مسؤولية التكلم بغير ما يعلم
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص191-193.
2025-05-07
508
مسؤولية التكلم بغير ما يعلم
قال تعالى : {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء: 36].
قال علي بن إبراهيم في قوله تعالى : {وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ } : لا ترم أحدا بما ليس لك به علم .
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : « من بهت مؤمنا أو مؤمنة أقيم في طينة خبال ، أو يخرج ممّا قال » « 1».
وقال الصادق عليه السّلام في معنى طينة خبال : « صديد يخرج من فروج المومسات » « 2 ».
وقال أبو عبد اللّه عليه السّلام - في حديث طويل - : « وفرض على السمع أن يتنزّه عن الاستماع إلى ما حرّم اللّه ، وأن يعرض عمّا لا يحلّ له ممّا نهى اللّه عزّ وجلّ عنه ، والإصغاء إلى ما أسخط اللّه عزّ وجلّ ، فقال في ذلك : {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ } [النساء : 140] ، ثم استثنى اللّه عزّ وجلّ موضع النسيان ، فقال : {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام : 68] ، وقال : {فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 17، 18] ، وقال عزّ وجلّ : {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ} [المؤمنون: 1 - 4] ، وقال : {وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ } [القصص : 55] ، وقال {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا } [الفرقان: 72] فهذا ما فرض اللّه على السّمع من الإيمان أن لا يصغي إلى ما لا يحلّ له وهو عمله ، وهو من الإيمان.
وفرض على البصر أن لا ينظر إلى ما حرّم اللّه عليه ، وأن يعرض عمّا نهى اللّه عنه مما لا يحلّ له ، وهو عمله ، وهو من الإيمان ، فقال تبارك وتعالى : {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ } [النور: 30] فنهاهم أن ينظروا إلى عوراتهم ، وأن ينظر المرء إلى فرج أخيه ، ويحفظ فرجه أن ينظر إليه ، وقال : {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31] من أن تنظر إحداهنّ إلى فرج أختها ، وتحفظ فرجها من أن ينظر إليها - وقال - كلّ شيء في القرآن من حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية ، فإنّها من النظر.
ثمّ نظم ما فرض على القلب واللسان والسمع والبصر في آية أخرى ، فقال : {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ } [فصلت : 22] يعني بالجلود الفروج والأفخاذ ، وقال : {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء : 36] فهذا ما فرض اللّه على العينين من غضّ البصر عمّ حرّم اللّه عزّ وجلّ ، وهو عملهما ، وهو من الإيمان » « 3 » . والحديث طويل.
وقال الحسن « 4 » بن علي عليهم السّلام : « قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : إنّ أبا بكر مني بمنزلة السّمع ، وإنّ عمر منّي بمنزلة البصر ، وإن عثمان منّي بمنزلة الفؤاد - قال - فلمّا كان من الغد دخلت عليه وعنده أمير المؤمنين عليه السّلام ، وأبو بكر ، وعمر ، وعثمان فقلت له : يا أبت ، سمعتك تقول في أصحابك هؤلاء قولا ، فما هو ؟ فقال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : نعم ، ثمّ أشار بيده إليهم ، فقال : هم السمع والبصر والفؤاد ، وسيسألون عن ولاية وصيّي هذا ، وأشار إلى عليّ بن أبي طالب عليه السّلام . ثمّ قال : إن اللّه عزّ وجلّ يقول : {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء : 36] ثمّ قال صلّى اللّه عليه وآله وسلّم : وعزّة ربي إن جميع أمّتي لموقوفون يوم القيامة ، ومسؤولون عن ولايته ، وذلك قول اللّه عزّ وجلّ : {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات : 24] » « 5 ».
______________
( 1 ) تفسير القمي : ج 2 ، ص 19 .
( 2 ) الكافي : ج 2 ، ص 266 ، ح 5 .
( 3 ) الكافي : ج 2 ، ص 28 ، ح 1 .
( 4 ) في « ط » : الحسين .
( 5 ) معاني الأخبار : ص 387 ، ح 23 .
الاكثر قراءة في قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة