الآثـار الاقتصاديـة المبـاشـرة للسيـاحـة فـي الاقـتـصاد القـومـي 2
المؤلف:
د . مصطفى يوسف كافي
المصدر:
فلسفة اقتصاد السياحة والسفر
الجزء والصفحة:
ص76 - 80
2025-05-29
461
4- تحسين وضعية ميزان المدفوعات
تعمل السياحة (كصناعة تصديرية) على تحسين ميزان المدفوعات بالنسبة للدول المستقبلة للسياح من خلال ما تضخه من عائدات سواء على شكل استثمارات أو ضرائب أو رسوم.
وذلك لأن ميزان المدفوعات يعتبر قيداً مزدوجاً ينظم كافة المعاملات بين دولة ما وسائر العالم، والسياحة جزء من هذه المعاملات، وهو يتكون من ميزان المعاملات التجارية وحركة رأس المال.
فالدخل السياحي يؤثر على القيمة الصافية للميزان السياحي الذي يؤثر بدوره على النتيجة الصافية للميزان التجاري وهذا الأخير له أثره على ميزان المدفوعات.
إن أثر السياحة الدولية في ميزان المدفوعات وهنا يمكن تعريف ميزان المدفوعات بأنه سجل منتظم تقيد فيه كافة المعاملات الاقتصادية التي تجري بــين الأشخاص المقيمين على إقليم الدولة والأشخاص المقيمين على أقاليم دولة أخرى خلال فترة معينة (عادة سنة) (1).
ويتكون ميزان المدفوعات من جانبين جانب دائــــن تدرج به كافة العمليات التي تحصل فيها على متحصلات (حقوق) من العالم الخارجي وجانب مدين به كافة العمليات التي تدفع فيها الدولة مدفوعات (ديون) الى العالم الخارجي كما يمكن وضع للسياحة ميزاناً خاصاً بها يسمى الميزان السياحي، يمثل رصيد هذا الميزان مدك تأثير السياحة من ميزان المدفوعات الجاري بحيث يمكن أن يكون هذا الرصيد
- موجباً: ويكون في البلدان التي لها فائض في الميزان السياحي، مثل اسبانيا، ايطاليا وأغلب الدول النامية.
- سالباً: ويكون في البلدان التي لها عجز في المجال السياحي، مثل ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية.
ـ معدوماً: يكون الميزان متوازناً أي الإيرادات تساوي النفقات فإذا كان هذا الرصيد موجبا فانه إما يزيد في فائض ميزان المدفوعات أو ينقص من عجز هذا الميزان حسب الوضعية.
أما إذا كان هذا الرصيد سالباً فانه ينقص من فائض ميزان المدفوعات أو يزيد في عجز هذا الميزان إن خدمات (إيرادات، نفقات) السياحة تدرج في حساب التجارة غير المتطورة (حركة الخدمات) تحت عنوان "السياحة أو السفر" باعتبارها عنصرا من عناصره والتي بدورها (أي التجارة غير المتطورة) عنصر من عناصر ميزان العمليات الجارية ويعد إنفاق غير المقيمين (السائحين الأجانب) في الداخل إيرادات تقيد من الجانب الدائن وهذا الإنفاق بدوره يمثل صادرات (غير متطورة) للخدمات والأنشطة السياحية، أما إنفاق المواطنين في خارج البلد يعد نفقات (مدفوعات)، تقيد الى جانب المدين وهذا الإنفاق يمثل واردات (غير متطورة) للخدمة والأنشطة السياحية. وتلجأ الكثير من الدول التي تولي أهمية كبيرة للقطاع السياحي، الى إعداد ميزان فرعي خاص يمثل الميزان السياحي وقد يأخذ الميزان السياحي شكل أدق وأوسع، بحيث يشمل عناصر أخرى ترتبط مباشرة بالنشاط السياحي، كعائدات الاستثمارات السياحية (الفوائد والأرباح والضرائب والرسوم المختلفة) ونقل المسافرين البري والبحري والجوي... الخ.
