إنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيذْهِبَ عَنْكُمْ الرِّجْسَ اهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج3/ص127-131
2025-12-02
83
قال الله الحكيم في كتابه الكريم: {إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[1].
هذه الآية الكريمة من آيات سورة الأحزاب. وتعرف بين العلماء والمفسّرين والمحدّثين بآية التطهير. وكلّ من يطّلع على كتب العامّة والخاصّة، يعلم علم إلىقين بأنَّها نزلت في رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب، وفاطمة الزهراء، والإمام الحسن، والإمام الحسين عليهم السلام ولا مجال للشكّ في ذلك. فهذه المسألة من المسلّمات والمتواترات، وإنكارها في حكم معاندة القرآن ورسول الله، وأهل البيت، إذ قال البعض: إجماع أهل القبلة منعقد على شأن نزولها في الخمسة الطيّبين، وكتب الخاصّة والعامّة مشحونة بالروايات والأحاديث الواردة في ذلك.
ويرى العامّة أجمع، أحنافهم، ومالكيّوهم، وشوافعهم، وحنابلتهم، أنَّ هذه الآية نزلت في أصحاب الكساء. وإذا تصفّحنا كلّ كتاب من كتبهم، فإنَّنا نجد هذه الآية وأسماء الخمسة المطهّرين.
فالأحاديث المنقولة في كتاب «غاية المرام» حول هذه المسألة بلغت خمسة وسبعين حديثاً[2]. منها واحد وأربعون حديثاً[3] عن العامّة، تنتهي إلى أمّ سلمة، وعائشة، وأبي سعيد الخدريّ، وسعد بن أبي وقّاص، وواثلة بن أسقع، وأبي الحَمراء، وثوبان مولى النبيّ، وعبد الله بن جعفر وعليّ ابن أبي طالب عليه السلام والإمام الحسن عليه السلام. وقد خرّجها الكبار من محدّثيهم وعلمائهم ومفسّريهم بأسناد صحيحة وموثّقة، ومن بين الكتب التي نقلت هذه الأحاديث: «صحيح مسلم» و«صحيح الترمذيّ»، و«صحيح البخاريّ» و«مسند أحمد بن حنبل» و«مسند الطيالسيّ»، و«سنن البيهقيّ»، و«مستدرك الحاكم»، وتفسير «الدرّ المنثور» للسيوطيّ و«تفسير الطبريّ» و«تفسير ابن كثير» و«مجمع الزوائد» للهيثميّ و«الصواعق المحرقة» لابن حجر، و«ذخائر العقبي» لمحبّ الدين الطبريّ، و«مشكل الآثار» للطحاويّ، و«تهذيب التهذيب» و«الرياض النظرة» و«فرائد السمطين» للحموينيّ، و«اسد الغابة» لابن الأثير، و«كنز العمّال» للملّا على المتّقي، و«الخصائص» للنسائيّ، و«المقتل» للخوارزميّ، و«المناقب» للخوارزميّ، و«نظم درر السمطين» للزرنديّ، و«ينابيع المودّة» للقندوزيّ، و«الفصول المهمّة» لابن صبّاغ المالكيّ، و«كفاية الطالب» للكنجيّ الشافعيّ، و«المناقب» لابن المغازليّ، و«شواهد التنزيل» للحاكم الحسكانيّ، و«مطالب السُّؤل» لمحمّد بن طلحة، و«تذكرة خواصّ الامّة» لسبط بن الجوزيّ، و «الشَّرَف المُؤبَّد» ليوسف بن إسماعيل النبهانيّ، و«رشفة الصادي» لأبي بكر بن شهاب الدين العلويّ، و«أسباب النزول» للواحديّ، و«تفسير الثعلبي».
أمّا الأحاديث المنقولة عن طريق الخاصّة، فقد بلغت أربعة وثلاثين حديثاً[4]، تنتهي إلى أمير المؤمنين، والحسن، والباقر، والصادق، والرضا عليهم السلام، وامّ سلمه، وأبي ذر، وأبي ليلى، وأبي الأسود الدؤليّ، وعمر بن ميمون الأوديّ، وسعد بن أبي وقّاص، وذكرها الكبار من علماء الشيعة ومحدّثيهم ومفسّريهم نحو: الكلينيّ، والصدوق في «الأمالي»، والشيخ الطوسيّ في «الأمإلى»، وعليّ بن ابراهيم في تفسيره، وصاحب «تفسير البرهان»، و«تفسير مجمع البيان»، و«تفسير روض الجنان» لأبي الفتوح الرازيّ، و«تفسير بيان السعادة»، و«تفسير منهج الصادقين». كما ذكرها العلّامة الطباطبائيّ مدّ ظلّه في «الميزان»، والفيض الكاشانيّ في «تفسير الصافي» والمجلسيّ في «بحار الأنوار»، والمحدّث القمّيّ في «سفينة البحار». وكثيرون غيرهم ذكروها في كتب الحديث والتفسير وكتب المناقب.
فهذه الكتب جميعها سواء السنّيّة منها أو الشيعيّة أكّدت على أنَّ آية التطهير نزلت في الخمسة من آل العباء ومحصورة بهم فقط، أوّلهم محمّد المصطفى صلّى الله عليه وآله وسلّم، والثاني وصيّه الذي جعله القرآن نفس النبيّ وهو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليهما السلام والثالث بنته سيّدة نساء أهل الجنّة فاطمة الزهراء عليها السلام، والرابع، والخامس ريحانتاه وسبطاه سيّدا شباب أهل الجنّة: الحسن، والحسين، عليهما السلام.
نزلت هذه الآية، ذات الدلالة الواضحة، في الخمسة المعصومين فقط. ولم يشاركهم أحد ممّن أظلّتهم السماء في هذه الفضيلة الفذّة، ولم يستطع أن ينضوي معهم تحت الكساء.
ينقل جلال الدين السيوطيّ في تفسيره «الدرّ المنثور» عشرين حديثاً عن العامّة بطرق متنوّعة تؤكّد على أنَّ المراد من أهل البيت في هذه الآية المباركة هم اولئك الخمسة لا غير.
ويذكر ابن جرير الطبريّ في تفسيره، كما نُقل عن كتاب «الشرف المؤبَّد»، خمسة عشر حديثاً بأسانيد مختلفة جاء فيها جميعاً أنَّ أهل البيت هم اولئك الخمسة فقط، وحسبنا هنا ما قاله رسول الله نفسه في هذا الشأن: «انزِلَت هَذِهِ الآيةُ في خَمسَةٍ: في، وفي علي، والحسن، والحسين، وفاطمة». وذكر ابن جرير والطبرانيّ هذا الحديث بإسنادهما عن رسول الله، كما ذكره النبهانيّ في كتاب «الشرف المُؤبّد» وابن حجر الهيثميّ[5]. في «الصواعق المحرقة»[6].
قال الإمام أحمد بن حنبل في تفسير هذه الآية عن أبي سعيد الخدريّ: إنَّها نَزَلَتْ في خَمْسَةٍ: النبي، وعلي، وفاطمة، والحسن، والحسين[7].
وخرّج هذا الحديث، الواحديّ في كتاب «أسباب النزول» والثعلبيّ في «التفسير» عن أبي سعيد الخدريّ.[8]
[1] الآية 33، من السورة 33: الأحزاب.
[2] «غاية المرام» من ص 281 إلى ص 300.
[4] «غاية المرام» ص 292 إلى ص 300.
[5] «الصواعق المحرقة» ص 85.
[6] «الفصول المهمّة» شرف الدين، ط النجف، ص 204. ورواه أيضاً صاحب «غاية المرام» ص 288، الحديث الخامس عشر عن «تفسير الثعلبيّ» بسنده عن الأعمش، عن عطيّة، عن أبي سعيد الخدريّ، عن رسول الله، وذكره صاحب «الدرّ المنثور» ج 5، ص 198، والكنجيّ في «كفاية الطالب» ص 376.
[7] «الصواعق المحرقة» 85، و «الدرّ المنثور» ج 198: 5، و«ينابيع المودّة» 108 و«نظم درر السمطين» 238
[8] «الفصول المهمّة» 204.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة