أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-1-2017
1807
التاريخ: 18-7-2018
2786
التاريخ: 25-10-2016
2593
التاريخ: 25-10-2016
2255
|
بعد تنقل القبائل الآرامية في بوادي الشام والصراع المتواصل الذي نشب بينها وبين الآشوريين نجحت جماعات منها في الاستيطان في عدة جهات من بلاد منذ القرن الحادي عشر ق.م، ولا سيما في الاجزاء الداخلية منها لأن الكنعانيين (الأموريين الغربيين) صدورهم عن بلوغ الجهات الساحلية التي تمركزا فيها. وقامت من الآراميين الذي ضيقوا الخناق عليها من بعد تخلصهم من أخطار هجوم القبائل الآرامية، وحالوا دون قيام دولة كبرى منها، بل إنهم قضوا حتى على الكثير من دويلاتهم في بلاد الشام، ولا سيما في العصر الآشوري الحديث.
1ـ أرام نهرايم:
ويعني اسم هذه الدويلة أرام ما بين النهرين، أي الفرات والخابور. وورد ذكرها في المصادر المسمارية باسم "نهارينا"، ويبدو أنها اختفت من الوجود في حدود القرن التاسع ق.م عندما قضى الآشوريون على جميع الدويلات الآرامية تقريباً في تلك المنطقة (1).
2- الدويلة المسماة فدان "أرام":
وكان مركزها في حران، وكانت أقل رقعة واتساعاً من دويلة "نهرايم" السالفة الذكر. ولكن حران كانت ذات أهمية كبرى لمرور طرق القوافل منها، وان اشتقاق اسم المدينة يشير إلى ذلك (2).
وازدهرت اللغة الآرامية والثقافية الآرامية في هذه المنطقة، كم اشتهرت في التوراة بكونها موطن الآباء العبرانيين الأوائل قبل ذهابهم إلى فلسطين، والمرجح كثيراً أن إبراهيم وأحفاده من آرامي هذه المنطقة كما تشير إلى ذلك التوراة نفسها.
وقامت في الانحناء الجنوبية من بلاد الشام جملة دويلات آرامية أشهرها:
3- آرام ــ صوبا
والمرجح أن مدينة صوبا هي المذكورة في المصادر الكلاسيكية (اليونانية الرومانية) باسم "خلسيس" او "كلسيس"، أي النحاس، مثل معنى الكلمة الآرامية "صوبا". ويعرف موقعها الآن باسم عنجر في البقاع، إلى الجنوب من زحلة. وقد حاربها الملك العبراني "شاؤول" كما تغلب الملك "داود" على ملكها المسمى "حدد عزيز" (أو هدد عزير).
4- آرام ــ معكة
وقد قامت في سفوح جبل الشيخ (جبل حرمون)، وكذلك "آرام ــ رحوب" في منطقة حوران.
5- مملكة دمشق
من الدويلات الآرامية المهمة المملكة التي قامت في منطقة دمشق، حيث استوطنت جماعات من الآراميين فيها ما بين القرنين الثاني عشر والحادي عشر ق.م. وجاء ذكر مدينة دمشق في حوليات الفرعون المصري "رعمسيس" الثالث (1167 – 1198 ق.م) بصيغة "ترمسكي" و "ترمسكي" من الصيغة الآرامية "در ــ مشق" او "دار ــ مشق"، أي حصن "مشق" أو "مشيق". وقبل هذا التأريخ ورد اسم المدينة في رسائل "العمارنة" الشهيرة (القرن الرابع عشر ق.م) بهيئة "دمشقا" و " تمشقي" (3). ولا يعلم بوجه التأكيد اشتقاق اسم دمشق، والمرجح أنه مركب من كلمتين: "در" أو "دار" أي حصن و "مشق"، ولعل الشق الثاني من الاسم اسم إله من الآلهة غير السامية. كما يحتمل أن "مشق" هو اسم أحد الأقوام المذكورة في المصادر الآشورية بهيئة "مشكي" او "موشكي" (من سكان شرقي الأناضول الذين عرفوا بعدئذ باسم (الفريجيين) وورد ذكر هؤلاء في التوراة (سفر التكوين 23 :10). على أنه يحتمل كذلك ان يكون لفظ "مشكي" أو "مشقي"، اسم إحدى القبائل الآرامية من لم يرد لها ذكر إلا بعد أن استوطنت هذه المنطقة من بلاد الشام.
واشتهرت مملكة دمشق في أواخر القرن الحادي عشر ق.م، في الفترة التي ظهرت مملكة العبرانيين، في عهد شاؤول وداود. وقد نمت وتوقفت على الكثير من الدويلات الآرامية الأخرى، امتدت في سلطانها شرقاً إلى الفرات وإلى اليرموك جنوباً على حساب الدولة العبرانية، كما انها كانت تتاخم الولايات والأقاليم التابعة إلى الامبراطورية الآشورية من الجهات الشمالية. وقامت بين هذه المملكة وبين الدولة العبرانية عدة حروب كانت الغلبة في معظمها لها على دولة اليهود، بحيث إنها استطاعت ان تفرض سلطانها عليها ولا سيما من بعد انقسا المملكة العبرانية على أثر موت سليمان. وقضى الآشوريون على دولة دمشق في عام 732 ق.م، على يد الملك "ثجلاثبليزر" الثالث.
6- دولة شمال
ونجح الآراميون إبان القرنين العاشر والتاسع في الاستيلاء على إقليم "زنجرلي" (أو سنجرلي)، وهي سمأل أو شمال القديمة، وأسسوا فيها عدة دويلات أشهرها دويلة "بيت اكوشي" أو "بيت اغوشي"، و"بيت أديني"، في منطقة "بارسب" القديمة (تل الاحمر الآن). وتقع شمال إلى الغرب من "عيتاب"، في منصف الطريق ما بين إنطاكية ومرعش. وقد اجرى فيها الألمان بعض الحفائز (1893)، ووجدت فيها أقدم النصوص الآرامية من حدود القرن العاشر او التاسع ق.م. وقامت في أعالي ما بين النهرين دويلة آرامية أخرى سميت باسم "بيت بهياني"، وعاصمتها "كوزانا" (وهو اسم تل حلف القديم، وقد اشتهر تل حلف بإطلاقه على أحد أدوار العصر الحجري المعدني).
وفي ختام هذه الملاحظات الموجزة عن الدويلات الآرامية نكرر ما سبق أن نوهنا به من أن الضغط الآشوري على الآراميين وخنق دويلاتهم ومعها من التوسع كان له أثر بالغ في مصائر الآراميين السياسية، إذ حال، كلما قلنا، دون إقامة دولة كبرى منهم، كما أزيل من الوجود الكثيرة من دويلاتهم. ولكن مع إخفاق الآراميين السياسي فإن تراثهم اللغوي والثقافي قد فاق في عظم مقداره على تراث كثير من الشعوب القديمة، في أقطار الشرق الادنى، وتميز الآراميون كذلك بنشاطهم التجاري الواسع، حيث كانت قوافلهم التجارية تجوب انحناء الشرق الأدنى، ويمكن القول إنهم احتكروا التجارة العالمية طوال عدة قرون. وكان من نتائج ذلك النشاط التجاري الفذ انتشار اللغة الآرامية، وساعدها في ذلك الانتشار أنها دونت بحروف هجائية أخذها الآراميون من الفينيقيين، فانتشرت لغتهم انتشاراً واسعاً عجيباً بدون أن يدعم ذلك سلطان سياسي. وأصبحت الآرامية لغة تدوين ولغة الكلام إلى جانب اللغات القديمة حتى في الامبراطورية الآشورية، ومن بعد ذلك في أرجاء الأمبراطورية الفارسية الأخمينية من تخوم الهند إلى بلاد الحبشة. وتركب الآرامية تأثيرات محسوسة في اللغتين البابلية والآشورية في أدوارهما الاخيرة، كما صارت لغة النبي عيسى وأتباعه، ودونت بها الأناجيل. ولم يقتصر هذا الانتشار الواسع على اللغة الآرامية بل انتشر معها استعمال الحروف الهجائية بشكلها الآرامي فاقتبسها أقوام شتى في أنحاء الشرق الادنى وقارة آسية في كتابة لغاتها المختلفة. فمثلاً أخذ اليهود خطهم من الخط الآرامي ما بين القرنين السادس والرابع ق.م، وكانوا قبل هذا التأريخ يستعملون خطاً فينيقيا قديماً. كما أن العرب الشماليين أخذوا خطهم من الأنباط، والخط النبطي شكل من أشكال الخط الآرامي، وهو أصل الخط العربي الشمالي بجميع أطواره. واقتبس الأرمن والفرس والهنود خطوطهم من أصول آرامية. ونقل البوذيون الخط السنسكريتي (المشتق من الخط الآرامي) من الهند إلى الصين وإلى كورية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) حول اخبار هذه الدويلة انظر:
O, Callaghan, Aram Nhraim, (1948).
(2) قارن الكلمة الآكدية (البابلية) "خرانو" أو "حرانو" التي تعني الطريق ولعله كذلك مدينة على الطريق أي مدينة القوافل. حول أخبار حران في التوراة، انظر: سفر التكوين : 4 : 24 ، 21 : 29.
(3) Knudtzon, El-Amarna Tafeln, nos. 107, 197, 53
|
|
مخاطر عدم علاج ارتفاع ضغط الدم
|
|
|
|
|
اختراق جديد في علاج سرطان البروستات العدواني
|
|
|
|
|
مدرسة دار العلم.. صرح علميّ متميز في كربلاء لنشر علوم أهل البيت (عليهم السلام)
|
|
|