المقرون بنبوة رسول الله وناكروا امامة وصيه علي
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 2، ص121-123
2025-12-14
43
المقرون بنبوة رسول الله وناكروا امامة وصيه علي
قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا (151) وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء : 150 - 152].
قال علي بن إبراهيم القميّ قال « : هم الذين أقرّوا برسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأنكروا أمير المؤمنين عليه السّلام وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا أي ينالوا خيرا « 1 ».
وقال الشيخ الطوسي : معنى الآية الإخبار من اللّه تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ} ومعناه يجحدون باللّه ورسله من اليهود والنصارى {وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ} أي يكذبوا رسل اللّه الذين أرسلهم إلى خلقه وأوحى إليهم ويزعمون أنهم كاذبون على اللّه. وذلك معنى إرادتهم التفريق بين اللّه ورسله {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} ومعناه أنهم يقولون نصدق بهذا ونكذب بهذا ، كما فعلت اليهود صدقوا موسى ومن تقدمه من الأنبياء ، وكذبوا عيسى ومحمد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وكما فعلت النصارى صدقت عيسى ومن تقدمه من الأنبياء ، وكذبوا محمدا صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا « يعني يريد المفرقون بين اللّه ورسله الزاعمون أنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض أن يتخذوا بين قولهم : نؤمن ببعض ، ونكفر ببعض سبيلا يعني طريقا إلى الضلالة التي أحدثوها ، والبدعة التي ابتدعوها يدعون جهال الناس إليه ، ثم أخبر عن حالهم فقال : {أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا} أي هؤلاء الذين أخبر عنهم بأنهم يؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ، وتفريقهم بين اللّه ورسله هم الكافرون حقا فاستيقنوا ذلك ولا ترتابوا بدعواهم إنهم يقرون بما زعموا أنهم فيه مقرون من الكتب والرسل ، فإنهم يكذبون في دعواهم هذه ، لأنهم لو كانوا صادقين في ذلك ، لصدقوا جميع رسل اللّه ، لأنه لا يصح أن يكونوا عارفين باللّه ورسوله مع
جحودهم ، لنبوة بعض الأنبياء على ما يذهب إليه في الموافات ، وعند من قال بالإحباط لا يمتنع أن يكونوا عارفين باللّه ، وبعض رسله فإذا كفروا ببعضهم ، انحبط ما معهم من الثواب على إيمانهم وهذا لا يصح على مذهبنا في بطلان الإحباط فالصحيح إذا ما قلناه.
وقوله : {وَأَعْتَدْنا} معناه أعددنا للكافرين يعني الجاحدين الذين ذكرهم ولغيرهم من أصناف الكفار عَذاباً في الآخرة مُهِيناً يهينهم ويذلهم مخلدون في ذلك ، وقال قتادة والسدي ومجاهد نزلت في اليهود والنصارى وإنما قال : إن هؤلاء هم الكافرون حقا ، وإن كان غيرهم أيضا كافر حقا على وجه التأكيد لئلا يظن أنهم ليسوا كفارا لقولهم : نؤمن ببعض ونكفر ببعض وقيل إنه قال ذلك استعظاما لكفرهم ، كما قال إنما المؤمنون الذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم إلى قوله - :{ أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} وقد يكون مؤمنا حقا من لم يلحق هذه الخصال بلا خلاف « 2 ».
ولما ذكر اللّه تعالى حكم من فرق بين اللّه ورسله ، والإيمان ببعض دون بعض ، وأنهم الكافرون. وأنه أعد لهم العذاب المهين ، أخبر عقيبه عمن آمن باللّه ورسله ، وصدقهم وأقر بنبوتهم ، ولم يفرقوا بين أحد منهم ، بل آمنوا بجميعهم ، فإن اللّه ( تعالى ) سيؤتيهم أجورهم بمعنى سيعطيهم ثوابهم الذي استحقوا على إيمانهم باللّه ورسله ، والإقرار بهم ، وإنه يعطيهم جزاءهم على ذلك. {وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً }ومعناه يغفر لمن هذه صفته ما سلف له من المعاصي والآثام ، ويسيرها عليهم ، ويترك العقوبة عليها ، فإنه لم يزل كان غفورا رحيما أي متفضلا عليهم بالهداية إلى سبيل الحق موفقا لهم لما فيه خلاص رقابهم من عقاب النار « 3 ».
_________________
( 1 ) التبيان : ج 3 ، ص 373.
( 1 ) التبيان : ج 3 ، ص 373.
( 3 ) لتبيان : ج 3 ، ص 375.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة