طرق القوافل العربية القديمة
المؤلف:
د. محمد خميس الزوكة
المصدر:
جغرافية النقل
الجزء والصفحة:
ص 101 ـ 104
2025-10-30
38
شكلت الاراضى العربية خلال العصور القديمة والوسطى معبرا رئيسيا المحاور طرق التجارة القديمة بين قارتي آسيا واوربا ، لذلك وجه العرب هذه التجارة وأشرفوا على حركتها ، وكان للنشاط التجاري العربي مستويان احداهما محلى والاخر عالمي.
فعلى المستوى المحلى والاقليمى انتشرت التجارة في المنطقة العربية وتعددت محاورها ونشطت تحركاتها وتنوعت حمولاتها ، وكان هناك مجاور محددة تسلكها طرق القوافل العربية ، ففي الجناح الافريقي كانت طرق القوافل العربية تربط بين نطاق البحر المتوسط في الشمال والنطاق المدارى في الجنوب، ومن أهم المراكز التجارية القديمة هذا تمبوكتو ، کانو ، بشار ، تغاره ، توديني ، أروان ، وكان العرب ينقلون عن طريق هذه الدروب التجارية المنسوجات والسلع المصنعة المختلفة من الشمال الى الجنوب ، والمنتجات المدارية التي تأتي الاخشاب والعاج فى مقدمتها من الجنوب الى الشمال وكان لهذا النشاط التجاري العربي القديم تأثير مباشر في انتشار الاسلام في غرب ووسط أفريقيا منذ القرن السادس الميلادي بصفة خاصة وفى الجناح الاسيوى كانت توجد طرق معروفة تسلكها القوافل التجارية العربية التي تنقل السلع والمنتجات المختلفة بين اليمن في الجنوب وبلاد الشام في الشمال وذلك خلال نصفى السنة الشتوي والصيفي ، وكان لهذه الحركة التجارية تأثير قوى ومؤثر على الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية والقبائل العربية فى شبه الجزيرة العربية ، لذا جاء ذكر هذه الحركة التجارية فى القرآن الكريم لتأكيد أهمية التجارة في توفير الغذاء والربح الوفير.
وعلى المستوى العالمى اشتغل العرب بنقل التجارة العالمية عبر أراضيهم، حيث تعاونوا مع سكان جنود والبندقية فى نقل المنتجات الاوربية الى شرقي وجنوب شرقي آسيا ونقل المنتجات الاسيوية وخاصة التوابل والحرير الطبيعى والعطور الهندية والاحجار الكريمة التي يأتي في مقدمتها الفيروز والشاي والكافور الى قارة أوربا وخاصة أن العرب كان لهم نشاط تجاري قديم مع أقاليم شرقى آسيا وخاصة الصين منذ القرن الثالث الميلادى مما يعنى درايتهم الكاملة بدروب القوافل ومعرفتهم الواسعة بالأوساط التجارية الاسيوية ، وهذا أسهم في سهولة الربط بين النطاقين وتصريف المنتجات الاوربية فى الاسواق الاسيوية والحصول من الأخيرة على السلع السابق الاشارة اليها والتي تحتاج اليها الاسواق الاوربية ، وكان هذاك مساران رئيسيان لطرق القوافل التي تربط بين آسيا واوربا عبر الاراضي العربية هما :
أ - طريق الهلال الخصيب ، وعن طريقه كانت تنقل المنتجات الاوربية من مراكز التجميع على ساحل الشام الى ساحل الخليج العربي عبر الهلال الخصيب ، ولتنقل المنتجات بعد ذلك الى الهند وباقي جهات جنوبي وجنوب شرقي آسيا ، كما كانت تنقل المنتجات الاسيوية على هذا الطريق الى المراكز الساحلية العربية المطلة على البحر المتوسط تمهيدا لنقلها الى جنوة والبندقية ومنهما يتم توزيع السلع الاسيوية على باقي جهات أوربا.
ب - طريق برزخ السويس (القلزم) ، وعن طريقه كانت تنقل المنتجات الاوربية من المراكز الساحلية المصرية الى السويس (القلزم) ومنها عن طريق البحر الاحمر الى جنوب شرقي آسيا ، وكان هناك طريق فرعى يمتد على طول امتداد نهر النيل ليعبر الصحراء الشرقية تمهيدا النقل السلع عبر المراكز الساحلية المطلة على البحر الاحمر وخاصة ليكوس ليمن (القصير حاليا) الى جنوب شرقي آسيا.
وقد نتج عن النشاط التجارى القديم للعرب اتساع شهرة الأسواق العربية القديمة وازدهار مراكز التجارة والتى كانت معظمها تمثل أساسا محطات للقوافل ، لذلك ذاع صيت القاهرة ، الاسكندرية ، القلزم ، دمشق ، تدمر ، حلب ، بغداد ، البصرة ، مكة المكرمة ، عدن ، اللاذقية يافا، تونس، الجزائر.
وتدهور هذا النشاط التجارى العربي فيما بعد اذ تقلص بشكل كبير وفقد العرب الكثير من مكاسبهم بعد اكتشاف البرتغاليون الطريق رأس الرجاء الصالح خلال شهر ديسمبر عام 1497م مما أدى الى تحول طرق التجارة بعيدا عن الاراضى العربية لمدة ثلاثة قرون تقريبا حيث عادت لأراضي العرب أهميتها الكبيرة بالنسبة للتجارة الدولية بعد شق قناة السويس وافتتاحها للملاحة العالمية عام 1869م لتربط بين البحرين المتوسط والاحمر وتقصر المسافة بين الشرق والغرب.
الاكثر قراءة في جغرافية النقل
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة