أوروبـا وأمريـكا ومـؤتمـر الدوحـة 2001
المؤلف:
د . فريد النجـار
المصدر:
الحروب التجارية المعاصرة
الجزء والصفحة:
ص262 - 264
2025-07-24
250
4- أوروبا وأمريكا ومؤتمر الدوحة 2001:
تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر الدول التي تتبنى قوانين تجارية تحابي مصالحها الاقتصادية على حساب الدول الأخرى؛ حيث يوجد لديها ترسانة من القوانين التي تستخدمها ضد صادرات الدول الأخرى، وتعمل على تحجيمها، مثل: قوانين التقييد الاختياري للصادرات وقوانين الإغراق.
وفى هذا السياق أصدرت الولايات المتحدة الأمريكية مؤخراً قانونا للإعفاءات الضريبية على الصادرات، ويتيح هذا القانون للشركات الأمريكية الكبرى مثل بوينج وميكروسوفت مساعدات للتصدير تصل إلى %30 من الفاتورة الضريبية للصادرات، الأمر الذي يجعل صادراتها أكثر قدرة على المنافسة أمام الصادرات الأوروبية، ورداً على ذلك قام الاتحاد الأوروبي بمطالبة منظمة التجارة العالمية بفرض عقوبات تصل إلى 4 مليارات دولار على الولايات المتحدة الأمريكية إذا رفضت تعديل هذا القانون.
وبعد قيام المنظمة بدارسة القانون قررت رفضها لهذا القانون؛ لأنه يتعارض مع لوائح منظمة التجارة العالمية، ولأن المنظمة لا تريد توسيع دائرة المعارضة الدولية لهذا القانون الأمريكى من جانب دول العالم فقد قامت بتقديم نتائج دراستها لهذا القانون وقرارها في هذا الشأن إلى كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بصورة سرية وطالبت المنظمة الولايات المتحدة بالتراجع عن هذا القانون دون إبطاء، تجنباً لمزيد من المشاكل مع الدول الأخرى.
ولكن على ما يبدو أن الولايات المتحدة لا تعتزم إلغاء هذا القانون، وهو ما يعني قيام الاتحاد الأوروبي بفرض العقوبات المبدئية على المنتجات الأمريكية في أوائل عام 2002، والتي تصل إلى حوالي 4 مليارات دولار، وهو ما قد يدفع واشنطن إلى الرد باتخاذ إجراءات انتقامية ضد الاتحاد الأوروبي، ويكون ذلك إيذانا بنشوب حرب تجارية بين الطرفين.
ويبدو أن الولايات المتحدة تريد عقد صفقة مع الاتحاد الأوروبي في هذا المجال، حتى لا تثير بقية دول العالم ضد هذا القانون الأمريكي الجديد، ولذلك اتفقت الولايات المتحدة أن تدخل في مفاوضات مع الاتحاد الأوربي لتحقيق تسوية ثنائية لهذا النزاع دون دخول اطراف جديدة إلى جانب الاتحاد الأوروبي ضد الولايات المتحدة الأمريكية. وهذا ليس بجديد في السياسة الأمريكية حيث تعودت أن تدخل في حوار جانبي مع الاتحاد الأوروبي أو اليابان أو الصين لتسوية النزاعات التجارية مع هذه الدول منفردة، وذلك على حساب الدول النامية، ولكن هذه السياسة قد لا يكتب لها النجاح في المرات القادمة بسبب المواقف القوية التي بدأت الدول النامية تتبناها في هذه القضايا، وظهرت بوضوح في مؤتمر "سياتل"، والمتوقع لها أن تردد قوة في مؤتمر الدوحة في نوفمبر 2001.
الحرب تهدد الدوحة:
إن الخطورة في سيطرة أجواء الحرب على العلاقات التجارية بين الدول الكبرى في العالم أنها تأتى في توقيت حساس، واثناء استعداد العالم لعقد مؤتمر الدوحة الذي يهدف إلى إطلاق جولة جديدة من المفاوضات الدولية لتحقيق مزيد من حرية التجارة العالمية، وذلك بعد فشل هذه المحاولة في مؤتمر سياتل الشهير.
فمن المتوقع أن تصب هذه التصرفات من جانب الدول المتقدمة في صالح الدول النامية، وتدعم موقفها في هذا المؤتمر؛ لأنها تعمل على تقوية وتبرير الإحساس الموجود لدى الدول النامية بعدم عدالة النظام التجاري العالمي لتحرير التجارة، وتؤيد مطالبة الدول النامية بضرورة أن تراعى الدول المتقدمة مصالح الدول النامية وان تنفذ تعهداتها السابقة في إطار منظمة التجارة العالمية قبل الإعلان عن جولة جديدة للمفاوضات.
كما أن هذه التصرفات من جانب الدول المتقدمة تعطى مبرراً للدول النامية، إما لاتخاذ مواقف مماثلة ضد صادرات الدول المتقدمة في حالة تعرضها لإضرار من هذه الصادرات، كما فعلت اليابان أو الصين أو إصدار قوانين محلية تعمل على تحقيق مصالحها الاقتصادية بغض النظر عن مصالح الآخرين، وهو ما يعنى تحول قواعد النظام العالمي لتحرير التجارة إلى مجرد مثل ، وأن كل دولة عليها أن تأخذ هذه القواعد وتنفذها بيدها دون احترام لمبدأ الالتزام الدولي بهذه القواعد، وهو ما يزيد من صعوبة مهمة الدول المتقدمة في مؤتمر الدوحة القادم.
الاكثر قراءة في التكتلات والنمو والتنمية الأقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة