عناصر الرأي العام
المؤلف:
الدكتور علي منعم القضاة
المصدر:
الرأي العام مفهومه.. انواعه.. وطرق قياسه
الجزء والصفحة:
ص 88- 94
2025-10-21
70
عناصر الرأي العام:
1. وجود قضية عامة تهم الجماهير: يقول الخبراء والباحثون في دراسة الاتصال السياسي، أن جمهور الرأي العام يقل، أو يزداد حسب كل قضية عامة تطرح عليهم، ولعل من أهم عناصر الرأي العام بروز مسألة عامة، أو قضية يهتم بها جمهور الرأي العام، أو أفراد المجتمع، وهذه هي موقف حالي يُحتمل ألا يوافق عليه جميع الناس، أو على طريقة التعاطي معه. بالرغم من أنها موضوع اهتمام عام من كل المجتمع، وليست مصلحة فردية لشخص، وقد تكون المسألة سياسية، أو اقتصادية أو اجتماعية، أي أن المسألة تكون حيوية وذات قيمة تفرض نفسها لتعلقها بمصالح واهتمامات الجمهور. وتكون مهمة لكل طبقات المجتمع، وتتصل بمصالحهم اليومية ومن أمثلتها الحرب، والسلام، وخطط التنمية، وانتخابات البرلمان لأن الجماهير تهتم بالقضايا التي تمس مصالحها وعقائدها السياسية والاجتماعية وظروف معيشتها في حياتها اليومية. وتلعب وسائل الإعلام دوراً مهماً في رفع مستوى الاهتمام بالقضية حينما تبرز.
2. وجود جمهور يهتم بالمسألة: بالأهمية نفسها تأتي أهمية وجود جمهور يهتم بالمسألة التي برزت إذ لا فائدة ولا قيمة للقضية في مجال الرأي العام إن لم يكن من يهتم بها فجمهور المهتمين هم مجال تكوّن الرأي العام وهم أولئك، أو المتأثرون بالقضية الواعون لها سواء كانوا شعباً، بأكمله، أم مجموعة، أم جماعة. ويعد حجم الجمهور، ودرجة تنظيمه من المؤشرات على أهمية القضية ذات البحث، وعلى التأثير في صانعي القرار فيما بعد، وقد يكون جمهور الرأي متخصص؛ فنقول مثلاً الرأي العام الطبي. وعلى هذا فالمجموعة الجماهيرية ليست مقيدة بعدد من الأفراد أو الأسماء، ومن ثم فإنها قد تكون منظمة، أو غير منظمة، وقد تكون ضخمة، كجمهور بلد معين، أو صغير كجمهور مسرح رياضة ويمكن أن نقول جمهور عام، أو جمهور، خاص، وفقاً لأهمية وحجم المسألة المطروحة، ولكن في جميع الأحوال لا بد من وجود الجمهور المهتم بالقضية.
3. النقاش: لا يتكون الرأي العام إزاء قضية من القضايا إلا بالحوار والنقاش حولها، لأن المناقشة هي التي تبين الرأي العام حول مسألة حيوية، وتبين أنها قضية ذات قيمة وتتعلق بمصالح واهتمامات الجمهور. ولكن من الضروري جداً أن تتوفر كافة المعلومات والحقائق عن القضايا المطروحة للنقاش حتى يستطيع الرأي العام أن يعبر عن وجهة نظر صحيحة وموضوعية، ويتم استعراض كافة الآراء ووجهات النظر في مناخ ديموقراطي مما يعود على المجتمع بالنفع والفائدة. وفي هذه الحالة يطلق عليه رأي عام، ظاهر، أو صريح، حيث تشترك جميع وسائل الإعلام، ومختلف منظمات المجتمع المدني في إبداء وجهات نظرها علانية وبحرية تامة في موضوع النقاش وذلك على عكس الرأي العام الساكن الذي يتسم باللامبالاة، والبرود والبعد عن مناقشة القضايا التي تهم المواطنين. وقد يأخذ النقاش مكاناً عبر عدة محافل، أو حتى عبر وسائل الإعلام، وعندما يصل النقاش ذروته نصل إلى مرحلة الاقتناع.
4. وجهة نظر الأغلبية: لا يعتبر الرأي رأياً عاماً حتى تصيح المسألة معبرة عن رأي الأغلبية، أي عندما تكون القضية محل اهتمام مجموعة كبيرة من الجمهور، وليس بالضرورة كل الجمهور. ويقصد بوجهة نظر الأغلبية التي يقتنع بها غالبية أفراد الشعب، حتى لا نتحدث عن رأي عام أقليات أو ائتلافي. وحينما تتفاعل الآراء داخل المجتمع وتتضارب وجهات النظر حول قضية من القضايا العامة، فإن الجماهير تستعرض هذه الآراء، ويكون لكل رأي مؤيدوه، وحججه التي تبرر وجهات النظر المطروحة للنقاش. وعندما يصل الجمهور في النهاية إلى الأخذ بوجهة نظر معينة فإنها تعبر عن رأي الأغلبية في هذا المجتمع، أو ذاك حتى نسميه رأي عام. وتعد من أرقى الحالات أو أحسن أحوال تبني الرأي العام أن يصل المقترعون إلى إجماع حول قضية يدور حولها النقاش ولكن الإجماع بمعناه الواسع أي مجموع الناس جميعاً ليس شرطاً بينما رأي الأغلبية هو المهم والذي غالباً ما يُؤخذ به كما هي الحال في التصويت الذي يجري في مجالس النواب.
5. تحقيق الصالح العام: يقول الخبراء أنه حينما يتبنى الرأي العام وجهة نظر معينة يكون الباعث لهذا التبني هو اختيار الحل الذي تعتقد الأغلبية أنه يحقق مصلحة عامة للجماهير، وتتنوع المصالح العامة فقد تكون مصالحاً سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو ثقافية. كما تختلف المصالح العامة من دولة إلى دولة، ومن شعب إلى شعب، وهي بكل تأكيد تختلف داخل حدود الوطن الواحد، أو الإقليم الواحد، أو المحافظة الواحدة، أو المدينة الواحدة.
6. عنصر الزمن: الرأي العام ديناميكي متغير، تؤثر فيه الأحداث، والمجريات العامة، وتتشكل وجهات نظر الجماهير، حيث تتغير وتتبدل تجاه القضايا المختلفة، بحسب الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية السائدة خلال فترة زمنية معينة. فالمناخ الديموقراطي السائد في مجتمع ما، وفي حقبة من الزمن يُسفر عن توجهات وآراء وقيم معينة تختلف اختلافاً تاماً عما يُسفر عنه مناخ تسوده أفكار سلطوية. كما قد يتحول نظام سياسي في بلد ما، من نظام رأسمالي إلى نظام اشتراكي، أو من نظام ملكي إلى نظام جمهوري. وفي كل هذه الظروف يختلف الرأي العام وتختلف المصالح العامة والقضايا الحيوية للناس، كما إن الوقت ينتهي بانتهاء الظروف التي أوجدت القضية مدار البحث ولذلك نقول رأي عام مؤقت ورأي عام مستقر.
7. التعبير عن الرأي العام: لو أننا وجدنا قضية هامة وحيوية، وجمهور تتصل هذه القضية بمصالحهم، في زمن من الأزمان وهي تهم غالبية سكان المنطقة، أو أبناء المجتمع، ثم لم يقوموا بالتعبير عنها والنقاش حولها لما جاز لنا أن نسميها قضية رأي عام أو أن نقول إن لدينا رأياً عاماً، فالرأي هو التعبير الفعلي عن الاتجاه، أو إبداء وجهة النظر حوله، وإذا لم يكن تعبير عن الرأي العام لا يمكننا التعرف عليه ولا اعتباره رأياً. ويمكن التعبير عن وجهات النظر بكل الطرق، أو التصرفات المتاحة، وممكن أن يتم التعبير النهائي بشكل إيجابي أي القيام بفعل، مظاهرات، مسيرات، إضرابات أو بشكل سلبي مقاطعة المنتج، أو الامتناع عن شراؤه.
8. تأثير الرأي العام: غاية المقصود من الرأي العام والتعبير عنه هو إحداث التغيير المرغوب فيه لدى صناع القرار، كما إن المقصود من الرأي العام هو أن هذه الآراء التي تجمعت أو تم التوصل إليها كي تمارس تأثيراً إما على سلوك الأفراد والجماعات، أو على السياسة العامة للدولة وصانعي القرار للانسجام جمعياً أو التوافق إلى أكبر الحدود.
الاكثر قراءة في الرأي العام
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة