سياسات التثبيت الاقتصادي وسياسات الإصلاح النقدي والمالي في مصر
المؤلف:
د . عبد الرزاق حمد حسين الجبوري
المصدر:
دور الاستثمار الأجنبي المباشر في التنمية الاقتصادية
الجزء والصفحة:
ص203 - 205
2025-05-15
364
وتوزع برنامج الإصلاح على ثلاث مراحل رئيسة استمرت لمدة سبع سنوات انتهت في عام (1998). استهدفت المرحلة الأولى خفض عجز الموازنة العامة للدولة، وإصلاح النظام الضريبي وتوحيد سعر صرف العملة المحلية، وتحرير التجارة الخارجية، وتخفيض التعريفة الجمركية على الاستيرادات وإلغاء القيود على الصادرات، وفي المرحلة الثانية التي بدأت في عام (1993). ركز البرنامج على الإصلاح الهيكلي والجانب الاجتماعي وتشجيع القطاع الخاص وتسهيل عملية جذب الاستثمار وتحقيق التوازن الخارجي، وهدفت المرحلة الثالثة الى إنجاح المرحلتين السابقتين وتطبيق سياسة الخصخصة والتحرير المالي (1).
وتسمى المرحلة الأولى والثانية بسياسات التثبيت الاقتصادي وكان الغرض منها أعادة التوازن بين العرض والطلب داخلياً وخارجياً على السواء، وتمثلت بمجموعة من سياسات الإصلاح النقدي والمالي وكالآتي:
أ- تحرير سعر الصرف: تدهورت قيمة الجنيه المصري أمام العملات الاخرى وخصوصاً الدولار طيلة المدة من (1975-1991)، وبناءً على ذلك وابتداءً من عام (1991) قامت الحكومة بإلغاء القيود المفروضة على تحويل العملات الاجنبية، وتم تخفيض سعر صرف الجنية المصري مقابل الدولار حتى يتعادل مع المستوى السائد في السوق السوداء مع اعتماد نظام التعويم المدار كآلية لتحديد سعر الصرف بعد ذلك، كما تم في عام (1993) إلغاء إلزام المصدرين بتوريد الحصيلة من العملات الاجنبية، وتم تحرير أسعار الفائدة وتحرير مناخ الاستثمار من القيود وغيرها من الإجراءات التي أدت الى استقرار سعر صرف الجنيه مقابل الدولار حيث أنخفض سعر الجنيه مقابل الدولار بنسبة (2.1%) فقط أثناء المدة (1991-1998) (2).
ب- معالجة التضخم: بدأت الثقة تزداد بالاقتصاد المصري بعد هبوط معدلات التضخم من (16.8%) في عام (1990) إلى (8.4%) في عام (1995) واستمرت بعد ذلك بالهبوط، وجاء ذلك نتيجة الإجراءات التي استهدفت تخفيض حجم الطلب الكلي على المدى القصير والمتوسط وزيادة العرض الكلي عن طريق الاستثمار على المدى الطويل، ومن هذه الإجراءات فرض سقوف ائتمانية لضبط حجم الطلب الكلي بتحجيم الانفاق الاستثماري وضبط حجم وسائل الدفع بإيقاف عملية الإصدار الجديدة. وبذلك وصلت معدلات التضخم الى (2.7%) في عام (2000).
ج- تحرير أسعار الفائدة: اتخذت تدابير تهدف الى تحرير أسعار الفائدة على الودائع والقروض وتركها لقوى العرض والطلب في السوق النقدية، وبذلك صارت أسعار الفائدة الحقيقية ايجابية، على أن تقوم المصارف باتخاذ أسعار الفائدة على أذونات الخزينة دليلاً تسترشد به لتحديد أسعارها الخاصة بالودائع والإقراض (3).
د - اصلاح القطاع المالي: أستهدف الإصلاح الاقتصادي توجيه المزيد من ملكية المصارف والنشاط المصرفي نحو القطاع الخاص، وعمل على تنشيط البورصة المصرية بعد سبات طويل، ومن أهم الإجراءات التي اتخذت القانون رقم (37) لعام (1992) الذي عزز سلطة البنك المركزي المصري عن طريق مجموعة إجراءات تحكم المسؤولية الإشرافية داخل البنوك وخارجها، كما اتخذت إجراءات أخرى هدفت الى تحرير أسعار الفائدة على الودائع والقروض وإزالة السقوف على الإقراض المصرفي للقطاع الخاص وتحرير رسوم الخدمات والتكلفة المصرفية والسماح للأجانب بالتملك في البنوك الخاصة والمشتركة، بالإضافة الى قانون سوق المال رقم (95) لعام (1992) والذي نظم العديد من المسائل منها تسجيل الشركات في سوق المال وتشجيع الاستثمارات الخاصة، وتحديد شروط التسعير في البورصة، وهذه الاجراءات كانت ضرورية لتطور السوق المالية التي عانت كثيراً من سياسات المضاربة (4).
هـ - معالجة عجز الموازنة العامة: بلغ عجز الموازنة العامة الى الناتج المحلي الاجمالي في عام (1990) حوالي (9.58%) وأنخفض الى (1.24%) في عام (1995) نتيجة التقليل الجذري للنفقات الحكومية وخصوصاً علــى بنـــد (الدعم)، واقتصار الاستثمارات العامة على المجالات الضرورية، والزيادة الواضحة في الإيرادات الحكومية من ضريبة الدخل بدلاً من الضرائب النوعية وضريبة المبيعات بدلاً من ضريبية الاستهلاك ورفع رسوم قناة السويس وزيادة الرسوم على الخدمات المالية وغيرها من الإجراءات (5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) الاسكوا (تقييم برامج الخصخصة في منطقة الاسكوا) مصدر سابق، ص 47.
(2) أحمد السيد النجار (التحرير المالي في الاقتصاد المصري: رؤية مستقبلية في ضوء الخبرة الاسيوية) كراسات إستراتجية، المجلد (8) العدد ،(69) ، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام 1998، ص7.
(3) الاسكوا (مسح للتطورات الاقتصادية والاجتماعية في منطقة الاسكوا 1999-2000) الجزء الثاني، دور الدولة في الاقتصاد المعولم ، دراسة حالتي مصر والاردن الامم المتحدة، نيويورك، 2002، 53-52.
(4) علي أحمد البلبل وآخرون التطور والهيكل المالي والنمو الاقتصادي حالة مصر (1974-2002) اوراق صندوق النقد العربي، العدد (9) ، صندوق النقد العربي، أبو ظبي، أبريل 2004، ص15-22 .
(5) محمد عبد الشفيع عيسى ، (الابعاد الاجتماعية للتكيف الهيكلي والخوصصة في مصر) بحوث ومناقشات الندوة الفكرية التي نضمها المركز الوطني للدراسات والتحاليل الخاصة في الجزائر تحت عنوان (الاصلاحات الاقتصادية وسياسات الخوصصة في البلدان العربية) ،مركز دراسات الوحدة العربية ،بيروت، لبنان، الطبعة الأولى شباط 1999، ص288.
الاكثر قراءة في الاستثمار ودراسة الجدوى الأقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة