أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-04-2015
3387
التاريخ: 3-7-2022
2575
التاريخ: 13-4-2019
2272
التاريخ: 2024-07-18
573
|
في الاحتجاج عن سعد بن عبد اللّه قال: سألت القائم (عليه السّلام) عن تأويل كهيعص فقال: هذه الحروف من أنباء الغيب اطلع اللّه عليها عبده زكريا ثمّ قصّها على محمّد (صلّى اللّه عليه و اله) و ذلك أنّ زكريا سأل ربّه أن يعلّمه أسماء الخمسة فعلّمه إيّاها، فكان زكريا إذا ذكر محمّدا و عليّا و فاطمة و الحسن تجلى عنه همّه، و إذا ذكر الحسين خنقته العبرة فقال يوما: إلهي ما بالي إذا ذكرت أربعة تسلّيت بأسمائهم من همومي و إذا ذكرت الحسين تدمع عيني؟ فأنبأه اللّه تعالى عن قصّته.
فقال: (كهيعص) ف (الكاف) اسم كربلاء و (الهاء) هلاك العترة و (الياء) يزيد و هو ظالم الحسين، و (العين) عطشه و (الصاد) صبره.
فلمّا سمع زكريا (عليه السّلام) لم يفارق مسجده ثلاثة أيّام و منع فيهنّ الناس من الدخول عليه و أقبل على البكاء و النحيب و كان يرثيه: إلهي أتفجّع خيرة جميع خلقك بولده إلهي أتنزل بلوى هذه الرزيّة بفنائه، إلهي أتلبس عليّا و فاطمة ثياب هذه المصيبة بساحتهما، ثمّ كان يقول:
إلهي ارزقني ولدا تقرّ به عيني على الكبر فإذا رزقتنيه فافتنّي بحبّه ثمّ افجعني به كما تفجع محمّدا حبيبك بولده فرزقه اللّه يحيى و فجعه به، و كان حمل يحيى ستّة أشهر و حمل الحسين (عليه السّلام) كذلك، الحديث .
و في الأمالي عن كعب الأخبار قال في كتابنا يعني التوراة: إنّ رجلا من ولد محمّد رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) يقتل و لا يحف عرق دواب أصحابه حتّى يدخلوا الجنّة فيعانقوا الحور العين فمرّ بنا الحسين (عليه السّلام) فقلنا: هو هذا؟
قال: لا، فمرّ بنا الحسن (عليه السّلام) فقلنا: هو هذا؟
قال: نعم.
و فيه أيضا عن أشياخ بني سليم قالوا: غزونا بلاد الروم فدخلنا كنيسة من كنائسهم فوجدنا فيها مكتوبا شعرا:
أيرجو معشر قتلوا حسينا شفاعة جدّه يوم الحساب
فسألنا منذكم هذا في كنيستكم؟
قالوا: قبل أن يبعث نبيّكم بثلاثمائة عام.
و عن الأعمش قال: بينا أنا في الطواف إذا رجل يقول: اللّهم اغفر لي و أنا أعلم أنّك لا تغفر فسألته عن السبب فقال: كنت أحد الأربعين الذين حملوا رأس الحسين (عليه السّلام) إلى يزيد على طريق الشام فنزلنا أوّل مرحلة رحلنا من كربلاء على دير النصارى و الرأس مركوز على رمح فوضعنا الطعام و نحن نأكل إذا كفّ على حائط الدير مكتوب عليه بقلم حديد سطرا بدم:
أترجو امّة قتلت حسينا شفاعة جدّه يوم الحساب
فجزعنا جزعا شديدا و أهوى بعضنا إلى الكفّ ليأخذه فغاب .
و فيه أيضا عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: كان النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) في بيت امّ سلمة (رض) فقال لها: لا يدخل عليّ أحد فجاء الحسين (عليه السّلام) و هو طفل فما ملكت منه شيئا حتّى دخل على النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) فدخلت امّ سلمة (رض) على اثره فإذا الحسين على صدره و إذا النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) يبكي و إذا في يده شيء يقلّبه، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله): يا امّ سلمة إنّ هذا جبرئيل يخبرني أنّ هذا مقتول و هذه التربة التي يقتل عليها فضعيها عندك، فإذا صارت دما فقد قتل حبيبي فقالت امّ سلمة: يا رسول اللّه سل اللّه أن يدفع ذلك عنه.
قال: قد فعلت، فأوحى إليّ أنّ له درجة لا ينالها أحد من المخلوقين و أنّ له شيعة يشفعون فيشفعون و أنّ المهدي من ولده، فطوبى لمن كان من أولياء الحسين (عليه السّلام) و شيعته هم و اللّه الفائزون يوم القيامة .
و في عيون الأخبار عن الرضا (عليه السّلام) قال: لمّا أمر اللّه عزّ و جلّ إبراهيم أن يذبح مكان ابنه إسماعيل الكبش الذي أنزله عليه تمنّى إبراهيم أن يكون قد ذبح ابنه إسماعيل بيده و إنّه لم
يؤمر بذبح الكبش مكانه ليوجع إلى قلب الوالد الذي يذبح أعزّ ولده عليه بيده فيستحقّ بذلك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، فأوحى اللّه عزّ و جلّ إليه: يا إبراهيم من أحبّ خلقي إليك؟
فقال: يا ربّ ما خلقت خلقا هو أحبّ إليّ من حبيبك محمّد، فأوحى اللّه إليه أفهو أحبّ إليك أو نفسك؟
قال: بل هو أحبّ إليّ من نفسي قال: فولده أحبّ إليك أم ولدك؟
قال: بل ولده، قال: فذبح ولده ظلما على أيدي أعدائه أوجع لقلبك أو ذبح ولدك بيدك في طاعتي؟
قال: يا ربّ بل ذبحه على أيدي أعدائه أوجع لقلبي، قال: يا إبراهيم فإنّ طائفة تزعم أنّها من امّة محمّد ستقتل الحسين ابنه من بعده ظلما و عدوانا كما يذبح الكبش و يستوجبون بذلك سخطي، فجزع إبراهيم لذلك و توجّه قلبه و أقبل يبكي، فأوحى اللّه عزّ و جلّ: يا إبراهيم قد فديت جزعك على ابنك إسماعيل لو ذبحته بيدك بجزعك على الحسين و قتله و أوجبت لك أرفع درجات أهل الثواب على المصائب، و ذلك قول اللّه عزّ و جلّ: وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ .
أقول: هذا الحديث يدفع الإشكال الوارد على ظاهر الآية و هو أنّ الفداء يكون أقلّ رتبة و أحطّ درجة من المفدى و لا ريب في أفضلية الحسين (عليه السّلام) على أولي العزم فضلا عن غيرهم، و احتاجوا إلى الجواب بأنّ النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و أهل بيته من ذرّية إسماعيل فلو ذبح (عليه السّلام) لم توجد هذه السلسلة العلية و الكلّ أشرف من الجزء فيكون الحسين (عليه السّلام) قد وقع فداء للجميع، و أمّا على هذا الحديث فالمعنى أنّ الفداء في الآية بمعنى العوض أي عوّضناه عن مصابه بابنه ما هو أعظم من ذلك المصاب و هو مصابه ممّن هو أعزّ عليه من ولده، فليس في الآية إلّا حذف المضاف أو أنّ (الباء) للسببيّة.
و روى الصدوق طاب ثراه عن أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: إنّ إسماعيل الذي قال اللّه في
كتابه: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} [مريم: 54] لم يكن إسماعيل بن إبراهيم بل كان نبيّا من الأنبياء بعثه اللّه عزّ و جلّ إلى قومه، فأخذوه و سلخوا فروة وجهه و رأسه فأتاه ملك فقال: إنّ اللّه جلّ جلاله بعثني إليك فمرني بما شئت، فقال لي: اسوة بما يصنع بالحسين (عليه السّلام) .
اقول: جاء في الحديث إنّ هذا النبيّ (عليه السّلام) يظهره اللّه تعالى زمن خروج صاحب الأمر (عليه السّلام) ليقتصّ من قاتليه.
و في كتاب الأمالي عن الصادق (عليه السّلام) قال: بينا الحسين (عليه السّلام) عند رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) إذا أتاه جبرئيل (عليه السّلام) فقال: يا محمّد أتحبّه؟
قال: نعم، قال: أما إنّ امّتك ستقتله، فحزن لذلك حزنا شديدا فقال جبرئيل (عليه السّلام):
أيسرّك أن أريك التربة التي يقتل فيها؟
قال: نعم، قال: فخسف جبرئيل (عليه السّلام) ما بين مجلس رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) إلى كربلاء حتّى التقت القطعتان هكذا، و جمع بين السبابتين فتناول بجناحه من التربة فناولها الرسول (صلّى اللّه عليه و اله) ثمّ دحيت الأرض أسرع من طرف العين، فقال رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله): طوبى لك من تربة و طوبى لمن يقتل فيك .
و عن أنس بن مالك عن النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) إنّه قال: لمّا أراد اللّه سبحانه أن يهلك قوم نوح أوحى إليه أن شق ألواح الساج، فلمّا شقّها لم يدر ما يصنع بها فهبط جبرئيل (عليه السّلام) و أراه هيئة السفينة و معه تابوت بها مائة ألف مسمار و تسع و عشرون ألف مسمار فسمّر السفينة بالمسامير كلّها إلى أن بقيت خمسة مسامير فضرب بيده إلى مسمار فأضاء كالكوكب الدرّي فتحيّر نوح فأنطق اللّه المسمار فقال: أنا على اسم خير الأنبياء محمّد بن عبد اللّه فقال له جبرئيل: اسمره على جانب السفينة الأيمن ثمّ ضرب يده على مسمار ثان فأضاء و أنار فقال نوح: ما هذا المسمار؟
فقال: هذا مسمار أخيه عليّ بن أبي طالب، فأسمره على جانب السفينة الأيسر في أوّلها ثمّ ضرب يده إلى مسمار ثالث فأشرق، فقال: هذا مسمار فاطمة فأسمره على جانب مسمار أبيها ثمّ ضرب بيده إلى مسمار رابع فزهر و أنار، فقال: هذا مسمار الحسن فأسمره إلى جانب مسمار أبيه ثمّ ضرب بيده إلى مسمار خامس فزهر و أنار و أظهر النداوة، فقال جبرئيل:
هذا مسمار الحسين فأسمره إلى جانب مسمار أبيه؟
فقال نوح: يا جبرئيل ما هذه النداوة؟
فقال: هذا الدم فذكر قصّة الحسين (عليه السّلام) و ما تعمل الامّة فلعن قاتله و ظالمه و خاذله .
و روى الصدوق بإسناده إلى أبي عبد اللّه (عليه السّلام) قال: لمّا حملت فاطمة بالحسين جاء جبرئيل إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و اله فقال: إن فاطمة ستلد ولدا تقتله أمتك من بعدك، فلمّا حملت فاطمة (عليها السّلام) بالحسين كرهت حمله و حين وضعته كرهت وضعه، ثمّ قال أبو عبد اللّه (عليه السّلام): هل رأيتم [في الدنيا] امّا تلد غلاما فتكرهه ولكنّها كرهته لأنّها علمت أنّه سيقتل قال: و فيه نزلت هذه الآية: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: 15] .
و في الأمالي بإسناده إلى عليّ (عليه السّلام) قال: زارنا رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) ذات يوم فقدّمنا إليه طعاما فأكل منه، فلمّا غسل يديه مسح وجهه و لحيته ببلّة يديه ثمّ قام إلى مسجد في جانب البيت فخرّ ساجدا فبكى فأطال البكاء، ثمّ رفع رأسه فما اجتريء منّا أهل البيت أحد يسأله عن شيء، فقام الحسين يدرج حتّى صعد على فخذي رسول اللّه فأخذ برأسه إلى صدره و قال: يا أبه ما يبكيك؟
فقال: يا بنيّ إنّي نظرت إليكم اليوم فسررت بكم سرورا لم أسر بكم قبله مثله، فهبط إليّ جبرئيل فأخبرني إنّكم قتلى و أنّ مصارعكم شتّى فقال: يا أبه ما لمن يزور قبورنا و يتعاهدها على تشتّتها؟
قال: طوائف من امّتي يريدون بذلك برّي و صلتي أتعاهدهم في الموقف و يأخذ بأعضادهم فأنجيهم من أهواله و شدائده .
و عن عبد الرحمن الغنوي عن سلمان قال: و هل بقي في السماوات ملك لم ينزل إلى رسول اللّه يعزّيه في ولده الحسين و يحمل إليه تربته مصروعا عليها مذبوحا مقتولا طريحا مخذولا فقال رسول اللّه: اللّهمّ اخذل من خذله و اقتل من قتله و لا تمتّعه بما طلب.
قال عبد الرحمن: فو اللّه لقد عوجل الملعون يزيد و لم يتمتّع بعد قتله و لقد بات سكرانا و أصبح ميّتا متغيّرا كأنّه مطلي بقار، و ما بقي أحد ممّن تابعه على قتله أو كان في محاربته إلّا أصابه جنون أو جذام أو برص و صار ذلك وراثة في نسلهم .
و عن ابن عبّاس قال: إنّ جبرئيل (عليه السّلام) جاء إلى رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) يخبره بقتل الحسين و هو منشور الأجنحة باكيا صارخا قد حمل من تربته و هو يفوح كالمسك.
و في كتاب بشائر المصطفى عن امّ سلمة أنّها قالت: خرج رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) من عندنا ذات ليلة فغاب عنّا طويلا ثمّ جاءنا و هو أشعث أغبر، ثمّ جاءنا و يده مضمومة فقلت: يا رسول اللّه ما لي أراك شعثا مغبرا؟
فقال: اسري بي في هذا الوقت إلى موضع من العراق يقال له كربلاء فأريت فيه مصرع الحسين ابني و جماعة من ولدي و أهل بيتي، فلم أزل ألقط دماءهم فها هي في يدي و بسطها إليّ فقال: خذيه فاحفظي به فأخذته فإذا هو شبه تراب أحمر، فوضعته في قارورة و شددت رأسها و احتفظت به، فلمّا خرج الحسين (عليه السّلام) من مكة متوجّها إلى العراق كنت أخرج تلك القارورة في كلّ يوم و ليلة و أشمّها و أنظر إليها ثمّ أبكي لمصابه، فلمّا كان اليوم العاشر من المحرّم أخرجتها في أوّل النهار و هي بحالها ثمّ عدت عليها آخر النهار فإذا هو دم عبيط فصحت في بيتي و بكيت و كظمت غيظي مخافة أن تسمع أعداؤهم بالمدينة فيتسرّعوا بالشماتة، فلم أزل حافظة الوقت حتّى جاء الناعي ينعاه فحقّق ما رأيت .
و في بحار الأنوار: روي أنّ رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) كان يوما مع جماعة من أصحابه مارّا في بعض الطرق و إذا هم بصبيان يلعبون فجلس النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) عند صبيّ منهم و جعل يقبّل ما بين عينيه و يلاطفه، ثمّ أقعده في حجره فسأل عن ذلك فقال: إنّي رأيت هذا الصبي يوما يلعب مع الحسين و رأيته يرفع التراب من تحت قدميه و يمسح وجهه و عينيه فأنا أحبّه لحبّه ولدي، و أخبرني جبرئيل أنّه يكون من أنصاره في وقعة كربلاء.
و روي أنّ آدم (عليه السّلام) لمّا هبط إلى الأرض لم ير حوّاء فصار يطوف الأرض في طلبها فمرّ بكربلاء فاغتمّ و ضاق صدره من غير سبب و عثر في الموضع الذي قتل فيه الحسين حتّى سال الدم من رجله، فقال: إلهي هل حدث منّي ذنب آخر فعاقبتني به، فأوحى إليه: يا آدم يقتل في هذه الأرض ولدك الحسين ظلما فسال دمك موافقة لدمه و هو سبط النبيّ و قاتله يزيد فقال:
أيّ شيء أصنع؟
قال: العنه أربع مرّات، فلعنه و مشى إلى جبل عرفات فوجد حوّاء هناك.
و أنّ نوحا لمّا ركب في السفينة طافت به جميع الدّنيا، فلمّا مرّت بكربلاء أخذته الأرض و خاف نوح الغرق فقال: إلهي أصابني فزع في هذه الأرض فقال جبرئيل (عليه السّلام): يا نوح في هذا الموضع يقتل الحسين سبط محمّد خاتم الأنبياء قاتله لعين أهل السماوات فلعنه نوح أربع مرّات، و سارت السفينة حتّى استقرّت على الجودي.
و أنّ إبراهيم (عليه السّلام) مرّ بأرض كربلاء و هو راكب فرسا فعثرت به و سقط إبراهيم و شجّ رأسه و سال دمه فأخذ في الاستغفار، فقال: إلهي أيّ شيء حدث منّي؟
فقال: يا إبراهيم ما حدث منك ذنب، ولكن هنا يقتل سبط الأنبياء فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين أهل السماوات و الأرضين و القلم جرى على اللّوح بلعنه بغير إذن ربّه، فأوحى اللّه تعالى إلى القلم إنّك استحققت الثناء بهذا اللّعن فلعن إبراهيم (عليه السّلام) يزيد لعنا كثيرا و قال فرسه: آمين. فقال إبراهيم لفرسه: أيّ شيء عرفت حتّى تؤمّن على دعائي؟
فقال: يا إبراهيم أنا أفتخر بركوبك عليّ، فلمّا عثرت و سقطت عن ظهري خجلت، و كان سبب ذلك يزيد لعنه اللّه .
و إنّ إسماعيل كانت أغنامه ترعى بشط الفرات فأخبره الراعي أنّها لا تشرب الماء من هذه المشرعة منذ كذا يوما، فسأل ربّه عن ذلك، فقال جبرئيل (عليه السّلام): سل غنمك فإنّها تجيبك عن سبب ذلك، فقال لها: لم لا تشربين من هذا الماء؟
فقالت بلسان فصيح: قد بلغنا أنّ ولدك الحسين يقتل هنا عطشانا فنحن لا نشرب من هذه المشرعة حزنا عليه فسألها عن قاتله فقالت: يقتله لعين أهل السماوات و الأرض فلعنه إسماعيل.
و أنّ موسى (عليه السّلام) كان ذات يوم سائرا و معه يوشع بن نون، فلمّا جاء إلى أرض كربلاء انخرق نعله و انقطع شراكه و دخل الحسك في رجله و سال دمه فقال: إلهي أيّ شيء حدث منّي؟
فأوحى اللّه إليه أنّ هنا يقتل الحسين فسال دمك موافقة لدمه و قاتله لعين السمك في البحار و الوحوش في القفار و الطير في الهواء، فلعن موسى يزيد و أمّن يوشع على دعائه .
و أنّ سليمان (عليه السّلام) كان يجلس على بساطه و يسير في الهوى فمرّ بأرض كربلاء فأدارت الريح بساطه ثلاثة دورات حتّى خافوا السقوط، فسكنت الريح و نزل البساط، فقال سليمان للريح: لم سكنتي؟
فقالت: إنّ هنا يقتل الحسين (عليه السّلام) و هو سبط محمّد المختار و قاتله يزيد، فلعنه سليمان و أمّن على دعائه الإنس و الجنّ فهبّت الريح و سار البساط .
و أنّ عيسى (عليه السّلام) كان سائحا في البراري و معه الحواريّون فمرّوا بكربلاء فرأوا أسدا قد أخذ الطريق، فقال عيسى للأسد: لم جلست في هذا الطريق لا تدعنا نمرّ فيه؟
فقال بلسان فصيح: إنّي لم أدعكم تمرّوا حتّى تلعنوا يزيد قاتل الحسين سبط محمّد و قاتله لعين الوحوش و الذئاب و السباع خصوصا أيّام عاشوراء، فلعنه و أمّن الحواريّون فتنحّى الأسد عن الطريق .
تفسير {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37] ، و روى صاحب الدرّ الثمين في تفسير قوله تعالى: {فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ} [البقرة: 37] إنّه رأى على ساق العرش أسماء النبيّ و الأئمّة (عليهم السّلام) فلقّنه جبرئيل: قل يا حميد بحقّ محمّد يا عالي بحقّ علي يا فاطر بحقّ فاطمة يا محسن بحقّ الحسن و الحسين و منك الإحسان، فلمّا ذكر الحسين سالت دموعه و قال: يا جبرئيل في ذكر الخامس تسيل عبرتي و ينكسر قلبي قال:
هذا ولدك يصاب بمصيبة تصغر عندها المصائب؛ يقتل عطشانا غريبا وحيدا ليس له ناصر و لا معين و لو تراه يا آدم و هو يقول: و اعطشاه وا قلّة ناصراه حتّى يحول العطش بينه و بين السماء كالدّخان فلم يجبه أحد إلّا بالسيوف فيذبح ذبح الشاة من قفاه و ينهب رحله أعداؤه و تشهر رؤسهم هو و أنصاره في البلدان و معهم النسوان فبكى آدم بكاء الثكلى .
و روي عن بعض الثقاة: أنّ الحسن و الحسين (عليهما السّلام) دخلا يوم العيد إلى جدّهما (صلّى اللّه عليه و اله) فقالا: يا جدّاه اليوم يوم العيد و قد تزيّن أولاد العرب بألوان اللباس و ليس لنا ثوب جديد فبكى النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و لم يكن عنده ثياب لهما فقال: إلهي اجبر قلبهما و قلب امّهما فأتى جبرئيل (عليه السّلام) معه حلّتان بيضاوان من حلل الجنّة ففرح النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) فقال: يا سيّديّ شباب أهل الجنّة خذا أثوابا خاطها خيّاط القدرة، فلمّا رأيا الخلع بيضاء قالا: يا جدّاه جميع صبيان العرب لابسون ألوان الثياب، فأطرق النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) متفكّرا فقال جبرائيل: إنّ اللّه يفرح قلوبهما بأيّ لون شاء فأمر يا محمّد بإحضار الطشت و الإبريق و قال: يا رسول اللّه أنا أصبّ الماء و أنت تفركهما بيدك فوضع النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) حلّة الحسن في الطشت، و قال للحسن: بأيّ لون تريد حلّتك؟
فقال: أريدها خضراء ففركها النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) فاخضرّت كالزبرجد الأخضر فلبسها ثمّ وضع حلّة الحسين (عليه السّلام) في الطشت و كان له من العمر [خمس سنين] فقال له: أيّ لون تريد حلتك؟
فقال الحسين (عليه السّلام): يا جدّاه أريدها حمراء ففركها النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) في ذلك الماء فصارت حمراء كالياقوت الأحمر فلبسها الحسين (عليه السّلام) ففرح النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) بذلك و توجّها إلى أمّهما فرحين، فبكى جبرئيل (عليه السّلام) لمّا شاهد تلك الحال، فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله): يا أخي في مثل هذا اليوم الذي فرح فيه ولداي تبكي فباللّه عليك إلّا ما أخبرتني، فقال: اعلم يا رسول اللّه أنّ اختيار ابنيك على اختلاف اللون فلا بدّ للحسن أن يسقوه السمّ و يخضرّ لون جسده من عظم السمّ و لا بدّ للحسين أن يقتلوه و يذبحوه و يخضب بدنه من دمه، فبكى النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) و زاد حزنه لذلك .
و روي أنّه لمّا أتى الحسين (عليه السّلام) سنتان خرج النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله) إلى سفر فوقف في الطريق و دمعت عيناه فسئل عن ذلك فقال: هذا جبرئيل يخبرني عن أرض بشطّ الفرات يقال لها كربلاء يقتل فيها ولدي الحسين و كأنّي أنظر إليه و إلى مصرعه و مدفنه بها و كأنّي أنظر إلى السبايا على أقتاب المطايا و قد أهدى رأس ولدي الحسين إلى يزيد لعنه اللّه، فرجع من سفره مغموما مهموما فصعد المنبر و أصعد معه الحسن و الحسين، فلمّا فرغ من خطبه وضع يده اليمنى على رأس الحسن و يده اليسرى على رأس الحسين و قال: اللّهمّ هذان أطايب عترتي و قد أخبرني جبرئيل أنّ ولدي هذا مقتول بالسمّ و الآخر شهيد مضرّج بالدّم، اللّهم فبارك له في قتله و اجعله من سادات الشهداء فضجّ الناس بالبكاء و العويل فقال النبيّ (صلّى اللّه عليه و اله): أيّها الناس تبكونه و لا تنصرونه اللّهم فكن أنت له وليّا و ناصرا ألا انّه سيرد عليّ يوم القيامة ثلاث رايات من هذه الامّة؛ الاولى: راية سوداء مظلمة و فرغت منها الملائكة فتقف عليّ فأقول لهم من أنتم؟
فينسون ذكري و يقولون: نحن أهل التوحيد من العرب فأقول لهم: أنا أحمد نبيّ العرب و العجم، فيقولون: نحن من امّتك فأقول: كيف خلّفتموني من بعدي في أهل بيتي و كتاب ربّي؟
فيقولون: أمّا الكتاب فضيّعناه و أمّا عترتك فحرصنا أن نبيدهم عن جديد الأرض، فأعرض عنهم فيصدرون عطاشا مسودّة وجوههم، ثمّ ترد عليّ راية اخرى أشدّ سوادا من الأولى فأقول لهم: كيف خلفتموني في كتاب اللّه و عترتي؟ فيقولون: أمّا الأكبر فخالفناه و الآخر فمزقّنا كلّ ممزّق، فأقول: إليكم عنّي فيصدرون عطاشا مسودّة وجوههم، ثمّ ترد عليّ راية تلمع وجوههم نورا فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن أهل التوحيد و نحن بقيّة أهل الحقّ حملنا كتاب ربّنا و حلّلنا حلاله و حرّمنا حرامه و أجبنا ذرّية نبيّنا و نصرناهم و قاتلنا معهم، فأقول لهم: ابشروا فأنا نبيّكم محمّد ثمّ أسقيهم من حوضي فيصدرون مرويّين مستبشرين يدخلون الجنّة خالدين فيها أبد الآبدين .
و في الأمالي عن ابن عبّاس قال: كنت مع أمير المؤمنين (عليه السّلام) في خروجه إلى صفّين، فلمّا نزل بنينوى و هو شط الفرات قال: يا ابن عبّاس أتعرف هذا الموضع؟ قلت له: ما أعرفه يا أمير المؤمنين، فقال له: لو عرفته كمعرفتي لم تكن تجوزه حتّى تبكي كبكائي، فبكى طويلا حتّى سالت الدموع على صدره و بكينا معا و يقول: أواه أواه مالي و آل أبو سفيان حزب الشيطان، صبرا يا أبا عبد اللّه فقد لقي أبوك مثل الذي تلقى منهم فتوضّأ و صلّى ثمّ رقد، فلمّا انتبه قال: يابن عبّاس رأيت في منامي كأنّي برجال نزلوا من السماء معهم أعلام بيض قد تقلّدوا سيوفهم و هي بيض تلمع و قد خطوا حول هذه الأرض.
ثمّ رأيت كأنّ هذا النخل قد ضربت بأغصانها إلى الأرض تضطرب بدم عبيط و كأنّي بالحسين فرخي قد غرق فيه يستغيث فيه فلا يغاث و كان الرجال البيض قد نزلوا من السماء ينادونه و يقولون صبرا آل الرسول، فإنّكم ستقتلون على يدي شرار الناس و هذه الجنّة مشتاقة إليكم ثمّ يعزّونني و يقولون: يا أبا الحسن ابشر فقد أقرّ اللّه عينك يوم يقوم الناس لربّ العالمين ثمّ انتبهت و الذي نفس عليّ بيده لقد حدّثني أبو القاسم (صلّى اللّه عليه و اله) إنّي سأراها في خروجي إلى أهل البغي و هذه أرض كرب و بلاء يدفن فيها الحسين و سبعة عشر رجلا من ولدي و ولد فاطمة و انّها في السماوات معروفة تذكر أرض كرب و بلاء، يابن عبّاس اطلب في حولها بعر
الظباء و هي مصفرّة لونها لون الزعفران فطلبتها فوجدتها مجتمعة فناديته قد أصبتها فقام إليها فشمّها و قال: هي هي بعينها هذه الأبعار قد شمّها عيسى، و ذلك إنّه مرّ بها و معه الحواريّون فرأى هاهنا الظبا مجتمعة و هي تبكي فجلس و بكى مع الحواريّين فقالوا؛ يا روح اللّه ما يبكيك؟
قال: هذه أرض يقتل فيها فرخ الرسول و فرخ الحرّة الطاهرة شبيهة أمّي و هذه الظبا تكلّمني و تقول: إنّها ترعى في هذه الأرض شوقا إلى تربة الفرخ المبارك و زعمت أنّها آمنة في هذه الأرض ثمّ ضرب بيده إلى هذه البعر فشمّها و قال: هذه بعر الظبا على هذا الطيب لمكان حشيشها، اللّهمّ فابقها حتّى يشمّها أبوه فيكون له عزاء و سلوة، قال: فبقيت إلى يوم الناس هذا و قد اصفرّت لطول زمنها و هذه أرض كرب و بلاء، ثمّ قال: يا ربّ عيسى لا تبارك في قتله ثمّ بكى بكاء طويلا حتّى سقط لوجهه و غشى عليه، ثمّ أفاق فأخذ البعر فصره في ردائه و أمرني أن أصرّها كذلك ثمّ قال: يابن عبّاس رأيتها ينفجر دما عبيطا و يسيل منها دم عبيط، فاعلم أنّ أبا عبد اللّه قد قتل بها و دفن.
قال ابن عبّاس: فكنت احافظ عليها و لا أحلّها من طرف كمي فبينما أنا نائم في البيت إذ انتبهت فإذا هي تسيل دما عبيطا فجلست و أنا باك و قلت: قد قتل و اللّه الحسين فخرجت عند الفجر فرأيت المدينة كأنّها ضباب لا يستبين منها أثر عين ثمّ طلعت الشمس كأنّها منكسفة و كأنّ حيطان المدينة عليها دم عبيط، فبكيت و سمعت صوتا من ناحية البيت و هو يقول:
اصبروا آل الرسول قتل الفرخ الفحول
نزل الروح الأمين ببكاء و عويل
فأثبت عندي تلك الساعة و كان شهر المحرّم يوم عاشوراء فوجدته قبل ذلك اليوم، فحدّثت بهذا الحديث أولئك الذين كانوا معه فقالوا: و اللّه لقد سمعنا ما سمعت و نحن في المعركة و لا ندري ما هو فكنّا نرى أنّه الخضر (عليه السّلام) .
و في بشائر المصطفى: روي أنّ أمير المؤمنين (عليه السّلام) كان يخطب فقال: سلوني قبل أن
تفقدوني، فو اللّه لا تسألوني عن شيء مضى و لا عن شيء يكون إلّا نبأتكم به فقام إليه سعد بن أبي وقّاص فقال: اخبرني كم في رأسي و لحيتي من شعرة فقال: أما و اللّه لقد سألتني عن مسألة حدّثني رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و اله) إنّك تسألني عنها و ما في رأسك و لحيتك من شعرة إلّا و في أصلها شيطان جالس يلعنك، و إنّ في بيتك لسخلا يقتل ابن بنت رسول اللّه و آية ذلك مصداق ما خبّرتك به، و لولا أنّ الذي سألت يعسر برهانه لأخبرتك به ولكن آية ذلك ما أخبرتك به من لعنتك و سخلك الملعون، و كان ابنه عمر بن سعد في ذلك الوقت صبيّا يحبو، فلمّا كان من أمر الحسين (عليه السّلام) ما كان تولّى قتله .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|