1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

القانون العام

القانون الدستوري و النظم السياسية

القانون الاداري و القضاء الاداري

القانون الاداري

القضاء الاداري

القانون المالي

المجموعة الجنائية

قانون العقوبات

قانون العقوبات العام

قانون العقوبات الخاص

قانون اصول المحاكمات الجزائية

الطب العدلي

التحقيق الجنائي

القانون الدولي العام و المنظمات الدولية

القانون الدولي العام

المنظمات الدولية

القانون الخاص

قانون التنفيذ

القانون المدني

قانون المرافعات و الاثبات

قانون المرافعات

قانون الاثبات

قانون العمل

القانون الدولي الخاص

قانون الاحوال الشخصية

المجموعة التجارية

القانون التجاري

الاوراق التجارية

قانون الشركات

علوم قانونية أخرى

علم الاجرام و العقاب

تاريخ القانون

المتون القانونية

القانون : القانون العام : القانون الدستوري و النظم السياسية :

الشروط الدستورية لاختيار رئيس الجمهورية في العراق وفقاً لدستور عام 2005

المؤلف:  زينب مرتضى جبار شكور

المصدر:  دور القضاء الدستوري في تشكيل السلطة التنفيذية وفقا لدستور جمهورية العراق ، 2005

الجزء والصفحة:  ص 10-20

2025-05-12

25

نصت المادة 68 من دستور العراق لعام 2005 على مايلي يشترط في المرشح لرئاسة الجمهورية أن يكون :
اولاً عراقياً بالولادة ومن ابوين عراقيين .
ثانياً - كامل - الاهلية وأتم الاربعين سنة من عمره .
ثالثاً:- ذا سمعة حسنة وخبرة سياسية مشهوداً له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والاخلاص للوطن .
رابعاً: غير محكوم بجريمة مخلة بالشرف (1) سوف نقوم بإيضاح كل من الشروط أعلاه وإلقاء الضوء عليها وبصورة مفصلة .
اولاً : عراقياً بالولادة ومن ابوين عراقيين (شرط الجنسية ) : إن هذا الشرط يحوي على شرطين مزدوجين كل واحد له علاقة بالآخر وسوف نبين كل شرط منهم ويدرج, هذان الشرطان من ضمن شرط الجنسية فأول الشروط الدستورية هو شرط الجنسية (2)
عراقياً بالولادة ماذا يقصد المشرع بذلك أو من هو العراقي؟
للإجابة على هذا السؤال نشير الى المادة 18 من دستور جمهورية العراق لعام 2005 والتي نصت ((اولاً// الجنسية العراقية حق لكل عراقي وهي أساس مواطنته ثانياً // يعد عراقياً كل من ولد لأب عراقي او لأم عراقية وينظم ذلك بقانون )) إذاً نصت المادة على أن الجنسية العراقية هي حق لكل عراقي وبعدها بينت الفقرة الثانية من المادة أن العراقي كل من ولد لأب عراقي ولأم عراقية أي أن الشخص يعد عراقياً من كان أحد أبويه عراقياً سواء الأم أو الأب وترك المشرع هذا الأمر إلى قانون خاص بالجنسية وصدر قانون الجنسية العراقي رقم 26 لسنة 2006 وبالرجوع الى قانون الجنسية العراقي نرى أن المادة 3 منه بينّت العراقي حيث نصت (( يعتبر عراقياً : 1 - من ولد لأب عراقي أو لأم عراقية بمن ولد في العراق من أبوين مجهولين ويعتبر اللقيط الذي يعثر عليه في العراق مولودا فيه مالم يقم الدليل على خلاف ذلك)) .
بالرجوع إلى المادة (68) أولاً نجد ان المشرع لم يكتف بذكر عبارة عراقي الجنسية وإنما أتمها بعبارة الأبوين العراقيين أي أن أي شخص يشغل منصب رئيس الجمهورية لا يكتفي أن يكون عراقياً الجنسية فقط ولكن يجب أن يكون أبويه عراقيين باعتبار أن العراقي لا يشترط بالأساس أن يكون من أبوين عراقيين يكفي أن يكون أحد الأبوين عراقي ولكن بسبب اهمية هذا المنصب اكد المشرع العراقي على عبارة من ابوين عراقيين.
لكن السؤال الذي يطرح امامنا هو لماذا اشترط المشرع الدستوري شرط الجنسية وقيد شرط الجنسية بشرط متمم له هو جنسية الأبوين؟
للإجابة على هذا التساؤل يجدر بنا أن نبين أن المشرع العراقي لم يعط للشرط الجنسية اهمية كبيرة مقارنة ببعض الدول (3) تتبلور أهمية شرط الجنسية في تحقق أمرنا هم الولاء والاسقاط أو التخلي عن الجنسية فالولاء يعد ركيزة من ركائز قيام رابطة الجنسية في بعدها السياسي الذي يتجسد بدوره فيما يسمى بالمواطنة الصالحة التي تستلزم حب الدولة والاخلاص لها والاستعداد للتضحية من اجلها واحترام جنسيتها, فبذلك أن هذا الولاء يكون ضمنا من خلال منع الشخص الذي لا يحمل الجنسية الدولة الترشيح فيها لمنصب رئيس الجمهورية وكذلك هنالك بعض الدساتير أفصح عن شرط الولاء بصورة مباشر وليس ضمننا كالقانون الأمريكي سمح بتعدد الجنسية حيث يمكن للمواطن جنسية أخرى إذا حصل على الجنسية الامريكية أن يحتفظ بالجنسية السابقة بشرط أن يتنازل عن الولاء (4)
وأن المشرع العراقي لم يكتفِ بعدم ذكر شرط الولاء صريحة وإنما لم يمنع من يولد بالعراق ومن ابوين مجهولين من أن يرشح الى منصب رئيس الجمهورية وسوف نتناول هذا الموضوع في صفحات أخرى لاحقه.
أما في مسألة التخلي عن الجنسية فإن أغلب الدساتير اعطت حق الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية من يحمل جنسية الدولة فقط ولا يجوز للمتجنس بجنسية أخرى أن يشغل منصباً سيادياً أو أمنياً رفيعاً وفقاً للفقرة رابعاً من المادة 18 من دستور العراق لعام 2005 ((يجوز تعدد الجنسية للعراقي وعلى من يتولى منصباً سيادياً أو امنياً رفيعا التخلي عن أية جنسية أخرى مكتسبة وينظم ذلك بقانون )) وكذلك سوف يتم التطرق إلى موضوع تعدد الجنسية بموضوع القيود بصورة مفصلة جداً.
ما نراه بخصوص هذا الشرط وهو أن المشرع العراقي لم يكن موفقاً حيث لم يستثني كريمة النسب من الترشيح للمناصب السيادية على الرغم من أن المادة 68 كانت واضحة بخصوص جنسية الأبوين وكذلك لم يذكر عبارة الجنسية الأصلية للأبوين واكتفى من أبوين عراقيين ولم يبين حتى جنسية الزوج كان الأجدر به أن يكون أكثر دقة بهذه المسألة ويحدد التفاصيل بخصوص جنسية الأبوين أن تكون اصلية وكذلك جنسية الزوج وكذلك شرط الولاء, حيث يعتبر أن المشرع اراد شرط الولاء ضمنا ولم يذكره بصورة صريحة وبذلك يحتاج هذا النص الى تعديل بإضافة بعض الشروط او تدارك هذه المسألة بواسطة تعديل القانون الخاص بالجنسية العراقية .
ثانياً: كامل الأهلية وأتم الأربعين من عمره
من بين الشروط التي نصت عليها المادة 68 من الدستور العراقي هو أن يكون المرشح لمنصب رئيس الجمهورية كامل الأهلية أي أن يكون متمتعاً بالحقوق المدنية والسياسية والمقصود هنا بأن المرشح يكون صالحاً لمباشرة الحقوق وأداء الواجبات على الشكل الذي تحدده القوانين داخل الدولة وله القدرة على ذلك والأهلية هي أما أن تكون أهلية أدبية أو أهلية عقلية (5) والمشرع العراقي قصد في هذه الفقرة الأهلية العقلية وتعني سلامة الأشخاص من العاهات العقلية التي ممكن أن تصيب الإنسان كالجنون والغفلة والسفه, أما الاهلية الأدبية فقد أشار إليها المشرع العراقي في فقرة أخرى من المادة 68 لكن بصورة غير مباشر (6)
والمقصود بالأهلية الأدبية أن لا يكون الشخص قد ارتكب افعالاً جنائية تؤدي الى حرمانه من مباشرة الحقوق أي فاقد الأهلية الأدبية لا يحق له أن يرشح لمنصب رئيس الجمهورية(7)
اتفق فقهاء الشريعة والقانون على تقسيم الأهلية المدنية على أهلية وجوب وأهلية اداء, والمقصود بأهلية الوجوب ((هي صلاحية الإنسان لوجوب الحقوق المشروعة له وعليه أي صلاحية الشخص لاكتساب الحق له وعليه )) أما المقصود بأهلية الأداء فهي (( صلاحية المكلف لصدور الفعل عنه على وجه يعتبد به شرعاً )) والبعض يقول إنها (( صلاحية المكلف لصدور التصرف القولي لذلك يقولون إنها شرط لصحة التصرفات القولية دون الفعلية وبذلك تكون أهلية الأداء مقصورة على الاعمال القانونية وحدها لذلك يعرفونها بأنها ((صلاحية الشخص لمباشرة الأعمال القانونية على وجه يعتد به شرعاً)) ويرى البعض بأن أهلية الاداء تشمل الأعمال القانونية والمادية لذلك يعرفونها بأنها ((صفة تلحق بالشخص فتصبح أعماله منتجه لأثارها القانونية ولكن إن هذا القول محل نظر باعتبار أن الحقوق والالتزامات أما أن تنشأ بحكم القانون أو تنشأ نتيجة تصرف صادر من الشخص فالأولى مثل إرث فبالوفاة يكتسب المورث بقوة القانون أموال مورثه أما الحالة الثانية التي تصدر بإرادة الشخص فهي تنشأ بفعل القانون ايضاً ولكن بصورة غير مباشرة أي عمل مادي يصدر عن الانسان كالعمل الضار والعمل النافع وهذه الأعمال قد يريدها الإنسان أو لا يريدها أو قد يريد آثارها وقد لا يريدها وبذلك تكون هذا الآثار نتيجة رتبها القانون على حدوث أمر معين أي العمل المادي بقوة القانون فلا مجال للبحث عن أهلية الشخص لأداء هذا العمل يكون الشخص فاقداً للأهلية عندما تكون هنالك عوارض تدعى عوارض الأهلية وقد بينها القانون المدني وتارة تكون هذه العوارض مبطلة للأهلية وتارة أخرى تنقص الأهلية فالعوارض التي تبطل الاهلية في حالتي العته والجنون والعوارض التي تنقص الأهلية هي والسفه والغفلة .
- الجنون :- يعرف الجنون بأنه فقدان العقل واختلاله ويكون أما اصلي وعارض فالأصلي يولد به الانسان فيكون فاقد العقل والثاني يولد الإنسان ومعه أصل العقل ولكن تطرأ عليه آفة تفقده فيزول و الحالة الأولى تعامل معاملة الطفل غير المميز وبذلك تكون تصرفاته باطلة, أما الحالة الثانية فتصرفات الشخص بعد زوال الأفة تكون صحيحة (8) .
- العته : إن المعتوه هو البالغ القاصر وحكمه حكم الصبي العاقل والذي يجن مدة ويضيق مده وبذلك يعامل معاملة المجانين (9)
- السفة: تتمثل في حالة قيام الشخص بالتصرف بحالة في غير موضعه وبما يقتضيه العقل والحكمة منه وإن كان الانفاق على وجه الخير ولا يعد السفيه محجوراً عليه لذاته بل يجب أن يصدر قرار من المحكمة المختصة بهذا الشأن وإذا تم الحجر عليه اصبح في حكم الصبي غير المميز بحيث تصبح تصرفاته الدائرة بين النفع والضر تحتاج إلى إذن وليه أما تصرفاته قبل الحجر عليه فتعد صحيحة إلا إذا وضعت بطريقة الغش والتواطؤ مع من يتعامل معه و إذ عاد السفيه الى رشده ترفع عنه المحكمة أمر الحجر عليه .
- الغفلة : وتعني عدم الاهتداء إلى التصرفات الرابحة بسبب البساطة وسلامة القلب الأمر الذي
يؤدي إلى الغبن في المعاملات المالية ويطبق عليه ما يطبق على السفيه من أحكام (10) نلاحظ أن ما ذكر في أعلاه هي عوارض الأهلية أي يجب أن لا تكون هذه العوارض متوفرة في المرشح لشغل منصب رئيس الجمهورية في العراق وبذلك يكون الشخص كامل الأهلية والأهلية المقصودة الأهلية المدنية .
اما بخصوص تكملة الشرط في الفقرة ثانياً / 68 وهو إتمام سنة الأربعين من عمره أغلب الدساتير حددت سنة الاربعين فما فوق وأن سبب اشتراط هذا العمر كون الشاب تنقصه الخبرة وليس له تجربة وكذلك يتأثرون بسرعه فيكون عرضة للتأثير بعكس الإنسان الناضج المحنك الذي يكتسب الخبرة والقدرة على التصرف بعقل وحكمه وبسبب محاصرتهم للأحداث التي مرت بها البلاد وما نلاحظه أن المشرع قد ميز بين سن البلوغ المدني والسياسي وأن سبب هذا التميز يعود الى ابعاد الشباب عن الترشيح الى هذا المنصب (11) .
وكذلك يعد سن الاربعين هو سن اكتمال النضج العقلي والقدرة على تحمل المسؤولية الجسيمة التي تقع على عاتق رئيس الجمهورية ولعل سبب اجماع اغلب الدساتير على سن الأربعين وكذلك النص الوارد في دستور العراق لسنة 2005 مأخوذ أساسه من أحكام الشريعة الإسلامية والمصدر الاساسي لهذا هو القرآن الكريم إذ قال تعالى في كتابه في سورة (الاحقاف الآية /15) (حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ )) إن هذه الآية أكبر دليل على أن سن الاربعين هو سن اكمال القوة البدنية والعقلية حيث بلغ الرسول محمد (ص) بالرسالة في عمر الاربعين سنه حين نزول الوحي على نبينا محمد (ص) ولعل لهذا العمر حكمه, لأن الله سبحان وتعالى لا يختار شيئاً الا وفيه حكمة عظيمة (12) .
ونلحظ أن المشرع الدستوري في العراق كان موفقاً في تحديد سن الاربعين لغرض الترشيح لرئاسة الجمهورية ولكن المشرع لم يكن موفقاً بمسألة الأهلية حيث لم يبين تفاصيل أكثر عنها كان الأجدر بالمشرع أن يجعلها شرطاً منفصلاً عن العمر باعتبار أن الاهلية تعد من الشروط الرئيسة لصحة الترشيح .
ولم يحدد تمتع المرشح بالحقوق المدنية والسياسية وإنما اكتفى بكمال الاهلية فقط فإن الحقوق المدنية تكون مختلفة عن الحقوق السياسية (13) .
ثالثا ذا سمعة حسنة وخبرة سياسية ومشهودا له بالنزاهة والاستقامة والعدالة والاخلاص للوطن هذا الشرط نصت عليه الفقرة ثالثاً من المادة 68 من الدستور العراقي لعام 2005 وتضمنت هذا الفقرة ثلاثة شروط وهي :-
- السمعة الحسنة -: يعد هذا الشرط من الشروط الجوهرية الواجب توافرها في المرشح لمنصب رئيس الجمهورية فلا يتصور أن يتقدم شخص للترشيح لمثل هذا المنصب وهو سيئ يجب أن تكون سمعته حسنة أمام الناس ومعروف بتلك السمعة الحسنة وما نقصده بالسمعة الحسنة هو الانطباعات الطيبة والجميلة عن الإنسان أمام الناس فنقول هذا شخص ذا سمعة حسنة وإن اختلفت مقايس تلك السمعة من دولة الى أخرى حسب عادات وتقاليد الدول(14) .
ب-خبرة سياسية : إن موضوع الخبرة السياسية من المواضيع التي لها أهمية بالغة, ونرى أن المشرع العراقي أورد شرط الخبرة السياسية من ضمن الشروط الدستورية ولم يرد مثل هكذا شرط في بعض الانظمة الدستورية المقارنة (15) ومصطلح الخبرة هو مصطلح عام يدل على المعرفة أو المهارة أو قدرة الملاحظة ولكن بأسلوب فطري عفوي عميق وعادة يكتسب الإنسان الخبرة من خلال المشاركة في عمل معين أو حدث معين وغالباً ما يؤدي تكرار هذا العمل أو الحدث الى تعميق الخبرة واكسابها عمقاً اكبر لذلك نلاحظها دائماً مع كلمة تجربة وكلمة خبرة تترافق ايضاً مع الخبرة الاجرائية أي معرفة كيفية عمل شيء ما وليس مجرد معرفة خبرية (قولية) لذلك يصف الفلاسفة الخبرة أنها معرفة تجربيه أو معرفة بعدية وأن الخبرة السياسية يطلق على الشخص الذي يكتسب خبرة من التجارب السياسية حيث يعتبر عنصر الخبرة من أهم العناصر التي تنتج عن التجارب السياسية للأحزاب والتنظيمات السياسية التي تمارس العمل السياسي والحزبي وتشارك في تشكيلة مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية, وكذلك تعد الخبرة عنصراً اساسياً من عناصر بناء الوعي النظري واتخاذ الاجراء العلمي اللازم تجاه كل قضية إن كانت في حقل السياسة أو في طرق إدارة الشؤون العامة في الدولة (16).
يمكن تعريف الخبرة السياسية بأنها (( تراكم المعرفة المقرونة بالتجارب التي يكتسبها الشخص من عمله السابق والتي تولد لديه ملكه الفهم العام للمناخ السياسي وما يحركه من تجاذبات ومخططات من القوى السياسية داخل الدولة وخارجها وما تقوم به القوى الفاعلة والمؤثرة في صناعة القرار محليا ودولياً وما يتصل بها من تصرفات سياسية شعبية وصولاً إلى خلق شخصية قادرة على ممارسة النشاط السياسي وادارة الشؤون العامة )) (17)
يلاحظ أن المشرع الدستوري العراق يكاد يكون المشرع الوحيد الذي نص على شرط الخبرة السياسية ونرى أن غاية اللجنة التي كتبت الدستور العراقي كانت أن يكون الشخص الذي يرشح لمنصب رئيس الجمهورية منتمي الى حزب ما وأن يكون له ممارسات بخصوص مسألة الأحزاب والأمور السياسية ونلاحظ أن كل من (ج. ط ) و (هـ . ح) الذين شغلوا منصب رئاسة الجمهورية في العراق كانوا ينتمون الى احد الاحزاب المعروفة على مستوى الدولة.
ويرى الدكتور علي يوسف الشكري أن لجنة كتابة الدستور في العراق قد غالت بخصوص ذكر شرط الخبرة السياسية باعتبار أن هذه الشرط من الامور البديهية وشرط لابد منه فأساس منصب رئيس الجمهورية يقوم على الخبرة السياسية (18) .
عند الاطلاع على شرط الخبرة السياسية تبادر الى أذهاننا سؤال ما هو معيار هذا الخبرة السياسية وبالأخص المعيار الذي اراده المشرع الدستوري العراقي عند وضعه لهذا الشرط ؟
بالرجوع الى النصوص الدستورية في دستور العراق لسنة 2005 والقانون الخاص بأحكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية رقم 8 لسنة 2012 نجد أنه لا يوجد أي توضيح بخصوص أمر معيار تحديد الخبرة السياسية أو المدة الزمنية التي يجب أن يتمتع بها الشخص ليمتلك خبرة سياسية ويمكن ارجاع المسألة الى العامل المزاجي للكتل السياسي والقائمين عليها وبذلك هنالك نقص تشريعي بخصوص هذا الموضوع سواء على مستوى الدستور أو القانون الخاص بأحكام الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية ما أدى الى فتح باب الاجتهادات أمام وجود معايير غير دقيقة وخضوع للأمر للأهواء والمزاجيات السياسية غير المنضبطة فإذا وجد حزب أو تكتل سياسي أن مرشح ما لمنصب رئيس الجمهورية ليس لديه من الخبرة إلا خمس سنوات فبطبيعة الحال يعد خبيراً سياسياً وشخص آخر مستقل وله باع في العمل السياسي لمدة عشرين سنة فقد يتم الاعتراض عليه من قبل الكتل السياسي لمكونه لمجلس النواب العراقي بداعِ أن هذه المدة غير كافية لأن يكون الشخص خبيراً سياسياً وبذلك يكون الأمر في جميع أحواله خاضعاً للتوافق السياسي وهذا ما نراه على الواقع السياسي بالعراق منذ عام 2005 ولغاية الآن وتبقى مسألة الخبرة السياسي غير محددة النطاق وغير واضحة المعالم كونها لم تستند الى معيار معين فهي لم تحدد بالانتماء الحزبي مثلاً أو تقلد بعض المناصب الحكومية او الدولية او الحصول على مؤهل أكاديمي معين .
نرى أن مسألة المعيار الخاص بتحديد الخبرة السياسية هو عنصر مهم ومكمل للشرط, إن أي شخص يكتسب الخبرة بواسطة عمله بالمجال لأكثر من سنة فهذه المدة تكون كافية لتعلّم اساسيات العمل ولكن هذه المدة ليست كافية لاكتساب الخبرة برأينا إن مضي مدة 5 سنوات تعتبر مدة كافية لاكتساب الخبرة بخصوص الخبرة السياسية ممكن أن يضع المشرع اختصاص اكاديمي معين يكون جسر لاكتسابه الخبرة السياسية وكذلك ممكن ان يكون اشغال الشخص للمناصب مهمة في السلم الوظيفي أو مناصب حكومية عليا فالعمل بهذا المنصب يكسب الخبرة السياسية وخاصة بالعراق لأن اشغال هذه المناصب يتم بواسطة اشخاص ينتمون لأحزاب السياسية وكذلك يجب وضع مدة كافية من قبل المشرع بخصوص اكتساب هذه الخيرة لا ننكر أن المشرع العراقي كان صائباً بخصوص الإشارة إلى الى مثل هكذا شرط وذلك لأهمية هذا المنصب وتأتي اهمية هذا المنصب من خلال اختصاصات شاغل المنصب فالاختصاصات التي ذكرت بالدستور العراقي اختصاصات غاية بالأهمية لا وجود لها بالنظام البرلماني المقارنة .
- مشهود له بالنزاهة والاستقامة : اشترط الدستور العراقي شرط النزاهة والاستقامة, وتعد تلك الشروط من الشروط الخاصة التي ينبغي توفرها في المرشح لرئاسة الجمهورية .
إن المقصود بالنزاهة (مجموعة القيم المتعلقة بالصدق والأمانة والاخلاص في العمل والالتزام بالسلوك القويم بمبدأ تجنب تقارب المصالح ) ونعني بها إن الذين يتولون مناصب عليا عامة يجب أن يعلنوا عن أي نوع من تضارب المصالح التي قد تنشأ بين المصالح العامة ومصالحهم الخاصة حيث تتطلب النزاهة الذين يخدمون في الشأن العام أو العمل العام أن لا يكون تحت تأثير واغراء الأموال التي من الممكن أن تؤثر على أعمالهم (19)
والسؤال الذي يثار بخصوص مسألة النزاهة هو هل تعد النزاهة شرطاً من شروط شغل الوظيفة العامة بالعراق ام لا و ماهو السند القانوني بخصوص هذا المسألة ؟
بالرجوع الى شروط شغل الوظيفة العامة التي تمت الإشارة اليها في قانون الخدمة المدنية رقم 24 لسنة 1960 المعدل بالمادة (7) نجد أنه لا توجد أية اشارة الى مسألة النزاهة في هذه المادة ولكن بالرجوع الى تعليمات قواعد السلوك الخاصة بموظفي الدولة ومنتسبي القطاع المختلط رقم 1 لسنة 2006 الصادرة عن هيئة النزاهة حيث نصت المادة 1 من هذه التعليمات على أولاً) يلتزم كل موظف في دوائر الدولة والقطاع العام ومنتسبي القطاع المختلط بالتوقيع على قواعد السلوك الخاصة بموظفي دوائر الدولة والقطاع العام ومنتسبي القطاع المختلط وفق النموذج الملحق بهذه التعليمات عند التعين وتعد هذه القواعد شرطاً من شروط التعين (( نرى أنّ هذه التعليمات أضافت شرطاً آخر يتعلق بالتزام الموظف بقواعد ذكرت في ملحق القانون حيث نصت المادة 22 من القواعد على اداء) واجبات الوظيفة بكل امانة وكفاءة واخلاص وحرص على المصلحة العامة ولا تؤثر الالتزامات والنشاطات السياسية في حسن اداء الواجب الوظيفي )) وذكرنا سابقاً أ أن تعريف النزاهة يندرج ضمن قيمة متعلق بالأمانة والاخلاص والالتزام بالسلوك, لذلك نرى أن شرط النزاهة ذكر بهذه القواعد التي صدرت من هيئة النزاهة بذلك يكون هنالك اشارة ضمنية لشرط النزاهة والسند القانوني لذلك هو هذه التعليمات الخاصة بالسلوك الوظيفي (20)
أما المقصود بالاستقامة فأنها تعني الاخلاق الحميدة والفضيلة التي يتسم صاحبها بصدق القول والعمل وإن الشخص المستقيم ( كل شخص مستوي ليس فيه أي اعوجاج ) وتعني الاستقامة من الجانب القانوني (الالتزام بالقواعد القانونية المقررة وعدم العمل على مخالفتها) (21)
وكذلك ذكر هذا الأمر المتعلق بالاستقامة بالتعليمات المذكورة أعلاه بالنقطة 5 من التعليمات وبذلك تكون الاستقامة ايضاً شرطاً من الشروط الضمنية للتعيين لشغل الوظيفة العامة.
- العدالة :- أما المقصود بالعدالة تعني (دفع النفس على أن يحصل كل ذي حق حقه ) وأن فكرة العدالة ليست فقط الامتناع عن ايقاع الضرر بالآخرين بل لها معنى أعمق وأكثر أهمية تتمثل في تحقيق التوازن المستهدف تحقيقه بين مجموعة المصالح المتعارضة من أجل كفالة النظام اللازم لسكينة المجتمع وتقدمه وأن من أهم مقومات العدالة هي المساواة والحرية وتكافؤ الفرص(22)
- الاخلاص للوطن: - إن المقصود بالإخلاص للوطن أن يكون المرشح مخلصاً للوطن أي لا توجد لديه أي اتصالات مع جهات امنية وهذا الاتصالات ممكن أن تهدف إلى الأضرار بالمصلحة الوطنية ومن يكون متمتعاً بهذا الصفة لا يصلح ان يرشح الى منصب رئيس الجمهورية وتتجلى هذه الصورة في أن يكون الشخص يشعر بالانتماء للوطن ومخلصاً له ومدافعاً عنه ضد أي اعتداء (23) .
ونرى أن حب الوطن يندرج ضمن مفهوم المواطنة فالأشخاص الذين يتمتعون بهذه الخاصية هم الأكثر حرصاً على مصالح وطنهم فكثير من المواطنين يفضلون مصالحة الوطن على كل شيء حتى وإن كان وطنهم يحكمه حكام طغاة ولكن يبقى حب الوطن فوق كل شيء .
بعد الانتهاء من ذكر الشروط في الفقرة ثالثأن من المادة 68 من دستور العراق لسنة 2005 نرى أن بعض الشروط جاء متكرراً مثلا لو ذكر المشرع فقط النزاهة من دون الاستقامة والعدالة كان كافياً جداً باعتبار أن الاستقامة والعدالة تندرج من ضمن الأمور التي تتعلق بالنزاهة فالشخص النزيهة هو الشخص الذي يكون عادلاً ومستقيماً إن تكرار هذه العبارات لا داعي له وكذلك شرط السمعة الحسنة فلا يتصور الشخص نزيهاً من دون أن تكون له سمعة حسنة هنا نجد أن المشرع الدستوري قد أشار الى جملة من الشروط المكررة والتي ممكن اختصارها بكلمة النزاهة تغني عن السمعة الحسنة والاستقامة والعدالة.
رابعاً // غير محكوم بجريمة مخلة بالشرف: إن الفقرة رابعاً من المادة 68 من دستور جمهورية العراق اشترط على أن لا يكون المرشح لرئاسة الجمهورية محكوماً عليه بجريمة مخلة بالشرف وهذا يعني اشتراط توافر الاهلية الادبية اضافة إلى الاهلية العقلية الوارد ذكره في نفس المادة وتم التطرق اليها يجب أن لا يكون الشخص قد ارتكب فعلاً يؤدي الى حرمانه من الترشيح واستعمال المشرح مصطلحه جريمة للدلالة على انواع الجرائم سواء جناية أو جنحة أو مخالفة(24).
هنالك عدة جرائم اشار اليها قانون العقوبات العراقية رقم 111 لسنة 1969 المعدل تحت عنوان الجرائم المخلة بالشرف وحصرها بعدة جرائم حسب نص المادة 6/21 واشار الى كل من جرائم (السرقة والاختلاس والتزوير وخيانة الامانة والرشوة وهتك العرض )(25) أي يجب ان لا يكون الشخص المرشح لمنصب رئيس الجمهورية قد ارتكب إحدى هذه الجرائم .
إن المشرع الدستوري في العراق كان موفقاً في ذكر هكذا شرط على الرغم من أن هذا الشرط يتداخل مع شرط السمعة الحسنة وإن المشرع اقتصر على ذكر عبارة الجرائم المخلة بالشرف ولم يبين تفاصيلها, لأن قانون العقوبات وضح هذا الجرائم وحددها على سبيل الحصر .
_____________
1- جريدة الوقائع العراقية العدد 4012 بتاريخ 28/12/2005 ، ص 16.
2- جريدة الوقائع العراقية العدد 4019 في 2006/3/7
3- نرى بعض الانظمة الدستورية المقارنة اتجهت الى تضمن شرط الجنسية بصورة اكثر اهمية عندما اشترط الجنسية الاصلية للمرشح ولأبوين والزوج وهذا ما ورد في نص المادة 94 من الدستور الجزائري لعام 2020.
4- معروف غني الحمامي شرط الكفاءة في رئيس الدولة دراسة مقارنة، اطروحة دكتوراه في جامعة كربلاء كلية القانون، سنة 2020, ص 64 .
5- د. ساجد محمد الزاملي القانون الدستوري والمؤسسات الدستورية في العراق منشورات مكتبة دار السلام القانونية, العراق / النجف الاشرف 2023 ص 414
6- رائد حمدان عاجب المالكي, التداول السلمي لمنصب رئاسة الدولة دراسة مقارنة, رسالة ماجستير كلية القانون / جامعة بابل 2011, ص 85
7- د. علي يوسف الشكري الرئاسة الثلاثة في البلاد العربية بين التجديد والتقليد ط 2 الذاكرة للنشر والتوزيع ص130.
8- د. حسين النوري, عوارض الاهلية في الشريعة الاسلامية مع المقارنة بالشرائع الوضعية, ط1, مطبعة لجنة البيان العربي, القاهرة, 1954, ص 17 ، ص 50, ص 51 ص 52 ص 102.
9- مولود محمد ابراهيم, عوارض, الاهلية وتطبيقاتها الفقيه للشيح عبد الله السمرقندي (701) دراسة وتحقيق رسالة ماجستير في العلوم الاسلامية كلية العلوم الاسلامية 2022 ص 59.
10- د. حسين النوري, المصدر السابق ص 197.
11- د. علي يوسف الشكري الرئاسة الثلاثة في البلاد العربية بين التجديد والتقليد المصدر السابق ص 130.
12- د. رافع خضر صالح شبر وضع السلطة التنفيذية في النظام الفدرالي, مكتبة زين الحقوقية والادبية بيروت لبنان 2020 ص 38
13- إن المقصود بالحقوق المدنية هي حقوق ذات طابع مدني وتكون واسعة النطاق بعكس الحقوق السياسية فهي التي تمنح للإنسان بوصفه مواطناً وعضواً في الدولة وهذه الحقوق ترتبط بالجنسية غالباً منقول من الموقع الالكتروني, https://www.uoanbar.edu.iq تاريخ الزيارة 20/3/25
14- ايمن خليل شوكان الجبوري التنظيم القانوني للترشيح لمنصب رئيس الجمهورية في العراق /دراسة مقارنة رسالة ماجستير جامعة بابل كلية القانون 2023 . ص 12 ص13.
15- وبالرجوع الى دستور لبنان لعام 1926 المعدل نرى أن ليس من شروط اختيار رئيس الجمهورية وجود الخبرة السياسية وكذلك دستور الجزائر لعام 2020 لم يذكر شرط الخبرة السياسية, الدستور اللبناني, الجريدة الرسمية اللبنانية, العدد 1984 في 1926/6/25 : الدستور الجزائري لعام 2020 الجريدة الرسمية للجمهورية الجزائرية, العدد 82, 2020/12/10 .
16- د. رافع خضر صالح شبر المصدر السابق ص 39.
17- د. علي يوسف الشكري الرئاسة في البلاد العربية بين التجديد والتقليد, مصدر سابق ص131.
18- د. علي يوسف الشكري مصدر سابق ص131
19- الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة, النزاهة والشفافية والمساءلة في مواجهة الفساد ط كولاح للانتاج الفني 2016, ص 53, الموقع,, تاريخ اخر زيارة 2024/3/18. https://www.aman-palestine.org
20- جريدة الوقائع العراقية, تعليمات قواعد السلوك الخاصة بموظفي الدولة ومنتسبي القطاع المختلط رقم السنة العدد 4026 في 2006/9/28.
21- ايمن خليل شوكان مصدر سابق ص30.
22- ايمن خليل شوكان الجبوري المصدر السابق ص 30.
23- د. علي يوسف الشكري العلاقة بي قطبي السلطة التنفيذية في الدساتير العربية منشورات زين الحقوقية بيروت لبنان ص31
24- رائد حمدان عاجب المالكي, التداول السلمي لمنصب رئاسة الدولة دراسة مقارنة, رسالة ماجستير كلية القانون / جامعة بابل 2011 ص87
25- جريدة الوقائع العراقية قانون العقوبات رقم 111لسنة 1969 رقم العدد 1778 في 1969/12/15.

EN