افعاله تعالى غاية الفعل لا الفاعل (الرد على من قال باستحالة تعليل افعاله تعالى بالأغراض والمقاصد)
المؤلف:
آية الله السيد محسن الخرّازي
المصدر:
بداية المعارف الإلهية في شرح عقائد الإمامية
الجزء والصفحة:
ج1، ص 204 -205
2025-07-10
537
ان أفعاله تعالى سواء كانت تكوينية أو تشريعية ناشئة عن كماله المطلق، وليست لاستكمال ذاته تعالى، لأنه غني مطلق، ولا يحتاج إلى شئ، ولذلك ذهبوا إلى أن العلة الغائية متحدة مع العلة الفاعلية فيه تعالى، إذ لا غاية وراء ذاته تعالى، ولا ينافي ذلك أن للأفعال غاية أو غايات متوسطة ونهائية، لأنها غاية الفعل لا غاية الفاعل. قال العلامة الطباطبائي - قدس سره -: " وبالجملة فعلمه تعالى في ذاته بنظام الخير غاية لفاعليته التي هي عين الذات " (1).
وينقدح مما ذكر ما في كلام الأشاعرة من أن أفعاله تعالى يستحيل تعليلها بالاغراض والمقاصد، فإن كل فاعل لغرض وقصد، فإنه ناقص بذاته، مستكمل بذلك الغرض والله تعالى يستحيل عليه النقصان (2) وذلك لما عرفت من أن الغاية في فاعليته تعالى، ليست إلا ذاته وصفاته، فذاته لذاته منشأ للإفاضة، ومن المعلوم أن تعليل أفعاله بذاته، لا يستلزم النقصان، حتى يستحيل، بل هو حاك عن كمال ذاته، ولعل إليه يؤول ما قاله العلامة الطباطبائي - قدس سره -:
من أنه ليس من لوازم وجود الغاية حاجة الفاعل إليها: لجواز كونها عين الفاعل (3).
وينقدح أيضا مما ذكر ضعف ما ذهب إليه المعتزلة وبعض المتكلمين من الإمامية، من أن غاية أفعاله هي انتفاع الخلق، فإنه وإن لم يستلزم استكمال الذات بالغايات المترتبة على الأفعال، ولكن ذلك يوجب أن يكون لغير ذاته تأثير في فاعليته مع أنه تام الفاعلية ولا يتوقف في فاعليته على شئ (4).
فالصحيح هو أن يقال: إن انتفاع الخلق هو غاية الفعل لا غاية فاعلية الفاعل، إذ لا حاجة له تعالى إلى شئ من الأشياء، ولا يتأثر من شئ (5).
نعم ذهب بعض المحققين إلى إمكان الجمع بين الأقوال، بأن يقال: إن من حصر الغاية في ذاته تعالى أراد الغاية الأصلية والذاتية، ومن نفى الغاية في أفعاله أراد نفي داع زائد على ذاته في فاعليته، ومن جعل العلة الغائية انتفاع الخلق أراد بيان الغاية الفرعية والتبعية. انتهى (6) إلا أن هذا التوجيه وإن كان حسنا في نفسه ولكن لا يساعده عبائر القوم فراجع، ولله الحمد.
________________
(1) راجع نهاية الحكمة: ص 163 - 164.
(2) شرح تجريد الاعتقاد: ص 306 الطبعة الحديثة.
(3) راجع نهاية الحكمة: ص 163.
(4) راجع نهاية الحكمة: ص 163.
(5) راجع شرح منظومة: ج 2 ص 62 للأستاذ الشهيد المطهري - قدس سره -.
(6) آموزش فلسفه: ج 2 ص 402.
الاكثر قراءة في التكليف
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة