أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-04-2015
4987
التاريخ: 18-4-2019
3315
التاريخ: 25-3-2016
4594
التاريخ: 6-4-2016
3260
|
كان مآل الأحوال السالفة ، مَحقَ الحَقِّ بالقوَّة ، وسَحقَ المَعنويَّات بالمادِّيَّات ، وانقراض الأئَّمة والأُمَّة بانقراض الأخلاق والمعارف.
لولا أنْ يُقيِّضَ الرحمان ، لإنقاذ هذا الأُمَّة حُسيناً ، آيةً للحَقِّ ، ورايةً للعدل ، ورمزاً للفضيلة ، ومِثالاً للإخلاص ، يوازن نفسه ونفوس الأُمَّة في ميزان الشهامة ؛ فيَجد الرُّجحان الكافي لكَفَّة الأُمَّة ؛ فينهض مُدافِعاً عن عقيدته ، عن حُجَّته ، عن أُمَّته ، عن شريعته ، دفاع مَن لا يبتغي لقُربانه مَهراً ، ولا يَسئلُكم عليه أجراً ، ودون أنْ تَلوي لِوائه لامَةُ عدوٍّ ، أو لائِمة صديق، ولا يَصدُّه عن قَصده مالٍ مُطمَع ، أو جاهٍ مُطمَح ، أو رأفة باله ، أو مَخافة على عياله .
هذا حسين التاريخ ، والذي يَصلح أنْ يكون المَثلَ الأعلى لرجال الإصلاح ، وقَلْب حُكمٍ غاشمٍ ظالمٍ ، دون أنْ تأخذه في الله لومةُ لائِم ، وقد بدت لنهضته آثار عامَّة النفع ، جليلة الشأن ؛ فإنَّها:
أوَّلاً : أولدت حركةً وبركةً ، في رجال الإصلاح والمُنكرين لكلِّ أمرٍ مُنكَرٍ ؛ حيث اقتفى بالحسين السبط ( عليه السلام ) أبناء الزبير ، والمُختار ، وابن الأشتر ، وجماعة التوَّابين ، وزيد الشهيد ؛ حتَّى عهد سَميِّه الحسين بن علي شهيد فَخٍّ ، وحتَّى عَهْدِنا الحاضر مِمَّن لا يُحصَون في مُختلَف الأزمنة والأمكنة ، فخابت آمال أُميَّة فيه ؛ إذ ظنَّت أنَّها قَتلت حسيناً ، فأماتت بشخصه شخصيَّته ، وأبادت روحه ودعوته.
كلاّ ثمَّ كلاَّ ! لقد أحيت حسيناً في قتله ، وأوجدت مِن كلِّ قَطرةِ دَمٍ منه حُسيناً ناهضاً بدعوته ، داعياً إلى نهضته .
أجلْ ، فإنَّ الحسين لمْ يَكُن إلاَّ داعي الله ، وهاتف الحَقِّ ، ونور الحَقِّ لا يَخفى ، ونار الله لا تَطفى ، ويأبى الله إلاَّ أنْ يُتِمَّ نوره ، ويَعِمّ ظهوره.
ثانياً : إنَّ الحسين بقيامه في وجه الجَور والفجور ، مُقابِلاً ومُقاتِلاً ، أحيى ذلك الشعور السامي الإسلامي ، الذي مات في حياة مُعاوية ، أو كاد أنْ يموت ، ونبَّه العامَّة إلى أنَّ حُبَّ الحياة ، ورعاية الذات واللَّذات ، والتخوُّف على الجاه والعائلات ، لو كانت تبرز لأولياء الدين مُصافات المُعتدين ؛ لكان الحسين أقدر وأجدر مِن غيره ، لكنَّه أعرض عنها ؛ إذ رآها تُنافي الإيمان والوجدان ، وتُناقض الشهامة والكرامة ، فجدَّدت نهضته في النفوس روح التديُّن الصادق ، وعِزَّةً في نفوس المؤمنين عن تَحمُّل الضيم والظلم ، وعن أنْ يَعيشوا سوقة كالأنعام ، وانتعشت إحساسات تحرير الرقاب ، أو الضمائر مِن أغلال المُستبدِّين ، وأوهام المُفسدين .
ثالثاً : إنَّ النهضة الحسينيَّة ، هزَّت القرائح والجوارح ، نحو الإخلاص والتفادي ، وأتبعتْ الصوايح بالنوايح لتلبية دُعاة الحَقِّ ، واستجابة حُماة العدل في العالم الإسلامي ، وإنعاش روح الصدق ، وهو أُسُّ الفضائل .
وبوجه الإجمال ، عُدَّت نهضة الحسين ( عليه السلام ) ينبوع حركات اجتماعيَّة ، باقية الذكر والخير في مَمالك الإسلام ، خَفَّفت ويلات المسلمين بتخفيف غلواء المُعتدين ، فأيُّ خيرٍ كهذا الينبوع السيَّال ، والمِثال السائر في بطون الأجيال .
الفَضيلة مَحبوبة الجميع ، والرذيلة مكروهتهم ، إلاَّ أنَّها محبوبة لدى صاحبها فحسب ، وإذا عُدَّت الفضائل فَضيلةً ، فَضيلة مِن وفاء ، وسخاء ، وصِدْق ، وصفاء ، وشجاعة ، وإباء ، وعلم ، وعِبادة ، وعِفّة ، وزهادة ، فحسينُ التاريخ رجُلُ الفَضيلة بجميع مَظاهرها ، كما أنّ قاتليه رجال الرذائل بكلِّ معانيها ، لا يتناهون عن مُنكر فعلوه ؛ فكانت مِن أجل ذلك نهضة الحسين ( عليه السلام ) أُمثولة الحَقِّ والعدل ؛ إذ بَطَلُ روايتها أقوى مِثال للفضيلة ، وقد كانت حركة ابن زياد أُمثولة الباطل والظلم ؛ إذ بَطَلُ روايتها أقوى مِثال للرذيلة والفجور ، وما حربهما إلاَّ تمثيلاً لصراع الحَقِّ والباطل ، والحَقُّ مَهْما قَلَّ مُساعده ، وذَلَّ ساعدُه في البداية ، فإنَّ النصر والفخر حليفاه عند النهاي ، ( ... وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ).
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|