أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-3-2016
2737
التاريخ: 20-3-2017
3792
التاريخ: 22-3-2016
3261
التاريخ: 18-4-2017
12719
|
لا تثير الجريمة المنظمة أي مشاكل قانونية إذا كانت تتم داخل حدود الدولة الواحدة أما إذا تجاوزت هذه الحدود، بأن كانت أنشطتها ترتكب في أكثر من دولة، فإن ذلك سيؤدي حتما إلى وقوع مشاكل متعددة، منها تحديد القانون الواجب التطبيق من بين مجموعة القوانين الجزائية للدول التي ارتكبت هذه الجريمة في ظلها(1) ورغم ما شهده المجتمع الدولي في الحقبة الأخيرة، من حدوث العديد من التحولات الجذرية في جميع المجالات، امتد تأثيرها المباشر وغير المباشر إلى نسج النظام العالمي وخاصة في مجال العلاقات الدولية التي عرفت تطورا كبيرا، بلغ حجم من السرعة فاق ما هو متوقع(2)، إلا أن فكرة السيادة بقيت قابعة على الاختصاص القضائي بالنظر في الجريمة الداخلية، الذي يعد من النقاط ذات الحساسية المفرطة بالنسبة للدول(3)، وهو ما يؤثر على مسألة الولاية القضائية في النظر في الجريمة المنظمة العابرة للحدود. قد يقع تنازع في الاختصاص القضائي بين جهتين قضائيتين تابعين لدولتين مختلفتين أين يوصف هذا التنازع بأنه خارجي، ذلك إما بسبب اختلاف التشريعات الجزائية في تحديد المقصود بمبدأ إقليمية القوانين، أو بسبب اعتناق المبادئ التي تسمح بتمديد الاختصاص للنظر في الجرائم الواقعة خارج إقليم الدولة، كما قد يقع بسبب الاختلاف في تحديد المقصود بالأفعال التنفيذية ومكان وقوعها، خصوصا في الجرائم المستمرة والمتتابعة (4) وبطبيعة الحال، فإن الجريمة المنظمة العابرة للحدود تعد واحدة من أهم الجرائم التي يمكن أن يترتب عليها تنازع في الاختصاص بين دولتين فأكثر نظرا للخصائص المميزة لهذه الجريمة، فهي تضم عدة أشخاص من جنسيات مختلفة، في الغالب، وتهدف إلى ارتكاب أنشطة إجرامية في أكثر من إقليم دولة واحدة أو على الأقل أنّ آثارها تتجاوز هذا الإقليم.
وما يزيد في حدة التنازع القضائي بين الدول مشكلة تطويع النصوص القانونية المجسدة لقواعد الاختصاص القضائي التي تعمل على تكريس المحلية والتقوقع في دائرة الإقليم، بالتحوط من أن تمتد قوانين لم تصدر عن الدولة إلى داخل إقليمها، مع افتقار القوانين الداخلية إلى المرونة التامة لمعالجة المسائل الدولية من حيث السماح لقوانين أخرى ولو كانت دولية بأن تمتد إلى إقليمها الداخلي، إضافة إلى اختلاف تشريعات الدول فيما بينها في تأسيس اختصاصها القضائي، من خلال تنوع المبادئ التي تحكم هذا الاختصاص من مبدأ الإقليمية أو مبدأ العينية أو مبدأ الشخصية (5) .
كما أن تنازع الاختصاص بين الدول في مجال الجريمة المنظمة العابرة للحدود يؤدي إلى المساس بمصالح المتهمين وبحقوقهم، ذلك نظرا لما يترتب عليه من ازدواجية المحاكمة والعقوبة(6)، خاصة في حالة تمسك كل دولة بأحقيتها في ملاحقة المتهمين، على أساس مراعاة مصالحها التي تم المساس بها أو تهديدها من قبل هؤلاء الأشخاص(7) وعليه، يمكن القول أنه من المتصور أن ينعقد الاختصاص بالنظر أو الفصل في الجريمة المنظمة العابرة للحدود إلى جهات قضائية في أكثر من دولة واحدة، وفقا لقوانينها الداخلية، وهو ما يتطلب ضرورة اتساق الخطة المتبعة من قبل الدول في مواجهة هذه الجريمة، وهذا ما أشارت إليه اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة هذه الجريمة، التي نصت على أنه " إذا أبلغت الدولة الطرف التي تمارس ولايتها القضائية بمقتضى الفقرة 1 و 2 من هذه المادة، أو علمت بطريقة أخرى، أن دولة أو أكثر من الدول الأطراف الأخرى تجري تحقيقها أو تقوم بملاحقة قضائية أو تتخذ إجراء قضائيا بشأن السلوك ذاته، تتشاور السلطات المختصة في هذه الدول الأطراف فيما بينها، حسب الاقتضاء، بهدف تنسيق ما تتخذه من تدابير " (8)
كما حاولت بعض الدول احترام المبدأ الذي يقضي بعدم جواز محاكمة الشخص عن فعل واحد مرتين، باعتباره حق من حقوق الإنسان، كما هو الحال في مصر، إذ نص قانون العقوبات بشأن القيود التي ترد على الدعاوى الجزائية الناشئة عن جريمة وقعت في الخارج على أنه" لا تجوز إقامة الدعوى العمومية على مرتكب الجريمة في الخارج، إذا ثبت أن المحاكم الأجنبية براته مما أسند إليه أو أّنها حكمت عليه نهائيا واستوفى عقوبته " (9) .
يلاحظ من خلال ماسبق، أن الانسجام بين الدول في مجال الولاية القضائية للنظر في الجريمة المنظمة العابرة للحدود، لا يؤدي إلى احترام حقوق المتهمين فحسب، بل يضمن فعالية أكبر في مجال مكافحة هذه الجريمة، خصوصا وأن الجماعات الإجرامية تتعمد عدم تركيز نشاطها في منطقة معينة في الغالب، وهو ما يؤدي إلى تشتيت أدلة الإثبات القائمة ضدها في أكثر من إقليم دولة واحدة، وبالتالي فإنّ عدم التنسيق قد يؤدي إلى إفلات أعضاء الجماعات التي تضلع بهذا النوع من الإجرام من العقاب، وذلك لعدم كفاية الأدلة المتوافرة أمام قضاء أي دولة في الإدانة.
_____________________
1- كوركيس يوسف داود، الجريمة المنظمة، ط الأولى، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان الأردن، سنة 2001. ص 51 .
2- عثامنية لخميسي، عولمة التجريم والعقاب، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر، سنة 2008 ص 60 .
3- محمد عبد الله حسين العاقل، النظام القانوني الدولي للجريمة المنظمة عبر الدول، دراسة نظرية تطبيقية، دار النهضة العربية، القاهرة مصر، سنة 2010 . ص 315
4- رؤوف عبيد، مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري، ط الأولى، مكتبة الوفاء القانونية، الإسكندرية مصر سنة 2015 ص 736 .
5- فاطمة محمد العطوي، الإشكاليات التي يثيرها التعاون الدولي في المواد الجنائية، ط الأولى، دار النهضة العربية القاهرة مصر، سنة 2013. ص 244 .
6- هدى حامد قشقوش، الجريمة المنظمة، ط الأولى، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان الأردن سنة 2001 ص 79 .
7- محمد عبد الله حسين عاقل، مرجع نفسه. ص 318 .
8- المادة 15 ف 5 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.
9- المادة 4 من ق. ع. م
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|