أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-4-2019
6203
التاريخ: 31-3-2019
4727
التاريخ: 23-4-2019
1645
التاريخ: 9-4-2019
3167
|
نحن نفكر بجمل:
1- لا تجري اللغات جميعا على منوال واحد في "تأليف" الألفاظ أو "تركيبها" للتعبير عن "معنى" أو "دلالة" من المعاني أو الدلالات: إن لكل لغة طريقتها -أو طرقها- في "نظم" الكلام. وهذا أمر يلاحظه على وجه بين من يعاني الترجمة: فالنقل من لغة إلى أخرى يطلعنا على ما بين اللغات من خلاف في هذا الميدان. نحن في العربية مثلا نأتي بالموصوف أولا ثم نتبعه الصفة فنقول "المطر الغزير"، ولكن "عقلية" الرجل الإنجليزي عندما تريد التعبير عن هذه "الفكرة" لا تتصور إيراد الكلمة الدالة على "المطر" أولا، إن أول ما تتصوره هو "الصفة"، هو الكلمة الدالة على غزارة المطر فيقول The heavy rain. وهكذا تصدق تلك العبارة التي أوردها ج. فندريس في كتابه "اللغة" وهي قوله: "نحن نفكر بجمل"(1).
2- إن كل متكلم بلغة من اللغات تتكون لديه، من تعلمه للغته ومن ممارسته لها، "عادات" أو "نظم" عقلية خاصة فيما يتعلق بتأليف الجمل، وإنه ليألف هذه العادات والنظم، كما يألف نطق أصوات لغته ونماذج مقاطعها، وكلماتها، وتصدر عنه نماذج تأليف الكلمات في جمل بطريقة لا شعورية: إنه لا يتوقف ليتساءل كيف يرد بالنفي على هذا السؤال، ولا كيف يجيب عنه بالإثبات، ولا كيف يكون أسلوب "التعجب"، أو "الأمر"، أو "النهي" ... إلخ، إن كل هذه النظم من تأليف الكلمات يصدر عنه حال إرادته، وهكذا يتم "التفاهم" الإنساني، والاستعمال اللغوي عامة بهذه السرعة التي نعهدها. إن المتكلم العادي لا يدرك العمليات المعقدة والعضوية التي يقوم بها لنطق صوت واحد أو كلمة واحدة، وهو، كذلك، في مجال تأليف الجمل -عندما يتكلم لغته "الأم"- لا يدرك العمليات بالغة التعقيد التي يقوم بها. ولكن المتكلم قد يتعثر، وقد يخطئ خطأ بينا، عندما يتكلم لغة غير لغته، وهو يبذل جهدا "شعوريا" لتأليف الجمل على قدر إتقانه لتلك اللغة، وهذا الجهد يتناقص كلما ازداد إتقانه لها. وهذا راجع إلى تلك الحقيقة المعروفة، وهي أننا لا نجيد لغة من اللغات مثل إجادتنا لغتنا "الأم".
ص169
3- كل لغة إذن تعرض "المعاني" بطرق خاصة، ونحن نتلقى هذه المعاني مرتبة بالترتيب الذي يقدمه إلينا الكلام، أي في الصور "أو الأشكال" اللفظية التي يظهر بها الكلام.
إن المتكلم العربي عندما يريد أن يعبر عن "إزهار" "الشجرة" مثلا، يقوم في ذهنه بعمليات عقلية ترتد إلى عمليتين أساسيتين: عملية "تحليلية"(2) فعملية "تركيبية"(3). أما العملية التحليلية فهي تلك التي يميز بها العقل بين عدد معين من العناصر التي تنشأ بينها علاقة معينة، وهي في مثالنا هذا "الشجرة" و"الإزهار". أما عملية التركيب "أو التأليف" فهي تلك التي يركب بها العقل "أو ينظم" أو "يؤلف" بين هذه العناصر المختلفة لتكوين ما يسمى في الاصطلاح "الصورة اللفظية"(4) "الشجرة مزهرة". هذا "التركيب" أو "التأليف" هو الذي يوليه علم اللغة عناية كبرى(5)، ومن هنا كانت أهم صفة للنحو الحديث أن يستبعد كثيرا من الأصول الفلسفية القديمة. يستبعد "التقديرات" العقلية، وما إليها من "تأويل" و"تفسير". إن أهم ما يوصف به النحو الحديث أنه "شكلي"(6) أو "صوري"(6) إنه ينظر إلى الصورة اللفظية المختلفة التي تعرضها لغة من اللغات ثم يصنفها على أسس معينة، ثم يصف العلاقات الناشئة بين الكلمات في "الجملة" وصفا موضوعيا. وهو "وظيفي" لأنه يقوم كذلك على إدراك "الدور" الذي تقوم به الكلمة في الجملة "انظر بقية هذا الفصل".
وقد جرى لغويو الغرب على أن يدرسوا نحو معظم اللغات تحت موضوعين أساسيين هما "المورفولوجيا" و"لبنظم"(7). وقد كثر الجدل بين اللغويين فيما يتعلق بجدوى هذا التقسيم، وبتحديد مجال كل قسم من هذين القسمين. ولكن التقسيم التقليدي لا يزال صالحا(8).
__________
(1) اللغة: ص104.
(2) Analytic.
(3) Synthetic.
(4)Verbal lmage.
(5) قال فندريس "اللغة: ص105" نقلا عن "فنك" Fiknk " ... الاختلافات في البنية بين اللغات تنتج من الكيفيات المتنوعة التي تتوقف عليها عملية التأليف".
(6) Formal.
انظر توضيح هذا فيما بعد من هذا الباب.
(7) Syntax.
(8) Bloomfielde Language p. 184.
|
|
بـ3 خطوات بسيطة.. كيف تحقق الجسم المثالي؟
|
|
|
|
|
دماغك يكشف أسرارك..علماء يتنبأون بمفاجآتك قبل أن تشعر بها!
|
|
|
|
|
موكب العتبة العسكرية المقدسة نموذج من العطاء في الزيارة الرجبية
|
|
|