أقرأ أيضاً
التاريخ: 26-05-2015
914
التاريخ: 3-1-2019
1893
التاريخ: 2-1-2019
1026
التاريخ: 5-1-2019
863
|
لما قتل [ أمير المؤمنين علي بي أبي طالب عليه السلام ] افترقت الشيعة التي قالت سابقاً بإمامة أمير المؤمنين إلى ثلاث فرق، منها قالت أن علياً (عليه السلام) لم يقتل ولم يمت ولا يموت حتى يملك الأرض ويسوق العرب بعصاه ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، كما ملئت ظلماً وجوراً ، وهذه هي ثاني فرقة في الإسلام قالت بالوقوف بعد النبي (صلى الله عليه واله) ثم غالت في ذلك.
كتب التراجم والفرق والمذاهب والكتب الرجالية القديمة توعز نشوء هذه الفرقة إلى عبد الله بن سبأ وهذا مما ترجم له في أغلب الكتب ، قديماً وحديثاً ، فمثلاً : ذكر النوبختي المتوفى بين عام 300 ـ 310 هـ في كتابه ( فرق الشيعة ) ، وأبو خلف سعد بن عبد الله الأشعري القمي المتوفى سنة 301 هـ ذكره في كتابه المقالات والفرق وذكره الكشي المتوفى في ق 4 هـ في رجاله ، والطوسي المتوفى عام 460 هـ ذكره في رجاله ، والشهرستاني المتوفى عام 548 هـ والعلامة الحلي وابن داوود وابن طاووس والمجلسي ومن المتاخرين الشيخ عبد الله المامقاني والسيد مرتضى العسكري ، والسيد الخوئي.
ويجدر بنا أن نذكر طرفاً من تلك المقولات نسب إلى عبد الله بن سبأ :
1 ـ قال أبو خلف الأشعري ... وهذه الفرقة تسمى السبائية أصحاب عبد الله بن سبأ وهو عبد الله بن وهب الراسبي الهمداني وساعده على ذلك عبد الله بن حرس وابن أسود وهما من أجلة أصحابه ، وكان أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم وادعى أن علياً (عليه السلام) أمره بذلك ، وأن التقية لا تجوز ولا تحل ، فأخذه علي وسأله عن ذلك فأقر به وأمر بقتله ، فصاح الناس إليه من كل ناحية يا أمير المؤمنين أتقتل رجلاً يدعو إلى حبكم أهل البيت وإلى ولايتك والبراءة من أعدائك فسيره إلى المدائن ، ثم قال : وحكي جماعة من أهل العلم : أن عبد الله بن سبأ كان يهودياً فأسلم ووالى علياً ، وكان يقول وهو على يهوديته في يوشع بن نون وصي موسى بهذه المقالة ، فقال في إسلامه بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) في علي بمثل ذلك ، وهو أول من شهد بالقول بفرض إمامة علي بن أبي طالب ، وأظهر البراءة من أعدائه وكاشف مخالفيه وأكفرهم.
فمن ها هنا من خالف الشيعة : إن اصل الرفض مأخوذ من اليهودية ، ولما بلغ ابن سبأ وأصحابه نعى علي وهو بالمدائن وقدم عليهم راكب فسأله الناس فقالوا : ما خبر أمير المؤمنين ، قال ضربه أشقاها ضربة قد يعيش الرجل من أعظم منها ويموت من وقتها. ثم اتصل خبر موته فقالوا للذي نعاه كذبت يا عدو الله لو جئتنا والله بدماغه ضربة فأقمت على قتله سبعين عدلاً ما صدّقناك ، ولعلمنا أنه لم يمت ولم يقتل أنه لا يموت حتى أماخوا بباب علي فاستأذنوا عليه استئذان الواثق بحياته والطامع في الوصول إليه ، فقال لهم من حضره من أهله وأصحابه وولده. سبحان الله ما علمتم أن أمير المؤمنين قد استشهد ، قالوا إنا لنعلم أنه لم يقتل ولا يموت حتى يسوق العرب بسيفة وسوطه كما قادهم بحجته وبرهانه وأنه ليسمع النجوى ويعرف تحت الديار العتل ويلمع في الظلام كما يلمع السيف الصقيل الحسام ...
وقالوا بعد ذلك في علي أنه إله العالمين وأنه توارى عن خلقه سخطاً منه عليهم وسيظهر (1).
2 ـ ذكر الكشي في رجاله عن محمد بن قولويه القمي بإسناده عن عبد الله ابن سنان قال حدثني أبي جعفر (عليه السلام) أن عبد الله بن سبأ كان يدعي النبوة ويزعم أن أمير المؤمنين (عليه السلام) هو الله ، تعالى عن ذلك.
فبلغ ذلك أمير المؤمنين (عليه السلام) فدعاه وسأله ، فأقر بذلك وقال نعم أنت هو وقد كان القمي في روعي إنك أنت الله وإني نبي. فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام) ويلك قد سخر منك الشيطان فأرجع عن هذا ثكلتك أمك وتب ، فأبى فحبسه واستتابه ثلاثة أيام فلم يتب ... [فقتله] وقال [عليه السلام] : إن الشيطان استهواه ، فكان يأتيه ويلقي في روعه ذلك (2).
3 ـ وقال الكشي حدثني محمد بن قولويه ، يإسناده عن هشام بن سالم ، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول وهو يحدث أصحابه بحديث عبد الله بن سبأ وما ادعى من الربوبية في أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، قال إنه لمّا ادعى ذلك فيه استتابه أمير المؤمنين (عليه السلام) فأبى أن يتوب ... [فقتله] . (3).
4 ـ وفي رواية ابن قولويه بإسناده عن علي بن مهزيار ، عن فضالة بن أيوب الأزهري عن أبان بن عثمان ، قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : لعن الله عبد الله بن سبأ أنه ادعى الربوبية في أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان والله أمير المؤمنين (عليه السلام) عبداً لله طائعاً ، الويل لمن كذب علينا وإن قوماً يقولون فينا ما لا نقوله في أنفسنا نبرأ إلى الله منهم نبرأ إلى الله منهم .
5 ـ وعن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي حمزة الثمالي ، قال ، قال علي بن الحسين (عليه السلام) لعن الله من كذب علينا إني ذكرت عبد الله ابن سبأ فقامت كل شعرة في جسدي ، لقد ادع أمراً عظيماً ما له لعنه الله ، كان علي (عليه السلام) والله عبداً لله صالحاً أخو رسول الله ، ما نال الكرامة من الله إلا بطاعته لله ولرسوله ، وما نال رسول الله (صلى الله عليه واله) الكرامة من الله إلا بطاعته لله.
6 ـ الكشي بإسناده عن محمد بن خالد الطيالسي ، عن ابن أبي نجران عن عبد الله قال. قال أبو عبد الله (عليه السلام) إنا أهل بيت صدّيقون لا نخلو من كذاب يكذب علينا ويسقط صدقنا بكذبه علينا عند الناس ، كان رسول الله (صلى الله عليه واله) أصدق الناس لهجة وأصدق البرية كلها وكان مسيلمة يكذب عليه.
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) أصدق من برأ الله بعد الرسول ، وكان الذي يكذب عليه ويعمل في تكذيب صدقه ويفتري على الله الكذب عبد الله بن سبأ (4).
وفي البحار زيادة على ما تقدم ... وكان أبو عبد الله الحسين بن علي (عليه السلام) قد ابتلى بالمختار ثم ذكر أبو عبد الله (عليه السلام) الحارث الشامي وبنان فقال : كانا يكذبان على علي بن الحسين (عليه السلام) ثم ذكر المغيرة بن سعيد وبزيعا والسري وأبا الخطاب ومعمراً وبشار الشعيري وحمزة الترمذي وصائد النهدي فقال : لعنهم الله إنا لا نخلو من كذاب يكذب علينا أو عاجز الرأى كفانا الله مؤنة كل كذاب وأذاقهم حر الحديد (5).
هذه جملة من الروايات والتي مصدرها عبد الله بن سبأ :
فمن هو عبد الله بن سبأ...؟
1 ـ قال الكشي : كان يدعي النبوة وأن علياً (عليه السلام) هو الله فاستتابه ثلاثة أيام فلم يرجع ... [فقتله] في جملة سبعين رجلاً ادعوا فيه ذلك (6).
2 ـ وقال الشهرستاني : السبائية : أصحاب عبد الله بن سبأ ، الذي قال لعلي كرم الله وجهه : ( أنت أنت ) يعني : أنت الإله. فنفاه إلى المدائن. زعموا أنه كان يهودياً فأسلم ، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وصي موسى (عليه السلام) مثل ما قال في علي رضي الله عنه. وهو أول من أظهر القول بالنص بإمامة علي رضي الله عنه ، ومنه انشعبت أصناف الغلاة (7).
3 ـ وقال الشيخ الطوسي في رجاله في باب أصحاب أمير المؤمنين (عليه السلام) : عبد الله بن سبأ الذي رجع إلى الكفر وأظهر الغلو (8).
4 ـ وقال الحلي في الخلاصة في القسم الثاني منه : عبد الله بن سبأ ... غال ملعون ... [فقتله] أمير المؤمنين (عليه السلام) ... كان يزعم أن علياً (عليه السلام) إله وأنه نبي لعنة الله (9).
5 ـ وقال ابن داود : عبد الله بن سبأ رجع إلى الكفر وأظهر الغلو (10) ، فلفظه مطابق إلى الشيخ الطوسي.
هذه أهم المصادر القديمة التي ترجمت لعبد الله بن سبأ.
إلا أنها لم تتحر الحقيقة فتكشف النقاب عنه ، حتى قيض الله لنا العلامة المحقق آية الله السيد مرتضى العسكري ليثبت إلى التاريخ بعد مضي 14 ق من الزمان أن عبد الله بن سبأ رجل مختلق وأسطورة مفتعله من نسج سيف بن عمر التميمي المتوفى بعد عام 179 هـ ، والمعروف بالوضع والكذب والتحريف قال فيه يحيى بن معين ت 233 : ( ضعيف الحديث ، فَلسٌ خير منه ) (11).
قال النسائي ت 303 هـ : ( ضعيف متروك الاحاديث ليس بثقة ولا مأمون ... ) وقال ابن حيان ت 354 هـ : يروي الموضوعات عن الاثبات اتهم بالزندقة ، وقال : قالوا : كان يضع الحيث.
وقال الحاكم ت 405 هـ : متروك اتهم بالزندقة.
وهكذا جميع المصادر التاريخية والرجالية تؤكّد على كذبه وزندقته ... فراجع.
وعبد الله بن سبأ من مختلقات سيف بن عمر التميمي ولم يذكرهُ من قبله أحد.
وقد بحث العلامة العسكري في كتابه عبد الله بن سبأ بجزئين كبيرين أحوال هذا الرجل وأبطال قصصه المفتعلة والروايات التي وضعها والدس الذي بثه في كتاباته ومروياته.
فالروايات التي جاءت تحدّث عن عبد الله بن سبأ وفي طريقها الإمام علي أمير المؤمنين (عليه السلام) والإمام الحسين (عليه السلام) والإمام علي بن الحسين (عليه السلام) والإمام الباقر (عليه السلام) والإمام الصادق (عليه السلام) كلها من مفتعلات سيف بن عمر حيث كان أموّياً متعصباً لهم ، معادياً لأهل البيت ، وقد نشط في زمانه أهل الوضع واتسعت حركة الزندقة وذلك في أواخر العصر الأموي والذي وقف حكام بني أمية من وراء الحركة يمدّونها بالمال والدّعم والتأييد والتبنّي لبعض أفكارها حقداً منهم وحسداً لأهل البيت : وللإطاحة بالدّين الجديد حتى يتسنّى لهم التحكم في رقاب الناس واستعبادهم (12).
وبالتالي لا يشك أدنى باحث بأن السبائية ليست لها أي وجود وإنما ابتدعها سيف بن عمرو وخلق لها بطلها عبد الله بن سبأ اليهودي الأصل ـ على حدّ زعمه ـ ثم أسلم ، وبعد ذلك أصبح من أقطاب المألّهين للإمام علي (عليه السلام) وهذا كله مختلق لا يقبل الشك ولو قارنت بين مروياته لبدا لك التناقض فيها جلياً واضحاً ، وما كتبه العلامة يغنينا عن كل تفصيل.
نعم هناك فرقة تسمى الحربية نسبة إلى عبد الله بن عمر بن حرب الكندي ، قالت هذه الفرقة بأن علياً إله العالمين وأنه توارى عن خلقه سخطاً منه عليهم وسيظهر (13).
______________
(1) المقالات والفرق 20 ـ 21.
(2) رجال الكشي ، تصحيح ميرداماد الاستربادي ص 323.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(5) البحار 25 | 263.
(6) الكشي 1 | 323.
(7) الملل والنحل 155.
(8) رجال الطوسي ص 51.
(9) الخلاصة ص 237.
(10) رجال ابن داود ص 254.
(11) ميزان الاعتدال 2 | 255.
(12) انظر كتابنا علم الرجال ، سبب الوضع والإفتراء على الرسول 6.
(13) المقالات والفرق 21.
|
|
علامات بسيطة في جسدك قد تنذر بمرض "قاتل"
|
|
|
|
|
أول صور ثلاثية الأبعاد للغدة الزعترية البشرية
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|