إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 2، ص303.
2025-11-17
26
قال تعالى : {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [الأنعام : 117].
قال الشيخ الطبرسيّ : - في قوله تعالى - {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ} خاطب سبحانه نبيه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وإن عنى به جميع الأمة.
ويسأل فيقال : كيف جاز في صفة القديم سبحانه أعلم ، مع أنه سبحانه لا يخلو من أن يكون أعلم بالمعنى ممن يعلمه ، أو ممن لا يعلمه ، وكلاهما لا يصح فيه أفعل ؟
والجواب : إن المعنى هو أعلم به ممن يعلمه ، لأنه يعلمه من وجوه لا يخفى على غيره ، وذلك أنه يعلم ما يكون منه ، وما كان ، وما هو كائن إلى يوم القيامة ، على جميع الوجوه التي يصح أن يعلم الأشياء عليها ، وليس كذلك غيره ، لأن غيره لا يعلم جميع الأشياء وما يعلمه لا يعلمه من جميع وجوهها ، وأما من هو غير عالم أصلا ، فلا يقال اللّه سبحانه أعلم منه ، لأن لفظة أَعْلَمُ يقتضي الاشتراك في العلم ، وزيادة لمن وصف بأنه أعلم ، وهذا لا يصح فيمن ليس بعالم أصلا إلا مجازا.
{وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} المعنى : إنه سبحانه أعلم بمن يسلك سبيل الضلال المؤدي إلى الهلاك والعقاب ، ومن يسلك سبيل الهدى المفضي به إلى النجاة والثواب ، وفي هذا دلالة على أن الضلال والإضلال من فعل العبد ، خلاف ما يقوله أهل الجبر. وعلى أنه لا يجوز التقليد واتباع الظن في الدين ، والاغترار بالكثرة ، وإلى هذا أشار أمير المؤمنين علي عليه السّلام حيث قال للحارث الهمداني : ( يا حارث ! الحق لا يعرف بالرجال ، اعرف الحق تعرف أهله ) « 1 ».
___________
( 1 ) مجمع البيان : ج 4 ، ص 146.
الاكثر قراءة في مقالات عقائدية عامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة