واذكر في الكتاب إسماعيل
المؤلف:
معروف عبد المجيد
المصدر:
تلك الرسل
الجزء والصفحة:
ص353 - 360
2025-08-12
176
كان الحزقيل النبي ولد صالح اسمه اسماعيل.
واسماعيل هذا، الذي سماه القرآن الكريم صادق الوعد وهو غير اسماعيل بن ابراهيم (عليه السلام).
وقد بعث الله اسماعيل بن حزقيل نبيا إلى قومه من بني اسرائيل
فكان يأمرهم بالصلاة والزكاة.
{وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا } [مريم: 55] وذات يوم.
كان اسماعيل (عليه السلام) يسير في إحدى الطرقات.
فالتقى برجل صالح عابد من أعبد بني اسرائيل.
فسأله اسماعيل (عليه السلام) إلى أين يا صاحبي في هذا الوقت من النهار؟
فأجابه العابد إلى قصر الملك.
فسأله اسماعيل (عليه السلام) وما حاجتك بالملك فقال العابد ليست لي به حاجة، ولكنها حوائج الناس اسعى بها عنده.
ولما أراد اسماعيل (عليه السلام) مجالسته والحديث إليه فان العابد وعده قائلا:
ابق هنا ولا تبرح حتى أرجع إليك من عند الملك.
وودع اسماعيل (عليه السلام) العابد الذي واصل طريقه نحو قصر الملك.
وبقي اسماعيل (عليه السلام) في مكانه لا يبرح.
وحان وقت الزوال...
ولم يغادر اسماعيل المكان.
فجن الليل.
وظل اسماعيل (عليه السلام) في المكان...
وانقضى الليل...
ولم يعد العابد من عند الملك..
واسماعيل (عليه السلام) ما زال قائماً في نفس المكان..
ومضت أيام وأسابيع وشهور..
ولم يرجع العابد واسماعيل (عليه السلام) لا يغادر المكان واشتد الجوع باسماعيل
فأنبت الله له عشبا يقتات عليه وأخذ منه العطش مأخذه فأجرى له الله عينا يشرب منها وأجهدته حرارة الشمس فأظله الله بالغمام..
وكان الناس يمرون باسماعيل (عليه السلام) فيعجبون من أمره...
وربما سخروا منه ولعلهم اتهموه بالجنون على وتيرة غيره من أنبياء الله ورسله والمصطفين الأخيار...
ولكن اسماعيل (عليه السلام) أبى إلا الوفاء بوعده فلم يبرح المكان...
حتى مضى عليه الحول ...
وفي صباح يوم من الأيام...
نظر اسماعيل (عليه السلام) فاذا بموكب الملك قادما من بعيد ولم يمض سوى وقت قصير حتى صار الموكب بمحاذاته.
وكان الملك خارجاً للتنزه.
وفجأة..
برز رجل كان يسير بجوار الملك في مقدمة الركب وإذا به ذلك العابد..
فلما رأى اسماعيل (عليه السلام) ما زال في مكانه لم يبرح فانه صاح مندهشا:
وإنك لها هنا يا اسماعيل؟
فقال له اسماعيل (عليه السلام): قلت لا تبرح فلم أبرح..
فسمي اسماعيل (عليه السلام) صادق الوعد.. وكان مع الملك أحد الجبارين.
فاتهم اسماعيل (عليه السلام) بالكذب وصاح به:
لقد كنت تتردد هنا وهناك في أنحاء البرية فلم تقول إنك لم تبرح؟
فأجابه اسماعيل (عليه السلام) مدافعا عن نفسه: إن كنت كاذبا نزع الله صالح ما أعطاك فتناثرت أسنان الجبار في الحال..
وأصيب الجبار بالهلع وشعر بالخجل أمام الحاضرين...
فالتفت إلى الملك قائلا:
لقد كذبت على هذا العبد الصالح فاطلب منه أن يدعو ربه ليرد أسناني فانني شيخ كبير فضحك الملك لما ألم بالجبار، ثم قال لا سماعيل (عليه السلام): ادع الله ليرد عليه أسنانه فأجابه اسماعيل (عليه السلام): لسوف أفعل.
فاستعجله الملك قائلا:
الساعة.. الآن
فقال اسماعيل (عليه السلام) كلا
فسأله الملك متعجبا:
ولماذا ليس الآن؟
فقال له اسماعيل (عليه السلام):
بل أؤخره للسحر فان أفضل ما دعوتم الله بالأسحار.
وعندئذ.. تحرك موكب الملك ومعه العابد.
بينما الجبار يئن ويتأوه لأسنانه المتساقطة.
ولكن العابد التفت إلى أسماعيل (عليه السلام) قائلا:
هبني لم أرجع، فماذا كنت فاعلا يا اسماعيل؟
فأجابه اسماعيل صادق الوعد (عليه السلام):
لو لم ترجع لكان المحشر من مكاني هذا..
وواصل اسماعيل (عليه السلام) دعوته إلى قومه وظل يأمرهم بالصلاة والزكاة.
حتى كان ذات يوم ...
فاجتمع عليه القوم ليقتلوه..
ثم أخذوه وسلخوا فروة رأسه وجلدة وجهه.
فاشتد عليهم غضب الله ووجه ملك العذاب إلى اسماعيل (عليه السلام) وهو على هذه الحال بين قومه.
فقال له ملك العذاب شئت يا اسماعيل لقد وجهني رب العزة إليك لأعذب قومك بأنواع العذاب إن فقال له اسماعيل (عليه السلام): لا حاجة لي في ذلك
عندئذ أوحى الله تعالى إلى إسماعيل (عليه السلام) ما حاجتك يا اسماعيل؟
فقال اسماعيل (عليه السلام):
يا رب إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية ولمحمد بالنبوة ولأوصيائه بالولاية وأخبرت بما يفعل بآله من بعده فأمطرت السماء دما..
وتجلى رأس مقطوع في الفضاء اللامتناهي فقال اسماعیل صادق الوعد (عليه السلام):
حاجتي إليك يا رب أن تكر بي إلى الدنيا لأنتقم من فعل بي ذلك كما وعدت صاحب هذا الرأس...
وكان صوت الوحي مازال يتردد في جنبات العرش {وَاذْكُرْ في الكتاب إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 54، 55]
الاكثر قراءة في قصة ذي القرنين وقصص أخرى
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة