الاهمية الاقتصادية لأمراض النبات والخسائر الناتجة عنها

إن الخسائر التي تتسبب عن امراض النبات بصورة عامة يمكن تقسيمها الى قسمين:

1- خسائر مباشرة وتشمل:

أ- تلف البادرات كما في امراض موت البادرات.

ب- موت النبات بالكامل كما في امراض الذبول والخناق.

ج- موت أجزاء من النبات المصاب كما في امراض التبقع.

د- انخفاض القيمة التجارية للمحصول كما في امراض جرب التفاح والجرب المسحوقي في البطاطا.

هـ- تعفن المحاصيل الزراعية في المخازن بسبب فطريات التعفن والبكتريا.

و- التأثير السام الذي يحدث للإنسان والحيوان من اكل ناتج محصول من نباتات مصابة كما في مرض الاركوت الذي يصيب الحنطة وبعض الفواكه المتعفنة.

2- خسائر غير مباشرة وتشمل:

أ - تكاليف مكافحة الامراض كالرش والتعفير وغيرها.

ب - تكاليف مسح الامراض النباتية في الحقول والمزارع.

ج - تكاليف مكافحة وإزالة العوائل الأخرى للمسببات المرضية كالحشائش ونباتات الادغال الأخرى.

د - تكاليف الأبحاث التي تجرى للتوصل الى أفضل الطرق لمكافحة امراض النبات.

هـ - تكاليف الحجر الزراعي الكمركي لمنع دخول النباتات المصابة وأجزاءها.

لقد ذكرت الدراسات والإحصائيات حول التزايد المنتظر لعدد السكان وعن انتاج الغذاء الحالي في مجالاته المختلفة اذ يجب ان تزيد من معدله الحالي في الإنتاج بنسبة 300% حتى يمكن الاستجابة لمتطلبات السكان عام 2030، فمعنى هذا اننا لكي نبلغ هذا المعدل من الزيادة يجب ان نطور من اساليبنا في الزراعة وندرس المعوقات التي تقلل الخسارة الى اقل حد ممكن.

كان لانتشار بعض امراض النبات بصورة وبائية آثاراً هامة مختلفة على اقتصاديات الإنسان وقدر إثر بعضها على الأوضاع السياسية والاجتماعية لبعض الشعوب ، فقد كانت إصابة زراعات البطاطا في أنحاء أوربا بحالة وبائية بمرض اللفحة المتأخرة في الحقبة من (1845-1860) سبباً في ظهور مجاعات أدت في ايرلندا مثلاً الى موت مليون شخص من السكان والى هجرة مليون شخص آخرين وترك حقولهم. هذا وقد عزى البعض هزيمة الالمان في الحرب العالمية الأولى (1918 - 1914) الى تأثير التغلبات الغذائية والاقتصادية كنتيجة للإصابة الشديدة لزراعة البطاطا خلال الحرب بمرض اللفحة المتأخرة.

صور تظهر المجاعة الأيرلندية بعد إصابة محاصيل البطاطا بمرض اللفحة المتأخر تظهر الصور امرأة تقاتل من أجل الوجود بعد المجاعة (أخبار لندن في 22 كانون الأول 1849).

ان الفطريات تعتبر من اهم الكائنات التي تهاجم الموارد الغذائية المخزونة وغيرها ففي الحرب العالمية الثانية فسد ما يقارب من 50% من الموارد المرسلة للجيوش في المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية من موارد غذائية وملابس ومصنوعات جلدية وشموع، ومواد عازلة للأسلاك الكهربائية، وأصباغ الخ. بسبب مهاجمة الفطريات لها وجعلها في حالة غير صالحة للاستعمال فمثلاً وجدت سلالات من الفطر Cladosporium herbarum الذي يهاجم اللحوم في الثلاجات ويسبب فسادها ويمكنه النمو على درجة حرارة تحت الصفر المئوي .

ان مومياء الملك رمسيس الثاني التي ظلت ألاف السنين بلا فساد بدأت تعاني التحلل وقدر أظهرت الدراسات الحديثة عن وجود ما يزيد عن 60 نوعاً من الفطريات بها. ولم تتمكن البكتريا من التأثير فيها، وهي تعالج الان بالكوبلت المشع للقضاء على الفطريات في داخلها.

ان للفطر Claviceps purpurea أهمية كبيرة ، فعند اختلاط الاجسام الحجرية التي يكونها مع بذور الحنطة، وبالتالي بالطحين الناتج يؤدي التغذي على الخبز الملوث ما يسمى بالتسمم الاركوتي Ergotism ومن اعراضه تقلصات الجهاز العصبي، والتشنجات والتخلف العقلي وحالات الإجهاض بالنسبة للنساء الحوامل. ففي عام 1944 أدى هذا المرض الى موت أربعين ألف نسمة، وفي عام 1722 أصاب التسمم فرسان القائد القيصر بيتر العظيم Czar peter the great ليلة المعركة ضد الاتراك وأدى ذلك الى خسارة المعركة وتغير مجرى التاريخ وهناك امثلة متعددة من حالات التسمم والحوادث التي سببتها الفطريات.

ثمة عدد كبير من الفطريات السامة التي تنمو في الأغذية ولاسيما الحبوب، والتي تفرز مواد سامة تؤثر على صحة الانسان والحيوان كالفطر Aspergillus flavus والذي يفرز مادة Aflatoxin السامة، اذ ان بعض الفطريات والمواد السامة التي تفرزها والتي تسبب امراض للإنسان والحيوان ومن أهمها تكوين اورام سرطانية خاصة في الكبد والكلى كالتهاب الكلى وزيادة التبول، فقدان الوزن والضعف، النزف الدموي داخل الانسجة المختلفة الإجهاض او نشوء الاجنة وخاصة في الابقار، تشنج الاعصاب والام المفاصل، طفح وأكزما جلدية واحياناً يؤدي التأثير السام الى موت الانسان أو الحيوان.

ان انتشار بعض امراض النبات أدى الى تغير زراعة بعض المحاصيل في أماكن كثيرة ومثال على ذلك ان جزيرة سيلان كانت تزرع البن كمحصول رئيسي إلا ان اصابته بمرض الصدأ قضى على هذا المحصول في تلك المنطقة ولعدة مرات. مما ادى الى استبداله بالشاي الذي أصبح المحصول الرئيسي بها.

اما في استراليا فقد قدرت خسارة الحنطة الناتجة من تأثير مرض صدأ الساق حوالي 270 ألف طن، وهذه الكمية تكفي لتغذية ثلاثة ملايين نسمة لمدة عام واحد.

توصف الاضرار التي تسببها الامراض الفيروسية والخسائر الناتجة عنها كبيرة جداً منذ القدم. ففي عام 1775 اشتد مرض التفاف وتجعد أوراق البطاطا بشكل وبائي أثر على المحصول تأثيراً سلبيا الى حد ان بلداناً كثيرة عدلت عن زراعة البطاطا. وان مرض انتفاخ البراعم بأشجار الكاكاو Swallen shoot في ساحل الذهب بأفريقيا، أدى الى موت حوالي مليون شجرة عام 1939، وفي الاعوام (1939-1945) أدى الى موت خمسة ملايين شجرة في كل سنة ومن (1945-1948) مات سنوياً حوالي 15 مليون شجرة وان فيروس التدهور السريع في الحمضيات في Citrus trestaza virus أصاب مزارع الحمضيات في كثير من مناطق زراعتها وسبب موت سبعة ملايين شجرة في ولاية سان باولو بالبرازيل في مدة اثني عشر عاماً، وهي تمثل حوالي 75% من أشجار الولاية.

ان مرض البيوض على النخيل مهم في كثير من مناطق زراعة النخيل في العالم. وهو من الامراض الوبائية السريعة العدوى، والخسائر الناتجة عنه تكون كبيرة جداً، كما هو موجود في بعض الأقطار العربية كالمغرب والجزائر وموريتانيا حيث سبب هذا المرض موت أكثر من عشرين مليون نخلة.

إذا لاحظنا خسائر المنتجات النباتية جراء الامراض تصل تقريباً الى 94% من مجموع الإنتاج الغذائي في العالم على أساس الوزن الجاف، وان الغذاء الحيواني يتوقف انتاجه على الإنتاج النباتي، فمن هنا تأتي أهمية الحفاظ على النباتات من الناحية الاقتصادية ورعايتها اللازمة المؤدية الى زيادة انتاجها ومن هنا تأتي ايضاً معرفة مقدار الخسائر الناتجة من الإصابة بالأمراض النباتية أيضا ، وذلك لتبيان أهمية المرض ومن ثم العمل على إيجاد أفضل طريقة للتقليل من الخسائر.

من المعروف جيداً ان امراض النبات تأخذ سنوياً ضريبة من دخل الفلاح وجهده قد تكون عالية جدا في بعض المناطق. فتأثير الامراض في العالم ككل يؤدي بخسارة تقدر 20-25 % من الناتج السنوي، وفي الدول النامية والفقيرة نجد أن نسبة الخسارة اعلى مما ذكرت سابقاً. اما في العراق والدول العربية فإن نسبة الخسارة هي نفس النسبة العامة تقريباً او اقل اذ لا توجد احصائيات دقيقة عن الخسارة الناتجة عن امراض النبات. إلا ان بعضها في العراق تسبب خسائر واضحة فمرض اسوداد ساق التفاح واسع الانتشار في معظم بساتين التفاح في العراق ويؤثر تأثيراً كبيراً على كمية المحاصيل ونوعيته ويؤدي احياناً الى موت كلي للشجرة المصابة. ففي محافظة ديالي كانت نسبة الإصابة بالمرض 53 % على الصنف عجيمي، وفي بعض البساتين التي تكون العناية بها قليلة قد تصل نسبة الإصابة الى 100% وخاصة على الأصناف الحساسة كالصنف ( عجيمي ) . مرض خياس طلع النخيل المتسبب عن الفطر Mauginiella scaettae من الأمراض ذات الأهمية الاقتصادية، غير ان الضرر الناتج عنه لا يكون كبيراً في السنوات الاعتيادية ولكن في سنة 1949 ظهر المرض بدرجة كبيرة حتى بلغت نسبة الإصابة 80% كذلك ظهر في العراق ولأول مرة عام 1977 خياس طلع النخيل المتسبب عن الفطر .Fasarium sp في محافظة النجف ووجد ان نسبة الإصابة بالفطر بلغت 13.3 % وللفطرM. scaettae  %74,6 ونسبة مختلطة من كليهما 11,83% من الطلع المصاب.

قد يسبب مرض التدهور النيماتودي البطيء على الحمضيات خسائر تزيد عن 25% ، وأمراض تعقد جذور الخضروات تعتبر من الامراض الهامة جداً في القطر وخاصة على الطماطة والباميا والتبغ والباذنجان والقرعيات وغيرها. ففي الطماطة مثلاً تقدر الخسارة الناتجة من الديدان الثعبانية بحوالي 10% من الناتج والقرعيات 5% اما تأثير الديدان الثعبانية في التبغ فقد بلغ اعلى نسبة إصابة في محافظة دهوك 100% وفي محافظة السليمانية 77%.

اما مرض موت بادرات البنجر السكري فيسبب خسائر سنوية تزيد على 22%، ويسبب مرض تعفن جذور البنجر السكري خسائر تزيد عن 14% من الناتج بناءاً على الدراسات التي اجريت في مشروع المسيب الكبير. ومرض عفن ساق الرز يسبب خسائر تزيد عن 40% من الناتج بناءاً على الدراسة التي أجريت على هذا المرض في مختلف مناطق زراعة الرز في العراق.

تبين من نتائج مسح مرض التفحم المغطى على الحنطة في محافظة نينوى عام 1975 ان نسبة الإصابة بالمرض على الصنف صابريك تتراوح بين 20-30% في حالة الإصابة الشديدة في الحقول المزروعة ببذور غير معقمة ضد المرض، ومقدار الخسارة الناتجة عن هذا المرض في الصنف المذكور تبلغ 40633 طناً. ولو فرضنا ان سعر الطن الواحد 40 دينار في تلك الحقبة كانت الخسارة الناتجة 1.625320 دينار وهو مبلغ كبير آنذاك، فمن هنا تتضح أهمية المرض.

ان مرض تعقد الزيتون المتسبب عن البكتريا Pseudomonas savastanoi في المنطقة الشمالية من العراق ولاسيما في محافظتي نينوى وكركوك، ويسبب هذا المرض خسارة اقتصادية في عدد الثمار تصل الى 69,68 % بالنسبة للأشجار المصابة. هناك امراض حديثة العهد في العراق كمرض الذبول الفرتسلي الموجود حالياً في المنطقة الشمالية من القطر وخاصة في محافظة نينوى ويسبب خسائر سنوية بحدود 5-35 % اما في البيوت الزجاجية والبلاستيكية، فتوجد امراض مهمة وبدأت أهميتها تزداد سنة بعد الأخرى. فالطماطة والقرعيات تصاب بتعفن الجذور المتسبب عن شبه الفطر Phytophththora sp الذي يسبب خسائر كبيرة فقد يؤدي الى موت النباتات قبل إثمارها او تموت النباتات قبل نضج الثمار. وتصاب الطماطة بمرض اللفحة المبكرة أيضا والتبقع الكلادوسبوري ، اللذين يؤثران في كمية الحاصل ونوعيتها، كذلك مرض البياض الدقيقي على القرعيات أصبح من الامراض الشائعة ان الامراض السابقة في البيوت الزجاجية والبلاستيكية من المشاكل المهمة وتسبب خسائر سنوية كبيرة وتوجد حالياً دراسات على تلك الامراض للتقليل من تأثيرها على الإنتاج.

يعد مرض تعفن الجذور والذبول الناجم عن Monosporascus cannonballus من أهم أمراض القرعيات في العديد من دول العالم، بما في ذلك الدول العربية وتقدر الخسائر بنسبة تفوق 50% في عديد المناطق المنتجة للقرعيات.

لا تزال آفة اللفحة المتأخرة التي تصيب البطاطا هي العامل الرئيس الذي يحد من الإنتاج في بعض الدول العربية. ويمكن أن يؤدي هذا المرض إلى خسائر كبيرة تصل إلى 90%.

مواضيع ذات صلة

تاريخ تطور علم امراض النبات

علم امراض النبات plant pathology (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)

المرض النباتي Disease (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)

المسبب المرضي Pathogen (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)

القدرة المرضية Pathogenicity (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)

الطاقة اللقاحية Inoculum Potential (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)

العائل Host (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)

المتطفلات Parasites (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)

مصدر الإصابة Cause of infections (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)

العلامات المرضية Disease Sings (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)

فترة حضانة المرض النباتي Latent Period (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)

الاعراض المرضية التي تظهر على النبات Disease Symptoms (مصطلحات مهمة بشأن امراض النبات)