وفي الافعال التي وردت على صيغة المبني المجهول ،وانواعها

قد وردت افعال مبنية للمجهول بأصل الوضع ، والوارد من ذلك على نوعين⁽¹⁾ :

احدهما : مالم يرد عن العرب له فعل مبني للمعلوم ، وذلك نحو " زهى ، وعنى ، وزكم⁽²⁾ ، وحم ، وجن ، وسل ، شده ، وامتقع لونه " .

ثانيهما : ما ورد له فعل مبني للفاعل ،ولكن استعمال المبني للمجهول اكثر من استعمال المبني للمعلوم ، وذلك نحو " هزل ، ونتج ، وطل دمه ، وزكم ".

واعلم ان العلماء قد  اختلفوا في صيغتي المبني للمعلوم والمبني للمجهول : اهما اصلان ليس احدهما متفرعا عن الآخر ، ام ان المبني للمعلوم اصل للمبني للمجهول ؟

وقد ذهب الى الاول الكوفيون ، والمبرد ، وابن الطراوة ونسبه الى سيبويه ، وزعموا انه لو كان المبني للمجهول فرعا عن المبني للمعلوم لما جاءت افعال ملازمة للفرعية من غير ان تجيء على ما هو الاصل .

اما نحن فنختار الثاني ، ولا نلتزم ان يوجد الاصل لوجود الفرع ، وفكثيرا ما يهمل العرب اصل الشيء ، ويستعملون فرعه ؛ وليس بعيدا عليك ان تذكر اشباه ذلك ؛ فقد

ص215

ظهر لك في باب " الفعل الجامد والمشتق " انه قد اميتت بعض الافعال الماضية واستعمل مضارعها وامرها نحو " يذر ، ويدع " وانت لا تشك في ان المضارع والامر فرع عن الماضي ، وكذلك قد اهملت بعض المفردات واستعملت جموعها ، نحو " ملامح ، ومحاسن ، وأباطيل ، واعاريض " كما استعملوا بعض المصغرات من غير ان يستعملوا لها مكبرا ، نحو " رويد ، وكميت " ولا شك ان الجمع فرع عن المفرد ، والمصغر فرع عن المكبر ؛ فحيث جاز لك في هذه الاشياء ولم يقدح في اصالة المفرد والمكبر ؛ فإنه يجوز هنا من غير ان يقدح فيما اخترناه

ص216

________________________

(1) لمحمد بن علان الصديقي المتوفى في سنة 1057 من الهجرة رسالة ذكر فيها ما وقع له من هذين النوعين .

(2) من العلماء من انكر المبني للمعلوم من هذا ، لا جرم ذكر هذا الفعل في النوعين ، فذكره في كل نوع على رأي .