x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
اهتزاز المبادئ الأخلاقية
المؤلف: محمد تقي فلسفي
المصدر: الأفكار والرغبات بين الشيوخ والشباب
الجزء والصفحة: ص 265 ــ 270
2024-10-08
255
إن الفكرة الخاطئة المبنية على أساس الأخلاق النسبية قد هزت قواعد الكثير من الصفات الحسنة والسجايا الإنسانية التي تمثل جذور سعادة الإنسان الفردية والإجتماعية، كما أفرغها من أية قيمة لفضائل الأخلاق. وقد أشاع هذا التصور الباطل الإباحية، والإندفاع في الشهوات، وهي منشأ شقاء الإنسان ومنبع الفساد للجيل الجديد، كما أنها أزالت قبح الأخلاق السيئة.
لقد كانت قضية الخير والشر ومعرفة الأخلاق الحسنة والسيئة، في الماضي، تبحث بين الفلاسفة والمتكلمين والعلماء الآخرين، وكذلك كانت تتناولها الكتب العلمية بالبحث والتحليل، ولكن نتيجة الثورة الصناعية والانقلاب الذي حصل في الأخلاق الإجتماعية، فإن مسألة نسبية الأخلاق جذبت الإهتمام، وأخذت تدرس في الكتب التربوية والأخلاقية، وكتب علم الإجتماع والنفس باستفاضة.
والمقصود بالأخلاق النسبية هو أن الخير والشر في الأخلاق ليسا شيئاً مطلقاً وثابتاً، بل شيء يتغير مع اختلاف شروط البيئة واختلاف الزمان والمكان.
الأخلاق ومتطلبات الزمان:
(يقول صموئيل كينغ - إن أفكارنا حول الخطأ والصواب تتعلق بالآداب والتقاليد والسنن المتداولة، وطبقاً لقول ـ سمنر ـ إن الآداب والتقاليد الإجتماعية بإمكانها أن تظهر الخطأ على أنه صواب، وما كان في يوم ما مقبولاً يصبح في يوم آخر مرفوضاً، وبالعكس. وكذلك إن ما يمكن أن يكون صواباً في مجتمع، يكون خطأ في مجتمع آخر. ولفهم هذه الحقيقة يكفي ان نقارن بين ملابس السباحة الحالية والتي لا تستر إلا القليل من الجسم، مع ألبسة السباحة التي كانت شائعة في السابق والتي كانت تستر معظم جسم المرأة والرجل. ولذا فإننا سنرى أن جميع المبادىء والأفكار الأخلاقية والفضائل ترتبط تماماً بمقتضيات الزمان والمكان، ولا يوجد أي معيار دولي مطلق لتعيين القيم والمبادئ الأخلاقية.
وقد وصل ـ ادوارد وستمارك ـ في كتابه الموسوم بـ ـ الأخلاق النسبية ـ إلى هذه النتيجة، وقد أثبت عن طريق شواهد كثيرة من مباني وأصول أخلاق المجتمعات البشرية المختلفة، أن للأخلاقيات جانباً نسبياً، يختلف بالنسبة للمجتمعات من مجتمع لآخر، وهذا الإختلاف ناتج عن اختلاف التجربة بين المجموعات والمجتمعات المختلفة، وكذلك مستوى علومهم ومعلوماتهم السابقة) (1).
الاثم والرأي العام:
أحد أكبر المعايير للأخلاق الحسنة والسيئة في عالم اليوم هو رفض وقبول الناس، فهناك الكثير من الشبان والفتيات، والنساء والرجال، يرتكبون بعض الخطايا الكبيرة والشريرة دون مبالاة، وإذا جوبهوا باحتجاج الوالدين والأقارب الذين يريدون صلاحهم، فإن الشبان يعتمدون على الرأي العام وأساليب الناس، وطبقاً لنظرية الأخلاق النسبية يوردون مثل هذه الجمل:
- إن أمثال هذه القضايا وجدت لها حلول في عالم اليوم.
- إن الرأي العام في العالم يوافق على هذه الأعمال.
- إن عهد أقوالكم القديمة قد مضى.
- إن عالم اليوم قبل هذه الأعمال.
- كانت هذه الأعمال مرفوضة في يوم من الأيام، ولكنها مقبولة اليوم في رأي الناس.
تغيير الآداب والتقاليد:
إن هذا النوع من التفكير حول الآداب والتقاليد الإجتماعية التي ليس لها أي تأثير في سعادة وتعاسة الإنسان يمكن من قبولها، تماماً كعادة وضع القبعة على الرأس أمام الآخرين كانت تعتبر في يوم ما دليلاً على الإحترام، ثم تغيرت هذه العادة وأصبح رفعها عن الرأس دليل احترام أكثر، ولكن بالنسبة للقضايا الأخلاقية، التي هي من أركان سعادة الإنسان والمجتمع، فإن الأفكار العامة ليس بإمكانها أن تكون معياراً لحسنها وقبحها، وإن رفضها وقبولها من قبل الناس لا يمكن أن يغير الواقع، ولكن بإمكانها أن تزلزل القيم الأخلاقية عند اعتبارها حسنة وسيئة نسبياً، وبالتالي تجعل الإنسان في شك منها فيغلق أمامه طريق التكامل.
(لكنت دونوي يقول: إن الفكرة المطلقة للحسن والسيئ لم تتوضح أبداً، ولكن كان الضمير الإنساني موجوداً منذ البداية، وقد فسر الفلاسفة هذين المصطلحين، وقالوا إنهما نسبيان، ولا يوجد (حسن وسيء) بشكل مطلق، فإن الشيء الذي هو (حسن) في هذا البلد ربما كان سيئاً في بلد آخر، ولكن أن ندع فكرة (نسبية) الحسنِ والسيئ تنتشر بين الناس فإنها خطرة وتبعث على الأسف.
إن عدداً كبيراً من الأذكياء تكون تصرفاتهم طبقاً للقواعد الأخلاقية، لأنهم يرون أنهم طالما يعيشون في المجتمع فإن ذلك ضروري. وهؤلاء رغم أنهم لا يعتقدون بمطلق الحسن والسيء إلا أنهم لا يضرون، ولكنهم لا يعرفون أن هناك عدداً كبيراً لا يهتمون لتصرفاتهم، وأغلب الناس يحتاجون إلى سدود من المشاعر الروحانية أو العقلية، وساحات المحاكم مملوءة بالأطفال والكبار المسنين الذين يفتقرون للتربية الأخلاقية المناسبة.
إن بعض الكتاب يرون أنفسهم أكبر من أن يحتاجوا لإطاعة القواعد الدينية والأخلاقية، لأنهم يتصورون أنهم ليسوا بحاجة لها، ولا يعتقدون بقيمها المطلقة. إن تأثير أمثال هؤلاء الأشخاص وكتاباتهم من الممكن أن تكون مدمرة، ولكن معظمهم يجهل هذا الأمر) (2).
لكي يتضح بحث الأخلاق النسبية إلى حد ما، ويحصل الكبار والشباب معلومات أكثر، نتحدث عن (الحسن) و(السيئ) وأقوال العلماء عنهما بشيءٍ من الاختصار.
إن إحدى المسائل العلمية الصعبة في عالم الأمس واليوم، هي تعريف (الخير) و(الشر) ومعرفة (الحسن) و (السيئ)، وقد بحث الحكماء والعلماء منذ القرون الماضية وحتى الآن في هذا الأمر، وأوردوا أحاديث كثيرة، ولكن المعيار الجامع لهما بقي مجهولاً.
تعريف الخير والشر:
(يقول أفلاطون: ـ الخير ـ لدى العامة هو عبارة عن ـ إدراك ـ الطيبات، وفي رأي الخاصة عبارة عن ـ المعرفة ـ) (3).
(يقول سفسطائيو اليونان: إن معيار الخير والشر هو الإنسان نفسه، فكل ما يريده الإنسان هو ـ خير ـ، وما سواه ـ شر ـ) (4).
(يقول لكنت دونوي: (الخير) هو مساعدتنا صعوداً نحو التكامل، وهدايتنا من الحالة الحيوانية إلى الحرية، و (الشر) هوما يناقض التكامل، ودفعنا نحو الحيوانية بشكلٍ انحطاطي وإبعادنا عن التكامل) (5).
اخلاف العلماء:
(يقول الدكتور كارل: لم يتفق علماء الأخلاق في أي عصر وفي أي بلد على تعريف (الخير) و(الشر)، فالبعض اعتبر (الخير) بموازاة المفيد والصالح، والبعض الآخر اعتبره بما يطابق الطبيعة أو الإرادة الإلهية، و(الشر)، كذلك، مرادفاً للألم والظلم والجهل والتلقين الشيطاني. وعليه فإن تعريف (الحسن والسيء) و(الخير والشر) كان مختلفاً وغير قاطع وثابت) (6).
حول معرفة (الخير والشر) هناك الكثير من أمثال هذه الأقوال لدى القدماء والمتأخرين، ونستخلص منها نتيجة واحدة، وهي أن الإنسان لم يصل إلى التعريف أو المعيار الحقيقي لهما، ولا يعلم ما هو (الخير) وما هو (الشر).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ علم الإجتماع صموئيل كينغ، ص 90.
2ـ مصير البشرية، ص 155.
3ـ الجمهورية، ص 276.
4 مسير الحكمة في أوروبا، ج 3، ص 130.
5ـ مصير البشرية، ص 158.
6ـ طريق الحياة، ص 69.