استجابة الحر
المؤلف:
باقر شريف القرشي .
المصدر:
حياة الامام الحسين
الجزء والصفحة:
ج3, ص195-197.
28-3-2016
3862
تابت نفس الحر إلى الرشاد واستيقظ ضميره بعد ما سمع خطاب الامام وجعل يتأمل ويفكر في تلك اللحظات الحاسمة من حياته فقد استولت عليه موجات رهيبة من الصراع النفسي فهل يلتحق بالحسين فيضحي بحياته ومنصبه بعد ما كان القائد المقرب من السلطة وقد وثقت به وجعلته اميرا على مقدمة جيشها او انه يبقى محاربا إلى الامام وفي ذلك العذاب الدائم واختار الحر نداء ضميره وتغلب على صراعه النفسي فصمم على الالتحاق بالحسين وقبل أن يتوجه إليه اسرع نحو ابن سعد فقال له : امقاتل أنت هذا الرجل؟ وسارع ابن سعد قائلا بلا تردد ليظهر امام قادة الفرق اخلاصه لسيده ابن مرجانة : أي واللّه قتالا أيسره أن تسقط فيه الرءوس وتطيح الأيدي .
فقال له الحر : انما لكم في واحدة من الخصال التي عرضها عليكم رضا؟
واندفع ابن سعد قائلا : لو كان الأمر لي لفعلت ولكن اميرك أبى ذلك ؛ ولما أيقن ان القوم مصممون على حرب الامام مضى يشق الصفوف وقد سرت الرعدة بأوصاله فانكر ذلك المهاجر بن أوس وهو من أصحاب ابن زياد فقال بنبرة المستريب منه : واللّه إن أمرك لمريب واللّه ما رأيت منك في موقف قط مثل ما أراه الآن ولو قيل لي : من اشجع أهل الكوفة لما عدوتك؟ وكشف له عن حقيقة حاله واطلعه على ما صمم عليه قائلا : إني واللّه اخير نفسي بين الجنة والنار ولا اختار على الجنة شيئا ولو قطعت واحرقت ؛ وألوى بعنان فرسه صوب الامام وهو مطرق برأسه الى الأرض حياء وتدما فلما دنا من الامام رفع صوته قائلا : اللهم إليك أنيب فقد أرعبت قلوب أوليائك وأولاد نبيك ؛ يا أبا عبد اللّه إني تائب فهل لي من توبة؟.
ونزل عن فرسه فوقف قبال الامام ودموعه تتبلور على وجهه وجعل يخاطب الامام ويتوسل إليه : جعلني اللّه فداك يا بن رسول اللّه أنا صاحبك الذي حبستك عن الرجوع وجعجعت بك في هذا المكان وو اللّه الذي لا إله إلا هو ما ظننت أن القوم يردون عليك ما عرضت عليهم أبدا ولا يبلغون منك هذه المنزلة ابدا فقلت في نفسي : لا أبالي ان اطيع القوم في بعض أمرهم ولا يرون أني خرجت من طاعتهم وأما هم فيقبلون بعض ما تدعوهم إليه وو اللّه لو ظننت أنهم لا يقبلونها منك ما ركبتها منك واني قد جئتك تائبا مما كان مني إلى ربي مواسيا لك بنفسي حتى اموت بين يديك افترى لي توبة؟
واستبشر به الامام ومنحه الرضا والعفو وقال له : نعم يتوب اللّه عليك ويغفر واقبل الحر يحدث الامام ويقص عليه رؤيا كان قد رآها قائلا : سيدي : رأيت أبي في المنام البارحة فقال لي : ما تصنع في هذه الأيام؟ وأين كنت؟ فقلت له : كنت في الطريق على الحسين فقال لي : وا ويلاه عليك ما لك والحسين بن رسول اللّه (صلى الله عليه واله) وأريد منك أن تأذن لي بالمحاربة لأكون أول قتيل بين يديك كما كنت أول خارج عليك .
الاكثر قراءة في استشهاد الإمام الحسين (عليه السّلام) ويوم عاشوراء
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة