الفاكهة والاشجار المثمرة
نخيل التمر
النخيل والتمور
آفات وامراض النخيل وطرق مكافحتها
التفاح
الرمان
التين
اشجار القشطة
الافو كادو او الزبدية
البشمله او الاكي دنيا
التوت
التين الشوكي
الجوز
الزيتون
السفرجل
العنب او الكرمة
الفستق
الكاكي او الخرما او الخرمالو
الكمثري(الاجاص)
المانجو
الموز
النبق او السدر
فاكة البابايا او الباباظ
الكيوي
الحمضيات
آفات وامراض الحمضيات
مقالات منوعة عن الحمضيات
الاشجار ذات النواة الحجرية
الاجاص او البرقوق
الخوخ
الكرز
المشمش
الدراق
مواضيع عامة
اللوز
الفراولة او الشليك
الجوافة
الخروب(الخرنوب)
الاناناس
مواضيع متنوعة عن اشجار الفاكهة
التمر هندي
الكستناء
شجرة البيكان ( البيقان )
البندق
المحاصيل
المحاصيل البقولية
الباقلاء (الفول)
الحمص
الترمس
العدس
الماش
اللوبياء
الفاصولياء
مواضيع متنوعة عن البقوليات
فاصوليا الليما والسيفا
محاصيل الاعلاف و المراعي
محاصيل الالياف
القطن
الكتان
القنب
الجوت و الجلجل
محصول الرامي
محصول السيسال
مواضيع متنوعة عن محاصيل الألياف
محاصيل زيتية
السمسم
فستق الحقل
فول الصويا
عباد الشمس (دوار الشمس)
العصفر (القرطم)
السلجم ( اللفت الزيتي )
مواضيع متنوعة عن المحاصيل الزيتية
الخروع
محاصيل الحبوب
الذرة
محصول الرز
محصول القمح
محصول الشعير
الشيلم
الشوفان (الهرطمان)
الدخن
محاصيل الخضر
الباذنجان
الطماطم
البطاطس(البطاطا)
محصول الفلفل
محصول الخس
البصل
الثوم
القرعيات
الخيار
الرقي (البطيخ الاحمر)
البطيخ
آفات وامراض القرعيات
مواضيع متنوعة عن القرعيات
البازلاء اوالبسلة
مواضيع متنوعة عن الخضر
الملفوف ( اللهانة او الكرنب )
القرنبيط او القرنابيط
اللفت ( الشلغم )
الفجل
السبانخ
الخرشوف ( الارضي شوكي )
الكرفس
القلقاس
الجزر
البطاطا الحلوه
القرع
الباميه
البروكلي او القرنابيط الأخضر
البنجر او الشمندر او الشوندر
عيش الغراب او المشروم او الأفطر
المحاصيل المنبهة و المحاصيل المخدرة
مواضيع متنوعة عن المحاصيل المنبهة
التبغ
التنباك
الشاي
البن ( القهوة )
المحاصيل السكرية
قصب السكر
بنجر السكر
مواضيع متنوعة عن المحاصيل
نباتات الزينة والنباتات الطبية والعطرية
نباتات الزينة
النباتات الطبية والعطرية
الحشرات النافعة
النحل
نحل العسل
عسل النحل ومنتجات النحل الاخرى
آفات وامراض النحل
دودة القز(الحرير)
آفات وامراض دودة الحرير
تربية ديدان الحرير وانتاج الحرير الطبيعي
تقنيات زراعية
الاسمدة
الزراعة العضوية
الزراعة النسيجية
الزراعة بدون تربة
الزراعة المحمية
المبيدات الزراعية
انظمة الري الحديثة
التصنيع الزراعي
تصنيع الاعلاف
صناعات غذائية
حفظ الاغذية
الانتاج الحيواني
الطيور الداجنة
الدواجن
دجاج البيض
دجاج اللحم
امراض الدواجن
الاسماك
الاسماك
الامراض التي تصيب الاسماك
الابقار والجاموس
الابقار
الجاموس
امراض الابقار والجاموس
الاغنام
الاغنام والماعز
الامراض التي تصيب الاغنام والماعز
آفات وامراض النبات وطرق مكافحتها
الحشرات
الحشرات الطبية و البيطرية
طرق ووسائل مكافحة الحشرات
الصفات الخارجية والتركيب التشريحي للحشرات
مواضيع متنوعة عن الحشرات
انواع واجناس الحشرات الضارة بالنبات
المراتب التصنيفية للحشرات
امراض النبات ومسبباتها
الفطريات والامراض التي تسببها للنبات
البكتريا والامراض التي تسببها للنبات
الفايروسات والامراض التي تسببها للنبات
الاكاروسات (الحلم)
الديدان الثعبانية (النيماتودا)
امراض النبات غير الطفيلية (الفسيولوجية) وامراض النبات الناتجة عن بعض العناصر
مواضيع متنوعة عن امراض النبات ومسبباتها
الحشائش والنباتات الضارة
الحشائش والنباتات المتطفلة
طرق ووسائل مكافحة الحشائش والنباتات المتطفلة
آفات المواد المخزونة
مواضيع متنوعة عن آفات النبات
مواضيع متنوعة عن الزراعة
المكائن والالات الزراعية
استجابة الإنسان وحيوانات التجارب لفعل المبيدات
المؤلف:
د. زيدان هندى عبد الحميد ود. محمد ابراهيم عبد المجيد
المصدر:
الاتجاهات الحديثة في المبيدات ومكافحة الحشرات (الجزء الثاني)
الجزء والصفحة:
الجزء الثاني ص 91-111
2025-07-21
144
استجابة الإنسان وحيوانات التجارب لفعل المبيدات
1 - السمية الحادة والمزمنة Acute and chronic toxicity
من المعروف أن التقييم الأولى للكيميائيات التي قد توجد مخلفاتها القليلة جدا في الغذاء تعتمد بدرجة كبيرة على الاختبارات المعملية التي تجرى على حيوانات التجارب وطرق التحليل ونتائج تقدير المخلفات . ويجب على المشتغل بهذا الموضوع الرجوع للعديد من الدراسات السابقة ، حيث إن قيم الجرعة النصفية القاتلة ( ج ق . 5 ) والجرعة المتكررة القصوى التي يمكن تحملها تمثل معايير قيمة عند الحكم على الأخطار النسبية لأي مركب كيميائي . والمركبات الشديدة السمية على الثدييات والحشرات توجد بتركيزات قليلة في مستحضراتها النهائية ، ومع هذا لا يمكن لهذه التركيزات القليلة تعويض الفرق في السمية . ولقد تأكدت هذه الحقيقة بحصر حالات التسمم من المبيدات العالية السمية خاصة الفوسفورية العضوية في عمال الرش بدرجة أكبر كثيرًا من مثيلتها من المجموعات الأخرى الأقل سمية . ففي أمريكا سجلت 252 حالة تسمم عام 1957 من بينها 189 حالة من المركبات الفوسفورية العضوية . وبالرغم من وجود تداخل بين سمية المجاميع المختلفة من المبيدات ، إلا أن متوسط حالات السمية الحادة من المبيدات الفوسفورية العضوية تفوق كثيرا ما يحدث من المبيدات الكلورينية ، ولكن الأخيرة - ونظراً لشدة ثباتها - تمثل مشكلة من حيث بقاياها ومخلفاتها في الغذاء على عكس الفوسفورية .
وهناك علاقة بين الضرر المهني من المبيدات للإنسان الذي يستخدمها ، أو يتعرض لها باستمرار وبين مستويات السمية المقدرة على حيوانات التجارب . ولقد وجدت علاقة وثيقة بين الجرعة القاتلة النصفية عن طريق الجلد وحدوث التسمم المهني بدرجة تفوق العلاقة بين الجرعة القاتلة النصفية عن طريق الفم والتسمم المهني . ويقترب التنبؤ بمدى الضرر المهني من الواقع إذا درس تأثير المعاملة الجلدية المتكررة للمبيد على الحيوانات . وتناولت التوصيات الخاصة بالأمان عند تطبيق المبيدات بالنسبة لعمال الرش النصح بالنسبة لتناول الطعام والتدخين أثناء استخدام هذه الكيميائيات الضارة ، وحتى الآن لا توجد الوسائل لقياس التعرض الأولى عن طريق الفم . ولقد أشار الباحث Wolf وآخرون عام 1963 إلى أن عمال الرش لا يلوثون الطعام والسجائر بكميات ذات قيمة عند استخدام الديلدرين أو الأندرين حتى عندما يتداولون هذه المواد دون غسيل الأيدي ، بينما عزى Quinby وزملاؤه في نفس العام حالات تسمم عمال الرش إلى تلوث قطع الحلوى التي تناولوها بميدات الباراتيون أثناء الرش .
2 - دراسات خاصة عن السمية Special toxicily studies
بالإضافة للدراسات المتعلقة بإحداث الموت أو الشلل يجب أن يشتمل تقييم الضرر لتعداد الناس الذين يتعرضون لمدد طويلة لمخلفات المبيدات في الغذاء والماء على العديد من المعايير الأخرى للاستجابة في الإنسان والحيوان للسم . وهذه الاستجابات تتضمن التأثير المرضى ، وتقوية التأثير، والتسمم العصبي ، والتأثير السرطاني . وسنتناول باختصار شديد هذه المعايير لنوضح مدى أهميتها في مجال السمية بالمبيدات :
(أ) التأثيرات المرضية Pathology
بصرف النظر عن التسمم العصبي الذي يحدث من جراء التعرض لبعض المركبات ، فإن ظهور الحالات المرضية نتيجة التعرض للمبيدات الفوسفورية العضوية لا يكون ملحوظا بدرجة واضحة ، بينما المبيدات الكلورينية تحدث تغيرات مرضية نسيجية مؤكدة ( هستوباثولوجية ) ، خاصة في كبد الحيوانات التي تتعرض لمستويات مرتفعة من المبيدات لفترات طويلة . ولقد تضاربت نتائج الدراسات في هذا المجال ، حيث وجد الباحث Kunze ومعاونوه عام 1949 حدوث ضرر خلوي في كبد الفئران بعد ستة أشهر من التغذية على غذاء ملوث بالـ د.د.ت بتركيز 5 أجزاء في المليون ، بينما لم يتمكن الباحثان Cameron & Cheng عام 1951 من تسجيل حالات مرضية في الفئران عند تشريحها بعد سنة من تغذيتها على غذاء يحتوي على حوالي 350 جزء في المليون من مبيد الـ د.د.ت . وتوصل
باحثون آخرون إلى نتيجة عكسية مؤداها حدوث تليف كبدي في الفئران مع جرعات الـ د.د.ت الأعلى من 1000 جزء في المليون ، وليس مع التركيزات البسيطة . وفي بعض التجارب كانت الأعراض الهستولوجية تظهر مع الجرعات المنخفضة جدا ( 5 أجزاء في المليون ) ، بينما لم تتأثر وظيفة الكبد في الفئران التي تغذت على غذاء ملوث بمقدار 400 جزء في المليون أو أقل . ولقد سجلت حالات مرضية في كبد الفئران بعد تغذيتها على غذاء يحتوي على الحد الأدنى من التلوث بمبيد الديلدرين والكلوردين ( 2,5 جزء في المليون ) ، وكذلك باللندين والتوكسافين ( جزءاً في المليون ) .
ولقد لوحظ حدوث زيادة في وزن الكبد ومحتواه الدهني من جراء تغذية الفئران على غذاء ملوث بجرعات عالية من المبيدات الكلورينية العضوية . ولقد تأكد الباحثون أن كميات كبيرة من الـ د.د.ت تخزن في غدة الأدرينالين بالمقارنة بالأنسجة الأخرى .
(ب) تقوية الفعل السام Potentiation
المقصود بالتقوية حدوث زيادة معنوية في التأثير السام لمخلوط مبيدين بدرجة تفوق كثيرا التأثير السام المتوقع من جراء الخلط ( سمية المبيد الأول + سمية المبيد الثاني ) . ولقد ثبت تنشيط كفاءة الملاثيون عند خلطه مع مبيد EPN . ولقد وصلت درجة التنشيط إلى 88 - 134 مرة عند خلط الملاثيون مع الـ TOCP ( تراي أورثو كريزيل فوسفات ) . ولقد أشير إلى أن التقوية تحدث نتيجة لتداخل أحد مكونات المخلوط في عملية تمثيل المكون الآخر ، حيث ثبت أن الـ EPN يتداخل مع عمليات انهيار الملاثيون أو ناتج أكسدته هو مالا أوكسون ) ، بينما يقوم الـ TOCP بالتداخل مع التحلل المائي لرابطة الكربوكسي إستر للملاثيون بفعل الإنزيمات . ولقد أسفرت الدراسات المعملية زيادة كفاءة إنزيمات الهدم في تقليل سمية مبيدات الفوسفوروثيونات بدرجة أكبر من مركبات الفوسفات ، ويرجع ذلك لطول فترة تلامسها مع المجموعة الأولى ، حيث يستلزم مرور فترة مع المركبات المحتوية على الكبريت ، حتى يتأكسد لمشتقاتها الأكسيجينية الأكثر سمية . وفي عام 1962 قام الباحثان Moller & Rider بإعطاء المتطوعين جرعات من مخلوط الملاثيون مع الـ EPN ، ولم تسجل أية حالات تقوية تحت هذه الظروف. ويبدو أن التقوية من العوامل الهامة في تحديد الضرر لعمال الرش الذين يتعرضون لمخاليط المبيدات .
(جـ) السمية العصبية Neurotoxicity
من المعروف أن المبيدات الحشرية الفوسفورية العضوية تعتبر مشتقات لمادة الـ TOCP ، وهي المسئولة عن حالات الشلل التي سببها الجنزبيل Ginger paralysis ، أو Jake-leg في أمريكا ، كما تشترك هاتان المجموعتان من الكيميائيات في خاصية تثبيط نشاط إنزيم الكولين إستريز . ولقد ثبت أن هذا الشلل يرتبط بتحطيم غلاف الميلين في العصب ، ويطلق على هذه الظاهرة Demyelination كما سبق الذكر . ولقد حدثت حالات التسمم هذه على نطاق واسع في أوائل السبعينيات في مصر بعد استخدام المبيد الفوسفوري الفوسفيل ( ليبتوفوس ) على نطاق واسع لمكافحة آفات القطن . ومن أحسن الكائنات الحية ملاءمة لدراسة هذه الظاهرة الدجاج والخراف الصغيرة ، علاوة على الإنسان . وحدث التسمم العصبي لعدة آلاف من المواطنين في جنوب أفريقيا عام 1959 نتيجة لاستخدام زيت الطعام المخلوط بزيت الماكينات المحتوى على نسبة بسيطة من الـ TOCP . ولقد سجلت حالات تسمم عصبي خطيرة في عمال أحد مصانع الكيميائيات التي تصنع مبيد الميبافوكس ، وهذه الحالات الحادة يمكن علاجها بالأتروبين . وقد يتم الرجوع للحالة الطبيعية بعد فترات طويلة ( من عدة شهور إلى سنوات ) تبعًا لوجهة التعرض وشدة التسمم العصبي . ولم يتمكن الباحثون من إيجاد علاقة مؤكدة بين التركيب الكيميائي ومختلف الصفات الطبيعية والصيدلانية للمبيدات وإحداث ظاهرة التسمم العصبي المتأخر . ولقد أشار الباحث Davies ومعاونوه عام 1960 إلى الدور الوسيط لإنزيم الكولين إستريز ، حيث إن معقد الإنزيم والمبيد ذا النشاط العكسي يحدث ميكانيكية تؤدى إلى انتقال المجموعة السامة ( الفلوريد في مركب DFP ، ومشتقات الكريزوليك في الـ TOCP ) إلى المكان الحساس في النسيج ، ثم يحدث له انفراد . ولقد قام بعض الباحثين عام 1961 بدارسة توزيع الكولين إستريز في الحبل الشوكي وساق المخ في الدجاج والفئران والأرانب والقطط وخنازير غينيا ، ولم يجدوا علاقة بين التسمم العصبي بالمبيدات الفوسفورية العضوية ومراكز نشاط الكولين إستريز ، مما يحول دون تفسير اختلاف حساسية الأنواع المختلفة من حيوانات التجارب لهذه الظاهرة . وقد تحدث ظاهرة التسمم العصبي المتأخر ، بالرغم من حدوث أي درجة تثبيط للكولين إستريز ، لذلك لابد أن تشتمل اختبارات تقييم المركب قبل التسجيل معرفة تأثيره في إحداث التسمم العصبي المتأخر ، خاصة كل المبيدات المناهضة للكولين إستريز. ويفضل إجراء التجارب على الدجاج .
(د) التأثيرات السرطانية Carcinogenic effects
من أعقد الأمور محاولة تحديد الفعل السرطاني لمخلفات المبيدات في المواد الغذائية ، وهذا يرجع إلى أن معظم المركبات الكيميائية ذات تأثير سرطاني ضعيف ، أو تحتاج لفترة طويلة لإحداث هذا التأثير ، مما يحتم استخدام أعداد كبيرة من حيوانات التجارب ، والتي يجب أن تستمر لفترات طويلة . ولقد ثبت أن العديد من المواد التي تحدث سرطانات في الإنسان تحدث نفس الشيء في العديد من حيوانات التجارب ، ولو أنه في حالات كثيرة لم يتمكن الباحثون من إحداث السرطانات في الحيوانات عن طريق تعريضها لظروف مماثلة لما يتعرض لها الإنسان . وهناك العديد من المواد التي أحدثت السرطانات في الحيوان ، ولم تكن هناك علاقة بينها وبين الإنسان ، مما يشير ويؤكد اختلاف الحساسية بين الإنسان والحيوان في هذا الخصوص ، وكذلك بين أنواع الحيوانات المختلفة بالنسبة للمادة الواحدة .
ومما يصعب الدراسات الميدانية عن تأثير المبيدات في إحداث السرطانات هو عدم إمكانية تمييز الناس الذين يتناولوا غذاء ملوثا بالمبيدات ، وهؤلاء الذين يتناولون الطعام الخالي من مخلفات هذه السموم ، ما يجعل الدراسة المقارنة عديمة المعنى من الناحية العملية ، ولكن يمكن إجراء هذه الدراسات بين مجموعات مختلفة من الناس يتفاوتون في درجة تعرضهم للمبيدات ، كما يمكن دراسة وحصر حالات السرطان كل عام، ومحاولة ربطها بموقف ، واستخدام المبيدات لعدة سنوات مضت . ولقد أثبتت إحدى الدراسات المقارنة في أمريكا عدم اختلاف حالات الإصابة بالسرطان من جراء استخدام المبيدات لأربع سنوات متتالية في إحدى ولايات المسيسيبي . وفي دراسة أخرى سببت المبيدات 40 حالة سرطان من بين 1195 حالة تسمم دموي . ولقد صنفت 45 مادة تحدث هذه التأثيرات ، من بينها الكلوردين واللندين .
ومن المواد التي ثبت إحداثها للسرطان عند تناول أغذية ملوثة بها مركبات الزرنيخ ، والذي يحدث السرطان في الكبد والجلد ، كما أثبتت الفحوص والإحصائيات في مصانع النبيذ ، حيث يتعرض العمال لهذه المركبات ، أو يشربون نبيذا ملوثا بمخلفات الزرنيخ . ولم تحدد نسبة العمال الذين يصابون بهذا الداء الرهيب . ولم تسجل علاقة مؤكدة بين المدخنين الذين يدخنون سجائر من دخان ملوث بمركبات الزرنيخ وحالات سرطان الرئة ، حيث إن دخان تركيا خال تماما من الزرنيخ ، إلا أن حالات سرطان الرئة في الأتراك الذين يعيشون في مدينة إسطنبول مرتفعة . ومما يعقد المشكلة أن مركبات الزرنيخ تستعمل على نطاق واسع في مجالات متعددة ( حتى كأدوية ) ، وتوجد طبيعيا في العديد من الأغذية ، خاصة السمك والقشريات الأخرى ، كما أن اللبن يحتوي في المتوسط على 0,3 إلى 0,5 جزء في المليون ، مما يشير إلى عدم واستحالة إزالة مخلفات الزرنيخ تماما من المواد الغذائية التي يتناولها الإنسان .
وهناك مركب الأراميت الذي يستخدم في مكافحة الأكاروسات بكفاءة عالية . وبالرغم من أن سميته الحادة منخفضة للغاية ، إلا أن الحد المسموح بتواجده في الغذاء يجب ألا يتعدى جزءًا واحداً في المليون . ولقد أثبتت الدراسات التوكسيكولوجية أن هذا المركب يحدث السرطان في كل من الفئران والكلاب عند تناولهم غذاء ملوثا بأكثر من 500 جزء في المليون . كما أن مركب الأمينوترايازول الذي يستخدم لمكافحة بعض الحشائش في مزارع الذرة والفواكه ، وبالرغم من قلة السمية الحادة ، إلا أنه يحدث سرطان الغدة الدرقية بعد أسبوعين فقط من تغذية الحيوانات على غذاء ملوث بكميات تتراوح بين 60 إلى 200 جزء في المليون ، حيث ثبت أن هذا المركب يثبط نشاط إنزيمات الكاتاليز والبيروكسيديز في الغدة الدرقية وغيرها من الأنسجة ؛ مما يقلل من حركة اليود . ومن الغريب أن هذه المواد تؤخر حدوث السرطان في كبد الحيوانات التي تعرضت لبعض المواد السرطانية .
ولقد ثبتت مقدرة العديد من المواد على إحداث السرطان ، مثل الـ د.د.ت ، والألدرين ، والديلدرين ، والـ IPC ، وكذلك العديد من الكيميائيات التي لا علاقة لها بالمبيدات ، مثل : المواد الحافظة للغذاء من التلف أثناء التخزين ، وفى المعلبات وغيرها .
والشكل ( 1 ) يوضح حالات الوفاة بالسرطان في بعض بلدان العالم من إحصائيات قديمة خلال 1966 – 1967 وسردها هنا لتوضيح الاختلاف في الوفاة بالسرطان بين الذكور والإناث تبعا للظروف الاجتماعية لكل دولة بقصد أن يعرف القارئ أن هناك أسبابا كثيرة للإصابة بالسرطان وليست المبيدات، وبالرغم من كونها مواد سامة هي المسبب الوحيد لذلك.. كما سياتي ذكره فيما بعد.
شكل (1): حالات الوفاة بالسرطان في الفترة من 1966 – 1967.
وجدول (1) : يبين الاختلاف بين الاجناس في مكان الاصابة السرطانية وشدة حدوثها.
جدول (1): علاقة الاجناس بالاصابات السرطانية.
والشكل (2): يوضح العلاقة بين عمر الانسان والاصابة بالسرطان. ويتضح ان احتمال الاصابة في الاطفال ضئيلة جدا.
شكل (2): العلاقة بين عمر الانسان والاصابة بالسرطان.
ونفس الحال مع الشيوخ ( 90 سنة ) وأكثر الناس إصابة تتراوح أعمارهم من 61 - 70 سنة في المتوسط . وشكل ( 3 ) يوضح أسباب الإصابة بالسرطان ، والتي يمكن إجمالها في العوامل الداخلية والخارجية ، ومن أهمها : نوع الغذاء ، والتدخين ، والتعرض للإشعاع ( الأشعة فوق البنفسجية وأشعة إكس ) ، وطبيعة المهنة ، وتناول الكحولات ، ثم المواد الهرمونية . وتعتبر العوامل البيئية من أكثر العوامل المسئولة عن الإصابة بالسرطان . ولقد وصلت حالات الوفاة بهذا المرض الخطير عام 1976 حوالي 202 ألف في الذكور ، و 168 ألف في الإناث .
شكل ( 3 ) : العوامل الخارجية والداخلية التي تسبب السرطان
وابتداء من عام 1971 بدأت الوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC) في مدينة ليون بفرنسا بتقييم إمكانية حدوث السرطان بالكيميائيات . وفى عام 1978 تم تقييم حوالي 360 مركب ، ونشرت نتائج هذه الدراسة في 17 مجلداً كبيراً ثبت أن 26 مركبا كيميائيا يحدثون السرطان بدرجة مؤكدة نذكر منها : الأميترول ، والأراميت ، وسادس كلوريد البنزين ، والد.د.ت ، والديلدرين ، والكلور بنزيليت ، والدياليت ، والميربكس ، والنيرون ، والزيرام ، والبروفام ، والزيكتران ، والزينب ، تمثل مبيدات حشرية وفطرية وحشائش وغيرها . والشكل ( 4 ) يوضح كيفية تحول الخلية العادية إلى خلية سرطانية بفعل العوامل الداخلية والخارجية والظروف التي تساعد على حدوث الإصابة لهذا التحول الخلوي .
شكل ( 4 ) : العوامل التي تحول الخلية العادية السليمة إلى خلية سرطانية
ويجب ألا نستغرب إمكانية أن تعود الخلايا المصابة بالسرطان مرة أخرى إلى حالتها الطبيعية كما حدث من جراء استخدام مبيد سادس كلورور البنزين . وجدول (2) يوضح نسبة الوفاة بالسرطان من جراء التدخين ( السجائر .. ) .
جدول ( 2 ) : العلاقة بين الوفاة بالسرطان والتدخين .
يتضح من ذلك أن العبرة في إحداث السرطان من جراء تدخين السجائر يرتبط بعدد السجائر وعادات التدخين ، كما حدث تقليل الوفاة بالسرطانات نتيجة للإقلاع عن التدخين .
3 - العلاقة الكمية بين جرعة المبيدات والتأثيرات الضارة على الإنسان
هناك العديد من المصادر عن المعلومات الخاصة بكميات المبيدات التي تحدث تسمما في الإنسان ، مثل البيانات التي تعتمد على الخبرة عن استعمال هذه السموم ، أو حالات التسمم العرضي ، أو دراسات المتطوعين الآدميين . وفى بعض الأحيان يمكن وضع رقم للجرعة القصوى الممكن تحملها ، أو تلك التي تحدث الضرر . وفي حالات أخرى لا توجد أرقام ، بالرغم من وجود فترة بين استخدام المركب ، وكذا حدوث حالات تسمم عن العلاقة بين الجرعة والتأثير . وهناك اختلافات كمية بين بيانات الاستخدام والتسمم المباشر أو العرضي ، لأن الأخيرة ذات نقاط ضعف من أهمها التعرض لأكثر من مركب واحد .
وتمثل دراسة التأثيرات الضارة للمبيدات على عمال مصانع التخليق والتجهيز والتعبئة الذين يتعرضون للسموم ، ولمدد طويلة ، مجالا في غاية الأهمية ، ولو أن ذلك يخالف الوضع العام للتعرض لبقية السكان . والمشكلة في دقة البيانات في هذه الدراسة تتمثل في تحديد درجة التعرض اليومي . ويمكن قياس درجة تعرض الأفراد لمخلفات المبيدات في الغذاء ، والناتجة من التلامس المهني والانتشار بالرياح وغير ذلك من العوامل البيئية ، ولو أن ذلك في غاية الصعوبة ، نظرا لصغر الكميات الملوثة من المبيدات. ويمكن قياس درجة التعرض للمبيدات الكلورينية ، مثل الـ د.د.ت ، والتي تتميز بتخزينها في الدهون بتقدير كمياتها أو أحد نواتج تمثيلها في الأنسجة الدهنية أو في البول . ولقد ثبت اختلاف كميات الـ د.د.ت في أنسجة الإنسان تبعا لنوعية وطبيعة الغذاء ، وكذلك درجة التعرض المهني . ويمكن بقياس درجة التعرض للمبيدات الفوسفورية العضوية للباراثيون وبعض المركبات الفوسفورية الأخرى في البول ، وهو البارا - نيتروفينول ، تحديد درجة تعرض الإنسان لهذه السموم .
ومن الثابت تجمع معلومات مؤكدة عن كمية السم التي تحدث درجات مختلفة من الضرر من جراء التسمم العرضي ، علاوة على البيانات الناتجة من تجارب المتطوعين ، والتي تتناول التعريض بالطرق المختلفة عن طريق الفم والجلد والاستنشاق ، وكذا تكرار التعرض بجرعات متكررة . وتمثل حالات التسمم بالمبيدات الكلورينية عرضيًّا ، أو في حالات الانتحار معظم حالات الضرر بدرجة تفوق ما يحدث من الاستخدام المباشر لهذه السموم . ويمكن بتقدير كميات الـ DDA في البول معرفة درجة التعرض . وبالنسبة للمبيدات الفوسفورية لم يؤد تناول غذاء ملوث ببعض مركباتها بالجرعات الموصي بها ، ولمدة شهر متواصل إلى خفض نشاط إنزيم الكولين إستريز في الدم أو البلازما ، ولم يتعد الضرر بعض حالات الإسهال ، علاوة على أعراض أخرى .
4 - المخلفات في الغذاء والماء Residues in Food and water
لقد حدث تطوير كبير في الكيمياء التحليلية الخاصة بالتقدير والكشف عن مخلفات مبيدات الآفات في السنوات الأخيرة . ويمثل الكروماتوجرافي الغازي كوسيلة للتنقية والفصل أسلوبا ناجحا للغاية ، خاصة بعد تطوير مقدرته على الكشف عن المخلفات عن طريق تزويده بالكاشفات المختلفة ، مثل تلك التي تعتمد على التوصيل الحرارى أو حارق الأيونات أو قياس التغير في التيار الكهربي أو صائد الإلكترونات . ويفيد هذا التكنيك مع المبيدات الكلورينية والفوسفورية العضوية المحتوية على الكبريت . وتختلف حساسية هذه الطرق تبعًا للعديد من الاعتبارات . ويمكن الكشف عن مخلفات المبيدات عند تواجدها بكميات ضئيلة للغاية 10 -6 حتى 10 -18 جزء في المليون . وهذه الحساسية المفرطة تمكن من الكشف عن مدى صدق المعيار صفر الاحتمال Zero tolerance ، أي عدم وجود مخلفات بالمرة في المحاصيل الغذائية من جراء استخدام المبيدات التي تحدث سرطانا ، خاصة في اللبن والخضراوات والفواكه . وكلما تطورت وسائل الكشف عن المخلفات قد يتغير الوضع الحالي ، حيث سيثبت أن العديد من المواد الغذائية التي كانت تتداول وتستخدم في الاستهلاك الآدمي لا تصلح لاحتوائها على مخلفات خطيرة لم يكن من الممكن تقديرها قبل ذلك بالوسائل المتاحة حينئذ ومن الأمور المفزعة حاليا تواجد مخلفات بعض المبيدات الكلورينية في لبن الأمهات في بعض البلدان حتى المتقدمة . وفيما يلي فكرة عن تواجد مخلفات المبيدات في المواد الغذائية .
(أ) المواد الزراعية الخام Raw Agricultural Produce
يحدث تلوث للنباتات والمنتجات الزراعية بالمبيدات عن ثلاث طرق هي :
1 - عن طريق المعاملة المباشرة بالكيميائيات لمكافحة الآفات .
2 - عن طريق انتثار جزيئات الرش أو التعفير من المناطق المجاورة التي تستخدم فيها .
3 - من التربة الملوثة من سنوات سابقة بالمبيدات . ويجب أن تتوافر معلومات عن حجم هذه المشكلة ، بمعنى كمية المواد الزراعية الخام الملوثة بالمبيدات ، خاصة لأكثر الحدود الآمنة المسموح بتواجدها . وللأسف الشديد لا توجد سجلات في معظم دول العالم عن أن استخدام المبيدات، بالتركيزات الموصي بها أحدث أضرارًا للنباتات المعاملة . وفي حالة وجود مخلفات عالية يرجع المهتمون بهذا الموضوع إلى التأكد من كمية المبيد التي استخدمت في البداية وميعاد التطبيق . ومن هذا المنطلق يحدد معامل الأمان لكل مركب مع التوصية ، علاوة على معامل الأمان – 100 أو أكثر – الخاص بتحديد حد ومستوى الأمان. وتنص توصيات هيئة الزراعة والأدوية الأمريكية على أنه في حالة وجود مخلفات نوعين أو أكثر من المبيدات ذات التأثيرات الدوائية المتشابهة يجب ألا تزيد كمية المخلفات عن ( 100 ) ، وهذه تخفف من القيود بالنسبة للفلاحين ، حيث يقومون برش كل مبيد على حدة ، والاستفادة من كمية المخلوط المسموح بها .
