أقرأ أيضاً
التاريخ: 6-5-2019
30043
التاريخ: 19-6-2019
4224
التاريخ: 7-5-2019
3440
التاريخ: 8-5-2019
12445
|
قال تعالى : {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (59) قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (60) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (62) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (63) فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ} [الأعراف : 59 - 64] .
لما بين سبحانه الأدلة على وحدانيته ، ذكر بعده حال من عاند وكذب رسله ، تسلية لنبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ، وتثبيتا له على احتمال الأذى من قومه ، وتحذيرا لهم عن الاقتداء بأولئك ، فينزل بهم ما نزل بهم ، وابتدأ بقصة نوح ، فقال : {لقد أرسلنا نوحا إلى قومه} : اللام للقسم ، وقد تأكيد للكلام ، وتقديره حقا أقول : إنا حملنا نوحا الرسالة إلى قومه . وتحميل الرسالة : تكليفه القيام بها ، وهي منزلة جليلة شريفة ، يستحق الرسول بتقبله إياها ، وقيامه بأعبائها من التعظيم والإجلال ، ما لا يستحق بغيره .
وهو نوح بن ملك بن متوشلخ بن أخنوخ النبي ، وهو إدريس عليه السلام ، وهو أول نبي بعد إدريس . وقيل : إنه كان نجارا ، وولد في العام الذي مات فيه آدم عليه السلام قبل موت آدم في الألف الأولى . وبعث في الألف الثانية ، وهو ابن أربعمائة . وقيل :
بعث وهو ابن خمسين سنة ، ولبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما . وكان في تلك الألف ثلاثة قرون عايشهم وعمر فيهم ، وكان يدعوهم ليلا ونهارا ، فلا يزيدهم دعاؤه إلا فرارا ، وكان يضربه قومه حتى يغشى عليه ، فإذا أفاق قال : اللهم اهد قومي ، فإنهم لا يعلمون ثم شكاهم إلى الله تعالى ، ففرغت له الدنيا ، وعاش بعد ذلك تسعين سنة ، وروي أكثر من ذلك أيضا .
{فقال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} : أخبر سبحانه أنه أمرهم بعبادة الله وحده ، لأنه لا إله لهم غيره ، ولا معبود لهم سواه ، ثم أوعدهم على مخالفته فقال {إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم} إنما قال أخاف ، ولم يقطع ، لأنه جوز أن يؤمنوا . ثم ذكر سبحانه جوابهم ، فقال : {قال الملأ من قومه} أي : الجماعة من قومه ، عن الجبائي . وقيل : الأشراف والرؤساء الذين يملأون الصدور هيبا وجمالا ، عن أبي مسلم {إنا لنراك في ضلال مبين} قيل : معناه رؤية القلب الذي هو العلم ، أي : إنا لنعلمك في ذهاب من الحق بين ظاهر ، لدعائك إيانا إلى ترك عبادة الأصنام . وقيل : معناه رؤية البصر أي : نراك بأبصارنا على هذه الحال . وقيل : إنه من الرأي الذي هو غالب الظن ، فكأنه قال : إنا لنظنك .
{قال يا قوم ليس بي ضلالة} هذا إخبار عما أجابهم به نوح عليه السلام أي : ليس بي عدول عن الحق ، ولا ذهاب عن الصواب ، يقال : به ضلالة ، لأن معناه عرض به ذاك ، كما يقال به جنة ، ولا يجوز أن يقال : به معرفة ، لأنها ليست مما يعرض لصاحبها ، ولكن يصح أن يقال : به جوع ، وبه عطش {ولكني رسول من رب العالمين} الذي يملك كل شيء {أبلغكم رسالات ربي} أي : أؤدي إليكم ما حملني ربي من الرسالات .
{وأنصح لكم} في تبليغ الرسالة على وجهها ، من غير تغيير ، ولا زيادة ، ولا نقصان ، {وأعلم من الله} أي : من صفات الله وتوحيده ، وعدله ، وحكمته {ما لا تعلمون} وقيل : أعلم من دين الله . وقيل : أعلم من قدرته وسلطانه ، وشدة عقابه ، ما لا تعلمونه ، والكل محتمل . وقيل : إنما قال ذلك لأن قوم نوح لم يسمعوا قط أن الله سبحانه ، عذب قوما ، وقد سمعت الأمم بعدهم هلاك من قبلهم ، ألا ترى أن هودا قال : {جعلكم خلفاء من بعد نوح} وقال شعيب : {مثل ما أصاب نوح} {أو عجبتم} هذه همزة استفهام دخلت على واو العطف ، على جهة الانكار ، فبقيت الواو مفتوحة ، كما كانت . فالكلام مستأنف من وجه متصل من وجه .
{أن جاركم ذكر} أي : لأن جاءكم بيان ، وقيل : نبوة ورسالة {من ربكم على رجل منكم لينذركم} أي على بشر مثلكم ليخوفكم العقاب إن لم تؤمنوا ، وقيل : إن {على} هنا بمعنى مع أي : مع رجل منكم تعرفون مولده ومنشأه ، ليعلمكم بموضع المخافة ، وإنما أنكر عليهم التعجب ، لأنه ليس في إرساله إليهم ، ليرشدهم إلى ما فيه صلاحهم ، موضع تعجب . وإنما العجب من إهمال أمرهم ، كيف ووجوب الرسالة إذا كان للخلق فيها مصلحة أمر قد اقتضته الحكمة ، ودل عليه العقل .
{ولتتقوا} أي : ولتتقوا الشرك والمعاصي {ولعلكم ترحمون} أي : ولكي ترحموا . وقال الحسن : ولتتقوه رجاء أن يرحمكم {فكذبوه} أي : فكذبوا نوحا فيما دعاهم إليه {فأنجيناه والذين معه في الفلك} أي : فخلصناه والذين كانوا معه في السفينة ، وهم المؤمنون من عذاب الغرق {وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا} أي : وأهلكنا الذين كذبوا بدلائلنا بالماء {إنهم كانوا قوما عمين} عن الحق أي : ذاهبين عنه ، جاهلين به . يقال : رجل عم : إذا كان أعمى القلب . ورجل أعمى في البصر ، قال زهير :
(ولكنني عن علم ما في غد عمي) (2)
قصة نوح عليه السلام : قد ذكرنا نسبه ، وكان من قصته ما رواه الشيخ أبو جعفر بن بابويه ، بإسناده في كتاب النبوة مرفوعا إلى أبي عبد الله عليه السلام قال :
لما بعث الله عز وجل نوحا ، دعا قومه علانية ، فلما سمع عقب هبة الله بن آدم من نوح ، تصديق ما في أيديهم من العلم ، وعرفوا أن العلم الذي في أيديهم ، هو العلم الذي جاء به نوح ، صدقوه وسلموا له .
فأما ولد قابيل فإنهم كذبوه ، وقالوا : إن الجن كانوا قبلنا ، فبعث الله إليهم ملكا ، فلو أراد أن يبعث إلينا لبعث ملكا من الملائكة .
حنان بن سدير ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : آمن مع نوح من قومه ثمانية نفر .
وفي حديث وهب بن منبه : إن نوحا عليه السلام كان أول نبي نبأه الله ، عز وجل ، بعد إدريس . وكان إلى الأدمة ما هو دقيق الوجه ، في رأسه طول ، عظيم العينين ، دقيق الساقين ، طويلا ، جسيما ، دعا قومه إلى الله حتى انقرضت ثلاثة قرون منهم ، كل قرن ثلاثمائة سنة ، يدعوهم سرا وجهرا ، فلا يزدادون إلا طغيانا ، ولا يأتي منهم قرن ، إلا كان أعتى على الله من الذين قبلهم .
وكان الرجل منهم يأتي بابنه وهو صغير ، فيقيمه على رأس نوح ، فيقول : يا بني إن بقيت بعدي ، فلا تطيعن هذا المجنون . وكانوا يثورون إلى نوح ، فيضربونه حتى يسيل مسامعه دما ، وحتى لا يعقل شيئا مما يصنع به ، فيحمل فيرمى به في بيت ، أو على باب داره . مغشيا عليه .
فأوحى الله تعالى إليه : إنه لن يؤمن من قومك إلا من آمن . فعندها أقبل على الدعاء عليهم ، ولم يكن دعا عليهم قبل ذلك ، فقال : {رب لا تذر على الأرض} إلى آخر السورة .
فأعقم الله تعالى أصلاب الرجال ، وأرحام النساء ، ولبثوا أربعين سنة ، لا يولد لهم ولد ، وقحطوا في تلك الأربعين سنة حتى هلكت أموالهم ، وأصابهم الجهد والبلاء ، ثم قال لهم نوح : {استغفروا ربكم إنه كان غفارا} الآيات ، فأعذر إليهم ، وأنذر ، فلم يزدادوا إلا كفرا .
فلما يئس منهم ، أقصر عن كلامهم ، ودعائهم ، فلم يؤمنوا وقالوا : {لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا} الآية . يعنون آلهتهم ، حتى غرقهم الله وآلهتهم التي كانوا يعبدونها .
فلما كان بعد خروج نوح من السفينة ، وعبد الناس الأصنام ، سموا أصنامهم أصنام قوم نوح ، فاتخذ أهل اليمن يغوث ويعوق ، وأهل دومة الجندل صنما سموه ودا ، واتخذت حمير صنما سمته نسرا ، وهذيل صنما سموه سواعا ، فلم يزالوا يعبدونها حتى جاء الاسلام .
وسنذكر قصة السفينة والغرق في سورة هود إن شاء الله تعالى .
وروى الشيخ أبو جعفر بن بابويه ، عن علي بن أحمد بن موسى ، قال : حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي ، قال : حدثنا سهل بن زياد الأدمي ، قال : حدثنا عبد العظيم بن عبد الله الحسني ، قال : سمعت علي بن محمد عليه السلام يقول : عاش نوح عليه السلام ألفين وخمسمائة سنة ، وكان يوما في السفينة نائما ، فهبت ريح فكشفت عورته ، فضحك حام ويافث ، وزجرهما سام ، ونهاهم عن الضحك ، وكان كلما غطى سام ما يكشفه الريح ، كشفه حام ويافث .
فانتبه نوح فرآهم يضحكون ، فقال : ما هذا؟ فأخبره سام بما كان ، فرفع نوح يده إلى السماء يدعو ، فقال : اللهم غير ماء صلب حام ، حتى لا يولد له إلا السودان . اللهم غير ماء صلب يافث ، فغير الله ماء صلبيهما ، فجميع السودان من صلب حام حيث كانوا ، وجميع الترك ، والسقلاب ، ويأجوج ، ومأجوج ، والصين من يافث . وجميع البيض سواهم من سام .
وقال نوح لحام ويافث : جعل الله ذريتكما خولا (3) لذرية سام إلى يوم القيامة ، لأنه بر بي وعققتماني ، فلا زالت سمة عقوقكما لي في ذريتكما ظاهرة ، وسمة البر بي في ذرية سام ظاهرة ، ما بقيت الدنيا .
قال الشيخ أبو جعفر بن بابويه القمي ، رحمه الله : ذكر يافث في هذا الخبر غريب لم أروه إلا من هذا الطريق ، وجميع الأخبار التي رويتها في هذا المعنى ، فيها ذكر حام وحده ، وأنه ضحك لما انكشفت عورة أبيه ، وإن ساما ويافث ، كانا في ناحية ، فبلغهما ما صنع ، فأقبلا ومعهما ثوب ، وهما معرضان ، وألقيا عليه الثوب ، وهو نائم ، فلما استيقظ أوحى الله عز وجل إليه الذي صنع حام ، فلعن حاما ، ودعا عليه .
وروى إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن الحكم ، عن بعض أصحابنا ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : عاش نوح ألفي سنة ، وخمسمائة سنة ، منها ثمانمائة وخمسين قبل أن يبعث ، وألف سنة إلا خمسين عاما ، وهو في قومه يدعوهم ، ومأتي عام في عمل السفينة ، وخمسمائة عام بعد ما نزل من السفينة ، ونضب الماء ، فمصر الأمصار ، وأسكن ولده البلدان . ثم إن ملك الموت جاءه وهو في الشمس ، فقال :
السلام عليك يا ملك الموت . فقال : جئت لأقبض روحك . فقال له : تدعني أتحول من الشمس إلى الظل؟ فقال له : نعم . قال : فتحول نوح . ثم قال له يا ملك الموت كان ما مر بي من الدنيا ، مثل تحولي من الشمس إلى الظل ، فامض لما أمرت به . قال : فقبض روحه عليه السلام .
__________________________________
1 . تفسير مجمع البيان ، ج4 ، ص 279-283 .
2 . وقبله : {وأعلم علم اليوم والأمس قبله} .
3 . الخول : العبيد .
{هُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ} لبلد ميت على حذف مضاف أي لحياة بلد ميت ، وضمير به الأولى يعود إلى بلد ميت ، وضمير به الثانية يعود إلى الماء ، وكل الثمرات المراد به العموم العرفي ، لا العموم الواقعي .
ان الرياح تهب ، والشمس تبخر ماء البحار ، وترتفع الرياح بهذا البخار إلى العلو ، ثم تجذبه الأرض إليها ، فيتساقط عليها قطرات متراكبة ، كل ذلك وما إليه يأتي وفقا لسنن الطبيعة ، ما في ذلك ريب . . ولكن من هو الذي أوجد هذه الطبيعة ، وأودعها هذه السنن التي تسير على وتيرة واحدة مدى ملايين القرون ، لا تتغير ولا تتبدل ؟ . هل وجدت الطبيعة عفوا ؟ . وهل حكمتها القوانين والسنن من البداية إلى النهاية صدفة ومن غير سبب ؟ . إذن ، فبالأولى أن يكون هذا الزعم جزافا ومن غير سبب ؟ . وكيف ينتج اللانظام نظاما ، واللاوعي وعيا ؟ .
وبالتالي ، هل لهذه التساؤلات جواب معقول ومقبول إلا وجود خالق قدير ، ومدبر حكيم ؟ . . هو الذي أوجد الطبيعة ، وأودعها السنن والقوانين ، واليه ينتهي كل شيء ، ويفتقر كل شيء ، ولا يفتقر إلى شيء .
فالرياح والمطر وحياة البلد الميت تنسب إلى سنن الطبيعة مباشرة ، وبالواسطة إلى خالق الطبيعة { كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } . يقول الجاحدون :
كيف نؤمن بالبعث ، وما رأينا واحدا عادت إليه الحياة بعد موته ؟ يقولون هذا ، وهم يرون رأي العين حياة الأرض بعد موتها ، ولكنهم ذهلوا ان السبب واحد ، وانه لا فرق إلا في الصورة ، فذكرهم اللَّه بذلك لعلهم ينتفعون بالتذكير ، أو تلزمهم الحجة .
{ والْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ والَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً } .
بإذن ربه كناية عن عطاء الكثير بيسر وسهولة ، والنكد كناية عن عطاء القليل بعسر وصعوبة ، وأكثر المفسرين ، أو الكثير منهم على أن هذا تمثيل لقلب المؤمن والكافر ، والبر والفاجر بالأرض التي خلق الجميع منها ، ووجه الشبه ان الأرض كلها واحدة من حيث الجنس ، ولكن منها الطيبة إذا شربت الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ، ومنها القاسية المغلقة تصد وتنأى عن الخير والصلاح ، وإذا أتت بشيء منه فكالذي يساق إلى الموت { كَذلِكَ نُصَرِّفُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ} . ان اللَّه يضرب هذه الأمثال وغيرها للجميع ، للخبيث والطيب ، ولكن الطيبين هم الذين ينتفعون بها ويشكرون اللَّه عليها ، أما بالنسبة إلى الخبثاء فإنها حجة قاطعة لأعذارهم وعلاتهم .
____________________________
1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص 342-344 .
قوله تعالى : {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [الأعراف : 59] إلى آخر الآية .
بدأ الله سبحانه بقصته وهو أول رسول يذكر الله سبحانه تفصيل قصته في القرآن كما سيأتي تفصيل القول في قصته في سورة هود إن شاء الله تعالى .
واللام في قوله : {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا} [الأعراف : 59] للقسم جيء بها للتأكيد لأن وجه الكلام إلى المشركين وهم ينكرون النبوة ، وقوله : {فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف : 59] ناداهم بقوله : ﴿يَا قَوْمِ﴾ فأضافهم إلى نفسه ليكون جريا على مقتضى النصح الذي سيخبرهم به عن نفسه ، ودعاهم أول ما دعاهم إلى توحيد الله تعالى فإن دعاهم إلى عبادته ، وأخبرهم بانتفاء كل إله غيره فيكون دعوة إلى عبادة الله وحده من غير أن يشرك به في عبادته غيره ، وهو التوحيد .
ثم أنذرهم بقوله : {إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} [الأعراف : 59] وظاهره يوم القيامة فيكون في ذلك دعوة إلى أصلين من أصول الدين وهما التوحيد والمعاد ، وأما الأصل الثالث وهو النبوة فسيصرح به في قوله : {يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ} [الأعراف : 61] الآية .
على أن في نفس الدعوة وهي دعوة إلى نوع من العبادة لا يعرفونها وكذا الإنذار بما لم يكونوا يعلمونه وهو عذاب القيامة إشعارا بالرسالة من قبل من يدعو إليه ، ومن الشاهد على ذلك قوله في جوابهم : {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ} [الأعراف : 63] فإنه يدل على تعجبهم من رسالته باستماع أول ما خاطبهم به من الدعوة وهو قوله : {يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} [الأعراف : 59] .
قوله تعالى : {قَالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [الأعراف : 60] الملأ هم أشراف القوم وخواصهم سموا به لأنهم يملئون القلوب هيبة والعيون جمالا وزينة ، وإنما رموا بالضلال المبين وأكدوه تأكيدا شديدا لأنهم لم يكونوا ليتوقعوا أن معترضا يعترض عليهم بالدعوة إلى رفض آلهتهم وتوجيه العبادة إلى الله سبحانه بالرسالة والإنذار فتعجبوا من ذلك فأكدوا ضلاله مدعين أن ذلك من بين الضلال تحقيقا .
والرؤية هي الرؤية بحسب الفكر أعني الحكم .
قوله تعالى : {قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ} [الأعراف : 61]الآية .
أجابهم بنفي الضلال عن نفسه والاستدراك بكونه رسولا من الله سبحانه ، وذكره بوصفه ﴿رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ ليجمع له الربوبية كلها قبال تقسيمهم إياها بين آلهتهم بتخصيص كل منها بشيء من شئونها وأبوابها كربوبية البحر وربوبية البر وربوبية الأرض وربوبية السماء وغير ذلك .
وقد جرد (عليه السلام) جوابه عن التأكيد للإشارة إلى ظهور رسالته وعدم ضلالته تجاه إصرارهم بذلك وتأكيد دعواهم .
قوله تعالى : {أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنْصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف : 62] أخبرهم بأوصاف نفسه فبين أنه يبلغهم رسالات ربه ، وهذا شأن الرسالة ومقتضاها القريب الضروري ، وفي جمع الرسالة دلالة على كونها كثيرة وأن له مقاصد أمره ربه أن يبلغها إياهم وراء التوحيد والمعاد فإنه نبي رسول من أولي العزم صاحب كتاب وشريعة .
ثم ذكر أنه ينصح لهم وهو عظاته بالإنذار والتبشير ليقربهم من طاعة ربهم ويبعدهم عن الاستكبار والاستنكاف عن عبوديته كل ذلك بذكر ما عرفه الله من بدء الخلقة وعودها وسننه تعالى الجارية فيها ولذا ذكر ثالثا أنه يعلم من الله ما لا يعلمون كوقائع يوم القيامة من الثواب والعقاب وغير ذلك ، وما يستتبع الطاعة والمعصية من رضاه تعالى وسخطه ووجوه نعمه ونقمه .
ومن هنا يظهر أن الجمل الثلاث كل مسوق لغرض خاص أعني قوله : ﴿أُبَلِّغُكُمْ﴾ الآية و ﴿أَنْصَحُ لَكُمْ ﴾ و ﴿َأَعْلَمُ ﴾ الآية وهي ثلاثة أوصاف متوالية لا كما قيل : إن الأوليان صفتان ، والثالثة جملة حالية عن فاعل ﴿وَأَنْصَحُ لَكُمْ﴾ .
قوله تعالى : {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف : 63] إلى آخر الآية .
استفهام إنكاري ينكر تعجبهم من دعواه الرسالة ودعوته إياهم إلى الدين الحق والمراد بالذكر ما يذكر به الله وهو المعارف الحقة التي أوحيت إليه ، وقوله : {مِنْ رَبِّكُمْ} متعلق بمقدر أي ذكر كائن من ربكم .
وقوله : ﴿لِيُنْذِرَكُمْ﴾ و ﴿َلِتَتَّقُوا﴾ و ﴿لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ متعلقات بقوله : ﴿جَاءَكُمْ﴾ والمعنى لغرض أن ينذركم الرسول ، ولتتقوا أنتم ، ويؤدي ذلك إلى رجاء أن تشملكم الرحمة الإلهية فإن التقوى وإن كان يؤدي إلى النجاة لكنها ليست بعلة تامة ، وقد اشتمل ما حكي من إجمال كلامه (عليه السلام) من معارف عالية إلهية .
قوله تعالى : {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ} [الأعراف : 64] الفلك السفينة يستعمل واحدا وجمعا على ما ذكره الراغب ويذكر ويؤنث كما في الصحاح ، وقوله : {قَوْمًا عَمِينَ} [الأعراف : 64] موصوف وصفة .
وعمين جمع عمي كخشن صفة مشبهة من عمي يعمى ، عمي كالأعمى إلا أن العمي يختص بعمى البصيرة والأعمى بعمى البصر ، كما قيل ، ومعنى الآية ظاهر .
________________________
1 . تفسير الميزان ، ج8 ، ص 177-179 .
رسالة نوح أوّل الرّسل من أولي العزم :
تقدم أنّ هذه السورة ـ بعد ذكر سلسلة من القضايا الجوهرية والعامّة في صعيد معرفة الله والمعاد والهداية الإلهية للبشر ، ومسألة الشعور بالمسؤولية ـ تشير إلى قصص ثلة من الأنبياء الكرام والرسل العظام مثل «نوح» و «هود» و «صالح» و «شعيب» وبالتالي «موسى بن عمران» عليهم السلام أجمعين ، كي تقدم أمثلة حية لهذه الأبحاث وبصورة عملية في ثنايا تاريخهم الحافل بالحوادث والعبر.
فيبدأ سبحانه من قصة نوح النّبي ، ويستعرض قسما من حواراته مع قومه الوثنيين المعاندين .
وقد وردت قصة نوح في سور قرآنية متعددة ، مثل سورة هود ، الأنبياء ، والمؤمنون ، الشعراء ، كما أنّ هناك سورة قصيرة في القرآن الكريم باسم «سورة نوح» وهي السورة الحادية والسبعون من سور الكتاب العزيز.
وسوف يأتي شرح ودراسة جهود هذا النّبي العظيم ، وكيفية صنعه للسفينة ، والطوفان الرهيب ، وغرق قومه الأنانيين الفاسدين والوثنيين بإسهاب في السور المذكورة ، وهنا أكتفي ـ فقط ـ بإعطاء فهرست عن ذلك ضمن ست آيات هي :
يقول أوّلا : {لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ}.
إنّ أوّل شيء ذكّرهم به هو إلفات نظرهم إلى حقيقة التوحيد ، ونفي أي نوع من أنواع الوثنية {فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ}.
إنّ شعار التوحيد ليس شعار نوح وحده ، بل هو أوّل شعار عند جميع الأنبياء والمرسلين الإلهين ، ولهذا يشاهد في آيات متعددة من هذه السورة ـ وغيرها من السور القرآنية ـ أنّ أوّل ما يفتتح أكثر الأنبياء دعواتهم به هو هذا الشعار : {يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ} (راجع الآيات 65 ، و 73 و 85 من نفس هذه السورة).
من هذه العبارات يستفاد جيدا أنّ الوثنية كانت أسوأ مانع في طريق سعادة البشرية جمعاء ، وأنّ حملة غصون التوحيد هؤلاء كانوا أوّل ما يفعلونه لغرس هذه الغصون في مزرعة الحياة البشرية وتربية أنواع الورود الزاهية والأشجار المثمرة فيها ، هو أنّهم يشمرون عن ساعد الجدّ ليطهروا الحياة البشرية بمنجل تعاليمهم البناءة من الأشواك ، أشواك الوثنية والشرك والعبودية لغير الله تعالى.
ويستفاد من الآية (23) في سورة نوح خاصّة أنّ الناس في زمن النّبي نوح عليه السلام كانوا يعبدون أصناما متعددة تدعى «ودّ» و «سواع» و «يغوث» و «يعوق» و «نسر» ، التي سيأتي الحديث عنها عند تفسير تلك الآية بإذن الله.
وبعد أن أيقظ نوح ضمائرهم وفطرتهم الغافية ، حذّرهم من مغبة الوثنية وعاقبتها المؤلمة إذ قال : {إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ}.
والمراد من {عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} يمكن أن يكون الطوفان المعروف بطوفان نوح ، الذي قلّما شوهد مثله في العقوبات في العظمة والسعة ، كما ويمكن أن يكون إشارة إلى العقوبة الإلهية في يوم القيامة ، لأنّ هذا التعبير قد ورد في معنيين من القرآن الكريم. فإنّنا نقرأ في سورة الشعراء الآية (189) : {فَأَخَذَهُمْ عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ إِنَّهُ كانَ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} الآية وردت حول العقوبة التي نزلت بقوم شعيب في هذه الدنيا بسبب ذنوبهم ومعاصيهم ، ونقرأ في سورة المطففين الآية (5) : {أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ} (2) .
إنّ عبارة «أخاف» (أي أخشى أن تصيبكم هذه العقوبة ، بعد ذكر مسألة الشرك في الآية المبحوثة ، يمكن أن تكون لأجل أن نوحا يريد أن يقول لهم : إذا لم تتيقنوا وقوع هذه العقوبة ، فعلى الأقل ينبغي أن تخافوا منها ، ولهذا لا يجيز العقل أن تسلكوا ـ مع هذا الاحتمال ـ هذا السبيل الوعر ، وتستقبلوا عذابا عظيما أليما كهذا.
ولكن قوم نوح بدل أن يستقبلوا دعوة هذا النّبي العظيم الإصلاحية ، المقرونة بقصد الخير والنفع لهم ، فينضوون تحت راية التوحيد ويكفون عن الظلم والفساد ، قال جماعة من الأعيان والأثرياء الذين كانوا يحسون بالخطر على مصالحهم بسبب يقظة الناس وانتباههم ، ويرون الدين مانعا من عبثهم ومجونهم وشهواتهم ، قالوا لنوح بكل صراحة وقحة : نحن نراك في ضلال واضح {قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَراكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ}.
و «الملأ» تطلق عادة على الجماعة التي تختار عقيدة وفكرة واحدة ، ويملأ اجتماعها وجلالها الظاهري عيون الناظرين ، لأن مادة «الملأ» أصلا من «الملء» ، وقد استعملها القرآن على الأغلب في الجماعات الأنانية المستبدة ذات المظهر الأنيق والباطن الفاسد الملوث بالأوضاد والشرور ، والذين يملأون ساحات المجتمع المختلفة بوجودهم.
ولقد جابه نوح عليه السلام تعنتهم وخشونتهم بلحن هادئ ولهجة متينة تطفح بالمحبّة والرحمة ، فقال في معرض الردّ عليهم : أنا لست بضال ، بل ليست في أية علامة للضلال ، ولكنّي مرسل من الله {قالَ يا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلالَةٌ وَلكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ}.
وهذه إشارة إلى أنّ الأرباب التي تعبدوها وتفترضون لكل واحد منها مجالا للسيادة والحاكمية ، مثل إله البحر ، إله السماء ، إله السلام والحرب ، وما شاكل ذلك ، كله لا أساس لها من الصحة ، ورب العالمين ما هو إلّا الله الواحد الذي خلقها جميعا وأوجدها من العدم.
ثمّ إنّ هدفي إنّما هو إبلاغ ما حمّلت من رسالة {أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي}. ولن آلو جهدا في تقديم النصح لكم ، وقصد نفعكم ، وإيصال الخير إليكم {وَأَنْصَحُ لَكُمْ}.
«أنصح» من مادة «نصح» يعني الخلوص والغلو عن الغش وعن الشيء الدخيل ، لهذا يقال للعسل الخالص : ناصح العسل ، ثمّ أطلقت هذه اللفظة على الكلام الصادر عن سلامة نية ، وبقصد الخير ، ومن دون خداع ومكر .
ثمّ أضاف تعالى {وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ} .
إنّ هذه العبارة يمكن أن يكون لها جانب تهديد في مقابل معارضاتهم ومخالفتهم ، وكأنّه يريد أن يقول : أنا أعلم بعقوبات إلهية أليمة تنتظر العصاة لا تعلمون شيئا عنها ، أو تكون إشارة إلى لطف الله ورحمته ، وتعني أنّكم إذا أطعتم الله ، وكففتم عن تعنتكم ، فإنّي أعلم مثوبات عظيمة لكم لا تعلمونها ولم تقفوا لحدّ الآن على سعتها. أو تكون إشارة إلى أنّني إذا كنت قد كلفت بهدايتكم فإنّني أعلم أمورا عن الله العظيم وعن أوامره لا تعرفونها ، ولهذا يجب أن تطيعوني وتتبعوني. ولا مانع من أن تكون كل هذه المعاني مقصودة ومجتمعة في مفهوم الجملة الحاضرة.
وفي الآية اللاحقة نقرأ لنوح كلاما آخر قاله في مقابل استغراب قومه من أنّه كيف يمكن لبشر أن يكون حاملا لمسؤولية إبلاغ الرسالة الإلهية ، إذ قال : {أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ ، وَلِتَتَّقُوا وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}.
يعني : أيّ شيء في هذه القضية يدعو إلى الاستغراب والتعجب ، لأنّ الإنسان الصالح هو الذي يمكنه أن يقوم بهذه الرسالة أحسن من أي كائن آخر. هذا مضافا إلى أنّ الإنسان هو القادر على قيادة البشر ، لا الملائكة ولا غيرهم.
ولكن بدل أن يقبلوا بدعوة مثل هذا القائد المخلص الواعي كذبه الجميع ، فأرسل الله عليهم طوفانا فغرق المكذبون ونجا في السفينة نوح ومن آمن {فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْناهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا}.
وفي خاتمة الآية بين دليل هذه العقوبة الصعبة ، وأنّه عمى القلب الذي منعهم عن رؤية الحق ، وأتباعه {إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ} (3) .
وهذا العمى القلبي كان نتيجة أعمالهم السيئة وعنادهم المستمر ، لأنّ التجربة أثبتت أنّ الإنسان إذا بقي في الظلام مدة طويلة ، أو أغمض عينيه لسبب من الأسباب وامتنع عن النظر مدة من الزمن ، فإنّه سيفقد قدرته على الرؤية تدريجا وسيصاب بالعمى في النهاية.
وهكذا سائر أعضاء البدن إذا تركت الفعالية والعمل مدّة من الزمن يبست وتعطلت عن العمل نهائيا.
وبصيرة الإنسان هي الأخرى غير مستثناة عن هذا القانون ، فالتغاضي المستمر عن الحقائق ، وعدم استخدام العقل والتفكير في فهم الحقائق والواقعيات بصورة مستمرة ، يضعف بصيرة الإنسان تدريجا إلى أن تعمى عين القلب والعقل في النهاية تماما .
هذه لمحة عن قصة نوح ، وأمّا بقية هذه القصّة وكيفية وقوع الطوفان وتفاصيلها الأخرى ، فسوف نشير إليها في السور التي أشرنا إليها في مطلع هذا البحث .
_________________________
1. تفسير الأمثل ، ج4 ، ص 403-407 .
2. كلمة عظيم في الآية أعلاه صفة «ليوم» لا للعذاب .
3. «عمين» جمع عمي ، وهو يطلق عادة على من تعطلت بصيرته الباطنية ، ولكن الأعمى يطلق على من فقد بصره الظاهري ، وكذلك يطلق على من فقد بصيرته الباطنية أيضا (وعمي حينما يدخل عليها الإعراب تتبدل إلى عم) .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|