المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
القيمة الغذائية للثوم Garlic
2024-11-20
العيوب الفسيولوجية التي تصيب الثوم
2024-11-20
التربة المناسبة لزراعة الثوم
2024-11-20
البنجر (الشوندر) Garden Beet (من الزراعة الى الحصاد)
2024-11-20
الصحافة العسكرية ووظائفها
2024-11-19
الصحافة العسكرية
2024-11-19

Ferromagnetic phenomena
18-2-2021
الفتن في البصرة وهجوم القرامطة أيضًا.
2024-11-05
Brahmadeva
22-10-2015
الإِدماج
26-03-2015
التصنيف البنيوي للمدن - المدن الإشعاعية
18/10/2022
مفهوم تعسف الأغلبية المساهمة
2023-03-06


فتح مكة: استراتيجية جاء الحق وزهق الباطل  
  
2717   01:44 مساءً   التاريخ: 23-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 433-437.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

 ان الآية الشريفة: {وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا} [الإسراء: 81] حبلى بالمعاني العديدة التي يمكن ان يستظهرها ذهن العالِم بأحكام الدين وتشريعاته. ومن تلك المعاني نظرية «حتمية ازهاق الشرك والظلم وحتمية انتصار الدين» على المدى البعيد. فتلك النظرية تعرض علينا امكانية صياغة استراتيجية الاسلام بالنسبة للدنيا والتأريخ. فالدين هو الحق، والكفر هو الباطل. ولابد ان ينتصر الدين ويندحر الباطل ويموت. لان الحق باقٍ الى الابد، والباطل ميتٌ الى الابد بظهور الاسلام وانتشاره في آفاق الارض. وفي الآية دلالة على ان الباطل لا دوام له ومصيره الهلاك كما قال تعالى في مكان آخر عن الباطل حيث مثّله بالشجرة الخبيثة: {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم: 26].

وفي هذه المناسبة لابد من استخدام بعض المصطلحات الحديثة التي دخلت قاموس اللغة الاجتماعية والسياسية وهما اصلاحا: البعيد المدى «الاستراتيجية»، والقصير المدى «التكتيك». وهما مصطلحان اعجميان دخلا اللغة العربية. فالمعروف في الاوساط العلمية: ان التكتيك هو حركة ميكانيكية لاجسام وضعت في مسار بواسطة الخطة الاستراتيجية. وبتعبير اوضح ان الاعمال التي تتطلب زمناً طويلاً في الانجاز تحتاج الى خطة وتصميم مسبق، وتحتاج ايضاً الى من يقوم بالحركة الآن هو ما يُسمّى بالمدى القصير او التكتيك. فحركة السيارة او العربة هو تكتيك لخطة يضعها السائق من اجل الوصول الى المدينة المقصودة «الاستراتيجية».

واذا كانت الحرب تكتيكاً قصير المدى، فان التخطيط لها واستثمار نتائجها في النصر هو استراتيجية بعيدة المدى. وقد كان فتح مكة من هذا القبيل فقد كان الفتح جزءً من خطة مستقبلية بعيدة المدى لنشر الاسلام خارج حدود الجزيرة العربية ليصل العالم الواسع كله.

وبصورة اخرى، فان النهوض بأعباء الرسالة السماوية من اجل نشرها في العالم الى يوم القيامة لا يمكن ان يتم ما لم يجتزِ المسلمون مرحلة الانتصارالنهائي على الشرك في الحروب التكتيكية التي كان يخوضها علي (عليه السلام) جنباً الى جنب مع رسول الله (صلى الله عليه واله)، ثم ينتقلون الى مرحلة الاستراتيجية البعيدة المدى. فهنا انتقل المسلمون من مرحلة الدائرة المحلية الى مرحلة الدائرة العالمية. فالاسلام انذارٌ وبشارةٌ {كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: 28]، بعد ان كان الانذار محصوراً بـ {أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا} [الأنعام: 92] ومن قبلها بـ {عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214].

كان رسول الله (صلى الله عليه واله) يخطط لاهداف استراتيجية بعيدة المدى في المعارك التي كان يخوضها، لانه كان (صلى الله عليه واله) مسدداً بالوحي، ولانه كان قائداً عسكرياً ملهماً من الطراز الاول، مكلّفاً بدعوة الناس جميعاً الى الاسلام. وكان علي (عليه السلام) الى جنبه دائماً الوسيلة القوية «التكتيك» التي تحقق نبؤات المصطفى (صلى الله عليه واله) وطموحاته في نشر الدين على بقاع المعمورة. والاستراتيجية لا يمكن ان تحقق اهدافها ما لم يكن التكتيك فعّالاً وحيوياً.

ولا شك ان تكتيك المعركة في ذاك الوقت كان ينصبّ على شجاعة المقاتل بالدرجة الاولى وبطولته القوى في انتزاع النصر من العدو. لان معارك الاسلام الاولى ضد الشرك كانت معارك بريّة بسلاح رئيسي واحد هو السيف. فلم تكن هناك معارك جويّة أو بحرية او برية كما هو الحال اليوم مع عشرات الانواع من الاسلحة المعقدة. ولذلك فان أي معركة اسلامية تقع بدون وجود بطل استثنائي مقدام كعلي (عليه السلام) لا يكتب لها النصر. فلم يحقق المسلمون شيئاً في معارك غاب عنها علي (عليه السلام) كمعركة ذات السلاسل قبل دخوله فيها، ومعركة خيبر قبل استلامه (عليه السلام) الراية، ومعركة مؤتة التي لم يحضرها.

ان فلسفة الزمان والمكان تدعونا للايمان بأن نزول الرسالة السماوية في ذلك الوقت وفي تلك البقعة من الارض، كان له معانٍ ساميةٍ تبقى مع التأريخ والبشرية الى يوم القيامة. فقد كان ذلك الزمان وسطاً بين تأريخ سابق وتأريخ لاحق، وكان ذلك المكان ولا يزال قلب العالم قديماً وحديثاً. وبذلك فاناحداثاً جسيمة - كأحداث الاسلام ومعاركه ضد الشرك - ستبقى في ضمير البشرية يمكن فهمها واستيعاب معانيها الجليلة الى آخر يوم يعيش الانسان فيه على وجه الارض. ولا شك ان احداثاً جسيمة كتلك كانت تقتضي وجود بطل عظيم مطيع يذود عن رسول الله (صلى الله عليه واله) المخاطر، ويستوعب اهداف الرسالة، وعلى استعداد تام للتضحية من اجل مبدأه. فكان الامام (عليه السلام) يمثّل ذلك الرجل المثالي الذي تفهمه البشرية في كل وقت وتفهم بطولته النادرة وتضحياته الجسيمة من اجل الاسلام.

وبلحاظ فلسفة الزمان والمكان لابد من الايمان بأن اساليب القتال تتغير وتتبدل من زمن لزمن ومن مكان لمكان، الا ان الثابت الذي نفهمه في كل جيل هو اخلاقية الحرب وتعامل المحاربين فيها وطبيعة دوافعهم الخيّرة. واذا فهمنا ذلك وآمنّا بأن اخلاقية الاسلام في الحروب كانت القمّة في الكمال استطعنا فهم بطولة علي (عليه السلام) وتضحياته في سبيل مبدأه وعقيدته. واذا كان قول النبي (صلى الله عليه واله) للامام (عليه السلام): «ايه ايه. جاء الحق وزهق الباطل . ان الباطل كان زهوقاً» يُفسَر بأن الحق قد انتصر وسوف ينتصر، وان الباطل قد سُحق وسوف ينهزم في كل مرّة يتواجد فيها مؤمنون مخلصون متفانون ؛ فاننا لابد ان نؤمن بأن تلك هي اهداف استراتيجية بعيدة المدى للاسلام ولرسالته السماوية. ومن هنا نفهم ان فتح مكة كان البوابّة العظمى للانفتاح على البشرية في القلب والعقل والادراك على طول الزمن.

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.