وثمة ملاحظة مهمة وهي أن انتعاش حركة السياحة والقطاع السياحي سيؤدي حتما لإنعاش حساب الخدمات العامة كالتأمين والنقل والنفقات وحوالات المغتربين وزيادة المنح والهبات والقروض لتطوير الاستثمارات السياحية وعناصر أخرى.
5- زيادة القيمة المضافة:
تؤدي جميع المنافع السابقة الذكر إلى تحقيق زيادة ملموسة في القيمة المضافة، والتي بدورها تؤدي لزيادة في الناتج الوطني للدولة، بالإضافة إلى أن توزيع المشاريع السياحية على المناطق السياحية المختلفة يعمل على تطويرها وتحسين مستويات المعيشة فيها (2).
القيمة المضافة هي الفرق بين السعر النهائي للمنتج وقيمة المواد الخام الداخلة في إنتاجه ويتم احتسابها من خلال حجم الرواتب والأجور الإيجارات + الفوائد + الأرباح. وحسب المؤشرات الرئيسية والحقيقية لدور ومساهمة أي قطاع في النشاط الاقتصادي المحلي. إلا أن احتساب القيمة المضافة في قطاع السياحة تختلف عن باقي القطاعات حيث يتم احتسابها من الفرق بين المنتج السياحي، وبين مستلزمات الإنتاج التي استخدم في هذا المنتج (3).
والمنتج السياحي يعادل الإيرادات الناتجة عن استخدام السائح لجميع الخدمات مثل الإقامة في الفنادق والقرى السياحية وبيوت الشباب وإيرادات الشقق المفروشة، كما تشمل الإيرادات المحققة من الإرشاد السياحي ومن وسائل النقل التي يستخدمها السائحون الأجانب.
أما مستلزمات الإنتاج للقطاع السياحي، فهي تشمل جميع النفقات التي أنفقت على قطاع السياحة مثل النفقات التي أنفقت على الفنادق، والشقق المفروشة، والقرى السياحية حتى أصبحت خدمة تؤدي دورها بنجاح.
وبطبيعة الحال، فإن هناك علاقة طردية بين المنتج السياحي والإيرادات المحققة من المنتج السياحي. فكلما زاد الطلب السياحي كلما زادت إيرادات الناتج السياحي. وزاد المنتج السياحي والعكس صحيح.
أما مستلزمات الإنتاج التي تخصم من الناتج السياحي لاستخراج القيمة المضافة، تتمثل في التغيرات التي تحدث فيه وتتوقف على مستوى الكفاءة ومستوى الأسعار.
فكلما ازدادت الكفاءة الاقتصادية في النشاط الإنتاجي السياحي، كلما أمكن امكن زيادة إنتاجية هذا النشاط. وذلك لأن نفقاتها ستنخفض على أثر هذه الكفاءة والعكس إذا كان مستوى الكفاءة منحدر فإن المنتج السياحي سيكون مرتفع التكاليف لأن الإنتاجية السياحية سترتفع تكاليفها.
كذلك فإنه كلما ارتفعت أسعار مستلزمات الإنتاج التي تدخل في المنتج لاستخراج القيمة المضافة، كلما أثر ذلك على مستوى القيمة المضافة تأثيراً سلبياً.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد ابراهيم غزلان، موجز في العلاقات الاقتصادية الدولية وتاريخ الفكر الاقتصادي الإسكندرية، مصر، دار الجامعات المصرية سنة 1975 ص 25 .
(2) د. مصطفى يوسف كافي، الاقتصاد السياحي، مكتبة المجتمع العربي، دار الإعصار، عمان، الأردن، 2014.
(3) د. أحمد عبد السميع علام، علم الاقتصاد السياحي، ط1، دار الوفاء لدنيا الطباعة والنشر، الإسكندرية 2008-2007 352-351 .
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في علم الاقتصاد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة