مـساهمـة اقتـصاد السيـاحـة فـي دعـم مـيـزان المـدفوعـات
المؤلف:
د . مصطفى يوسف كافي
المصدر:
فلسفة اقتصاد السياحة والسفر
الجزء والصفحة:
ص108 - 111
2025-06-01
429
المبحث الثالث
مساهمة اقتصاد السياحة في دعم ميزان المدفوعات
اكتسبت السياحة أهمية اقتصادية عالمية كبيرة وأصبحت من أكبر البنود فــــي التجارة الدولية والمصدر الرئيسي للعملات الصعبة وأهم عامل في تحديد ميزان المدفوعات. وأصبح النقد الأجنبي الذي تدره السياحة على الدول أهم ما يشغل فكر رجال الاقتصاد والسياحة، وخاصة في الدول النامية التي تضم إمكانيات سياحية عديدة (الجو، المناخ، التراث الحضاري والثقافي، الآثار، المياه المعدنية والكبريتية.... الخ) فهي تحقق حصيلة من العملات الأجنبية من خلال ما يدفعه السائح من عملات مقابل الخدمات التي حصل عليها (كالإقامة، والنقل والمواصلات السلكية واللاسلكية، وشراء السلع والتذكارات والتحف... الخ) مما يشكل دعماً مـــن دعائم الاقتصاد الوطني من خلال توفير السيولة اللازمة لاستيراد معدات التنمية ومستلزمات الأفراد من الطعام والمبيت ولوازم الحياة اليومية.
ينحاز كثير من كتاب الاقتصاد السياحي إلى السياحة الدولية لكي تقوم بدور فعال في تدعيم ميزان المدفوعات في الدول النامية، على اعتبار أن عناصر الميزان الأخرى (العمليات التلقائية) تواجه عدة مشكلات نوجزها بما يلي:
(1) تواجه الصادرات السلعية في الأسواق العالمية مشكلات متنوعة من أهمها:
أ ـ فرض وتعرض القيود الاستيرادية.
ب ـ هيكل الصادرات التي يعتمد على المنتجات الأولية ذات الحصيلة المتناقصة والتي لا تستطيع التعويل عليها إلى حد كبير في دعم ميزان المدفوعات.
ت- عدم القدرة على منافسة المنتجات الصناعية للدول المتقدمة التي تستخدم التكنولوجيا المتطورة وتستفيد من مزايا الإنتاج الكبير ومن ثم تتحكم الدول المتقدمة المنافسة والسيطرة على الأسواق.
(2) الدول النامية بأمس الحاجة إلى زيادة الواردات من السلع الإنتاجية أو الرأسمالية (كعدد، والآلات والسيارات...) أو السلع الوسيطة (مستلزمات الإنتاج..) أو السلع الاستهلاكية الأساسية (كالقمح - والزيوت - وبعض السلع الأساسية الأخرى) واللازمة لمشروعات التنمية الاقتصادية الشاملة.
(3) ضآلة المتحصلات النقدية من الخدمات الدولية (النقل البحري والجوي والتأمين والاتصالات...) في الوقت الذي يمثل فيه الخدمات الدولية المستوردة مدفوعات كبيرة.
(4) ولا يمثل دخل الاستثمارات متحصلات بالنسبة للدول النامية على اعتبار أن هذه الدول تعتبر من الوحدات ذات العجز( Deficit units) إذ هـي مــن الوحدات المتلقية للاستثمارات ويقوم بدفع الفوائد والأرباح مقابل ما يستخدمه من الاستثمارات.
(5) إن التحويلات من جانب واحد كالمنح والتعويضات وتحويلات المغتربين لا يمكن الاعتماد عليها، لأنها تفتقر إلى النظام والاستمرار.
لذلك نجد أن السياحة الدولية باعتبارها إحدى عناصر العمليات الجارية في ميزان المدفوعات، تتميز عن عناصر الميزان الأخرى من عدة أوجه ومن أهم تلك الأوجه (1):
أ- فرص الدول النامية في المنافسة في مجال الجذب السياحي الدولي أكبر، وخاصة للدول التي تملك عناصر جذب مرموقة بالسياحة، وبالتالي زيادة القدرة على استقطاب النقد الأجنبي.
ب- إن الاعتماد على التكنولوجيا المتطورة في مجال السياحة أقل من الاعتماد عليها في الصناعات الأخرى، نظراً لأن التغيرات التي تحدث في مجال الإنتاج الصناعي سريعة جداً ولا تناسب مع إمكانيات الدول النامية.
ج- إن معدل زيادة الإيرادات الدولية يفوق معدل زيادة الصادرات السلعية على النطاق الدولية.
للنشاط السياحي تأثيرات مختلفة على عناصر ميزان المدفوعات وذلك من عدة وجوه من أهمها (2):
1. الإيرادات السياحية التي تأتي من السائحين الأجانب (غير المقيمين) في الداخل والمدفوعات السياحية التي تأتي من السائحين الوطنيين (المقيمين) في الخارج.
2 .إيرادات خدمات النقل الدولية البحرية والجوية ومدفوعاتها.
3. صادرات السلع المرتبطة بالأنشطة السياحية ووارداتها، كالمعدات والأثاث والطعام والمشروبات والتجهيزات الفندقية.
4. إيرادات الفوائد والأرباح ومدفوعاتها على الاستثمارات السياحية.
5. التحويلات النقدية من جانب العاملين في القطاع السياحي في الداخل والخارج (العمالة المغتربة).
6. الإنفاق على التسويق السياحي، والدعاية والإعلان، ونفقات المكاتب السياحية وشركات الطيران والملاحة في الداخل والخارج.
7. الاستثمارات الأجنبية في مجال السياحة والفندقية في الداخل، والاستثمارات الوطنية في الخارج. ومن جهة أخرى قد تؤدي الأنشطة السياحية إلى تشجيع الشركات الوطنية على تصدير السلع إلى الخارج، ومثال ذلك، حصل في نيوزيلندا. فقد أدى إقبال السائحين اليابانيين والأمريكيين على شراء كميات كبيرة من المنتجات الجلدية الرخيصة في نيوزيلندا، إلى تشجيع التوسع في هذه الصناعات لتلبية الطلبات التصديرية المتزايدة إلى الأسواق الخارجية (3).
يتجلى مساهمة السياحة في ميزان المدفوعات:
تساهم السياحة في تحسين ميزان المدفوعات باعتبار أن الخدمات والمنتجات هي "سلعة" صادرات يستهلكها السواح الأجانب، وبما يزيد من تدفقات العملات الصعبة والنقد الأجنبي إلى الاقتصاد الوطني.
ويمكن حساب دور السياحة في ميزان المدفوعات من خلال المعادلة الآتية:

حيث أن (B.T) تعني نتيجة الميزان السياحي. BT=Rt-Et وتكون النتيجة إيجابية إذا تفوقت العوائد على الإنفاقات السياحية. وتكون سالبة إذا حدث العكس.
(B.M) تعني نتيجة ميزان المدفوعات والناتجة عن الفرق بين مجمل العوائد ومجمل الإنفاقات قبل إجراء عمليات التسوية، كما في المعادلة الآتية: B.M=R-E
R = مجمل العوائد (مجموع الصادرات).
E = مجمل الإنفاقات (مجموع الاستيرادات).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) د. الروبي، نبيل – 1970 – نظرية السياحة.
(2) Matheson A. and Wall G., 1982 - tourism: Economic, physical and Social Impacts, Longman, London. p 55.
(3) McIntosh, R. W,. 1980 - Tourism: Principles, Practices Ger., d, Ohio, p183.3
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في علم الاقتصاد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة