تـاريـخ الأطمـاع الأجنبيـة فـي أسـواق الخليـج العـربـي 2
المؤلف:
د . فريد النجـار
المصدر:
الحروب التجارية المعاصرة
الجزء والصفحة:
ص234 - 236
2025-07-22
336
لقد سيطرت بريطانيا على خطوط الملاحة البحرية لقوة أسطولها بينما حاولت فرنسا وألمانيا الوصول إلى الخليج العربي براً تجنبا للقوة الإنكليزية، ولكن انكلترا كانت أسبق في السيطرة فعقدت معاهدات منفردة مع شيوخ الخليج العرب تلزمهم بعدم إقامة اتفاقيات مع غيرها مقابل تأمين الحماية لهم جمعتها في معاهدة أطلقت عليها المعاهدة الأبدية عام 1853، ثم المعاهدة المانعة عام 1892 مع شيوخ الساحل العربية.
وكانت معاهدة بريطانيا مع شيخ المحمرة وشيخ الكويت قطعاً لأى وصول أوروبي إلى منطقة الخليج العربي.
تعتبر السيطرة البريطانية على الخليج العربي الأكثر عمراً حيث امتدت من السنوات الأولى للقرن السابع عشر حتى انسحابها من الجزر العربية الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى أو موسى عام 1971 ، وقد تميزت عن غيرها من القوى بتميز سياستها الأمنية بالشمولية والالتزام وبعد النظر، دون إهمال الجوانب الأخرى، ففي الوقت الذي عززت فيه مواقعها العسكرية في المنطقة، فقد أصبحت لها مراكز تجارية مهمة في العديد من مدن الخليج وموانئه، بالإضافة إلى علاقات خاصة مع أصحاب السلطة والنفوذ الذين يمتلكون صناعة القرار، ولعلها حين استغلت ظروف الحرب العالمية الأولى فحققت كسباً دبلوماسياً مرموقاً ، وبخاصة بعد أن تحول الخليج العربي إلى مسرح لصراعات دولية حادة، فوقعت كل من فرنسا عام 1904 ، وروسيا عام 1907، وألمانيا عام 1912، اتفاقيات اعترفت فيها كل هذه الدول رسميا بالأرجحية البريطانية في الخليج العربي، وفى عام 1913 حذا العثمانيون حذوهم عندما وقعوا اتفاقية مشابهة تحقق لبريطانيا الأهداف نفسها.
إن الظروف التي أفرزتها الحرب العالمية الأولى وتطوراتها أدت إلى تعزيز دعائم الاستراتيجية البريطانية في الخليج العربي، إذ إن الدول التي نازعتها النفوذ في المنطقة، لم تلبث أن خرجت من حلبة الصراع، ألمانيا لهزيمتها في الحرب وروسيا لتغير نظام الحكم فيها، أما فرنسا فقد اعترفت بالسيادة البريطانية المطلقة على الخليج العربي، وبادرت بإغلاق قنصليتها في مسقط عام 1920 ، كآخر مظهر من مظاهر النفوذ الفرنسي في الخليج العربي، إن هذه الأسباب بالإضافة إلى اضمحلال الدولة العثمانية، تضافرت لكى تتحول المنطقة إلى منطقة نفوذ بريطانية.
لقد تمكنت بريطانيا من تصفية منطقة الخليج العربي من اي نفوذ آخر ولكن سياسة الباب المفتوح التي اتبعها الولايات المتحدة الأمريكية مكنتها من النفوذ المنطقة فقد بدأ اهتمامها منذ اكتشاف النفط في بعض المدن الخليجية في بداية القرن العشرين حيث دخلت إلى معترك الصراع من أجل النفط، ولقد تمكن كولبي شستر الأمريكي من الحصول على امتيازات التنقيب عن النفط في العراق، ولكن الولايات المتحدة لم تحصل على الموافقة البريطانية إلا في عام 1912 عندما أصبحت عضواً مساهماً في شركة نفط العراق، بعدها اضطرت بريطانيا للرضوخ إلى أمريكا كشريك فعلي في النفوذ في الخليج العربي وفق مبدأ تبادل المصالح وتمت التسوية بينهما حينما عقدت اتفاقية الخط الأحمر عام 1942، التي فتح المجال بموجبها للولايات المتحدة الأمريكية للوصول إلى العراق ومناطق خليجية أخرى كالسعودية والبحرين وإيران.
إن نشوب الحرب العالمية الثانية كان تحفيزاً آخر لواشنطن للاهتمام بالمنطقة وبدخولها الحرب أخذ الخليج العربي يكتسب أهمية خاصة، فالنفط الذي اتجهت انظار الولايات المتحدة الأمريكية إليه بشكل لم يسبق له مثيل إذا لم يعد هذا النفط مجرد مشروع تجارى للشركات الأمريكية بل أصبح مسألة تهم الأمن القومي الأمريكي، ونظراً لاستحالة استمرار الإنتاج الأمريكي منه بالمعدلات نفسها التي دعت إليها ظروف الحرب، فقد ركزت جهدها على نفط المنطقة العربية ووصلت إلى قناعة جادة بأن مركز الجاذبية في الإنتاج العالمي للنفط يتركز في منطقة الخليج العربي، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن ظروف الحرب زادت من حجم الدور العسكري الأمريكي في المنطقة، أما من الجهة الثالثة فإن التواجد العسكري لها والضغط الذي تمارسه على مشايخ المنطقة خلق حالة من توفير الأمن للكيان الصهيوني في فلسطين.
إن تراجع القدرات العسكرية الغربية وظروف الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية من جانب والمعسكر الاشتراكي من جانب آخر، أدى إلى تقوية النفوذ الأمريكي في منطقة الخليج العربي حتى على حساب حلفائها الغربيين.
لقد علمت أمريكا على إضعاف القدرات العسكرية الإقليمية لإدامة وجودها بشكل مباشر أو غير مباشر وهو بطبيعة الحال إضافة إلى استثمار نفط المنطقة ضمانة للوجود الصهيوني المزروع في المنطقة.
إن تراجع القدرات العسكرية الغربية وظروف الحرب الباردة بين المعسكرين الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية من جانب، والمعسكر الاشتراكي من جانب
آخر، أدى إلى تقوية النفوذ الأمريكي فى منطقة الخليج العربى حتى على حساب حلفائها الغربيين.
الاكثر قراءة في التكتلات والنمو والتنمية الأقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة