الآيات الدالّة على انحصار الولاية على الله عزّ وجلّ
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج5/ص109-111
2025-12-20
37
قال الله الحكيم في كتابه الكريم:{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ}.[1]
لدينا آيات في القرآن الكريم تقصر الولاية على الله؛ وتجعلها له بصورة تامّة وبدون أيّ استثناء، كالآيات التالية: {قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ والْأَرْضِ وهُوَ يُطْعِمُ ولا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ ولا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}.[2]
ونرى في هذه الآية أنّ الولاية ملازمة لخلق السماوات والأرض.
وأنّ واجب الوجود هو الحقّ بذاته؛ يطعم الناس ويرزق العالم؛ وهو لا يُطعَم ولا يُرزَق؛ فالولاية منحصرة به مقصورة عليه.
{أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}.[3]
{وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا ويَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ}.[4]
{وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ ولا نَصِيرٍ}.[5]
ونلحظ في هذه الآيات كلّها وآيات اخرى غيرها أنّ الولاية من الصفات المختصّة بالبأرى عزّ وجلّ، وأنّ الوليّ من أسمائه المختصّة به.
ونلحظ من جهة اخرى وجود آيات تنسب الولاية إلى غير الله، نحو قوله:
{وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وجِبْرِيلُ وصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ والْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ}.[6]
حيث نرى أنّ هذه الآية المباركة قد ألحقت جبريل وأمير المؤمنين عليهما السلام بالله، وجعلتهما وليّين لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
{إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ}.[7]
نرى أنّ هذه الآية قد حدّدت ولاية رسول الله، وولاية أمير المؤمنين عليه السلام الذي تصدّق بخاتمه راكعاً، مضافاً إلى ما نلحظه من ولاية الله فيها أيضاً.
أنّ جوابنا لحلّ هذه المسألة وعلاج هذا الخلاف الذي يبدو خلافاً في ظاهره هو نفس الجواب الذي قدّمناه في مجالات متعدّدة؛ وهو: أنّ صفات الله هي صفات لله بالأصالة، ولغيره بالتبعيّة. فالله نور والآخرون شعاع من هذا النور: والله نور وما عداه ظلّ.
فلا تناقض عندئذٍ، لأنّ ولاية رسول الله وأمير المؤمنين هي من ولاية الله وبها.
ومثل هذه المسألة كثير في القرآن الكريم. ومن ذلك قوله جلّ اسمه:{أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً}.[8]
وقوله: {مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً}.[9] بينما يقول في موضع آخر: {وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ ولِرَسُولِهِ ولِلْمُؤْمِنِينَ ولكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ}.[10]
عزّة الله هي لله ولذاته؛ وعزّة رسول الله والمؤمنين هي من الله، وعرضيّة بالنسبة إليهم. كذلك الولاية فهي لله ذاتيّة، ولغيره عرضيّة. كوجه صاحب الصورة، فهو له ذاتيّ، وللمرآة التي ينظر فيها عرضيّ.
وليس لأحد أن يسلب شكله وصورته من نفسه؛ بَيدَ أنه يستطيع أن ينظر في المرآة فينعكس فيها وجهه، ويستطيع أن يرفع وجهه عن المرآة؛ فلا يرى فيها حينئذٍ وجه ملحوظ.
[1] الآية 196، من السورة 7: الأعراف.
[2] الآية 14، من السورة 6: الأنعام.
[3] الآية 9، من السورة 42: الشوري.
[4] الآية 28، من السورة 42: الشوري.
[5] الآية 107، من السورة 2: البقرة؛ والآية 22، من السورة 29: العنكبوت؛ والآية 31، من السورة 42: الشوري.
[6] الآية 4، من السورة 66: التحريم.
[7] الآية 55، من السورة 5: المائدة.
[8] الآية 139، من السورة 4: النساء.
[9] الآية 10، من السورة 35: فاطر.
[10] الآية 8، من السورة 63: المنافقون.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة