سلـوك قوى الاستعمار الصليبيـة وممارستها 1
المؤلف:
د . فريد النجـار
المصدر:
الحروب التجارية المعاصرة
الجزء والصفحة:
ص98 - 100
2025-07-13
314
اختلاف القوى الصليبية رحمة بالمسلمين:
وفي القرن السابع عشر ورث الهولنديون جزر الأنديز من البرتغاليين، وبحلول عام 1641م كان الهولنديون قد طرودا البرتغاليين والأسبان والانجليز، وفي تلك السنة احتلوا مدينة مالاكا الاستراتيجية على مضيق وبالتالي أصبح الحكام المسرب معظم منافسى الهولنديين في تجارة التوابل والتحكم في بحار الأنديز، سواء فى آشين في شمالي سومطرة
أم في ماكاسار فى جنوبى جزيرة سيليبيس، ولكن الهولنديين لما يحاولوا مخلصين تغيير دین مسلمى شرقى الأنديز بالقوة أو بغيرها، فقد قاموا راغبين فى استغلال ثروتها فقط.
إن بروز القوة العثمانية فى شرقى البحر الأبيض المتوسط بعد القرن الخامس عشر كان له أثر أيضا في احتفاظ الأوروبيين بعادة التفكير بالطريقة الصليبية حتى هذا اليوم. فالروس تعلقوا بأرض المسلمين فى الإمبراطورية العثمانية خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، كذلك فعل البريطانيون والنمساويون والفرنسيون، ولولا المنافسة المهلكة بين هذه القوى النصرانية لذبحوا المسلمين العثمانيين فى القرن التاسع عشر، لا لسببين إلا لأنها دولة مسلمة، والغزوات ضد العثمانيين كمسلمين كانت واضحة في تعاطف اوروبا النصرانية الذي جادت به بسخاء على ثورة اليونانيين خلال العشرينات من القرن الماضي.
سبب الغيظ والبغض الصليبي للمسلمين:
ولعل من الأسباب الرئيسية للبغض الدائم والغيظ في عهد الاستعمار النصراني هو حقيقة أن المسلمين في كل مكان كانوا أناسا فخورين بدينهم، فخورين بتاريخهم وحضارتهم، وبالثقافة الإسلامية العالية التي لا يزالون يشعرون أنهم يمثلونها.
ومن جهة نظر الاستعمار النصراني فإن هذا غرور، ولذا فقد خضع المسلمون تحت الاستعمار الأوروبي سواء أكانوا أقليلة كما في الهند، أم أكثرية ما في مصر - إلى الجور والظلم.
ممارسات حاقدة:
في الهند - بالإضافة إلى تدفق المسلمين إليها من وسط آسيا والشرق الأوسط فقد تحول إلى الإسلام عدد ضخم من الطبقة الدنيا من نظام الطوائف الاجتماعية الهندوسي وبسبب هذا هو نظام المساواة فى الإسلام، لقد كانوا فقراء قبل أن يتحولوا، وبقوة كذلك فقراء بعد إسلامهم.
ولقد احتفظت نخبة صغيرة من المسلمين بمناسب الجيش والإدارة المدنية والقضاء في ظل حكم المغول المسلمين، بينما قامت الطبقة الوسطى من الهندوس بأعمال التجارة والصناعة والزراعة، ومع مجيئ الحكم البريطاني للهند فقد استبدل موظفون بريطانيون بالموظفين المسلمين الذى كانوا فى المناصب العالية، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل عمد البريطانيون إلى استبدال موظفين هندوس بالموظفين المسلمين في الوظائف الأخرى الثانوية (8) ، وقد ازداد اضطهاد المسلمين بعد تمرد الجيش عام 1857م. وحسبما يقول باندى : لقد أصبحت الحكومة عدائية للمسلمين بلا تردد بعد سنة 1857م، واضطهدت الطبقة العليا من المسلمين التي حاولت إعادة إمبراطورية المغول)
(9) ولعل البريطانيين لم يحتقروا أحداً من رعايا مستعمراتهم بطريقة منهجية كتلك الطريقة التي اتبعوها فى مصر (10) ، ويبدو أنه من المنطقى الاعتقاد بأن ذلك قد يكون بسبب أن مصر بقيت كطليعة لضمير وقيادة المسلمين حتى في أحلك فترات تاريخ المسلمين.
إنه معروف جيداً في السياسة البريطانية منذ عهد بالمرستون والعشرينيات من القرن الماضي أن بريطانيا لن تسمح بوجود حكومة قوية في مصر. وهذا غريب لأن قناة السويس لم تشق إلا سنة 1869 ، وبريطانيا لم يكن لها بعد أي مستعمرات مهمة في العالم العربي، وقد بقيت رؤية بالمرستون حية في التفكير السياسي البريطاني بعد احتلال بريطانيا لمصر والسودان.
الاكثر قراءة في التكتلات والنمو والتنمية الأقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة