المدونات الإلكترونية والصحافة التقليدية
المؤلف:
الدكتور لؤي الزعبي
المصدر:
الإعلام والاتصال الالكتروني
الجزء والصفحة:
ص 82-83
2025-07-26
454
المدونات الإلكترونية والصحافة التقليدية
التدوين فعل لا يختص به فرد دون آخر ولا مجتمع دون آخر ولا عصر دون آخر إنما هو حقيقة إنسانية عرفتها كل المجتمعات ولكن بأساليب تختلف باختلاف أدوات التواصل المتصلة بكل عصر. فمن التدوين على الأحجار والكهوف إلى التدوين عبر المخطوطات فالتدوين المطبعي ثم الإلكتروني. المتغيّر في التدوين هو الأداة، واليوم أصبح التدوين سلوكاً يخترق المكان باعتبار أن الغاية المركزية من فعل التدوين هي النقل والتداول والمشاركة على نطاق واسع جداً. تعتبر المدونات رد فعل، قد يكون في نفس الوقت عفوياً وواعياً، عن تقلص حضور المواطن في قضايا الشأن العام، وتأكيد لحالة من التشكيك في مصداقية الصحافة، وهي بذلك تعكس ظرفاً حرجاً من الثقة عدم بين وسائل الإعلام التقليدية والجيل الجديد من مستخدمي الإنترنت والإعلام الإلكتروني. أصبحت المدونات تعمق من حدودها مع الصحافة التقليدية لتتميز، وهو ما نستشعره في اتجاه الصحفيين التقليديين إلى تأسيس مدونات خاصة بهم، هذا بالإضافة إلى الاهتمام الأكاديمي في التدريس والبحث والذي أصبح يفرد اهتماماً متزايداً لظاهرة التدوين وهي كلها دلالات من الاعتراف المؤسسي بالإضافات الاتصالية والاجتماعية للمدونات، واليوم يستطيع الكثير من الأشخاص التعبير عن أفكارهم وانتقاداتهم بكل حرية على الإنترنت من خلال المدونات الشخصية التي تمثل جزءاً من محاولات اختراق حاجز الصمت ووسائل المنع التي تستخدمها الحكومات أمام الصحافة الحرة وحرية التعبير حيث تتيح للمواطنين وبتكاليف بسيطة الكتابة والتعبير عن آرائهم وانتقاداتهم بكل حرية.
واليوم يوجد رؤساء دول وشخصيات مشهورة لها مدونات بالتساوي مع الأشخاص العاديين دون تمييز كالرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد والرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي، وحتى المؤسسات الدينية، كما يذكر جان فرانسوا مايير في كتابه الانترنت والدين اكتسبت تقنية التواصل في العالم الافتراضي، فظهرت كثير من المدونات الشخصية لقسيسين ورهبان وغيرها. وامتلأت الشبكة بالمواعظ والفتاوى والدروس والأدعية والأذكار وازدهر الشات الديني.
كما لجأت كبريات الصحف والمحطات الإخبارية للاستعانة بالمدوّنات أو استئجار مدوّنين بارزين، وكان من نتاج ذلك زيادة أهمية التدوين الإلكتروني وتعزيز وظائف الإعلام الديمقراطية في المجتمعات، وهو ما ساعد في توسيع دائرة مسؤولية الفرد في صناعة القرارات الوطنية وفي إدارة شؤون البلاد، كما إن نشر المعلومات وتبادل الأفكار والحوار حول القضايا المهمة من شانه أن يثير حماس الناس للمشاركة في الحياة العامة، وأن يدفعهم للتفكير في الحلول السليمة لمشاكلهم العامة.
إن المدوّنات تمثل تجلّياً محورياً من تجليات التحولات المتلاحقة في العلاقات القائمة بين المواطن والوسائط الإعلامية والإعلاميين، وهي تحوّلات تعيد النظر في الافتراضات التي غالباً ما تأسست عليها الأدوار التقليدية لوسائل الإعلام.
الاكثر قراءة في اعلام جديد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة