أحوال مقاتل بن سليمان
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج3/ص198-200
2025-12-03
28
أمّا مُقاتل بن سليمان فإنَّه من الكذّابين والوضّاعين المشهورين، لم يختلف عن عكرمة، وعدّه النسائيّ من الكذّابين المعروفين بوضع الحديث على رسول الله[1]. وقال الجوزجانيّ كما جاء في ترجمة مقاتل عن «ميزان الاعتدال»: كان مقاتل كذّاباً جسوراً[2]. وكان يقول للمنصور [الدوانيقيّ]: انظر ما تحبّ أن أحدّثه فيك حتى احدّثه. وقال للمهديّ [الخليفة العبّاسيّ] إن شئت وضعتُ لك أحاديث في العبّاس! قال: لا حاجة لي فيها[3].
يقول السيّد شرف الدين: كان عدوّاً لأمير المؤمنين، وكان دأبه صرف الفضائل والمناقب التي قالها فيه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عنه حتى افتضح بذلك.
وجاء في «وفيات الأعيان» لابن خَلّكان أنَّ إبراهيم الحربيّ قال: قعد مقاتل بن سليمان فقال (إطفاءً لنور أمير المؤمنين وعناداً له): سَلُوني عَمّا دُونَ الْعَرشِ. فقال له رجل: أخبرني، من حلق رأس آدم حين حجّ؟ فبهت [مقاتل].
وقال الجوزجانيّ: سمعت أبا اليمان يقول: قدم [مقاتل] هاهنا فأسند ظهره إلى القبلة، وقال: سَلُوني عَمّا دونَ الْعَرشِ. قال: وحُدّثت أنَّه قال مثلها بمكّة، فقام إليه رجل، فقال: أخبرني عن النملة، أين أمعاؤها؟ فسكت. ونقل ابن خلّكان هذه الحكاية في ترجمة مقاتل فقال: وإضافة إلى ما كان عليه من الكذب، فإنَّه كان يذهب عند علماء اليهود والنصارى، ويفسّر القرآن حسب كتبهم.
وقال أبو حاتم البُستيّ، كَانَ مُقَاتِلٌ يَأخُذُ عَنِ اليهُود والنَّصارى عِلْمَ القُرآنِ الذي يُوافِقُ كُتُبَهُمْ. وكان مشبّهاً يشبّه الربّ بالمخلوقين [ويقول إن لله يد ورجل وعين واذن وغير ذلك].
وقال ابن خلّكان: كان مقاتل من رجال المرجئة وغلاة المشبّهة جماعة منهم ابن حزم في ص 205 من الجزء الرابع من كتابه «الفصل» وعدّه الشهرستانيّ في كتاب «الملل والنحل» من رجال المرجئة.
ونقل الذهبيّ في «ميزان الاعتدال» في ترجمة مقاتل عن أبي حنيفة أنَّه قال: أفرط جهم في نفي التشبيه حتى قال: إنَّهُ تعالى لَيسَ بشيء. وأفرط مقاتل في الإثبات حتى جعله مثل خلقه.
وقصارى القول إنَّ رجلًا بهذه المواصفات تسقط روايته من درجة الاعتبار، ولا يحتاج إلى بحث طويل عند أصحاب الاختصاص وأهل الجرح والتعديل. ولا سيّما إذا كانت المسألة تتعلّق بآية التطهير وشأن نزولها إذ تمسّ عقيدتهم في الصميم. بَيدَ أنَّ هذه الحقائق لمّا كانت خافية على بعض الأعلام من العامّة، لذلك أقاموا لرواياتهم وزناً.
[1] «دلائل الصدق» للمظفّر ج 2، ص 95.
[2] «الكلمة الغرّاء» ص 213.
[3] نقل صاحب «الغدير» هذا الموضوع عن بعض الموثّقين وذلك في كتابه الخالد «الغدير» ج 5، ص 266.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة