ، {وجاهدوا في سبيل الله} أي : تحملوا المشاق في ملاقاة أعداء الدين ، {بأموالهم وأنفسهم أعظم درجة عند الله} من غيرهم من المؤمنين الذين لم يفعلوا هذه الأشياء ، {وأولئك هم الفائزون} أي : الظافرون بالبغية . {يبشرهم ربهم} برحمة في الدنيا على ألسنة الرسل ، وبما بين في كتبه من الثواب الموعود على الجهاد {برحمة منه ورضوان} في الآخرة ، {وجنات لهم فيها نعيم مقيم} أي : دائم لا يزول ولا ينقطع . {خالدين فيها أبدا} أي : دائمين فيها مع كون النعيم مقيما لهم {إن الله عنده أجر} أي : جزاء على العمل {عظيم} أي : كثير متضاعف لا يبلغه نعمة غيره . من الخلق .
____________________________
1 . تفسير مجمع البيان ، ج5 ، ص 28-29 .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :
{ أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ وجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } . المراد بسقاية الحاجّ سقي الناس الماء في الحجّ ، وبعمارة المسجد هنا خدمته . وجاء في أكثر التفاسير ، ومنها تفسير الطبري والرازي والنيسابوري والسيوطي : « ان العباس بن عبد المطلب كان يسقي الناس في الحجّ ، وان طلحة بن شيبة من بني عبد الدار كان يحمل مفتاح الكعبة ، فقال طلحة : أنا صاحب البيت معي مفتاحه ، وقال العباس : انا صاحب السقاية ، فقال علي بن أبي طالب : لا أدري ما تقولان ، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس ، وانا صاحب الجهاد . فأنزل اللَّه أجعلتم سقاية الحاج الخ » .
فعلي هو المقصود بقوله تعالى : { كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ وجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ } هذا هو ميزان الفضل عند اللَّه : الايمان به والجهاد في سبيله ، اما الوظائف والمناصب فكثيرا ما قادت أصحابها إلى المفاسد والمهالك { لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ } في الجزاء والثواب { واللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ } بعد ان دعاهم إلى الهدى ، فرفضوا بسوء اختيارهم .
{ الَّذِينَ آمَنُوا وهاجَرُوا وجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ } . وأين تقع سقاية الحاج وعمارة المسجد من الايمان والهجرة والجهاد ، ومرّ نظير هذه الآية في سورة الأنفال الآية 72 . وكلمة أعظم هنا لا تعني المفاضلة ، وإنما تعني مجرد ثبوت الفضل للمؤمنين ، لأن الكافرين لا شيء لهم عند اللَّه من الدرجات .
{ يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ ورِضْوانٍ وجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهً عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ } . قال صاحب ( البحر المحيط ) : « اتصف المؤمنون بصفات ثلاث : الايمان والهجرة والجهاد فقابلهم اللَّه بثلاث : الرحمة والرضوان والجنان . » وأطال الرازي الكلام في بيان الفرق بين هذه الأوصاف . . اما نحن فنرى انها هي والفوز والأجر تعبّر عن معنى واحد ، وهو ان المؤمنين العاملين هم في رعاية اللَّه وأمانه ، وكلمة رضوان اللَّه تغني عن الجميع : « ورضوان من اللَّه أكبر » ولكنه جل شأنه أراد التعظيم من شأنهم ، وترغيب عباده في الايمان والعمل الصالح .
___________________________
1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 20-21 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :
قوله تعالى : ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله﴾ الآية ، السقاية كالحكاية والجناية والنكاية مصدر يقال : سقى يسقي سقاية .
والسقاية أيضا الموضع الذي يسقى فيه الماء ، والإناء الذي يسقى به قال تعالى : ﴿جعل السقاية في رحل أخيه﴾ يوسف : 70 ، وقد رووا في الآثار أن سقاية الحاج كانت إحدى الشئونات الفاخرة والمآثر التي يباهى بها في الجاهلية ، وأن السقاية كانت حياضا من آدم على عهد قصي بن كلاب أحد أجداد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) توضع بفناء الكعبة ، ويستقى فيها الماء العذب من الآبار على الإبل ، ويسقي الحاج فجعل قصي أمر السقاية عند وفاته لابنه عبد مناف ولم يزل في ولده حتى ورثه العباس بن عبد المطلب .
وسقاية العباس هو الموضع الذي كان يسقى فيه الماء في الجاهلية والإسلام وهو في جهة الجنوب من زمزم بينهما أربعون ذراعا ، وقد بني عليه بناء هو المعروف اليوم بسقاية العباس .
والمراد بالسقاية في الآية - على أي حال - معناها المصدري وهو السقي ، ويؤيده مقابلتها في الآية عمارة المسجد الحرام والمراد بها المعنى المصدري قطعا بمعنى الشغل .
وقد قوبل في الآية سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام بمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله ، ولا معنى لدعوى المساواة بين الإنسان وبين عمل من الأعمال كالسقاية والعمارة أو نفيها فالمعادلة والمساواة إما بين عمل وعمل أو بين إنسان ذي عمل وإنسان ذي عمل .
ولذلك اضطر المفسرون إلى القول بأن تقدير الكلام : أجعلتم أهل سقاية الحاج وأهل عمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر حتى يستقيم السياق .
وأوجب منه النظر في قيود الكلام المأخوذة في الآية الكريمة فقد أخذ في أحد الجانبين سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام وحدهما من غير أي قيد زائد ، وفي الجانب الآخر الإيمان بالله واليوم الآخر والجهاد في سبيل الله وإن شئت فقل : الجهاد في سبيل الله مع اعتبار الإيمان معه .
وهو يدل على أن المراد : السقاية والعمارة خاليتين من الإيمان ، ويؤيده قوله تعالى في ذيل الآية : ﴿والله لا يهدي القوم الظالمين﴾ على تقدير كونه تعريضا لأهل السقاية والعمارة لا تعريضا لمن يسوى بينهما كما يتبادر من السياق .
وهذا يكشف أولا عن أن هؤلاء الذين كانوا يسوون بين كذا وكذا وبين كذا إنما كانوا يسوون بين عمل جاهلي خال عن الإيمان بالله واليوم الآخر كالسقاية والعمارة من غير أن يكون عن إيمان ، وبين عمل ديني عن إيمان بالله واليوم الآخر كالجهاد في سبيل الله عن إيمان ، أي كانوا يسوون بين جسد عمل لا حياة فيه وبين عمل حي طيب نفعه فأنكره الله عليهم .
وثانيا : أن هؤلاء المسوين كانوا من المؤمنين يسوون بين عمل من غير إيمان ، كان صدر عنهم قبل الإيمان أو صدر عن مشرك غيرهم ، وبين عمل صدر عن مؤمن بالله عن محض الإيمان حال إيمانه كما يشهد به سياق الإنكار وبيان الدرجات في الآيات .
بل يشعر بل يدل ذكر نفس السقاية والعمارة من غير ذكر صاحبهما على أن صاحبيهما كانا من أهل الإيمان عند التسوية فلم يذكرا حفظا لكرامتهما وهما مؤمنان حين الخطاب ووقاية لهما بالنظر إلى التعريض الظاهر الذي في آخر الآية من أن يسميا ظالمين .
بل يدل قوله تعالى في الآية التالية في مقام بيان أجر هؤلاء المجاهدين في سبيل الله عن إيمان : ﴿الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله﴾ على أن طرفي التسوية في قوله : ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن﴾ الآية كانا من أهل مكة ، وأن أهل أحد الطرفين وهو الذي آمن وجاهد كان ممن أسلم وهاجر ، وأهل الطرف الآخر أسلم ولم يهاجر فإن هذا هو الوجه في ذكره تعالى أولا الإيمان والجهاد في أحد الطرفين ثم إضافة الهجرة إلى ذلك عند ما أعيد ثانيا ، وقد ذكر تعالى السقاية والعمارة في الجانب الآخر ولم يزد على ذلك شيئا لا أولا ولا ثانيا فما هذه القيود بلاغية في قوله الفصل .
وهذا كله يؤيد ما ورد في سبب نزول الآية أن الآيات نزلت في العباس وشيبة وعلي (عليه السلام) حين تفاخروا فذكر العباس سقاية الحاج ، وشيبة عمارة المسجد الحرام ، وعلى الإيمان والجهاد في سبيل الله فنزلت الآيات وستجيء الرواية في البحث الروائي المتعلق بالآيات .
وكيف كان فالآية وما يتلوها من الآيات تبين أن الزنة والقيمة إنما هو للعمل إذا كان حيا بولوج روح الإيمان فيه وأما الجسد الخالي الذي لا روح فيه ولا حياة له فلا وزن له في ميزان الدين ولا قيمة له في سوق الحقائق فليس للمؤمنين أن يعتبروا مجرد هياكل الأعمال ، ويجعلوها ملاكات للفضل وأسبابا للقرب منه تعالى إلا بعد اعتبار حياتها بالإيمان والخلوص .
ومن هذه الجهة ترتبط الآية : ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام﴾ وما بعدها من الآيات بالآيتين اللتين قبلها : ﴿ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر﴾ إلى آخر الآيتين .
وبذلك كله يظهر أولا أن قوله : ﴿والله لا يهدي القوم الظالمين﴾ جملة حالية تبين وجه الإنكار لحكمهم بالمساواة في قوله : ﴿أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن﴾ الآية .
وثانيا : أن المراد بالظلم هو ما كانوا عليه من الشرك في حال السقاية والعمارة لا حكمهم بالمساواة بين السقاية والعمارة وبين الجهاد عن إيمان .
وثالثا : أن المراد نفي أن ينفعهم العمل ويهديهم إلى السعادة التي هي عظم الدرجة والفوز والرحمة والرضوان والجنة الخالدة .
قوله تعالى : ﴿الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم﴾ إلى آخر الآية بيان لحق الحكم الذي عند الله في المسألة بعد إنكار المساواة ، وهو أن الذي آمن وهاجر وجاهد في سبيل الله ما استطاع ببذل ما عنده من مال ونفس ، أعظم درجة عند الله وإنما عبر في صورة الجمع - الذين آمنوا إلخ - إشارة إلى أن ملاك الفصل هو الوصف دون الشخص .
وما تقدم من دلالة الكلام على أن الأعمال من غير إيمان بالله لا فضل لها ولا درجة لصاحبها عند الله ، قرينة على أن ليس المراد بالقياس الذي يدل عليه أفعل التفضيل في قوله : ﴿أعظم درجة﴾ إلخ هو أن بين الفريقين اشتراكا في الدرجات غير أن درجة من جاهد عن إيمان أعظم ممن سقى وعمر .
بل المراد بيان أن النسبة بينهما نسبة الأفضل إلى من لا فضل له كالمقايسة المأخوذة بين الأكثر والأقل فإنها تستدعي وجود حد متوسط بينهما يقاسان إليه فهناك ثلاثة أمور أمر متوسط يؤخذ مقياسا معدلا وآخر يكون أكثر منه ، وآخر يكون أقل منه فإذا قيس الأكثر من الأقل كان الأكثر مقيسا إلى ما لا كثرة فيه أصلا .
فقوله : ﴿أعظم درجة عند الله﴾ أي بالقياس إلى هؤلاء الذين لا درجة لهم أصلا ، وهذا نوع من الكناية عن أن لا نسبة حقيقة بين الفريقين لأن أحدهما ذو قدم رفيع فيما لا قدم للآخر فيه أصلا .
ويدل على ذلك أيضا قوله : ﴿وأولئك هم الفائزون﴾ بما يدل على انحصار الفوز فيهم وثبوتها لهم على نهج الاستقرار .
قوله تعالى : ﴿يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات﴾ إلى آخر الآيتين ظاهر السياق أن ما يعده من الفضل في حقهم بيان وتفصيل لما ذكر في الآية السابقة من فوزهم جيء به بلسان التبشير .
فالمعنى ﴿يبشرهم﴾ أي هؤلاء المؤمنين ﴿ربهم برحمة منه﴾ عظيمة لا يقدر قدرها ﴿ورضوان﴾ كذلك ﴿و جنات لهم فيها﴾ في تلك الجنات ﴿نعيم مقيم﴾ لا يزول ولا ينفد حالكونهم ﴿خالدين فيها أبدا﴾ لا ينقطع خلودهم بأجل ولا أمد .
ثم لما كان المقام مقام التعجب والاستبعاد لكونها بشارة بأمر عظيم لم يعهد في ما نشاهده من أنواع النعيم الذي في الدنيا ، رفع الاستبعاد بقوله : ﴿إن الله عنده أجر عظيم﴾ .
____________________________
1 . تفسير الميزان ، ج9 ، ص 168-171 .
تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :
مقياس الفخر والفضل :
فالآية الأولى من هذه الآيات تقول : {أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ وجاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ واللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .
«السقاية» لها معنى مصدري وهو إيصال الماء للآخرين ، وكما تعني المكيال ، كما جاء في الآية 70 من سورة يوسف {فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهازِهِمْ جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ} وتعني الإناء الكبير أو الحوض الذي يصب فيه الماء.
وكان في المسجد الحرام بين بئر زمزم والكعبة محل يوضع فيه الماء يدعى ب «سقاية العباس» وكان معروفا آنئذ ، ويبدو أنّ هناك إناء كبيرا فيه ماء يستقى منه الحاج يومئذ.
ويحدثنا التأريخ أنّ منصب «سقاية الحاج» قبل الإسلام كان من أهل المناصب ، وكان يضاهي منصب سدانة الكعبة ، وكانت حاجة الحاج الماسة في أيّام الحج إلى الماء في تلك الأرض القاحلة اليابسة المرمضة «2» التي يقل فيها الماء ، وجوّها حار أغلب أيّام السنة ، وكانت هذه الحاجة الماسة تولي موضوع «سقاية الحاج» أهميّة خاصّة ، ومن كان مشرفا على السقاية كان يتمتع بمنزلة اجتماعية نادرة ، لأنّه كان يقدم للحاج خدمة حياتية .
وكذلك «عمارة المسجد الحرام» أو سدانته ورعايته ، كان لها أهميته الخاصّة ، لأنّ المسجد الحرام حتى في زمن الجاهلية كان يعدّ مركزا دينيا ، فكان المتصدي لعمارة المسجد أو سدانته محترما .
ومع كل ذلك فإنّ القرآن يصّرح بأنّ الإيمان باللّه وباليوم الآخر والجهاد في سبيل اللّه أفضل من جميع تلك الأعمال وأشرف .
أمّا الآية التالية فتوضح ما أجملته الآية السابقة وتؤكّده بالقول : {الَّذِينَ آمَنُوا وهاجَرُوا وجاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وأُولئِكَ هُمُ الْفائِزُونَ} .
وأمّا الآية الثّالثة- من الآيات محل البحث- فتقول : إنّ اللّه أنعم على المؤمنين والمهاجرون والمجاهدين في سبيله ثلاث مواهب هي :
1- {يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ} .
2- {ورِضْوانٍ} .
23- {وجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ} .
وتعقب الآية الأخيرة لمزيد التوكيد بالقول {خالِدِينَ فِيها أَبَداً إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} .
___________________________
1. تفسير الأمثل ، ج5 ، ص 174-175 .
2. «المرمضة» مشتقة من «الإرماض» أي شديدة الحر ، والأرض الرمضاء كذلك : شدية الحر.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|