أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-04-17
999
التاريخ: 2024-02-19
1071
التاريخ: 4-05-2015
2822
التاريخ: 5-05-2015
1917
|
هنا يأتي السؤال التالي : متى نقرأ النصّ قراءة محدودة بخصوصيّة المقام ، ومتى يمكننا
قراءته مرة أخرى في ضوء ما يتيحه الخطاب اللغوي من أفق غير محدود يقاس على أي مقام
مشابه ، ولأيّ مخاطبين محتملين في قادم الزمان ؟ وهل يمكن اعتبار الخطاب القرآني
خطابا مفتوحا قابلا لعدد غير محدود من القراءات ضمن ضوابط هذا الكتاب الكريم؟ ولن
نجيب على هذه الأسئلة الكبيرة إلّا في ضوء ما أسعفنا به المفسّرون في قراءاتهم
المختلفة لسورة البقرة.
وعن هذا الموضوع يحدّثنا الزمخشري في تفسيره
للآية { إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ
عَلَيْهِمْ ..} قال : " والتعريف يجوز أن يكون للعهد ، وأن يراد بهم ناس
بأعيانهم كأبي لهب وأبي جهل والوليد .. وأضرابهم ، وأن يكون للجنس متناولا كلّ من
صمم على كفره تصميما لا يرعوى بعده ، وغيرهم" «1». ومنه كذلك لدى الزمخشري قوله معقّبا على
إحدى الآيات" فإن قلت : لا يخلو الأمر بالعبادة ، من أن يكون متوجّها إلى
المؤمنين والكافرين جميعا ، أو إلى كفّار مكّة خاصة ..." «2». وفي موضع آخر في شرح الآية (21) يقول :
" فإن قلت كما خلق المخاطبين لعلّهم يتّقون ، فكذلك خلق الذين من قبلهم لذلك
، فلم قصره عليهم دون من قبلهم؟ قلت لم يقصره عليهم. ولكن غلب المخاطبون على
الغائبين في اللفظ والمعنى" «3».
وفي تفسير الزمخشري للآية (25) { وبَشِّرِ} قلت : يجوز أن يكون رسول اللّه- صلى اللّه عليه وآله وسلّم- وأن
يكون كلّ أحد كما قال عليه السلام : بشّر المشّائين إلى المساجد في الظلم بالنور
التامّ يوم القيامة". لم يأمر بذلك واحدا بعينه وإنّما كلّ أحد مأمور به ، وهذا
الوجه أحسن وأجزل ..." «4».
وعند
الطبري مثال آخر إذ إنّه في تفسيره للآية {وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا
تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ ..} آية (10). قال (نزلت في المنافقين الذين كانوا على عهد رسول اللّه ، وإن
كان معنيّا بها كلّ من كان بمثل صفتهم من المنافقين بعدهم إلى يوم القيامة" «5». ومنه عند الطبري كذلك في تفسير الآية (22) {وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ}. وأنّه يعني بذلك كلّ مكلّف
عالم بوحدانية اللّه وأنّه لا شريك له في خلقه يشرك معه في عبادته غيره ، كائنا من
كان من الناس عربيّا كان أو أعجميّا. كاتبا أو أميّا ، وإن كان الخطاب لكفّار أهل
الكتاب ، الذين كانوا حوالي دار هجرة رسول اللّه- صلى اللّه عليه وآله وسلّم- وأهل
النفاق منهم وممّن بين ظهرانيهم ممّن كان مشركا ، فانتقل إلى النفاق بمقدم رسول
اللّه- صلى اللّه عليه وآله وسلّم" «6».
وفي تعقيب الطبري على تفسير الآية { ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} قال : " والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال : إنّ اللّه جلّ
ثناؤه أمر الذين آمنوا بالدخول في العمل بشرائع الإسلام كلّها ، وقد يدخل في الذين
آمنوا المصدّقون بمحمّد- صلى اللّه عليه وآله وسلّم - وبما جاء به ، والمصدّقون
بمن قبله من الأنبياء والرسل وما جاءوا وقد دعا اللّه عزّ وجل كلا الفريقين إلى
العمل بشرائع الإسلام وحدوده ، والمحافظة على فرائضه التي فرضها ، ونهاهم عن تضييع
شيء من ذلك ، فالآية عامّة لكلّ من شمله اسم الإيمان فلا وجه لخصوص بعض بها دون
بعض" «7».
وبعد أن يذكر الطبري سبب نزول الآية (204)
في الأخنس بن شريق يقول :
"
وقيل هو عامّ في المنافقين الذين تحلو ألسنتهم ، وقلوبهم أمرّ من الصبر" «8». وفي موضع آخر يقول الطبري : " وهذا وإن كان من اللّه جلّ
ثناؤه خبرا عن إبليس فإنّه تقريع لضربائه من خلق اللّه ، الذين يتكبّرون عن الخضوع
لأمر اللّه ، والانقياد لطاعته فيما أمرهم به وفيما نهاهم عنه " «9».
وفي تعليقه على الآية { أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ
عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} قال بعد شرح طويل : ابتدأ أوّل الآية بخطاب النبي- صلى اللّه عليه
وآله وسلّم- بقوله : { أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ
لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ} لأنّ المراد بذلك الذين وصفت أمرهم من أصحابه ، والمقصود به جميعهم ،
وذلك من كلام العرب مستفيض بينهم فصيح؛ أن يخرج المتكلّم كلامه على وجه الخطاب منه
لبعض الناس وهو قاصد به غيره ، وعلى وجه الخطاب لواحد وهو يقصد به جماعة غيره ، أو
جماعة والمخاطب به أحدهم ، وعلى وجه الخطاب للجماعة والمقصود به أحدهم" «10».
ومن ذلك قوله {يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ
اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وَالْمُنافِقِينَ} ثم قال :
{وَاتَّبِعْ ما يُوحى إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ
إِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرا}. فكذلك الآية {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ
عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} ، وإن كان ظاهر الكلام على وجه الخطاب للنبيّ- صلى اللّه عليه وآله وسلّم-
فإنّه مقصود به قصد أصحابه وذلك بيّن بدلالة قوله {وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ
مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ}. { أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا
رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ } «11». لقد قلنا إنّ المفسّرين كانوا دائما
يتمثّلون المقام الذي تنزّل فيه الخطاب القرآني. وكانوا يستعينون بذلك المقام في
توضيح ملابسات ذلك الخطاب. ولكنّهم كثيرا ما يعلنون بعد تفسير الآية أو الآيات
إمكانيّة قراءتها قراءة أعمّ وأشمل ، لتصبح معبّرة عن كلّ حالة مشابهة ، وهم بهذا
يوافقون أصحاب كتب علوم القرآن في قاعدتهم الشهيرة : " العبرة بعموم اللّفظ
لا بخصوص سبب النزول".
________________
(1) الكشاف ، 1/ 47.
(2) نفسه ، 1/ 90.
(3) نفسه ، 1/ 93.
(4) نفسه ، 1/ 104.
(5) تفسير الطبري ، 1/ 112.
(6) نفسه ، 1/ 137.
(7) نفسه ، 1/ 565.
(8) نفسه ، 1/ 250.
(9) نفسه ، 1/ 171.
(10) تفسير الطبري ، 1/ 186.
(11) نفسه ، 1/ 335.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|