ما هي الاستراتيجية؟

لعل — المهم أن نتحدث من البداية، وقبل تناول موضوع التخطيط الاستراتيجي Strategie Planning تفصيلا، عن الاستراتيجية في ذاتها كمصطلح وكأساس يقوم عليه العمل في كل مؤسسة إعلامية أو اقتصادية، أو تربوية أو اجتماعية، أو ثقافية. . وغير ذلك كثير. . . ولنا أن نقول في هذا الإطار «أن الاستراتيجية في أساسها مصطلح عكري مشتق من كلمة [ستراتيجوس] Strategos، وهي بمعنى [قائد]. والمصطلح في الاعمال الحرية هو الخطة العامة التي توضع لإحراز أهداف Targets من منطلق خطة عامة لحملة عسكرية كاملة(1).

وانطلاقا من هذا المفهوم، فإننا نجد أن [الاستراتيجية] عبارة عن مجموعة المبادئ التي تحكم العمل المستقبلي من أجل تنفيذ خطة لتحقيق أهداف بعينها تم تحديدها مسبقا على أساس هذه [الاستراتيجية]. أو هذه المبادئ التي نعتبرها [ثوابت] يقوم عليها عمل متقبلي.

* السياسة والخطة:

ولنا أن نقول أن هناك سياسة محددة تنبثق عن الاستراتيجية أو لمجموعه المبادئ والثوابت، ويبدو هذا أوضح ما يكون عندما نتحدث عن [الاستراتيجية الإعلامية] والسياسة الإعلامية؛ ثم الخطط التنفيذية الإعلامية التي تقوم على أساس مجموعة مراحل أو برامج، وحول ذلك نقول إنه: امن غير المنطقي أن يأتي أحد صناع القرار في أي جهاز إداري ويقول [هيا نخطط] أو [هيا نفع “خطة إعلامية] منطلقين من اللاشيء وإذا حدث هذا فإن النتيجة متكون [اللامعنى] و[اللاشيء] معا(2). بينما البداية الصحيحة دائما. هي الانطلاق مما نطلق عليه الاستراتيجية العليا الاساسية،، واعلى أساس هذه الاستراتيجية أي مجموعة المبادئ والثوابت، يتم رسم السياسة الواجب اتباعها والتي تبنى عليها الخطط ثم البرامج التي تثمل المراحل التنفيذية بالضرورة(3) .

أما السياسة نفسها، وطبقا للخطوط العامة لهذه الدراسة، فهي بمثابة نظام عمل وقواعد وتصور ملزم يرممه من نطلق عليهم صناع القرار Decision makers، أو واضعي السياسة Policy mrakers، وهي بذلك «نواعد تتعلق بأسلوب معين للعمل تم اختياره بعد استعراض كافة البدائل الممكنة، فقد تعطي معنى برنامج مفتوح لتحقيق بعض الاهداف، أو القيم المرغوبة، أما عملية وضح المياسة فهي عبارة عن صياغة هذا البرنامج أو مجموعة البرامج، ووضعها موضع التنفيذ)(4).

وإذا رجعنا للمقصود بمصطلح [سياسة] Policy، فإننا نجد أن الكلمة مشتقة من الفعل [ماس - يسوس - وماس الامر]. أي قام به،(5). وهي بذلك أسلوب عمل.

أما السياسة بمفهومها العام، فهي تعني «استصلاح الخنق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في العاجل والآجل. أما في العلوم السياسية، فإن المصطلح يعني [فن الحكم] وإدارة أعمال الدولة الداخلية والخارجية،(6).

وفي ذات الإطار، نتحدث عن النظام اليامي ونقول : «إنه عبارة عن القواعد العامة التي تحدد نظام الحكم، وعلاقة الفرد بالقوى الحاكمة، وعلاقة القوى الحاكمة بالفرد، أي العلاقة بين الحاكم والمحكوم، كما يتحدد ثكل الدولة على أساس نظام الحكم وممارسات السلطة، والصلاحيات المخولة للقوى الحاكمة طبقا للدستور القائم أو طبقا للأعراف السائدة أو ما فرضته القوى الحاكمة»(7).

وهكذا نخلص إلى القول بأنه لا بد من وجود استراتيجية ترسم على أساسها السياسة التي توضع على أساسها الخطط، فمن الاستراتيجية تخرج دائما السياسة، فإذا كنا نجد سياسة سكانية، وسياسة تعليمية، وسياسة مائية، وسياسة زراعية، وسياسة اقتصادية، وسياسة إعلامية، فلا بد أن توضع الخطط على أسا س أي من هذه السياسات.

ولنضرب لكل ذلك مثلا بقضية [مياه الشرب؛ والتعامل معها من ناحية توفيرها وتنقيتها وجعلها صالحة للشرب ثم توزيعها على المستهلكين . وفي .هذا الإطار يمكن تحديد الاستراتيجية والسياسة وصولا إلى الخطة كما يلي:

أولا: في حالة توفير مياه الشرب النقية يتضح ما يلي:

١— الاستراتيجية:

لكل مواطن الحق في الحصول على قدر كاف من المياه الصالحة للشرب والاستخدام الآدمي.

٢- السياسة المائية:

العمل على توفير المياه النقية الكافية للتوزع على جمع المواطنين.

٣- الخطة أو الخطط التنفيذية:

وضع خطة أو خطط لإقامة مشروعات مائية يتم تنفيذها على مراحل، زمنية محددة وتوفير الإمكانيات المادية والمالية الكافية والعناصر البشرية المنفذة. مع إقامة نظام خاص يتوزع المياه القية على جماهير المستهلكين.

ثانيا: في مجال التعليم الاساسي يتضح ما يلي:

١- الاستراتيجية:

لكل طفل الحق في الحصول على الحد الأدنى من التعليم هو التعليم الاساسي المجاني.

٢. السياسة التعليمية:

ضرورة العمل على توفير العدد الكافي من المدارس الخاصة بالتعليم الاساسي لاستيعاب الاطفال في سن الإلزام.

٣- الخطة أو الخطوة التنفيذية:

إنشاء عدد (كذا) مدرسة في كل مدينة وقرية تكفي لاستيعاب جميع الاطفال الملزمين طبقا لمراحل زمنية محددة مع توفير مبلغ . . . (كذا) من أجل تحقيق هذا الهدف الاستراتيجي.

. .. وبهذا يمكن أن نطلق على هذا الشكل من أشكال التخطيط القائم على الاستراتيجية والسياسة والخطة بأنه تخطيط استراتيجي لمدى طويل لا يتعرض للتغيير والتبديل في المدى القصير .

ـــــــــــــــــــــ

1. الموسوعة العربية الميسرة – مؤسسة فرانكلين ودار القلم – الطبعة الاولى، 1964، القاهرة.
2. عبد المجيد شكري - الاتصال الاعلامي راسية - آمال المستقبل وتحديات قرن جديد، دار العربي لنشر، ه١٩٩م، القاهرة.
3. المرجع السابق.
4. المرجع السابق.
5. المنجد - دار الشرق - المكتبة الشرقية - الطبعة السابعة عثر - بيروت - لبنان.
6. المرجع السابق.
7. عصت عبد الفتاح الشيخ (د): النظم السياسية — الطبعة الثانية — كلية الحقوق - جامعة حلوان، ١٩٩٥، حلوان.