الشهادة بالعدل
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 2، ص152-153.
2025-11-28
39
الشهادة بالعدل
قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ ( 9 ) وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ }[المائدة : 8، 10].
قال الشيخ الطبرئءسيّ : الوفاء بالعهود ، بين سبحانه أن ما يلزم الوفاء به ، ما ذكر في الآية ، فقال تعالى : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ } أي : قائمين ( للّه ) أي : ليكن من عادتكم القيام للّه بالحق في أنفسكم ، بالعمل الصالح ، وفي غيركم بالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ويعني بقوله ( للّه ) افعلوا ذلك ابتغاء مرضاة اللّه {شُهَداءَ بِالْقِسْطِ} أي : بالعدل. وقيل : معناه :
كونوا دعاة للّه ، مبينين عن دين اللّه بالعدل ، والحق أو الحج ، لأن الشاهد يبين ما شهد عليه. وقيل : معناه كونوا من أهل العدالة الذين حكم اللّه تعالى بأن مثلهم يكونون شهداء على الناس يوم القيامة.
{وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ} ، قال الزجاج : من حرك النون من {شَنَآنُ} أراد : بغض قوم. ومن سكن ، أراد بغيض قوم ذهب إلى أن الشنآن مصدر والشنآن بالسكون صفة ، عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا أي : لا يحملنكم بعضهم ، أي :
بغضكم إياهم. وعلى القول الآخر فتقديره : لا يحملنكم بغيض قوم ، وعدو قوم على ألا تعملوا في حكمكم فيهم ، وسيرتكم بينهم ، فتجوروا عليهم اعْدِلُوا أي : اعملوا بالعدل أيها المؤمنون في أوليائكم وأعدائكم هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى أي : العدل أقرب إلى التقوى {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أي : خافوا عقابه بفعل الطاعات ، واجتناب السيئات ، {إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ} أي : عالم {بِما تَعْمَلُونَ} أي : بأعمالكم يجازيكم عليها.
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا} أي : صدقوا بوحدانية اللّه تعالى ، وأقروا بنبوة محمّد صلّى اللّه عليه وآله وسلّم ، وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أي : الحسنات من الواجبات والمندوبات لَهُمْ مَغْفِرَةٌ أي : مغفرة لذنوبهم ، وتكفير لسيئاتهم ، والمراد به : التغطية والستر {وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} يريد ثوابا عظيما. والفرق بين الثواب والأجر إن الثواب يكون جزاء على الطاعات ، والأجر : قد يكون على سبيل المعاوضة بمعنى الأجرة ، والوعد : هو الخبر الذي يتضمن النفع من المخبر. والوعيد : هو الخبر الذي يتضمن الضرر من المخبر وَالَّذِينَ كَفَرُوا أي : جحدوا توحيد اللّه وصفاته وأنكروا نبوة نبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم {وَكَذَّبُوا بِآياتِنا} أي : بآيات اللّه ، بدلائله وبراهينه أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَحِيمِ معناه : إنهم يخلدون في النار ، لأن المصاحبة تقتضي الملازمة « 1 ».
_______________
( 1 ) مجمع البيان : ج 3 ، ص 291.
الاكثر قراءة في مقالات قرآنية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة