أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-11-2016
773
التاريخ: 17-11-2016
509
التاريخ: 18-11-2016
2085
التاريخ: 17-11-2016
514
|
أهم الحركات المعارضة للحكم الأموي
أولاً: المعارضة العلوية
أ. حركة الشيعة في العراق – معركة عين الوردة:
كان مروان بن الحكم قد جهز قبل وفاته جيشا بقيادة عبيد الله بن زياد لإخضاع زفر بن الحارث بقرقيسياء في منطقة الجزيرة وعينه أميراً على كل ما يفتحه، فإذا فرغ من الجزيرة توجه إلى العراق لإعادته إلى السيادة الأموية. فلما كان بالجزيرة أتاه نعي مروان، وكتاب عبد الملك يستعمله على ما استعمله عليه والده ويحثه على المسير إلى العراق.
كان العراق الإقليم الأكثر تشنجا من الأحداث السياسية، فالكوفة، وهي مركز المعارضة السياسية، كان الحزب الشيعي فيها يجتاز أزمة التقصير والشعور بالذنب بعد مأساة كربلاء، واضطر أهل الكوفة إلى الإخلاد إلى الهدوء طيلة حكم عبيد الله بن زياد حيث الأجواء السياسية. لم تكن مشجعة لأية مبادرة ضد النظام بعد تنفيذ إجراءات الملاحقة وقبضة الحكم الأموي الحديدية مما أنزل الرعب في قلوبهم.
ولكن عندما عم الاضطراب أنحاء البلاد بعد موت يزيد وفرار عبيد الله بن زياد، شرع أنصار الحسين يتصلون ببعضهم البعض بهدف وضع خطة للثأر لدمه. إذ بعد استشهاده هزتهم الفاجعة وندموا على تقاعسهم عن نصرته، والدفاع عنه، معترفين بخطيئتهم بحماسة شديدة، لذلك لم يجدوا وسيلة يكفرون بها عن هذا التقصير ويتربون إلى الله بنا من هذا الذنب الكبير سوى الثأر للحسين.
وأخذ الشيعة يعقدون الاجتماعات برئاسة سليمان بن صرد الخزاعي، لدراسة الموقف، وأسلوب العمل الذي سيتبعونه وغلب على هذه الاجتماعات موضوع التوبة والغفران. وقد عبر زعيم الحركة "أنه لا يغسل عنهم ذلك الجرم إلا قتل من قتله أو القتل فيه" وغلب عليهم اسم "التوابين" وكان شعارهم "الثأر للحسين".
وتحسنت فرص التحرك الفعلي للتوابين حين تبدل المناخ السياسي في أعقاب انضمام البصرة والكوفة إلى حركة ابن الزبير. فانصرفوا إلى تعبئة الأنصار في المدينتين المذكورتين بالإضافة إلى المدائن. وإلى جمع الأسلحة، ومن ثم حددوا موعد التحرك. وكانت النخيلة المعسكر الذي تجمعوا فيه لاستقطاب المتطوعين.
وقد رفض سليمان بن صرد عرضا من عبد الله بن يزيد الأنصاري عامل ابن الزبير على الكوفة يقضي بإمداده بقوة عسكرية مساعدة كما رفض أتباعه فكرة اتحادهم مع ابن الزبير. ويبدو أن مرد هذا الرفض هو اعتقادهم أن هذا الأخير استولى على الخلافة التي هي من حق الحسين [عليه السلام].
وخرج التوابون من معسكرهم في النخيلة في (الخامس من شهر ربيع الأخر عام 65ه/ شهر تشرين الثاني عام 684م) وهو الموعد الذي حددوه لخروجهم. وكانت المحطة الأولى في مسيرتهم الانتقامية في كربلاء حيث بلغوا قبر الحسين فاسترحموا عليه. وبكوا وتابوا عن خذلانهم له. وبعد يوم وليلة من البكاء كان الحماس قد أخذ منهم حتى العمق، فقرروا السير إلى الشام لقتال عبيد الله بن زياد باعتباره الرجل الذي أصدر الأمر بقتل الحسين، لأنهم وجدوا أنه الطريق الأجدى لتحقيق الانتقام.
ومر جيش التوابين ببلدة هيت على الفرات ثم صعد مع النهر إلى أن وصل إلى قرقيسياء. وكانت هذه المدينة هي أبعد المناطق في هذا الاتجاه التي اعترفت ولو اسميا ببيعة ابن الزبير.
استقبل أمير قرقيسياء، زفر بن الحارث الكلابي، جيش التوابين بحماسة، خاصة وأنه قد جمعت الفريقين مصلحة مشتركة هي مقاتلة الأمويين، واقترح زفر عليهم توحيد صفوفهم مع أنصار ابن الزبير، إلا أنهم اعتذروا عن قبول اقتراحه، كما رفضوا نصيحته بالعدول عن قرارهم الانتحاري، واكتفوا بالتزود بما يحتاجون إليه من المدينة ثم مضوا إلى مصيرهم.
والتقى التوابون بالجيش الأموي في عين الوردة من أرض الجزيرة إلى الشمال الغربي من صفين، في عام (65ه/ 685م)، وخاضوا ضده معركة ضارية غير متكافئة بفعل قلة عددهم بالمقارنة مع عدد أفراد الجيش الأموي، أسفرت عن تدميرهم ومقتل زعمائهم باستثناء رفاعة بن شداد الذي تراجع بالبقية القليلة منهم إلى الكوفة.
وهكذا انتهت حركة التوابين، وهي في الواقع من الحركات الطائشة التي دفع بها الحماس إلى عدم التبصر، ولقيت هزيمة منكرة، ولم يكن لها من نتائج سوى المزيد من إراقة الدماء وتعميق الكراهية بين أهل العراق ودولة الخلافة الأموية.
ويلاحظ في هذه الحركة أمران:
الأول: أنها وصفت بالتشيع واعتبرها المؤرخون نقطة تحول جديدة في تطور الحزب الشيعي، إلا أنها لم تدع إلى إمامة أحد من آل البيت.
الثاني: أنها كانت فاتحة عمل ما يزال أساسياً حتى الآن في الممارسات الشيعية، وهو زيارة قبر الحسين والترحم عليه، وهذا يعني مرحلة أخرى من مراحل تحول الحركة الشيعية من حركة سياسية محضة إلى حركة دينية سياسية.
ب. حركة المختار بن أبي عبيد الثقفي:
تبعت حركة التوابين، حركة أخرى تنسب إلى المختار بن أبي عبيد الثقفي. وتعرف بالمختارية. تميزت هذه الحركة بمناهضتها للحكم الأموي ورفع شعار التشيع العلوي. كما سهمت إلى حد كبير، في تطور الشيعة كفرقة دينية وسياسية، فحددت الكثير من اتجاهاتها. كما كان لها تأثير هام في التاريخ الاجتماعي والسياسي للفترة الأموية خاصة، وللتاريخ الإسلامي عامة، حيث أفادت حركات أخرى معارضة كالدعوة العباسية.
ظهر المختار في ميدان السياسة في عام (64ه/ 684م). واتصف بالطموح السياسي، وأبرز ملامحه خاصتان: الاتجاه الشيعي ونزعة السلطة. وهو أول زعيم في الكوفة التقى مسلم بن عقيل. واختار هذا الأخير منزله كمقر له، كما قام بدور هام في التعبئة الشعبية فيها عشية خروج الحسين إليها، مما دفع الوالي إلى سجنه، ثم أطلقه بعد استشهاد الحسين وأمره بمغادرة الكوفة، فتوجه إلى مكة حث اتصل بابن الزبير، ونسق معه ضد الأمويين على أساس شروط ثلاثة هي:
- أن لا يقضي أمراً دونه.
- أن يكون أول من يأذن له.
- إذا ظهر استعان به على أفضل عماله.
والراجح أن هذا التنسيق جاء نتيجة استغلال حاجة ابن الزبير لمساندة قوى إسلامية أخرى في صراعه مع الأمويين، ليحصل المختار على ما يريد من منصب سياسي. لكن ابن الزبير كان قليل الثقة بالمختار بفعل تقلباته السياسية، ومن جهته فإن المختار لم يكن مستعداً بأن يثق به أكثر من ذلك، فتباعد الرجلان وعاد المختار إلى الكوفة مقنعا نفسه بأنها الأرضية المناسبة لتحقيق آماله السلطوية.
وصل المختار إلى الكوفة يوم الجمعة في (الخامس والعشرين من شهر رمضان عام 64ه/ شهر نيسان عام 684م) في ظل نشاط محموم للثأر للحسين. فاستغل حركة التوابين لنيل أغراضه ضد ابن الزبير والأمويين، رغم أنه لم يكن هناك مجال للتنسيق بينه وبينهم بفعل اختلاف الاتجاهات السياسية، مع الأخذ بعين الاعتبار وحدة الشعور بين الطرفين.
وفي الوقت الذي خرج فيه التوابون إلى عين الوردة، كان المختار، مرة أخرى، و راء قضبان السجن بفعل نشاطه المعادي لابن الزبير. وتعيد الفرصة نفسها، ويغادر السجن بعد تدخل صهره، وأشراف الكوفة.
وأنتهز خلو الساحة السياسية من الزعامات الشعبية، فتحرك بتخطيط جديد فبحكم نشأته في العراق، فإنه كان على اطلاع على أوضاع الكوفة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والدينية.
فمن الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية، فقد كان هناك تمايز بين العرب والموالي من جهة، وبين العرب أنفسهم من جهة أخرى. فنشأت، نتيجة هذه السياسة التي نفذها بعض خلفاء بني أمية وولاتهم، فئة اجتماعية محرومة من الامتيازات، تضم الضعفاء الذين نظروا إلى محمد بن الحنفية كمنقذ لهم، فاهتم بهذه الفئة بهدف استقطابها، وادعى أن المهدي ابن الوصي محمد بن علي أرسله إليهم أمينا ووزيراً لقتال الملحدين والطلب بدماء أهل بيته والدفاع عن الضعفاء.
والواقع أن المختار كان أول من أدرك، وحاول أن يعالج التمايز القائم في الحقوق الاجتماعية والاقتصادية بين فئات المجتمع خدمة لمصالحه، فتبنى مطالب الفئات الضعيفة بتحقيق المساواة مع الأشراف.
أما من الناحية السياسية، فقد أدرك مدى عمق الصراعات بين العرب أنفسهم، بين الذين شاركوا في الفتوحات الأولى، وبين الذين هاجروا فيما بعد، بالإضافة إلى الصراعات القبلية، فسعى لاستغلال هذه الأوضاع، ورأى أن مصلحته تكمن في التحالف مع القبائل اليمنية لا سيما قبيلة النخع وزعيمها إبراهيم بن الأشتر، فاستماله إلى جانبه.
أما من الناحية الدينية، فقد اتسمت حركته بمحتواها الديني العقدي، فنادى بفكرة المهدية في شخص محمد بن الحنفية، فأطلق عليه لقب "المهدي"، كما استخدم فكرة البداء التي مكنته من تغيير آرائه من حين إلى آخر وأضفى على نفسه جلالة دينية، فبات كمن يعلم الغيب، أو يأتيه الوحي من السماء.
وتمكن، أخيراً، من ضم بقايا التوابين، والموالي، وبعض القبائل اليمنية، وأضحى الزعيم الوحيد الذي يعترف به شيعة الكوفة.
وبعد أن تهيأت ظروف التحرك، ووجدت الأرضية الصالحة، استولى المختار على الحكم في الكوفة، بعد أن هزم جيش الوالي عبد الله بن مطيع الذي اتصف بالجهل السياسي، فغادر هذا مقره واختفى عن الأنظار.
وصعد المختار المنبر في الكوفة، وأعلن برنامجه على الناس. ثم راح يرسل الولاة إلى إمارات أرمينيا وأذربيجان والموصل والجبال ليحكموا باسمه.
ويبدو أن متاعب المختار الجدية برزت بعد السيطرة على الكوفة، ذلك أن حركته لم تحمل في طياتها عوامل الاستمرارية، وأن الاحتفاظ بالسلطة كان مصحوبا بأخطار داخلية وخارجية.
ففي الداخل، كان التلاحم الشيعي وراءه مرحليا ومصطنعا، خاصة وأنه فشل في التوفيق بين الشيعة المعتدلين والشيعة الغلاة. كما أن غالبية أهل الكوفة، من غير الشيعة، الذين واجههم بشدة كانوا يملكون القدرة المعنوية والمادية لإثارة المشاكل ضد حكمه. أما الأشراف العرب، فإنهم لم ثقوا به منذ البداية، وشكوا في ولاته للقضية العلوية، فطاردهم حتى اضطرهم للخروج إلى البصرة، محتمين بمصعب بن الزبير، كما فقد تأييد ابن الأشتر الذي كان ينتمي إلى طبقة الأشراف، فتركه ولحق بهم.
والواقع أن المختار قد تخلي، مؤقتا، بعد وصوله إلى الحكم عن عزمه على قتل قتلة الحسين، وعمل على تحقيق الاستقرار السياسي الداخلي من خلال التوفيق بين الأشراف والضعفاء وذلك ليواجه أعداءه في الخارج في اتجاهين متباعدين. فقد كان جيش الشام بقيادة عبي الله بن زياد يتقدم باتجاه الموصل، وفي الوقت نفسه كان مهدداً من قبل ابن الزبير في البصرة والحجاز.
وقد قوض هذا العمل الهيكل الاجتماعي الذي كانت تستند عليه سيطرة الأشراف. ولم يكن بإمكانه أن يرضي فريقا إلا على حساب الفريق الآخر. والراجح أن الظروف السياسية آنذاك هي التي حددت اختياره في التزام جانب الضعفاء.
وفي الخارج، كان يتربص بالمختار خطران، خطر ابن الزبير الذي لا يزال يملك القوة الرئيسية في العراق، وخطر الجيش الأموي الذي كان يزحف باتجاه العراق.
وحتى يتفرغ لجيش الشام، حاول المختار حصر ابن الزبير في الحجاز بالاستيلاء على البصرة، إلا أنه فشل في ذلك، كما اضطرت الفرقة العسكرية التي أرسلها للتصدي لعبيد الله بن زياد، في الموصل، من الانسحاب رغم انتصارها في المعركة.
ترتب على هذا الانسحاب قيام انتفاضة ضد حكمه داخل الكوفة تزعمها الأشراف، إلا أنه قمعها بسرعة، ثم استغل الوضع السياسي للثأر من قتلة الحسين وقد حقق المختار بهذا التصرف هدفين:
الأول: أنه بر بوعده، ولو بعد حين، بالثأر للحسين.
الثاني: أنه أنزل العقاب بأولئك الأشراف الذين خرجوا على حكمه بعد أن ذهبت سدى جميع محاولاته لتفاهم معهم.
وقد نتج عن هذه الحملة أمران:
الأول: أن عشرة آلاف من الأشراف والقادة العرب، من غير الشيعة، استطاعوا الهرب إلى البصرة والتجأوا إلى مصعب بن الزبير. وقد أدى هؤلاء دوراً بارزاً في تحريضه ضد المختار.
الثاني: أنه زاد من شعبيته بين الشيعة وكسب رضا محمد بن الحنفية.
ثم حدث أن أرسل المختار، بعد الانتهاء من أحداث الكوفة، جيشا، آخر بقيادة إبراهيم بن الأشتر لوقف زحف الجيش الأموي المتجه نحو العراق. ونجح هذا القائد من الانتصار عليه في معركة جرت عند نهار الخازر في (العاشر من شهر محرم عام 67ه/ شهر تموز عام 686م) وقتل عبيد الله بن زياد في المعركة مع الحصين بن نمير.
تعاظم نفوذ المختار بعد هذا الانتصار وسيطر على شمالي العراق والجزيرة، وبدا كما لو أنه أقام دولة خاصة في العراق بين دولتي ابن الزبير في الحجاز وعبد الملك في الشام، لكنه لم ينعم طويلا بهذا النجاح بفعل. أن حركته قد شكلت تهديداً لحركة الأول ولسلطة الثاني، وكان لابد لأحدهما من أن يقضي عليه.
ومن جهته، رأى المختار أن يسيطر على كامل العراق، ويتوسع على حساب القوتين معا، فأعد جيشا لانتزاع البصرة من يد مصعب.
في هذا الوقت، انفض قائده إبراهيم بن الأشتر عنه ولحق بالأشراف في البصرة مما جرده من معظم ما ملكه من طاقات عسكرية، فأثر ذلك سلبا على وضعه القتالي حيث أصيب بخسارة فادحة في معركة المذار مع جيش مصعب، في (منتصف عام 67ه/ أوائل عام 687م) ولم يتمكن من الصمود داخل الكوفة بعد أن شدد مصعب الحصار عليه، فخاض معركة غير متكافئة انتهت بمقتله واستيلاء مصعب على الكوفة.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|