ثـقـب فـي العولمـة (عيـوب العـولمـة)
المؤلف:
د . فريد النجـار
المصدر:
الحروب التجارية المعاصرة
الجزء والصفحة:
ص200 - 202
2025-07-21
338
4- ثقب في العولمة:
انشغل العالم أجمع خلال العقد الأخير من القرن العشرين حتى يومنا هذا بقضايا العولمة ومفاهيمها وآثارها المستقبلية، واختلف الفقهاء والمؤرخون والكتاب بين موافق ومعارض حول انعكاسات العولمة على الدول النامية ومنها العالم العربي، وكثرت الكتابات والمؤتمرات أخيراً لتسويق أخطار العولمة وإقناع الدول الدعوة إليها والسير في مناكبها، وأصبحت قضية العولمة العصا السحرية التي ينادى بها الرأسماليون مع الشركات عابرة القارات لعلاج مشكلات العالم في الألفية الثالثة، وهي من الأمور المرفوضة في الدول النامية بدليل الإضرابات والاضطرابات التي سيطرت على مؤتمرات منظمة التجارة العالمية WHO في سياتل بولاية واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية، وفي دافوس بسويسرا أخيراً وفشل جميع المؤتمرات الاقتصادية التي تدعو إلى السير في ركب العولمة.
ولعل تصدير الأنماط الاستهلاكية السائدة في دول العرب وانتشار الشركات متعددة الجنسية وفروعها المختلفة في الدول النامية والعربية لدليل على الرغبة في السيطرة الاقتصادية والاجتماعية للدول الصناعية عبر الترويج والإعلام والثقافة الموجهة للقضاء على جذور الثقافات المختلفة الأخرى، مع صيغ الاستعمار الاقتصادي في القرنين التاسع عشر والعشرين.
نعم قد حاولت الدول النامية التعاون مع اقتصاديات الدول الصناعية من خلال بعض المشروعات المشتركة ومحاولات جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة. ولكن ما زالت الدول النامية تعاني العديد من الأمراض الاقتصادية كالبطالة ونقص الأجور والتضخم ونقص الخدمات العلاجية والتعليمية والكساد وتدنى الإنتاجية والعديد من الأمراض الإدارية الأخرى. ففي الوقت الذي تقوم به المنظمات الدولية الاقتصادية بدورها التي تسعى فيه الدول الكبرى للسيطرة كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية، تعمل مؤتمرات السكان بالتوازن على فرض شروطها على العالم دون مراعاة لطبيعة وظروف كل دولة وهي القضايا الخاصة بالأسرة والطفل والقيم الاجتماعية. ولقد طالب بعض الكتاب في الغرب بنظرية للتبادل لنجاح العولمة تنادى بتقديم العلوم والتكنولوجيا للدول النامية ومنها العربية مقابل الحصول على منظومة التنمية الاجتماعية وخبرات البناء الثقافي والقيمي من الدول عريقة التراث، مثل : مصر والعالم العربي والصين، فيشهد التاريخ أن التراث والثقافة والتاريخ لا تخضع للعولمة وفق حكمة الله سبحانه وتعالى في توافر التنوع الإنساني البشري (Human Diversity (HD - ولكن ما زالت بعض الكتابات - ومنها ما قد تم عرضه في معرض الكتاب لعام 2004 في القاهرة تدعو إلى بث وتسويق سلوكيات الآخرين لأغراض اقتصادية - وينادى هؤلاء الكتاب إلى ضرورة أن تسرع الدول النامية بالدول الصناعية بإلغاء هويتها الثقافية وهياكلها الاجتماعية وجذورها التاريخية، حتى تصبح تلك الدول مراكز استهلاكية تابعة لمحطات الإنتاج العالمية لا حول لها ولا قوة.
هنا فقط يصبح هناك ثقب كبير في مناهج العولمة، وهو ثقب ضياع الأصول والجذور الثقافية والاجتماعية والسلوكية لبقية الدول التي ترفض العولمة - علما بأن الدول الجديدة فاقدة الهوية الاجتماعية والثقافية لا تملك إلا أن تعمل على القضاء على هذه القوة الثقافية بالبث الإعلامي والفضائيات والضغط على الآخرين لشراء وتطبيق العولمة دون تغيير ونقترح لعلاج ثقب العولمة نظامين متوازيين.
1. نظام التربية الوطنية المكثف لتأكيد رؤية وانتماء كل الأجيال للتراث والثقافة العربية عن طريق التعلم والتدريب والبث الإعلامي متعدد الوسائط.
2. نظام التسويق العالمي للفكر العربي الوطني الذي قدم للبشرية الآداب والفنون والعلوم والتراث والحضارة ليواجه التيار السلبي للعولمة الذي يوسع بعد ثقب الخلل الإنساني الجارف الذي يعاني منه الفرد والأسرة والمجتمع الآن.
ومن محصلة تلك النظم المتوازنة أن تؤكد ضرورة تعظيم الإنتاج الوطني والتكنولوجيا والعلوم بتحسين التعليم والدعوة للإنتاجية والإبداع بما يحقق المصلحة المحلية والتصدير وإعطاء أولويات للمواطنين في العمل مع إيجاد الثقة في قدرات المواطنين بأسواق العمل المختلفة.
الاكثر قراءة في التكتلات والنمو والتنمية الأقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة