أقرأ أيضاً
التاريخ: 16-02-2015
1246
التاريخ: 16-02-2015
3925
التاريخ: 17-02-2015
1786
|
وينبغي أن يعلم أن بين التصريف والاشتقاق نسبا قريبا، واتصالا شديدا؛ لأن التصريف إنما هو أن تجيء إلى الكلمة الواحدة فتصرفها على وجوه شتى،
ص3
مثال ذلك أن تأتي إلى "ضَرَبَ" فتبني منه مثل "جَعْفَر" فتقول: "ضَرْبَب", ومثل "قِمَطْر": "ضِرَبّ", ومثل "دِرْهَم": "ضِرْبَب"، ومثل "عَلِم": "ضَرِب"، ومثل "ظَرُف": "ضرُب"، أفلا ترى إلى تصريفك الكلمة على وجوه كثيرة. وكذلك الاشتقاق أيضا، ألا ترى أنك تجيء إلى الضرب الذي هو المصدر فتشتق منه الماضي فتقول: "ضَرَبَ"، ثم تشتق منه المضارع فتقول: "يضرب"، ثم تقول في اسم الفاعل: "ضارب"، وعلى هذا ما أشبه هذه الكلمة. أولا ترى إلى قول رؤبة في وصفه امرأة بكثرة الصخب والخصومة: (تشتق في الباطل منها المُمْتَذَق) وهذا كقولك: تتصرف في الباطل، أي: تأخذ في ضروبه وأفانينه. فمن ها هنا تقاربا واشتبكا, إلا أن التصريف وسيطة بين النحو واللغة يتجاذبانه، والاشتقاق أقعد في اللغة من التصريف. كما أن التصريف أقرب إلى النحو من الاشتقاق، يدلك على ذلك أنك لا تكاد تجد كتابا في النحو إلا والتصريف في آخره, والاشتقاق إنما يمر بك في كتب النحو, منه ألفاظ مشردة لا يكاد يعقد لها باب. فالتصريف إنما هو لمعرفة أنفس الكلم الثابتة، والنحو إنما هو لمعرفة أحواله المتنقلة، ألا ترى أنك إذا قلت: "قام بكر، ورأيت بكرا، ومررت ببكر" فإنك إنما خالفت بين حركات حروف الإعراب لاختلاف العامل، ولم تعرض لباقي الكلمة, وإذا كان ذلك كذلك فقد كان من الواجب على من أراد معرفة النحو أن يبدأ بمعرفة التصريف؛ لأن معرفة ذات الشيء الثابتة ينبغي أن يكون أصلا لمعرفة حاله المتنقلة، إلا أن هذا الضرب
من العلم لما كان عويصا صعبا بُدِئ قبله بمعرفة النحو، ثم جيء به بعد؛ ليكون الارتياض في النحو موطئا للدخول فيه، ومعينا على معرفة أغراضه ومعانيه, وعلى تصرف الحال. فمن أمدّه الله بصفاء القريحة، وأيده بمضاء الخاطر والروية، وواصل الدرس، وأجشم النفس، وهجر في العلم لَذَّاته، ووهب له أيام حياته؛ امتاز من الجمهور الأعظم، ولحق بالصدر المقدم، ولحظته العيون بالنفاسة، وأشارت إليه الأصابع بالرياسة، وكان موفقا لما يرفعه ويُعْليه، مسددا فيما يقصد له وينتحيه.
ص5
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|