دور تحكم التقليد والتعصب المذهبي
المؤلف:
محمد هادي معرفة
المصدر:
التفسير والمفسرون في ثوبه القشيب
الجزء والصفحة:
ج2 ، ص814-815.
14-10-2014
2268
تلك كانت مشية السلف والتي جرى عليها أئمة المذاهب والفقهاء العظام من الميل الى الوئام والوفاق ما رافقهم الدليل واليقين وحيث كان رائدهم نشدان الحق لا غير ..
الأمر الذي يدل على انتشار روح التقدير والوداد بين اولئك الفقهاء ، وهي سنة أسلافهم من الصحابة والتابعين .
ثم خلف من بعد هؤلاء الأئمة خلف سرت فيهم روح التقليد الذي يقوم على التعصب المذهبي ، ولا يعرف التسامح ، ولا يطلب الحق لذاته ، ولا ينشده تحت ضوء البحث الحر ، والنقد البريء ..
قال الأستاذ الذهبي : ولقد بلغ الأمر ببعض هؤلاء المقلدة الى أن نظروا الى أقوال أئمتهم كما ينظرون الى نص الشارع ، فوقفوا جهدهم العلمي على نصرة مذهب إمامهم وترويجه ، وبذلوا كل ما في وسعهم لإبطال مذهب المخالف وتفنيده ، وكان من أثر ذلك أن نظر هذا البعض الى آيات الأحكام . فأولها حسبما يشهد لمذهبه إن أمكنه التأويل ، وإلا فلا أقل من أن يؤولها تأويلاً يجعلها به لا تصلح أن تكون في جانب مخالفيه . وأحياناً يلجأ الى القول بالنسخ أو التخصيص ، وذلك إن سدت عليه كل مسالك التأويل .
هذا عبد الله الكرخي المتوفى سنة (340هـ) وهو أحد المتعصبين لمذهب أبي حنيفة يقول : " كل آية أو حديث يخالف ما عليه أصحابنا فهو مؤول أو منسوخ " (1) .
كما لم يجيزوا لأحد من أتباع المذاهب الأربعة أن يجتهد حراً إلا في إطار المذهب وعلى أصول ومباني صاحب المذهب لا غير .. في حين أن الالتزام بمذهب قديم كان بدعة ابتدعتها السياسة منذ القرن الرابع ن على غير أساس ديني ولا مبرر له .. (2) .
نعم ، كان لهؤلاء المتعصبين أثر ظاهر في التفسير الفقهي ، حيث ينظرون الى الآيات من خلال مذهبهم ويفسرونها حسب مبانيهم التي هي مهدوها من قبل .. فيعدمون البحث الحر عن فهم القرآن .. فكانت مغبة ذلك أن عدمنا إنتاج التفسير الفقهي بعيداً عن التعسف في التأويل .. الأمر الذي يبدو بوضوح عند ما نتعرض للكتب المدونة في آيات الأحكام ، وكانت على يد أصحاب المذاهب التقليدية .. ومن ثم كانت متنوعة حسب اختلاف المذاهب ..
_______________________
1- التفسير والمفسرون ، ج2 ، ص434.
2- راجع : الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ، ج3 ، ص141 فما بعد .
الاكثر قراءة في منهج التفسير الفقهي
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة