الاستخلاف والنيابة تحتم كون الامام متصفا بصفات النبي واخلاقه
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج2، ص 44- 46
2025-11-03
22
ان مقتضى كون الإمام قائما مقام النبيّ في جميع شئونه إلّا تلقّي الوحي ، هو تخلقه بأخلاقه واتصافه بصفاته ، إذ بدون ذلك لا يتم الاستخلاف والنيابة ، ومعه لا يتم اللطف ، وهو نقض للغرض ، ومخالف لمقتضى عنايته الاولى ورحيميته ، ونقض الغرض ، والمخالف لمقتضى عنايته تعالى لا يقع ولا يصدر منه أصلا كما لا يخفى.
وتوضيح ذلك أنّه قد مرّ في باب النبوّة أنّ من أغراض البعثة هو استكمال النفوس ، فاللازم هو أن يكون النبيّ في الصفات أكمل ، وأفضل من المبعوثين إليهم حتّى يتمكن له أن يهديهم ويستكملهم وينقاد الناس له للتعلم والاستكمال ، فإن كان النبيّ مبعوثا إلى قوم خاصّين فاللازم هو أن يكون أفضل منهم في ذلك الزمان ، وإن كان مبعوثا إلى جميع الناس إلى يوم القيامة ، فاللازم هو أن يكون أفضل من جميعهم إذ لو لا ذلك لما تيسّرت الهداية والاستكمال بالنسبة إلى جميعهم ، مع أنّهم مستعدون لذلك ، وهو لا يساعد عنايته الاولى وإطلاق رحيميته ونقض لغرضه ، وهو لا يصدر منه تعالى.
فإذا ثبت ذلك في النبيّ لزم أن يكون الإمام أيضا أفضل الناس في صفات الكمال من شجاعة وكرم وعفة وصدق وعدل ، ومن تدبير وعقل وحكمة وعلم وحلم وخلق ؛ لأنّه قائم مقامه ونائب عنه في جميع الامور والشئون إلّا في تلقّي الوحي ، وهذه النيابة لا تتم إلّا بالاتصاف المذكور ، ولعلّ إليه أشار المحقق اللاهيجي ـ قدس سره ـ حيث قال : لا بدّ أن يكون الإمام في غاية التفرد في استجماع أنواع الكمالات والفضائل حتّى تطيع وتنقاد له جميع الطبقات من الشرفاء والعلماء بحيث ليس لأحد منهم عار في الاتباع عنه والانقياد له (1).
هذا مضافا إلى ما في تجريد الاعتقاد وشرحه (2) من أن الإمام يجب أن يكون أفضل من رعيته ؛ لأنّه إمّا أن يكون مساويا لهم ، أو أنقص منهم ، أو أفضل ، والثالث هو المطلوب والأوّل محال ؛ لأنّه مع التساوي يستحيل ترجيحه على غيره بالإمامة ، والثاني أيضا محال ؛ لأنّ المفضول يقبح عقلا تقديمه على الفاضل.
ويدلّ عليه أيضا قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (3) ولذلك قال العلّامة ـ قدس سره ـ في نهج الحق : اتفق الإمامية على أنّ الإمام يجب أن يكون أفضل من رعيته ، وخالف الجمهور فجوزوا تقديم المفضول على الفاضل ، وخالفوا مقتضى العقل ونصّ الكتاب (4).
ويشهد لما ذكر ما سمعته عن علي بن موسى الرضا ـ عليهما السلام ـ في ضمن حديث من «أنّ الإمام واحد دهره ، لا يدانيه أحد ، ولا يعادله عالم ، ولا يوجد منه بدل ، ولا له مثل ولا نظير ، مخصوص بالفضل كلّه من غير طلب منه له ولا اكتساب ، بل اختصاص من المفضل الوهّاب ...» الحديث (5).
وقال أيضا : «للإمام علامات : يكون أعلم الناس ، وأحكم الناس ، وأتقى الناس ، وأحلم الناس ، وأشجع الناس ، وأسخى الناس ، وأعبد الناس ، ويولد مختونا ، ويكون مطهرا ، ويرى من خلفه كما يرى من بين يديه». الحديث (6)
_____________
(1) سرمايه ايمان : 115.
(2) شرح تجريد الاعتقاد : ص 366 الطبع الجديد.
(3) يونس : 35.
(4) دلائل الصدق : ج 2 ص 15.
(5) الأصول من الكافي : ج 1 ص 201.
(6) التنبيه للشيخ الحر العاملي : ص 26 نقلا عن الفقيه.
الاكثر قراءة في صفات الأئمة وفضائلهم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة