الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
تنامي الحاجة إلى المعرفة المتخصصة
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 118 ــ 120
2025-08-13
9
هناك تدفق معلوماتي، يفوق كل وصف، وهو في نمو مطرد، وأصبح الإنسان العادي محاصراً بفيض من المعلومات والمعارف والأخبار والتقارير المنوعة، وكلها تتسم بسمة واحدة هي (التشظي) والتناثر؛ حيث إن السواد الأعظم منها، مقطوع عن سياقاته المعرفية، وبعيد عن الحصيلة المعرفية النهائية للمتلقي فإفلاس (مصرف) وموت رسام في أقصى الدنيا والكشف عن قرية أثرية في أستراليا... كل هذه الأخبار، وما شاكلها تطرق أبوابنا في كل الأوقات، وكل هذه المعلومات لا تهم إلا عدداً محدوداً قد لا تصل نسبتهم إلى واحد في الألف من المتلقين ولا تأتي المشكلة الأساسية في هذا من هدر الوقت والمال، وإنما من تسطيح أفكار الناس ومعارفهم وإضعاف قدرتهم على التمييز، فالمعلومات التي تنتمي إلى حقول معرفية متباعدة تتقاطع، وتتصادم، ولكثرتها فإنها تجعل البنية العقلية لدى الشخص العادي عاجزة عن استخلاص أي شيء كلي.
ولا ريب في أن هذه الوضعية المعرفية ترفع من درجة الوعي العام إلا أنها تعطي انطباعات مشوشة، وهذا ما نلمسه اليوم عند مناقشة أية قضية محددة مع أولئك الذين يتعرضون لسيول المعارف العامة.
إن التخفيف من هذه المشكلة والاستفادة من المعرفة الضخمة المتاحة قد يكمن في الاتجاه إلى (المعرفة المتخصصة) على مستوى التكوين، وعلى مستوى الإنتاج والنشر والتسويق.
أما على مستوى التكوين فإن بإمكان كل واحد منا أن يهتم بقضية من القضايا التي تؤثر في مجرى الحياة العامة، أو تدفع بجانب من جوانب المعرفة خطوة إلى الأمام. وهذا يقتضي أن يبذل من يريد ذلك ما لا يقل عن نصف وقت تلقفه في استكناه أبعاد القضية التي اختارها، على نحو يمكنه من تقديم رؤية ناضجة وشاملة حولها.
ولا فرق بين أن تكون تلك القضية جزءاً من تخصصه في دراسته المنهجية، وبين أن تكون منتمية إلى تخصص آخر.
ولا ريب أن خروج المرء عن تخصصه الأساسي، يحتاج إلى نوع من إعادة التأهيل المعرفي، وفي ذلك مشقة ومعاناة، لكن هناك ظروفاً كثيرة تفرض ذلك، وتستدعيه؛ ولا بأس في ذلك ما دام سيقدم للناس معارف وأفكاراً، هم بحاجة إليها.
هذا التوجه نحو تعميق المعرفة والاهتمام بأشياء صغيرة ومحددة، سيوجد لدينا تياراً قوياً وهادراً من المعارف المتقنة والأصيلة والناضجة، وسوف يوجد هذا التيار لنفسه في النهاية الوسائل والأطر التي تعبر عنه، وتوصله إلى المتطلعين إليه والراغبين فيه.
إن مشكلة المعارف المختصة أن قواعدها من القراء، تكون غالباً محدودة؛ مما يجعلها عاجزة عن تغطية نفقات صناعتها ونشرها، لكن هناك اتجاهاً عالمياً نحو التركيز في العلوم والمعارف حيث إنه السبيل الوحيد للتقدم بها، وتطويرها. ويذكرون على سبيل المثال أنه يصدر في الولايات المتحدة ما يقارب عشرة آلاف مجلة منها ثمانية آلاف للمعرفة المتخصصة. كما يذكرون أنه على حين يتراجع توزيع الصحف العامة في فرنسا بنسبة 3% سنوياً، فإن توزيع المجلات المتخصصة ينمو بنسبة 1% (1).
إن مما يثير الأسى أن كثيراً من المحطات الفضائية والمجلات والإذاعات. لا يؤدي رسالته في النهوض بالأمة، وتثقيف الناس بواقعهم ومشكلاتهم وواجباتهم، وإنما يقوم عوضاً عن ذلك بتقديم فنون التسلية المباحة والمحرمة؛ مما يشغل الأوقات، ويزيد في هلامية الثقافة، وفي فراغ الروح، وإرباك الإحساس بالحاضر والمستقبل!!
إن كل مؤسسة علمية، وكل جهة حكومية أو أهلية، وكل منظمة أو هيئة بإمكانها أن تنشئ إطاراً - ولو متواضعاً - لتقديم المعرفة المتخصصة للناس على نحو مبسط ومؤصل ومثمر، ولكن إذا توفر لها الإخلاص والاهتمام.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مجلة المعرفة: العدد 18، ص 13.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