(ب) اللحم واللبن والبيض Meat, Milk and Eggs
من المؤكد أن المبيدات الكلورينية تتجمع في الدهون الموجودة في جسم الحيوانات التي تعرضت لها ، وذلك لشدة ميلها للذوبان في الليبيدات ، ونظرًا للمعاملة المباشرة بالمبيدات أو وصولها لداخل الجسم من جراء تناول الحيوانات للغذاء الملوث ، فإن الدهون الموجودة في لحوم الحيوانات لابد أن تحتوي على مخلفات هذه السموم . ولقد حددت وكالة الأغذية والدواء الحدود الآمنة للمخلفات بالجزء في المليون كما يلى : كورال ( 1 ) ، د.د.ت ( 7 ) ، لندین ( 7 أو 4 تبعا للنوع ) ، الملاثيون ( 4 ) ، ميثوكسي كلور ( 3 ) والتوكسافين ( 7 ) في دهن لحوم البقر والماعز والدجاج ( ملاثيون فقط ) والأغنام . وللأسف الشديد لا يوجد حصر لمدى تواجد مخلفات المبيدات في لحوم الحيوانات المعروضة في الأسواق في مختلف بلدان العالم ، إلا أن بعض الدراسات الفردية أثبتت وجود كميات كبيرة من الـ د.د.ت في المواد الغذائية المحتوية على اللحوم. والحيوانات التي تدر اللبن ، والتي تتعرض للمبيدات الكلورينية نلاحظ أن هذه المواد تخرج في اللبن . وحيث إن اللبن يعتبر الغذاء الرئيسي للأطفال الرضع الشديدي الحساسية بدرجة غير عادية لفعل هذه السموم ، فإن المنظمات المسئولة عن صحة الإنسان لا توصى بوجود أية آثار هذه المبيدات ، بمعنى أن الحد الآمن في اللبن يساوى صفرًا . ولقد أشار الباحث Mam وزملاؤه إلى أن عمليات تجهيز اللبن بما فيها البسترة لم تخلص اللبن من مخلفات الـ د.د.ت في الدهن . كما أثبتت الدراسات أن كميات الـ د.د.ت توجد بمقدار 0.5 جزء في المليون . ولقد وجدت كميات صغيرة من الـ د.د.ت تراوحت من 0.01 إلى 0,77 جزء في المليون في اللبن الآدمى بمتوسط 0,13 ، بينما وصل تركيز الـ د.د.ت في الجزء الدهني من لبن صدر الأمهات إلى 3,2 جزء في المليون .
ولقد أثبتت الدراسات كذلك وجود مخلفات الـ د.د.ت والأندرين وغيرها من المبيدات الكلورينية في بيض الدجاج البياض الذي تغذى على علائق ملوثة . ويمكن القول إن بيض المائدة يمثل مصدرًا كبيرًا لمخلفات هذه المواد في الوجبات الخالية من اللحوم .
(جـ) الوجبات الجاهزة الكاملة Complete prepared meals
من الأهمية بمكان دراسة مخلفات المبيدات في كل مكونات الوجبات الغذائية على حدة ، حتى يتمكن المسئولون من وضع التشريعات التي تحمى الإنسان من الضرر ، ولهذا تجب معرفة كميات المخلفات التي يستهلكها الناس فعليا ، وهذه لا يمكن تخمينها أو حسابها نظريا ، لأن الغذاء يتكون من العديد من المكونات ، ولا يمكن القول إن المكونات التي لا ترش بالمبيدات خالية تماماً . المخلفات لأن احتمالات التلوث العرضي كثيرة وقائمة . ولقد أسفر حصرا الأطعمة التي تقدمها المطاعم وغيرها من المؤسسات عن وجود مخلفات ولو ضئيلة من الـ د.د.ت . وبوجه عام .. ثبت أن الأطعمة التي تطهى مع الدهون ، وتلك التي تحتوي على اللحوم والزيت بها كمية مخلفات عالية من الـ .د.د.ت ، عن غيرها من الأطعمة . واتضح أن ناتج تمثيل الـ د.د.ت ، والمعروف بال DDE ، يتكون بنسبة كبيرة كلما كانت محتويات الغذاء من الـ.د.د.ت كبيرة . ولقد استنتج Walker ومعاونوه عام 1954 أن جميع الوجبات التي اختبرت لم تكن تحتوي على كميات من الـ د.د.ت إلى الحد الذي يسبب أضرارًا سامة ، تبعًا لمعايير التسمم المزمن عن طريق الفم لهذا المركب . وفى ألاسكا ثبت وجود مخلفات د.د.ت في الغذاء الذي يقدم للمرضى في المستشفيات بمتوسط 0,184 مللجم د.د.ت ، وكذلك 0,026 مللجم DDE .
(د) الماء Water
تمثل مخلفات المبيدات في مياه الشرب مشكلة خطيرة بالنسبة لصحة الإنسان . ويحدث التلوث بعدة وسائل ، قد تكون مباشرة ، أو بالانتقال العرضي من المناطق المجاورة خلال عمليات الرش ، أو من جراء التسرب من المساحات المعاملة بالمبيدات مع حركة الماء . ومن حسن الحظ أن الحساسية العالية للأسماك لمعظم المبيدات المستخدمة في مكافحة الآفات تعطى مؤشرًا دقيقا وواقعيا عن حالة تلوث المجاري المائية الموجودة بها . وعلى سبيل المثال فإن الأندرين والتوكسافين يحدثان سمية للأسماك بتركيزات ضئيلة جدا ( جزء واحد في البليون ) ، ومن ثم يمكن الكشف عن مخلفات المبيدات حيوياً باستخدام الأسماك كحيوانات تجارب . ولا تمثل المبيدات التابعة للمجموعة الفوسفورية أو الكاربامات مشكلة كبيرة في هذا الخصوص لسرعة تحللها المائي ، كما في حالة السيفين والحوثيون وغيرهما . وتعتبر التربة ومحتواها المائي كمصيدة لمخلفات المبيدات وتخفيف التركيزات الموجودة ، ومن ثم تقليل ما يصل للنباتات المزروعة فيها . ومن المؤسف أن عمليات التنقية التي تجرى للمياه حتى تصبح صالحة للشرب لا تخلصها من مخلفات المبيدات خاصة المجموعة الكلورينية . وتوجد المخلفات، في المياه في حدود 0,001 جزء في المليون ، ويشرب الإنسان يوميا حوالي 2 لتر ماء يحتويان على 0,002 مللجم من مخلفات المبيد . وهذه الكمية وبناء على المعلومات المتاحة عن السمية - لا تحدث ضررا على المستوى الحاد أو تحت الحاد لمعايير السمية .
(هـ) التأثيرات الضارة لبعض مكونات الغذاء الطبيعية
عند تناول موضوع تأثير مخلفات المبيدات الضارة على صحة الإنسان يجب ألا نغفل إمكانية حدوث تسمم من بعض المواد السامة الموجودة طبيعيا ، أو التي تضاف إلى الطعام الآدمي والحيواني . وتختلف نوعية الطعام من بلد لآخر ، وتحكمها عوامل تاريخية وثقافية ، علاوة على العادات والسلوك . وفى معظم الأحيان لا تمثل القيمة الغذائية العامل المحدد لاختيار نوعية الغذاء بقدر ما يتحكم في ذلك الاختيار الموقع الجغرافي والعادات . ومن المؤسف أن غالبية الشعوب تفضل الغذاء الحيواني عن النباتي . ويمكن القول إن الناس لو علمت بطبيعة المواد الموجودة في النوع الأول ، علاوة على صعوبة الهضم وغير ذلك من الأضرار ، لفضلت الغذاء النباتي بدرجة كبيرة .
ومن أحسن الأمثلة على المواد الطبيعية الموجودة في الطعام الأكسالات ، والتي توجد بكميات كبيرة في الكرنب ، والإسفاناخ ( السبانخ ) وغيرها من الخضروات . وفول الصويا غير المطهي يحتوي على مضادات التربسين Antitrypsin الذي يؤثر على عملية الهضم . وتحتوي بذور القطن على الجوسيبول . وتحتوي بعض أنواع الفول السوداني على السيانيدات ، وتحتوي الحبوب على Phytate التي تتدخل مع عمليات التكلس . ويوجد السابونين في العديد من الأطعمة ، مثل : البطاطس ، وفول الصويا ، والبنجر ، والخبز ، والفواكه ، والطماطم ، والبرتقال . ولقد تم عزل مركب مضاد للغدة الدرقية Antithyroid من الأجزاء التي تؤكل طازجة لبعض الخضروات من عائلة الخردل ، خاصة اللفت .
ولقد أظهرت الدراسات في هذا المجال أن العديد من المركبات الطبيعية التي توجد في الأطعمة تعتبر مفيدة ونافعة للإنسان والحيوان عند تواجدها بتركيزات بسيطة ، وعلى العكس .. تحدث أضراراً وتسممات عند التركيزات العالية . ومن أحسن الأمثلة في ذلك فيتامين ( أ ) ، وفيتامين ( د ) ، حيث تحدث زيادتهما أعراضاً مرضية خطيرة (Hypervitaminosis » . وفي المقابل لا يمكن الاستغناء عن تواجدها في الغذاء تجنباً لضرر نقصها على الصحة العامة ، خاصة في الأطفال . وبالرغم من أهمية الكوبالت في تكوين فيتامين (B12) للإنسان ، إلا أن استمرار تعاطيه حتى بكميات صغيرة يحدث زيادة في احمرار الدم ( Polycythemia ) . ويؤدى استمرار إعطاء الريبوفلافين أو حامض الفوليك إلى التحطيم الكلى في الفئران ، كما أن زيادة سكر اللاكتوز في غذاء الفئران سبب لها فقد البصر ( Cataract ) .
ومن أوضح الأمثلة التي تهم حياة كل فرد منا تتمثل في أن زيادة السعرات الحرارية التي نحصل عليها من أنواع معينة من الغذاء تؤدى إلى السمنة المفرطة ، مما يزيد من مخاطر الإصابة بالبول السكري ، وزيادة الضعف ، وغيرها من الحالات المرضية . ولقد ثبت أن الإفراط في تعاطى البيض يحدث سرطانات في الفئران ، كما أن السلينيوم رغم ضرورة تواجده في الغذاء ، إلا أن زيادته تحدث السرطان . وزيادة ملح الطعام لدرجة 2٫8 ٪ من الوزن أحدث مظاهر مرضية خطيرة في حيوانات التجارب ، مثل : الارتفاع الخطير في ضغط الدم ، وعلامات التوتر ، وتكوين الأورام الدهنية ، وانسداد الشرايين ، وتقصير فترة الحياة .
ويؤخذ الفلورين في الوقت الحالي مع الماء ، أو تعامل به الأسنان لحمايتها من التسوس ، ولكن زيادته عن الحد المناسب تحدث أضرارًا خطيرة في الطعام . ونعود مرة أخرى للتأكيد على أهمية العلاقة بين الجرعة والتأثيرات الجانبية الضارة لجميع أنواع الكيميائيات.
( و ) حالات تسمم الإنسان من مخلفات المبيدات Human poisoning
1 ـ حالات تسمم من جراء التطبيق الزراعي Agricultural usage
هناك نوعان من الضرر يجب أخذهما في الاعتبار عند تقييم ضرر مخلفات المبيدات على الصحة العامة . الأول : يتمثل في احتمال حدوث ضرر حاد نتيجة لتعاطى المخلفات خلال يوم واحد أو عدة أيام . والثاني : يشمل التأثيرات الضارة على المدى الطويل ، والناتجة من استمرار تعاطى كميات صغيرة من السموم يوميا ولعدة سنوات . ومن المشاهدات الميدانية أمكن استنتاج عدم حدوث أضرار حادة من جراء المخلفات الموجودة في المواد الغذائية ، لأنها غالبا تكون بكميات ضئيلة جدا ، خاصة في الدول التي تراعى الحدود المسموح بتواجدها من هذه السموم، طالما كانت تستخدم بالتركيزات والطرق والتعليمات المطلوبة . ولو أن هناك العديد من حالات التسمم الحاد التي حدثت من جراء تناول أغذية محتوية على نسبة عالية من المخلفات نتيجة لمخالفة التعليمات ، فلقد تسمم العديد من الناس في أمريكا عندما أكلوا أحد النباتات الخضراء التي عوملت بسلفات النيكوتين بتركيز عال ( ضعف الموصى به ) ، وبعد الرش بيوم واحد فقط وحتى بعد أسبوعين وجدت مخلفات في حدود 69 - 123 جزء في المليون ، بينما الحد المسموح به من هذا المركب جزءان في المليون فقط .
وفى الماضي سجلت حالات تسمم من تناول خضروات مرشوشة بالتوكسافين ، ولم يؤد الغسيل بالماء أكثر من مرة للتخلص من المخلفات ، مما دعا لتحريم استخدامه على النباتات القريبة من النضج . وفي أحوال قليلة حدث تسمم من جراء أكل جريب فروت ملوث بالسيانيد . وفي مصر سجل العديد من حالات التسمم خلال موسم رش القطن بالمبيدات ، خاصة من جراء الرش الأرضي بالمبيدات الشديدة السمية ، مثل اللانيت وغيره من مبيدات الكاربامات ، وكذلك الفوسفورية العضوية . أما حالات الضرر الحادة أو المزمنة الناتجة من جراء تناول الأغذية أو المياه الملوثة بمخلفات المبيدات ، فللأسف الشديد لا توجد سجلات لعددها ، ومما لاشك فيه أنها تمثل خطورة كبيرة على صحة الإنسان المصري نتيجة لعدم التزام الفلاحين بنوعية المبيدات ، والطرق المناسبة ، وكذا التوقيت المناسب لإجراء عمليات مكافحة الآفات بالمبيدات .
2 - حالات تسمم من جراء التلوث خلال التخزين أو الشحن Storage or shipment
يحدث كثير من حالات التسمم نتيجة لتلوث المواد الغذائية بالمبيدات السامة وخلال الشحن كما حدث في إنجلترا على سبيل المثال عندما تسمم 49 شخصاً تناولوا خبرا صنع من دقيق لوث بالأندرين عند نقله في عربات السكك الحديدية التي شحنت فيها كميات الأندرين قبل ذلك . وحدثت مئات الوفيات في الهند نتيجة لتلوث المواد الغذائية أثناء الشحن والنقل . ولتجنب حدوث هذه الأضرار يجب وضع بطاقات بها بيانات واضحة وتفصيلية وتحذيرية تجنباً لتلوث المواد الغذائية عن هذا الطريق . ولا يمكن أن ننسى تسمم الناس في سنغافورة عام 1959 من تناول الشعير الملوث بالباراثيون ، ولقد ثبت من الإحصائيات في هذه الحادثة شدة حساسية الاطفال الصغار ، بالمقارنة بالكبار للتسمم بهذا المبيد . ولقد قدرت جرعة الباراثيون القاتلة بمقدار 0.1 مللجم / كجم ولم يكن متاحا غير الأثرويين كمضاد للتسمم في ذلك الوقت ولقد حدث في الولايات المتحدة الأمريكية ، رغم القيود الشديدة المنظمة لتداول المبيدات أن تسمم عدد من الأولاد من جراء ارتداء بنطلونات لوثت بالفوزدرين خلال الشحن من المصنع حتى مكان التجهيز .
3- حالات تسمم العمال الزراعيين من مخلفات المبيدات Crop workers
كثيرًا ما يحدث تسمم للعمال الزراعيين من مخلفات المبيدات خلال عمليات جمع وقطف الثمار أو الخف أو الزراعة أو الري . ويمكن مشاهدة ذلك من تتبع صحة العمال ، وكذلك انخفاض مستوى نشاط إنزيم الكولين إستريز في الدم . وتحدث هذه الحالات إذا تعرض العمال لمخلفات المبيدات خلال يوم أو يومين من المعاملة . وينتج الضرر غالبا من تخلل المبيد عن طريق الجلد بدرجة أكبر من دخوله عن طريق الجهاز التنفسي . وهذا يوضح أهمية ارتداء الملابس الواقية والالتزام بجمع النباتات بعد الفترة المسموح بها من قبل الجهات المسئولة عن هذا الموضوع .
والجدول ( 3 ) يوضح حالات التسمم التي أمكن تسجيلها بواسطة إحدى الوكالات الأمريكية عام 1969 من جراء التعرض المباشر والعرضي ، وكذلك خلال نقل المبيدات وتخزينها وتناول مواد ملوثة بالمبيدات ، علاوة على التسمم نتيجة لسوء التطبيق .
جدول ( 3 ) : حالات التسمم من جراء التعرض المباشر والعرضي للمبيدات .
ويتضح من هذا الجدول المأخوذ عن إحدى الوكالات الأمريكية عام ( 1969 ) حدوث 200 حالة تسمم في مصر من جراء تداول مبيد الباراثيون ، مما أسفر عن موت 8 أفراد .. والحمد لله أن هذا المبيد غير مصرح باستخدامه في مصر ، نظرًا لسميته ، ولكن ما هو الضمان لعدم استيراد قمح غير معامل بهذا المبيد أو ممثلاته السامة ؟
5 - خطورة الكيميائيات الأخرى على الإنسان
سنحاول فيما يلي الإشارة إلى خطورة بعض العناصر والكيميائيات التي لا تستخدم كمبيدات آفات على صحة الإنسان ، حيث إنه يتعرض لها إجباريا ، دون أية احتياطات تذكر ، لأنها من أخطر ملوثات البيئة . ومن الضروري أن نعطى في مصر أهمية كبرى لذلك ، حيث تعامل في الدول المتقدمة كسموم يسرى عليها ما يشرع عن المبيدات من حيث التداول ، والاستخدام ، والتسجيل وحدود السمية ومدى تواجدها في مكونات البيئة المختلفة ، والكميات التي يتناولها الإنسان ويتعرض لها .. وخلاصة القول إنها تتحمل مسئولية أكبر من المبيدات في التأثير على صحة الإنسان المصري .
( أ ) العناصر والمعادن الثقيلة
يتعرض الإنسان إلى حوالي 52 عنصرًا معدنيا وكلها ذات أهمية اقتصادية ، خاصة في مجال الصناعة . وخطورة العناصر أنها جميعًا - وبدون استثناء ـ مواد غير قابلة للانهيار الحيوي ، ومن ثم توجد ــ وباستمرار ــ احتمالات التسمم نتيجة للتعرض المباشر وغير المباشر . وهناك معادن تنتج من احتراق الزيوت ، مثل الفاناديوم الذي ينطلق في الجو ، وكذلك الزئبق من احتراق الفحم .
والمعادن ذات أهمية بيولوجية وفسيولوجية في جسم الإنسان . وخطورة التعرض لها تتمثل في حدوث خلل في محتواها . والمعادن التي تتجمع في جسم الإنسان تحدث أضرارًا خطيرة . ويحتوي الكثير من الأدوية على العناصر ، وخطورة الإسراف في استخدامها وطريقة دخول المعادن من أهم العوامل المحددة لسميتها على الإنسان . وأخطر طريق هو الاستنشاق ، وبناء على ذلك .. تم وضع الحدود الآمنة من المعادن للعمال الذين يعملون 8 ساعات في المصانع ( لا توجد حدود في مصر ) . ولقد أشارت الدراسات إلى اختلاف موضع تأثير كل معدن على حدة ، فعلى سبيل المثال .. يؤثر الزرنيخ ، والباريوم ، والبورون ، والنحاس ، والحديد والقصدير ، والرصاص ، والسلينيوم ، والزنك من خلال الجهاز الهضمي ، ويؤثر الألومنيوم ، والأنتيمون ، والزرنيخ ، والحديد والماغنسيوم ، والمنجنيز ، والزئبق ، والنيكل ، والفضة من خلال الجهاز التنفسي . وتؤثر معظم المعادن على الجهاز العصبي المركزي ، وعلى الكلية ، والكبد ، والجلد . وبالنسبة للعظام نخص الزنك ، وعلى جهاز إفراز الهرمونات في المخ نخص بالذكر الزرنيخ ، والكوبالت ، والحديد .. وعلى الدم نخص بالذكر الزرنيخ، والنحاس ، والذهب ، والحديد ، والقصدير ، والليثيوم ، والزنك . وتجدر الإشارة إلى أن ضرر الجلد قد يحدث نتيجة للتعرض المهني للمعادن ، أو من تلوث الهواء ، أو باستخدام الأدوية أو ملامسة الحلى . والرئة تمثل الطريق الرئيسي لدخول العديد من المعادن خاصة الزئبق . أما عن طريق الفم ، فتدخل المعادن من خلال الأدوية ، أو الأسمدة ، أو المبيدات الحشرية ، أو السلع المختلفة ، أو الأكل والماء الملوثين بالمعادن . ومما يعقد الأمور أن بعض المعادن تتحول في البيئة إلى صور أكثر سمية . ولقد سجلت حالات كثيرة للتسمم بالزئبق ، وإجهاض الحوامل ، ووفيات، وذلك نتيجة لتناول سمك ملوث بميثايل الزئبق الناتج كأحد عوادم المصانع ، والذي يتكون من التحلل الميكروبي للزئبق في الطين الموجود في قاع البحار . ولقد سجلت تركيزات عالية من المعادن في الهواء في المدن ، والتي تتأتى من عوادم السيارات ، وتم حصر الزنك ، والنحاس ، والحديد ، والرصاص ، والمنجنيز ، والنيكل ، والقصدير ، والتيتانيوم ، والكروميوم وغيرها . والحد المسموح باستنشاقه من هذه العناصر أقل بكثير جدا من ذلك الخاص بمبيدات الآفات ، مما يؤكد خطورة العناصر على صحة الإنسان ، خاصة على المدى الطويل ، حيث ثبت أن العديد من المعادن يحدث سرطانات وتشوهات خلقية في الإنسان والحيوان ، خاصة الألومنيوم ، والأنتيمون ، والزرنيخ ، والباريوم ، والبزموت ، والبورون ، والكادميوم ، والكروميوم ، والكوبالت وغيرها .
(ب) المذيبات العضوية والأبخرة
تمثل المذيبات العضوية وأبخرتها عنصرًا شائعا في البيئة الحديثة ، سواء في المعمل أم في المنزل . والتعرض لها يكون لفترات طويلة ، ومن ثم يكون تأثيرها محدودًا ، كما في حالة الجازولين ، وسوائل الإضاءة ، والأنواع المختلفة من الأيروسولات ومزيلات البقع . وعلى العكس .. تحدث حالات تعرض خطيرة ، كما في حالات مزيلات البويات ، ومنظفات الأرضيات والملابس في المنازل والمصانع ، ونظرا لاستخدام كميات كبيرة من المذيبات العضوية ، ونظرًا لخطورة الأبخرة في الجو ، فإن الدراسات تناولت تحديد الحد الحرج على الإنسان والحيوان نتيجة للتعرض للأبخرة لمدة 7 – 8 ساعات يوميا أو 40 ساعة أسبوعيا ، خاصة عن طريق الاستنشاق ، وهو طريق دخول الأبخرة التي تحدث التسمم الحاد أو المزمن . ولقد ثبتت شدة الضرر التي تحدثها المذيبات الكلورينية على الكبد ، كما في حالة الكلوروفورم ، ورابع كلوريد الكربون . ومن أخطر المذيبات الأليفاتية كحول الميثانول ، ونواتج تمثيله هي المسئولة عن إحداث التسمم ، لذلك كان لابد من إضافة بعض الكحولات الأخرى التي تقلل من تأثيره ، مثل الإيثانول . وهناك مذيبات الإيثيلين ، والداي إيثيلين جليكول التي تدخل عن طريق الجهاز الهضمي ، ومن ثم تتحول إلى حامض الأوكساليك الذي يترسب في الكلية ، ويسبب الفشل الكلوي . أما إيثيرات الجليكول ، والتي تستخدم بكثرة لصفاتها الذوبانية في تجهيز المستحضرات الزئبقية التي تذوب في الماء ، فإنه يحدث لها امتصاص سريع عن طريق الجلد ، ومن ثم تنفذ بسرعة إلى الجسم وتضر كثيرًا بالكلية ، وتحدث الأنيميا على المدى الطويل . وفي حالة المذيبات الحلقية ، كالبنزين، فإن كثرة التعرض له تتلف المادة العظمية والتساؤل الآن يتمثل في مدى الخطر والضرر الذي يحدث من جراء التعرض لهذه المذيبات وأبخرتها ؟ والإجابة واضحة ، وتتمثل في أن الضرر يرتبط بطول فترة التعرض ، وغير ذلك من العوامل السائدة . والحقيقة المؤكدة أن العاملين في محطات البنزين ومصانع الأيروسولات وغيرها من المصانع ، وحتى تجهيز العطور لا بد أنهم يعانون - ولو على المدى البعيد ـ من تأثيرات خطيرة تفوق في تأثيراتها المبيدات بجميع أنواعها .
(جـ) ملوثات الهواء
لقد تم تسجيل وجود أربعة ملوثات تفوق غيرها في الكمية الموجودة في الهواء ، خاصة في المدن ، وهي بالترتيب التنازلي كالآتي : أول أكسيد الكربون ، ثم أكاسيد الكبريت ، ثم الأيدروكربونات ، ثم الأكاسيد النيتروجينية . وتختلف سيادة كل من هذه المكونات تبعا للمكان ( مدن صناعية ـ شواطئ ...) ولقد ثبت أن التلوث الناتج من عوادم السيارات يمثل 60٪ من مجموع ملوثات الهواء تليه المصادر الصناعية ، ثم مولدات القوى الكهربائية ، ثم السخانات ، ثم المواد والمخلفات الأخرى . ولقد سجلت علاقة مؤكدة بين حالات الحساسية في الجلد والأعين ، وصعوبة التنفس ، والإنفلونزا في الإنسان ، ومستويات أول أكسيد الكربون والأوزون وغيرها من الأكاسيد في الجو ؛ مما أدى إلى ظهور الأعراض المرضية الحادة خلال زمن قصير من التعرض . ولقد سجلت حالات مرضية وصلت إلى 6 أنواع من الأمراض الخطيرة على المدى الطويل ( تسمم مزمن ) نتيجة للتعرض لملوثات الهواء ، كان من أخطرها حدوث سرطان الرئة ، وما يترتب عليه من ضرر للجهاز التنفسي كله . ووجدت علاقة بين الإصابة بالبرد ومستوى الكبريتات في الجو وحالات الالتهاب الشعبي المميتة ، خاصة في المدن المكتظة كالقاهرة ، تحدث بدرجة تتوقف على تعداد السكان ، وكميات الوقود التي تحرق ، والمستوى السنوي لثاني أكسيد الكبريت في المدينة ، ومستويات الأتربة في الهواء وغيرها . وهذا الضرر يفوق بكثير ما يحدث من جراء التعرض للمبيدات بجميع أنواعها . ولا نعرف على وجه التحديد كيف يمكن وضع معايير عن ملوثات الهواء وكيفية مواجهتها لكثرة العوامل التي تؤثر عليها ، وتتأثر بها ، والعديد من التداخلات بينها وبين المكونات الأخرى .
(د) المواد الإضافية للغذاء
قد تضاف هذه المواد عن عمد خلال أي مرحلة بعد الإنتاج ( أثناء التجهيز في المصانع أو المنازل ) أو بطريقة عرضية . وقد تضاف خلال الإنتاج بهدف تحسين الإنتاج أو صفات المنتج النهائي ، وقد تصل للمواد الغذائية نتيجة للتداول غير الواعي . والقسم الأول يشمل الفيتامينات ، والمعادن ، ومضادات التأكسد ، ومواد إضافة الطعم واللون . أما القسم الثاني ، فيشمل المواد السمادية ، والمبيدات ، ومنظمات النمو النباتية ، ومنشطات النمو الحيوانية وغيرها . ونواتج التمثيل الميكروبية قد تضاف إلى القسمين دون تفرقة . ومناقشة هذا الموضوع من الناحية التوكسيكولوجية ، خاصة فيما يتعلق بالأمان لابد أن يتناول أثر هذه المواد على صحة الإنسان . ولقد ثبت أن بعض هذه المواد تشمل مسببات السرطانات ، أو الطفرات ، والمواد المشعة ، والمبيدات ، والمعادن ، والمذيبات ، والأبخرة ، والسموم الحيوانية والنباتية ، والبلاستيك ، وملوثات الهواء ، ومضادات الميكروبات وغيرها .
ومن الصعوبة بمكان وضع الحد المسموح بتناوله مع الغذاء اليومي من هذه المواد الإضافية . ولقد وضعت القواعد الدولية ، بحيث لا يسمح بإضافة أي مادة قبل الحصول على تصريح من منظمة الزراعة والأغذية . ومن الأمثلة الصارخة في هذا المجال "فيتامين (أ)"، حيث إن الحد المسموح به يوميا في حدود 5000 وحدة دولية . ومن المعروف أن الكاروتينات لا تسبب أية تسممات حادة ، ولكن تعاطى كميات كبيرة منها يحدث اصفرارًا في الجلد ، كما يحدث في السيدات اللاتي يتناولن 0,5 لتر من عصير الطماطم يوميا ولسنوات متعددة ، والجرعات في حدود 18500 وحدة دولية سامة للأجنة التي تحملها الأمهات التي تتعاطى فيتامين (أ) ، أو يأكلن كميات كبيرة من الكبد ( الدب ) .. وفى سنة 1973 تم حظر استخدام فيتامين (أ) أو (د) إلا تحت ظروف معينة ، وتتحكم فيها الفيروسات ، والبكتيريا ، والفطريات ، والنيماتودا ، والبروتوزوا وغيرها من الكائنات المتطفلة . والأخطر من ذلك إنتاج ممثلات بواسطة هذه الميكروبات سميتها تعادل أضعاف ما يحدث من الميكروبات الأصلية .. والعبوات وعمليات التجهيز وتصنيع المواد الغذائية قد تكون مصدرا أساسيا لإيجاد بعض العناصر المعدنية ، مثل الزنك والقصدير ، والتي تحدث تأثيرات سامة خطيرة للمستهلك . وتضيف ملوثات الهواء كميات كبيرة من العناصر المعدنية إلى الغذاء ، حيث ثبتت زيادة تركيزات الكادميوم، والنيكل ، والقصدير ، والزنك في التربة والخضروات الموجودة بالقرب من الطرق ، وتتناقص كلما بعدت المسافة عن الطريق . ولقد ثبت أن التلوث يرتبط بمكونات الجازولين وزيت الموتور . وسمية مركبات الزئبق ومخلفاته في السمك تمثل خطورة كبيرة . وكان يعتقد في الماضي أن الإنسان هو المصدر الوحيد لمركبات الزئبق العضوية ، ولكن ثبت حديثا أن الميكروبات الموجودة في قاع البحار قادرة على تحويل الزئبق غير العضوي إلى مشتقات الميثايل الأحادية والثنائية . وطبيعة العبوات التي توضع فيها المواد الغذائية والمشروبات والمياه تمثل عنصرًا أساسيا للتلوث ، ومن ثم تحدث أضرار للمستهلك . ولقد انتقلت إسترات حامض الفثاليك إلى الدم المحفوظ في أوان بلاستيكية . وهناك أدلة على تجمع هذا الحامض من خلال السلسلة الغذائية وإحداث سمية في الأسماك . ولقد أوقف استخدام مشتقات كلوريد الفينايل العديدة في تعبئة السوائل ، نظرًا لاحتمال حدوث تفاعل بينها وبين الكحولات . وبعد ذلك يظل السؤال المطروح هو مدى إمكانية تأثير المستويات البسيطة جدا من محسنات الغذاء على إحداث السرطانات وغيرها من الأمراض الخطيرة .
(هـ) مواد متنوعة تسبب مشاكل في مجال السمية على الثديات
وهذه تشمل مواد من مصادر حيوانية أو نباتية ، وكذلك بعض الأدوية والمشروبات التي تستعمل على نطاق واسع بين الناس . ونخص بالذكر البلاستيك ومشتقاته .
مما سبق .. يتضح أن الإنسان وحيواناته يتعرض للتسمم من جراء الاستهلاك المباشر ، أو التعرض الإجباري ، أو العرضي للعديد من المواد الكيميائية ، وقد تفوق في الضرر ما يحدث من جراء استخدام المبيدات . وفى النهاية يمكن القول إن العبرة ليست بمدى سمية المركب الكيميائي من البداية ، ولكن بطريقة وكيفية ودرجة التعرض له ، وكذا وسائل حماية الإنسان من الضرر الذي قد يحدث له .. وهذا يعطى التأكيد على ضرورة سن واحترام القواعد والقوانين التي تنظم التعامل مع كافة أنواع السموم.
الاكثر قراءة في المبيدات الزراعية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
