إقتبس محمد أحكام الحج والزكاة وتشريع حرمة الزنا والنظرة الى التجارة من اليهود والنصارى والساميين والجاهلية |
1737
07:20 صباحاً
التاريخ: 13-1-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-11-2016
1279
التاريخ: 14-1-2019
1667
التاريخ: 18-11-2016
907
التاريخ: 13-1-2019
2258
|
[نص الشبهة] : يقول ( فير T. H. Weir ) تحت مادّة ( الجاهليّة ) : (... ولكنّه [محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم] وجد الحجّ إلى الأماكن المقدّسة متأصّلاً في نفوس العرب لا يستطيع له دفعاً. وكان قصاراه أَلاّ يُبقي من بيوت العبادة إلاّ على بيتٍ واحد، جعله بيت الله الواحد )(1) .
ويفصّل ( فنسنك ) أكثر فيقول تحت نفس المادّة : ( إنّ الوقوف في سهل عرفات من أهمّ مناسك الحجّ ، فالحجّ بدون الوقوف باطل في الإسلام ، وإنّما يُفسّر هذا الأمر بأنّه أثر لفكرة جاهليّة ، وقد وازن ( هوتسما Houtsma ) بين الوقوف وبين إقامة بني إسرائيل على جبل سينا ، فهؤلاء يعدّون أنفسهم لهذه الإقامة بالامتناع عن النساء وبغسل ثيابهم ، وبذلك يقفون أمام الرب، وعلى هذا النحو لا يقرب المسلمون النساء ويرتدون ثياب الإحرام ويقفون أمام الخالق في سفْح جبلٍ مقدّس )(2) .
ويقول ( فنسنك ) تحت مادّة ( إحرام ) : ( ونلاحظ أنّ ثوب الإحرام ربّما كان الثوب المقدّس عند قدماء الساميّين ، إذْ إنَّ الجزء الأعلى من الثوب الذي كان يرتديه الكاهن الأعظم في (العهد القديم) كان غير مخيط .. ويرتدي كهنة اليهود الأفود ( الصُّدرة ) حول الحرقفتين والمَيل حول الكتفين .ونجد لهذا نظيراً في الإسلام عند الصلاة وفي تكفين الميّت ، وكان العرب في جاهليّتهم عند الكهانة يلبسون رداءً ومِئزراً ، كما كان الزهّاد المتأخّرون يرتدون مثل هذا الثوب . يُضاف إلى ذلك أنّ اللون الأبيض يُعدُّ مقدّساً في كثير من الأديان... فلباس الإحرام والحالة هذه قديم جدّاً ولا يرجع أصله للإسلام . زد على ذلك أنّ لبس الحِذاء محرمٌ كذلك... وهذه عادة ساميّة قديمة كذلك... ويجب كذلك على المُحرِم أنْ لا يُغطّي رأسه ، وربما كانت هذه عادة من عادات الحزن قبل الإسلام )(3) .
وينقل ( فنسنك ) رأي ( سنوك هجروينيه ) في هذا الموضوع فيقول في مادّة ( إحرام ) : ( إنّ محرّمات الإحرام قد غدت قاسيةً في نظر النبيّ ، لذلك نجده أثناء مكثه في مكّة قبل الحجّ يتحلّل من هذه المحرّمات ،... وعلى ذلك فإنّ ما تراءى للنبيّ ومعاصريه أنّه إهمال يستوجب التكفير قد غدا في نظر الأجيال اللاحقة أمراً مُباحاً... وقد منع الشرع المُحْرِم من جملة أُمور : النكاح والتطيّب وإراقة الدم والصيد ، كما حرّم اقتلاع النبات . ونلاحظ بهذه المناسبة أنّ بعض الأديان الساميّة يُحرّم النكاح في حالات أُخرى ، ونخصّ بالذكر من هذه الأديان ما يقول بالتوحيد . وكان إهمال العناية بالبدن ظاهرةً معروفة بين الشعوب الساميّة في الأحوال الدينيّة ، وتُصوّر لنا الروايات أنّ النادبات في الجاهليّة كنّ قذِرات ذوات شعرٍ أشعث ، ويمتنع اليهود مدّة حدادهم عن الاستحمام وتقليم الأظافر. ويذكرون أنّ الحجّاج في الجاهليّة وفي عصر النبيّ كانوا يضمّخون شعورهم وقت الإحرام تخفيفاً لوطأة القذارة )(4) .
كما يقول ( بول Fr. Buhl ) تحت مادّة ( الجمرة ) : ( ورمي الجمرات شعيرة أخذها الإسلام عن الوثنية فلم ينصّ عليها صراحة في القرآن ، ولكنّها ذكرت في سير النبيّ وفي الحديث )(5).
ويسلك ( شاخت Josephj Schacht ) نفس نهج أضرابه فيقول تحت مادّة ( زكاة ) : ( إنّ النبيّ استعملها بمعنىً أوسع من ذلك بكثير ، أخذاً عن استعمالها عند اليهود ( في اليهوديّة ـ الآراميّة : زاكوت )... ولمّا كان محمّد قد عرّف التقوى من هذا الوجه ، على أنّها من مميّزات الأديان المنزَّلة ، فإنّه من أوّل الأمر قد اعتبر البرّ من الفضائل الكبرى التي يتحلّى بها المؤمن الحقّ ( انظر سورة الرعد ، آية 22، سورة فاطر، آية 29)(6) .
ويضيف ( شاخت ) قائلاً : ( وترد كلمة صدَقة مرادفة لكلمة زكاة تقريباً ، ولا ريب أنّ النبيّ (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد عرَف ذلك من يهود المدينة معرفةً أدق . ولم يلبث معنى الزكاة أنْ تأثّر في المدينة أيضاً بتغيّر الأحوال )(7) .
وينقل شاخت حديثه إلى مادّة ( زنى ) فيقول : ( أمّا في القرآن فقد جاء النهي عن الزنا ، وأنّ العفّة من صفات المؤمنين ، ويظهر أنّ ذلك كان تحت تأثير اليهوديّة أو النصرانيّة )(8) .
أمّا ( هفننج Heffening ) فيقول : ( لكن محمّداً قد رفع في الوقت نفسه صوته محذّراً من الشرور التي بدأت تقترن بالتجارة، فقال : إنّ التجارة ينبغي أنْ تكون على مقتضى الشرع والعدل . وقد جاء في سورة المُطَفِّفِينَ : {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } [المطففين: 1 - 3] ، ( انظر سورة الرحمن ، الآيات 7 إلى 9 ، ومن العهد المكّي الثالث سورة الأنعام ، الآية 15 ، سورة الأعراف الآية 84 ) .
وقد تغيّرت نظرة النبيّ بعد ذلك تغيّراً معيّناً يجب أنْ نردّه إلى العهد المكّي ، ولو أنّه ليس في القرآن شواهد على ذلك إلاّ في سور العهد المدني ، إذ تحوّلت نظرته إلى التجارة بفعلِ آراء الزهّاد من النصارى . وهو لم يحرّمها ، وإنّما رأى فيها ما قد يعوق المؤمنين عن عبادة الله ، ويصرفهم عن الصلاة ، ويظهر هذا بأجلى بيان في وصف الأديار الذي ورد في سورة النور المدنيّة : {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ} [النور: 37] ، ومهما يكن من شيء فإنّ المحصّل مِن هذه الآية أنّ النبيّ كان يدرك إدراكاً تامّاً للتجارة من آثار سيّئة في الحياة الدينيّة . وكان من نتيجة تسلسل هذه الأفكار أنّ التجارة حرّمت في السور المدنيّة تحريماً باتّاً إذا نُوديَ للصلاة من يوم الجمعة . وشاهد ذلك سورة الجمعة ، الآيات من 9 إلى 11 . ومن جهةٍ أُخرى أحلّ الرسول في أواخر العهد المدني البيع إبان الحج ( سورة البقرة ، آية 397 )(9)(10) .
[جواب الشبهة] : قول ( فير ) تحت مادّة ( الجاهليّة ) وقول ( فنسنك ) تحت مادّة ( أصل الحجّ في الإسلام ) ، وقوله أيضاً تحت مادّة ( إحرام ) ، وما نقله عن ( سنوك هجروينيه ) تحت نفس المادّة ، وقول ( بول ) تحت مادّة ( الجمرة ) ، وقول ( شاخت ) تحت مادّة ( زكاة ) وقوله أيضاً تحت مادّة ( زنى ) ، وقول ( هفننج ) تحت مادّة ( التجارة ) ، يرد عليها جميعاً ما أوردناه سابقاً على قول ( هيك ) تحت مادّة ( سحر ) وهو : قول ( هيك ) تحت مادّة ( سحر ) : فيه انسياقٌ واضح مع إنكار الوحي الإلهي للرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) [وجوابه في الصفحة (313-346) من هذا الكتاب في موضوع ادّعاء النبيّ محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وابتكاره واصطناعه وتأثره بمَن حوله] .
[على انه] لم يسُق إلينا القائل دليلاً واحداً ولا شاهداً على مدّعاه .
إلاّ أنّه لا يعدم وجود تقارب والتقاء في بعض المفاهيم والعقائد والأحكام والإسلاميّة مع الأديان السابقة كالمسيحيّة واليهوديّة ؛ لأنّ الإسلام لا ينكر تلك الأديان ، ولا ينكر الرسُل الذين أرسلهم الله سبحانه بها ، ولا الكتب المنزّلة من لدنه تعالى عليهم ، كالتوراة والإنجيل ، بل يصرّح بأنّه خاتم الأديان وأكملها ، وأنّ القرآن المجيد خاتم الكتب ، والرسول الكريم ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) خاتم الأنبياء وأكملهم ، إلاّ أنّه يعتقد بأنّ يد التحريف قد طالت هذه الأديان والكتب ، كما يعتقد أنّ النسخ حصل للعديد من الأحكام التشريعيّة (11) الواردة فيها ، وما تبقّى من الصحيح وغير المنسوخ منها يُقارب ويلتقى عادة مع ما جاء به الإسلام ؛ لأنّه من سراجٍ ومصدرٍ واحد .
يُضاف إلى ذلك أن هذه الأقوال فيها روح الإنكار للوحي الإلهي للرسول محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، وخصوصاً ما هو تحت مادّة ( الجاهليّة ) ومادّة ( أصل الحجّ في الإسلام ) ومادّة ( إحرام ) ، إذ يكفيها جواباً أنّ القرآن الكريم يُصرّح في أكثر من آيةٍ كريمة ، أنّ بيت الله الحرام هو واحد ، وقد أقام قواعده نبيّ الله إبراهيم ( عليه السلام ) وولده نبي الله إسماعيل ( عليه السلام ) وذلك في قوله تعالى : {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127] ، ثمّ أمر الله سبحانه نبيّه إبراهيم ( عليه السلام ) أنْ يُطهّر هذا البيت لأداء عبادة الحجّ الإلهي ، حيثُ جاء في القرآن الكريم عن ذلك : {وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } [الحج: 26، 27] ، وقوله تعالى أيضاً : {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125].
واستمرّ الحال زمناً طويلاً حتّى أفسد أهل الجاهليّة هذا الحجّ الإبراهيمي ، وحرّفوه عن شرعته الإلهيّة باتّخاذهم الأصنام في بيت الله وشعائر الحجّ الأخرى شركاء لله سبحانه يتقربون إليها دونه تعالى ، ومحقوا صورته الأولى التي شرّعها الله لنبيّه إبراهيم ( عليه السلام ) ، واستبدلوها بالدجل والهراء ، حتّى وصفهم القرآن الكريم بقوله : {وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً} [الأنفال: 35] ، فأمر الله تعالى نبيّه الكريم محمّداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، بإعادة عبادة الحجّ الإلهي إلى صورته الأُولى ، إمضاءً لشريعة إبراهيم ( عليه السلام ) فيها ، حيثُ قال في قرآنه المجيد : { إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ * فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } [آل عمران: 96، 97].
كما أنّ قول ( بول ) تحت مادّة ( الجمرة ) : جهلٌ منه أو تجاهل ، فإنّ كثيراً من مفردات الشريعة الإسلاميّة جاءت كليّات في القرآن الكريم ، ثمّ فصّلها الرسول ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) في حديثه وسيرته الشريفة ، بوحيٍ وإلهامٍ من الله سبحانه وتعالى .
ــــــــــــــــــــــ
(1) دائرة المعارف الإسلاميّة 6 : 267.
(2) المصدر 7 : 301 .
(3) المصدر 1 : 444 ـ 445 .
(4) راجع : المصدر 1 : 444 ـ 445 .
(5) المصدر 7 : 103 .
(6) المصدر 10: 356 .
(7) المصدر 10 : 357 .
(8) المصدر 10 : 411 .
(8) وقد ورد رقم الآية في دائرة المعارف الإسلاميّة خطأً ، والصحيح 198 .
(10) المصدر 4 : 582 .
(11) لأنّ النسخ ينحصر أمره بالأحكام التشريعيّة دون العقائد والوقائع ، إنّما الذي يحصل في الأخيرين هو الإجمال أو التفصيل ، والبيان لمفرداتها بما يتناسب وتطوّر الإدراك والفكر البشري والمناسبات الموضوعيّة لها.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مكتبة أمّ البنين النسويّة تصدر العدد 212 من مجلّة رياض الزهراء (عليها السلام)
|
|
|