الاتجاهات الحديثة لحركة الاستثمار الأجنبي المباشر
المؤلف:
د . عبد الرزاق حمد حسين الجبوري
المصدر:
دور الاستثمار الأجنبي المباشر في التنمية الاقتصادية
الجزء والصفحة:
ص99 - 101
2025-05-08
350
ثانياً: الاتجاهات الحديثة لحركة الاستثمار الأجنبي المباشر:
أتخذ عقد الثمانينيات سمة المرحلة الانتقالية في مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الدولي، والتي انعكست بصورة مباشرة على حركة رؤوس الأموال الدولية واتجاهاتها العالمية، فعلى الرغم من استمرار تزايد الاستثمارات الأجنبية المباشرة على الصعيد العالمي من الناحية الاسمية، إلا ان نصيب البلدان النامية النسبي من إجمالي التمويل الدولي أنخفض من (20%) عام (1970) الى حوالي (10%) عام (1980) ، ويرجع ذلك إلى ان البلدان النامية لم تشجع الاستثمار الأجنبي المباشر على أساس ان الشركات متعددة الجنسية ستجني أرباحاً طائلة على حساب التنمية الاقتصادية الوطنية، بالإضافة الى انه كان هناك عرض كبير للإئتمانات المصرفية التي أدت إلى مزاحمة هذا الاستثمار (1).
إلا إن هذه المواقف تجاه الاستثمار الأجنبي المباشر بدأ بالتغير، حيث ارتفعت الأهمية النسبية للاستثمارات الأجنبية المباشرة وغير المباشرة في البلدان المتقدمة والنامية على السواء، بعدها المصدر الحيوي للتدفقات المالية الدولية واستعادت مكانتها السابقة بل وصارت البديل للاقتراض الخاص بعد أزمة المديونية الخارجية، وحصل ذلك نتيجة لتبني العديد من البلدان النامية لسياسات الانفتاح الاقتصادي، والإصلاح الهيكلي، وتحرير البيئة الاقتصادية وسياسات تشجيع جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة اليها (2).
وفي غضون ذلك، صار الاستثمار الاجنبي المباشر انتقائياً للمكان الذي يذهب اليه، بسبب ظهور فوائض مالية كبيرة تبحث عن الاستثمار والتوظيف خارج حدودها، ففي عام (1983) اتجه (32%) من أجمالي الاستثمار الاجنبي المباشر عالمياً الى الولايات المتحدة الأمريكية و (30%) الى غرب أوربا و (8%) الى استراليا واليابان وجنوب أفريقيا وكندا، بينما حصلت البلدان النامية على (30%) من أجمالي التدفقات موزعة توزيعاً غير متساوي بدرجة كبيرة، فقد تركزت على عدد قليل من البلدان، بينما لم تتلقى الأغلبية الساحقة من البلدان النامية شيئاً يذكر (3).
أما في منتصف عقد الثمانينيات وبعد تحول الاستثمار الأجنبي المباشر من مصدر هامشي نسبياً من المصادر الأجنبية اللازمة لتمويل التنمية الاقتصادية في البلدان النامية الى مصدر مهم استطاع ان يحل محل المصادر التقليدية مثل المنح والقروض الرسمية وغيرها، واعتماداً على إحصائيات البنك الدولي أرتفع صافي التدفقات الطويلة الاجل من الدول الصناعية المتقدمة الى البلدان النامية من (68.8)
مليون دولار سنوياً في المتوسط أثناء المدة (1982-1986) الى (72.9) مليون دولار خلال المدة (1987 ـ1991) ، بينما أرتفع في المدة نفسها الاستثمار الاجنبي المباشر بأكثر من الضعف من حوالي (10) مليار دولار الى ما يقارب (23) مليار دولار، وبذلك ارتفعت نسبة الاستثمارات الأجنبية المباشرة الى أجمالي التدفقات الصافية من 14.3%) إلى (31.5%) (4).
وفي الولايات المتحدة الأمريكية كان متوسط التدفق السنوي الوارد إليها أثناء المدة (1985 - 1990) أكبر بمقدار خمس مرات ما كان عليه في المدة (1980-1975)، حيث بلغت الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إليها في عام (1989) ذروتها عندما زادت عن (70) مليار دولار (5).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عبد الكريم كامل أبو هات وعبد الكريم جابر شنجار (مصادر التمويل الدولي ودورها في ظاهرة التحويل العكسي لموارد الدول النامية) مجلة القادسية للعلوم الادارية والاقتصادية، المجلد الأول ، العدد الأول ، كلية الادارة والاقتصاد جامعة القادسية، 2004، ص 11.
(2) باسل البستاني ، (تمويل التنمية البشرية في الوطن العربي) سلسلة دراسات التنمية البشرية (3) الأمم المتحدة، نيويورك، 1996، ص7.
(3) ستار جبار خليل (أهمية الاستثمار الاجنبي ودوره في عملية التنمية الاقتصادية) مجلة دراسات وبحوث الوطن العربي، العدد (15) مركز دراسات وبحوث الوطن العربي الجامعة المستنصرية، 2004 ص 29.
(4) سعيد النجار (آفاق التنمية العربية في التسعينات: القضايا الأساسية) ندوة آفاق التنمية العربية في التسعينات، تحرير سعيد النجار، الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي وصندوق النقد العربي، البحرين 1-3 شباط ، 1993، ص 20.
(5) - راشيل ماكولوتش (الاستثمار الاجنبي المباشر في الولايات المتحدة) مجلة التمويل والتنمية المجلد (30) ، العدد (1) مارس 1993 ، ص 13 .
الاكثر قراءة في الاستثمار ودراسة الجدوى الأقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة