أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-2-2019
2229
التاريخ: 29-01-2015
3786
التاريخ: 18-10-2015
3348
التاريخ: 2024-07-12
574
|
كيف يمكن قياس الحرب؟ وما هي القيم التي تمثلها؟ وما هي مواصفات الحرب الدينية وما هي ضرورتها؟ وما هو موقع الفرار الذي ادانه القرآن الكريم في ذلك النطاق؟ يمكن الاجابة على تلك الاسئلة عبر مقدمتين:
الاولى: ان الحرب تقع عندما يحاول طرفان متصارعان تحقيق اهدافهما المتعاكسة في وقت واحد. فالحرب هي وسيلة من اجل تحقيق هدف.والهدف من الجهاد في الطرف الاسلامي هو نشر العدالة الاجتماعية والحقوقية بين الناس وتمهيد الطريق للانسان لممارسة عبادة الله سبحانه دون اكراه. اما هدف الطرف المعادي المحارِب فهو الابقاء على الشرك وعبودية الاوثان والتشفع بالاحجار والظلم الاجتماعي. فالحرب ضد الشرك، من وجهة نظر اسلامية، قضية حتمية لابد ان تقع. بمعنى ان هناك استحالة تعايش بين الاسلام والشرك. فعلى سبيل النظرية لابد ان يفني احدهما الآخر . فالمشركون يأملون بافناء الدين، والمؤمنون متيقنون ببقاء الدين وفناء الشرك بفضل الوعد الالهي القائل: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81]، {... وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ} [الروم: 47].
الثانية: تعدُّ الحرب ضد المشركين عملية تبليغ متكاملة بالنسبة للدين. فلا شك ان عناصر العملية التبليغية متواجدة على الساحة وهي:
1 _ المبلِّغ وهو رسول الله (صلى الله عليه واله) وجيشه.
2 _ والمخاطَبون وهم المشركون وغيرهم.
3 _ والرسالة المراد تبليغها وهي رسالة الدين. وتلك العملية التبليغية الكبرىتستثمِر منطق الحق والكلمة الطيبة في البداية ولا تستخدم العنف، الا اذا استخدمها الطرف المقابل. فالهدف ليس مجرد الدخول في قتال ضد العدو كما كان يحصل في حروب الجاهلية قبل الاسلام، بل ان الهدف المعلن هو ان تمتلئ الارض بالموحدين كما اشار تعالى الى ذلك: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ...} [الأنفال: 39].
وفي ضوء تلك المقدمتين يمكن قياس الحرب ضد المشركين على اساس انها كانت رسالة تبليغية كبرى ضد الشرك في العالم. ولم تكن حرباً بين جارين يتصارعان على الغنيمة او الاراضي او السيادة. بل كانت الحرب وسيلة فعالة هدفها كسر شوكة الشرك والوثنية، واقامة حكم الله على الارض. ومن هنا نفهم استماتة علي (عليه السلام) في قتال المشركين ودوره الحاسم في نصر الاسلام واقامة اركانه ودعائمه. فلا ريب ان تشير فاطمة الزهراء (عليه السلام) الى اهل البيت (عليه السلام) بانهم: اركان الدين ودعائمه.
ومن هذا المنطلق ندرك ان التولي عند الزحف يعدُّ هنا بمثابة فرار من تحقيق الاهداف العليا للدين في الارض. والذين فرّوا يوم حنين ساهموا _ بشعور او دون شعور _ بتقوية اركان الشرك وكسر شوكة الاسلام. ولولا وقوف علي (عليه السلام) وبعضٍ من بني هاشم مع رسول الله (صلى الله عليه واله) لانكسرت شوكة الاسلام الى الابد. ولكن الله سبحانه حفظ الرسالة الالهية بالاطهار من اهل بيت النبوة (عليه السلام) الذين كانوا يرون الهدف الاسلامي من الحرب ضد المشركين واضحاً جلياً. وكانوا (عليه السلام) _ على طول التأريخ _ لا يفرون من العدو، لانهم كانوا لا يهابون الموت في سبيل الله.
ان الحرب في الاسلام يمكن ان تقاس على انها حرب فعلاً اذا توفر فيها شرطان:
الاول: ان تكون لدى شريحة من المسلمين : «الطاقة والقابلية» على الدخول في حرب. وقد كانت الباقة الهاشمية تمثّل تلك الطاقة الهائلة في الدخول في لهيب الحرب.
الثاني: ان تكون لدى تلك الشريحة «الرغبة والاندفاع الذاتي» في الدخول في حرب ضد المشركين. وقد كانت تلك الرغبة وذاك الاندفاع واضحين عند اهل بيت النبوة (عليه السلام) ايضاً.
ولذلك فان غزوة حنين تعتبر معركة، لان الذين صمدوا مع رسول الله (صلى الله عليه واله) من بني هاشم استماتوا في القتال ضد المشركين وحماية رسول الله (صلى الله عليه واله). فهنا ينطبق على غزوة حنين اصطلاح « المعركة » مع ان اغلب المسلمين فرّوا من ساحتها في بداية الامر. ولو لم يكن حضور اهل البيت (عليه السلام) فيها كالنبي (صلى الله عليه واله) والامام (عليه السلام)، لم تعدّ تلك الواقعة «معركة» حتى لو كان عدد المسلمين فيها كبيراً.
وقد اشار الى ذلك بالقول: {... وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} [التوبة: 25].
فالكثرة العددية _مع عدم وجود الطاقة او الرغبة الدينية _ لا تصنع حرباً ولا تشكل معركة يعتدُّ بها العدو. فأي معركة تلك حينما يهرب المقاتلون في اللحظات الاولى من شروعها؟
فللحرب اذن، شروطها وجنودها ومؤهلاتها. وما لم تتوفر الشروط المناسبة، وما لم يتواجد الجنود المخلصون الابطال المتفانون، وما لم يتقدم اصحاب المؤهلات في عملية الصراع مع الشرك، فان الحرب لا يمكن ان تحقق انتشاراً للاسلام ولا ايماناً به. ولا شك ان للحرب جذوراً اجتماعية ودينية وتبليغية. واذا لم يتم الاشتباك مع العدو والانتصار عليه، فان نتائج الحرب ستكون وخيمة على المسلمين والاسلام اجتماعياً ودينياً. ولذلك فان الباقة الهاشمية التي وقفت بجنب رسول الله (صلى الله عليه واله) يوم حنين تُعدّ في الواقع القاعدة المتينة المضحية التي حفظت الدين ودافعت بمهجها وارواحها عن رسالة السماء الى الابد.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|