تـطـور تـدفـق الاستـثمـار الاجنـبـي المبـاشـر الـى لـيبـيـا 2
المؤلف:
د . عبد الرزاق حمد حسين الجبوري
المصدر:
دور الاستثمار الأجنبي المباشر في التنمية الاقتصادية
الجزء والصفحة:
ص249 - 253
2025-05-19
447
أما ما يتعلق بالتوزيع الجغرافي للاستثمار الاجنبي المباشر الوارد الى ليبيا يوضحه الجدول (37).

نلاحظ من الجدول (37) إن بريطانيا جاءت في الترتيب الأول بين الدول المستثمرة في ليبيا، إذ بلغ حجم استثماراتها حوالي (2633.934) مليون دولار، وهو ما نسبته (58.3%) من إجمالي الاستثمار الاجنبي المباشر أثناء المدة (2005-2000) وحلت ثانياً موريشوس إذ وصل حجم استثماراتها حوالي (620.821) مليون دولار، وهو ما نسبته (13.74%) من الاجمالي، وجاءت مالطا ثالثاً على مستوى البلدان المستثمرة في ليبيا بأجمالي استثمارات بلغ (162.874) مليون دولار، وهو ما نسبته (3.6%) من الاجمالي.
نلاحظ من التحليل السابق للاستثمار الاجنبي المباشر في ليبيا، ان هذه الاستثمارات تتميز بالانخفاض، وإن أغلبها موجه الى قطاع النفط والغاز، وان حاجة الاقتصاد الليبي هي الاستثمار والشراكة في القطاعات الأخرى ذات الموارد المتجددة والتي تسهم في تطوير العملية الإنتاجية في جميع القطاعات الاقتصادية. ان هذه التدفقات ليست المعبر الحقيقي عن أداء وامكانات ليبيا في جذب الاستثمار الاجنبي المباشر، حيث حصلت على المركز (116) في مؤشر الاداء من بين (140) بلد في المدة (2002-2004) مقارنة مع المركز (137) في المدة (1997-1995)، في حين حصلت على مركز متقدم (34) من بين (140) بلد في مؤشر الامكانات للمدة (2001-2003) مقارنة مع المركز (68) للمدة (1997-1995)، وحلت ليبيا في مجموعة البلدان دون إمكاناتها (أداء منخفض وامكانات مرتفعة) في تقاطع مؤشري أداء وامكانات البلد في جذب الاستثمار الاجنبي المباشر للمدة (2002-2004)، مسجلة بذلك ثباتاً في موقعها مقارنة مع المدة (1993-1995).
مما سبق نستطيع تحديد مجموعة من الأسباب الكامنة وراء تراجع الاستثمارات الاجنبية في الاقتصاد الليبي:
أ- مشاكل اقتصادية متمثلة في ارتفاع تكاليف الاستثمار غير المباشرة (تجهيز وإنشاء المشروع الاستثماري) وعدم الحصول على بيانات حول أسعار التيار الكهربائي، وانخفاض إمكانية المستثمر المحلي المالية والفنية في مشاركة المستثمر الاجنبي، وضعف أداء المؤسسات المصرفية وعدم توفر مناطق صناعية مجهزة بالمرافق الأساسية، وانخفاض الترويج للقطاع السياحي بالإضافة الى تردد المؤسسات الدولية في تقديم تمويل وضمانات للاستثمار في ليبيا (1).
ب - مشاكل إدارية متمثلة في عدم استقرار وتعدد الإجراءات الادارية، وعدم توفر قاعدة بيانات عن النشاط الاقتصادي والاجتماعي والسكاني الضرورية للمستثمرين، وعدم وجود سياسات واضحة للائتمان والتسهيلات المصرفية خاصة ما يتعلق بتمويل المشروع الاستثماري، وعدم توفر خارطة استثمارية شاملة تبين مواقع الموارد الاقتصادية المتوفرة في البلاد وإمكانية استغلالها وطبيعة المشروعات الممكن إقامتها (2).
ج- مشاكل مرتبطة بحجم السوق المحلية، حيث يزيد عدد سكان البلاد على ست ملايين نسمة، يتميزون بقوة شرائية مرتفعة، لكن من الصعب إقامة مشروعات استثمارية صناعية متوسطة وثقيلة ذات حجم اقتصادي اقتصادي اعتماداً على السوق المحلية في تصريف منتجاتها، اذا لم يكن هناك فرص للتصدير الى البلدان الأخرى، وهذا ما يجعل المستثمرون الاجانب يعزفون عن المساهمة في إقامة المشروعات الصناعية (3).
د ـ معوقات أخرى مثل، إلزام المستثمر الاجنبي بتوفير فرص عمل للعمالة المحلية، وما ينتج عن ذلك من ارتفاع أجور العمالة المحلية مقارنة مع العمالة الاجنبية، كما إن عدم وجود سوق مالية متطورة، يعد من العوامل المعيقة لعملية جذب الاستثمار الاجنبي المباشر، بالإضافة الى عدم مواكبة الأنظمة الجديدة للتطورات التي حصلت في الاقتصاد الليبي، والتغيرات في الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية.
ان توفر الموارد الطبيعية في ليبيا وحجم الدخل المتحقق للبلد من الثروة النفطية يؤكد على أن الدولة ستظل الممول الأساسي الأهم للاستثمار، عن طريق الإنفاق على برامج وميزانيات التنمية على مشروعات البنى التحتية ومشروعات الخدمات الاجتماعية وبناءً على ذلك فإن حجم الاستثمار الاجنبي سيظل رهنـاً بتوجه السياسات الاقتصادية ومستوى الدور الذي تريد الدولة ان يناط له في النشاط الاقتصادي وحفز النمو وتسريع التنمية. غير أن ذلك الدور يحتاج الى مجهودات إضافية من خلال التعريف بفرص الاستثمار المتاحة في الاقتصاد الليبي، والمزايا التي يمكن للمستثمرين الحصول عليها، وضرورة العمل على وجود ضمانات للاستثمار ضد الأخطار غير التجارية، وخلق علاقات جيدة مع المؤسسات الدولية ذات العلاقة بالنشاط الاستثماري والمساهمة فيها. ويبقى أن نقول ان الخطوات التي تقوم بها الدولة لتشجيع الاستثمار الاجنبي المباشر في إطار توجهات الانفتاح والاندماج في الاقتصاد العالمي، والعمل على استيفاء متطلبات الانضمام الى منظمة التجارة العالمية، إضافة الى الشروع في تنفيذ إصلاحات هيكلية وتشريعية ومؤسسية، ستوفر البيئة الملائمة والمساندة للأنشطة الاقتصادية، وستعمل على اجتذاب المزيد من الاستثمارات الأجنبية الى الاقتصاد الليبي.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) محمد مسعود الثعيلب وخالد علي كاجيجي (الاستثمار الأجنبي في ليبيا بين عوامل الجذب والطرد) مؤتمر الاستثمار والتمويل تحت عنوان (الاستثمار الاجنبي المباشر FDI) المنظمة العربية للتنمية الادارية، شرم الشيخ، 18-21 كانون الأول، 2005 ، 2006، ص 17.
(2) رجب محمد شقلابو، مصدر سابق، ص 35-36 .
(3) عيسى محمد الفارسي وسليمان سالم الشحومي، مصدر سابق، ص19.
الاكثر قراءة في الاستثمار ودراسة الجدوى الأقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة