أثر الاستثمار الأجنبي المباشر على نقل التكنولوجيا
المؤلف:
د . عبد الرزاق حمد حسين الجبوري
المصدر:
دور الاستثمار الأجنبي المباشر في التنمية الاقتصادية
الجزء والصفحة:
ص79 - 81
2025-05-07
465
3 ـ أثر الاستثمار الأجنبي المباشر على نقل التكنولوجيا:
إن التكنولوجية لا تتضمن العمليات العلمية فحسب بل تشتمل على المعارف والخبرات والمهارات اللازمة لتصنيع منتج معين، وإن تطور المستوى التكنولوجي عنصر هام للعملية الإنتاجية، وصارت بذلك التكنولوجيا أهم عناصر الإنتاج، ولقد ساهم التقدم التكنولوجي في تحسين مستوى المعيشة في البلدان النامية بما يتراوح بين (70%ــ 75%)(1). حيث تقوم الشركات متعددة الجنسية بتوفير احتياجات الشركات المحلية من الآلات والمعدات ذات المستوى التكنولوجي بشروط ميسرة مما يتيح للشركات المحلية فرصة إنتاج السلع بالمواصفات العالمية، وحتى إذا توقف تدفق رأس المال الأجنبي أو تغيرت اتجاهاته فإن نقل التكنولوجيا وأثرها على الاقتصاديات المضيفة سيستمر (2).
إن دور الاستثمار الأجنبي المباشر في نقل التكنولوجيا صـار أولوية مــن أولويات صانعي القرار في البلدان النامية، فقد عمدت هذه البلدان إلى تحرير أنظمتها الخاصة لنقل التكنولوجيا لتصير أكثر إنتقاءاً وملائمة لظروفها الاقتصادية، كما سعت إلى زيادة قدراتها الاستيعابية لتوطين التكنولوجيا المنقولة، وزيادة الروابط بين الشركات الأجنبية وفروعها وبين الشركات المحلية، ويمكن القول أن تحديد مدى ملائمة التكنولوجيا الجديدة لاقتصاد البلد المضيف تمليه قدراته وخصائصه ومميزاته النسبية، فمثلاً إذا كانت الدولة تتميز بفائض في الأيدي العاملة وتعاني من البطالة، فإنها ستلجأ إلى الصناعات كثيفة العمل، أما إذا اتصفت بندرة في الأيدي العاملة فإنها تتجه نحو الصناعات كثيفة رأس المال (3).
إن الروابط الأمامية والخلفية بين الشركات الأجنبية والشركات المحلية لها آثار مختلفة، فقد بينت دراسة حديثة لـ ( لايتكن) وهاريسون) في عام (1991) أن التأثيرات المتحققة عن الروابط الأمامية أكثر فائدة للدول المضيفة عن مثيلاتها الناتجة عن الروابط الخلفية، لأن الروابط الأمامية لها القدرة على جلب التكنولوجيا والمعرفة التسويقية أكثر من الروابط الخلفية، مما يوحي بأن الشركات التابعة التي تقوم بإنتاج السلع الوسيطة أكثر فائدة للبلدان المضيفة من تلك التي تنتج السلع النهائية خصوصاً إذا كان إنتاج السلع النهائية لأغراض الاستهلاك المحلي (4).
كما إن للشركات متعددة الجنسية دور في زيادة كفاءة استخدام التكنولوجيا المتوافرة وتكييفها مع الظروف المحلية معتمدة على الخبرات التي حصلت عليها من تجاربها في بلدان نامية أخرى، وفي حالات معينة تلجأ هذه الشركات إلى فتح مراكز محلية للبحث والتطوير، وتطوير تقنياتها بما يتلائم ونمط الاستهلاك السائد، كما يمكنها تحفيز الكفاءات التقنية في الشركات المحلية بتقديم المساعدات وزيادة حدة المنافسة (5).
وثمة مشكلتان تواجه عملية نقل التكنولوجيا إلى البلدان النامية، الأولى تتمثل بمدى ملائمة التكنولوجيا التي توفرها الشركات متعددة الجنسية لظروف البلد والثانية تتعلق بالكلف التي تتحملها هذه الشركات مقابل نقل هذه التكنولوجيا من قبل مراكز البحث والتطوير في البلدان المتقدمة (6).
وتذهب بعض الدراسات إلى القول أن التكنولوجيا المتطورة قد وجدت في الأساس لتناسب ظروف اقتصاديات البلدان المتقدمة، وهي اقتصاديات ذات كثافة رأسمالية لوفرته فيها، وقلة تكلفته النسبية. وأن الأيدي العاملة هناك لها القدرة على تشغيل وإدارة هذه التقنية لأنها هي التي اخترعتها وطورتها، كما أن النقل الأفقي للتقنية يؤدي إلى تدمير بعض الصناعات التقليدية واستغلال الأيدي العاملة الرخيصة، وبذلك أبقت الشركات متعددة الجنسية التكنولوجيا المتطورة تحت سيطرتها لتعظيم أرباحها وليس بهدف خدمة وتحقيق التنمية الاقتصادية في البلدان النامية (7).
كما إن الشركات متعددة الجنسية قد لا توجه استثماراتها إلى القطاعات الاقتصادية بشكل يساهم في معالجة الخلل الهيكلي لاقتصاديات البلدان النامية عن طريق استخدامها للتكنلوجيا المتطورة، مما يؤدي إلى قيام قطاعات اقتصادية متقدمة نسبياً من الناحية التقنية والإدارية متمثلة بفروع الشركات الأجنبية مقارنة بقطاعات أخرى متخلفة تكنولوجياً، متمثلة بالشركات المحلية، وتتجه عادة استثمارات الشركات الأجنبية نحو قطاع الصناعة الإستخراجية من أجل استغلال الموارد الطبيعية في البلاد النامية وتوجيهها إلى البلد الأم دون القيام بأي عملية تصنيعية داخل هذه البلدان، وبالتالي محدودية تطوير قطاع الصناعة التحويلية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عباس جبار الشرع (دور) الاستثمار الأجنبي المباشر في حركة التصنيع العربي: دراسة للجانب الايجابي للاستثمار الأجنبي المباشر)، مجلة العلوم الاقتصادية، المجلد (5) العدد (17) جامعة البصرة، كانون الثاني 2006، ص 44.
(2) Mahamad EL - Erian & Mahmoud El - Gamal . op.cit. p 2.
(3) عبد الله حمد السلامة، (الاستثمار الأجنبي المباشر والدول النامية دراسة نظرية وتطبيقية) ، ندوة الاستثمار الأجنبي الخاص في المملكة العربية السعودية: الحوافز والمعوقات، معهد الدراسات الدبلوماسية، الرياض، 24-25 نوفمبر، 1997، ص 180-181 .
(4) محمد العريان ومحمود الجمال، مصدر سابق، ص46.
(5) الانكتاد (تقرير الاستثمار العالمي: الاستثمار الأجنبي المباشر وتحديات التنمية (1999) استعراض عام الأمم المتحدة، نيويورك وجنيف، 1999، ص 39.
(6) صلاح عبد الحسن وهناء عبد الغفار (الاستثمارات الأجنبية..... المسوغات والأخطار) حلقة نقاشية، بيت الحكمة، سلسلة المائدة الحرة (25) ، بغداد ، شباط 1998، ص40.
(7) نعمان عباس ندا وآخرون العولمة، وانعكاساتها على التنمية في الدول النامية، مجلة جامعة تكريت للعلوم الإنسانية، المجلد (13)، العدد (5) ، جامعة تكريت ، حزيران 2006، ص 140 .
الاكثر قراءة في الاستثمار ودراسة الجدوى الأقتصادية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة