الخبر والأثر
المؤلف:
الشيخ الدكتور صبحي الصالح
المصدر:
علوم الحديث ومصطلحه
الجزء والصفحة:
ص 10 ـ 11
2025-09-04
293
الخَبَرُ وَالأَثَرُ:
والخبر أجدر من السُنَّةِ أَنْ يرادف الحديث، فما التحديث إلّا الإخبار، وما حديث النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إلّا الخبر المرفوع إليه. غير أَنَّ إطلاق اسم الإخباري على من يشتغل بالتواريخ ونحوها حمل بعض العلماء على تخصيص المشتغل بِالسُنَّةِ بلقب «المُحَدِّثِ» لتمييزه عن «الإِخْبَارِيِّ» وعلى تسمية ما جاء عنه «حَدِيثًا»، لتمييزه عن «الخَبَرِ» الذي يجيء عن غيره. وهذا يُفَسِّرُ قولهم: «بَيْنَهُمَا عُمُومٌ وَخُصُوصٌ مُطْلَقٌ، فَكُلُّ حَدِيثٍ خَبَرٌ وَلاَ عَكْسَ» (1).
وَالمُحَدِّثُونَ الذين انتصروا لترادف الحديث والخبر لاحظوا - إلى جانب المدلول اللغوي المتماثل بين اللفظين - أَنَّ الرُوَّاةَ لم يكتفوا بنقل المرفوع إلى النَّبِيِّ - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - بل عُنُوا معه بنقل الموقوف على الصحابي والمقطوع على التابعي: فقد رَوَوْا إذن ما جاء عن النَّبِيِّ وما جاء عن غيره، والرواية إخبار هنا وهناك، فَلاَ ضَيْرَ في تسمية الحديث خَبَرًا، والخبر حَدِيثًا.
ومن خلال الرواية نفسها نظروا إلى الأثر، فهو مرادف للخبر وَالسُنَّةِ وَالحَدِيثِ، «يُقَالُ: أَثَرْتُ الحَدِيثَ: بِمَعْنَى رَوَيْتُهُ، وَيُسَمَّى المُحدِّثُ أَثَرِيًّا نِسْبَةً لِلأَثَرِ» (2).
فلا مسوّغ لتخصيص الأثر بما أضيف للسلف من الصحابة والتابعين، إذ أنَّ الموقوف والمقطوع روايتان مأثورتان كالمرفوع، إلّا أَنَّ الموقوف يُعْزَى إلى صحابي، والمقطوع يُعْزَى إلى التابعين، بينما ينتهي المرفوع إلى الرسول الكريم - صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ [وآله الطاهرين] -.
وهنالك اصطلاحات في بيان الفرق بين كلّ من الخبر والأثر لن نخوض فيها، ولن نماري فيها أصحابها (3)، فقد أخذنا برأي الجمهور في تساوي هذه المصطلحات جَمِيعًا في إفادة التحديث والإخبار، وعليهما مدار البحث في علم أصول الحديث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1)" تدريب الراوي ": ص 4.
(2) " التقريب ": ص 4.
(3) من تلك الاصطلاحات أنَّ المُحَدِّثِينَ يُسمُّون المرفوع والموقوف بالأثر، وأنَّ فقهاء خُرَاسَانَ يُسَمُّونَ الموقوف بالأثر والمرفوع بالخبر: انظر " التدريب ": ص 4.
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة